سودانايل:
2025-01-11@16:41:17 GMT

السودان و مأزق التغيير و النهايات “2 -2”

تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT

أن صعود قيادات ذات قدرات متواضعة على قمة أغلبية الأحزاب السياسية و خاصة التقليدية، قد أضعف الأحزاب السياسية و دورها، أن صعود هذه القيادات للقمة أصبح همها الأول كيف تستطيع أن تحافظ على مواقعها، و بالتالي لم يكن لها أي مصلحة أن تدخل في قضايا الثقافة و الفكر و تطوير القدرات و توسيع مساحات الحرية و مواعين الديمقراطية داخل مؤسساتها، و عجزها لأنها لا تستطيع أن تدخل في جدل يكشف تواضع قدراتها أمام الذين تقودهم، ذلك ضيقت مواعين الديمقراطية و صعدت قيادات أقل منها قدرات في كل الجوانب لكي تحافظ على مواقعها.

هذا الضعف العام هو الذي يجعل الأحزاب السياسية تفشل أن تقدم مشاريع سياسية و تطرحها أمام الكل للحوار، و هي تعلم أن التحول الديمقراطي يحتاج إلي تنشيط الأدوات التي تنتج الثقافة الديمقراطية، التي تشكل الأرضية المطلوبة لغرس نبتة الديمقراطية في المجتمع.
ثورة ديسمبر 2018م خلقت واقعا مغايرا عن الثورات و الانتفاضات السابقة خاصة في اتساع المشاركة الشبابية من الجنسين، و الثانية تواجدهم المستمر في الشارع لإثبات الوعي الجديد الذي تخلق وسطهم، هذا التحول كان يشكل ازعاجا كبيرا لتلك القيادات، و خافت أن ينسحب الوعي داخل الأحزاب، و أيضا خافت أن يحدث التحول الديمقراطي الحقيقي من خلال هؤلاء الشباب و تنكشف عوراتها، و لم يكن أمامها غير أن تفسد المسار نحو الديمقراطية، أما أن تدعى أن الفلول هم الذين وراء كل أعمال الفشل، أو أتخاذهم فزاعة ضد كل الذين يخالفونهم الرأي. رغم أن تحدي عناصر الإنقاذ للنظام الجديد كانت متوقعة، لأنهم يحاولون حماية مصالحهم بشتى الطرق، أو خلق تسوية تعيدهم للمسرح السياسي، و بالتالي التعامل معهم كان يحتاج لوعي و حكمة في أن تخلق واقعا مغايرا عن ممارسات النظام السابق، و ليس السير في ذات المسار و الممارسات، و بذات الثقافة الشمولية التي خلفها النظام السابق، الخلاف فقط نشر شعارات زائفة فشلوا في تنزيلها على الأرض، هذه الشعارات تم بها تسميم قطاع من السياسيين ذو الولاءات المغلقة، و الباحثين عن مصالح ضيقة.
كان المتوقع أن يلعب الإعلام و الصحافة دورا مغايرا لكي تستفيد من وعي الشارع، و تحاول أن توسع دوائر الوعي التي تخلقت وسط الشباب، و تجعلها تتحرك بشكل فاعل داخل المجتمع، بهدف الحفاظ على توازن القوى، و مهما كانت الخلافات بين القوى السياسية إلا أنهم جميعا أصبحوا صيدا في مصيدة الاستقطاب. هذا التراجع الكبير في قدرات القيادات في الأحزاب التقليدية، و التي كان من المفترض أن تقدم المبادرات و الحكمة، و قد نظروا لها من خلال منافذ ضيقة، أثرت سالبا على مسار العملية السياسية. مما جعلها تدور حول مصالح حزبية و شخصية ضيقة. أجهضت المصلحة الوطنية التي ركز عليها الشارع " وحدة - سلام و عدالة" و هو شعار كان يحتاج لقيادات واعية و حكيمة في قيادة المسيرة بعقل و فكر. الغريب في الأمر؛ أن الديمقراطية تقتضي من الجميع أن ينظروا للمسار منذ يوم 11 إبريل 2019م ، هل كانوا مدركين أن الديمقراطية تحتاج لصدور مفتوحة رغم اتساع الخلاف، و عقول متقد قادرة على أن تصحح أول بأول الخطأ دون أن تصنع لها شماعات تعلق عليها أخطائها؟
كان الرهان على القوى الجديدة، في اعتقاد إنها لم ترث الإرث السياسي للتشاحن و الصرع الصفري، و تذهب مباشرة في اتجاه المسار الديمقراطي ،و تعبد طريقه، و تصنع أدواته، و توسع دوائر الحرية، و من السنة الأولى للحكم تعلن عن انتخابات للمحليات لكي تجعل الكل في ممارسة مع الديمقراطية، و تصنع لها شرعية قاعدية تدعمها في أي صراع يقف ضد الديمقراطية، لكنها كانت أضيق أفقا لأنها تعلقت بحبال السلطة، و افتكرت أن السلطة وحدها هي التي سوف تجعلها أن توسع دائرة عضويتها من خلال توزيع الغنائم في المركز و الأقاليم، و اغفلت أن الرهان على السلطة و غنائمها يخلق جيل من الانتهازيين و الوصوليين و ماسحي الجوخ، و أن الرهان فقط على السلطة سوف يوسع دائرة الصراع، و يغري الكثيرين بدخول الحلبة، كانت القوى الجديدة بأظافرها تحفر حفرا في طريقها. و رهان السلطة لا يمكن التحكم فيه، و عندما نشب الصراع، لم ترجع لكي تقيم تجربتها و تتعرف فيها على الأسباب الحقيقية للفشل، بل ذهبت في ذات منهج السابقين دعوة المنهج التبريري البحث عن شماعات تعلق عليها أخطائها، لذلك خسرت حتى الشارع في مسارها السياسي.
و الملاحظ ؛رغم شعارات الديمقراطية المرفوعة في كل الأوساط و المؤسسات الحزبية، لكن أغلبية الذين يرفعونها لا يمارسونها، و يضجرون منها لأنها تهدد مصالحهم. الديمقراطية لا تهدد مصالح الوطن بل تعزز هذه المصالح، و الديمقراطية تقلل من فرص بروز العنف في المجتمع، و الديمقراطية تخلق الاستقرار الاجتماعي و السياسي لأنها دائما تتحول لوعي و قوانين تتحول لسلوك، لكنها كشعارات فقط تخلق وعيا زائفا لأن السلوك يناقض القول، و الممارسة تجدها تخالف القوانين، غيابها هو الذي يخلق النزاعات و الحرب في المجتمع.
أن الحرب الدائرة الآن سوف تستمر حتى إذا تم وقفها إذا لم تكن هناك نخبة واعية و مدركة لدورها ،و عندها الإرادة القوية للتحول الديمقراطي، و لكن نخبة تلهث وراء السلطة دون أي مشروع سياسي يتم محاسبتهم عليه، هي نخبة لا تستطيع ان تنجز مهمة أكبر من تصوراتها. أن الاتفاق على حكومة مستقلة من كفاءات مؤهلة أكاديميا و ذات خبرات إدارية و إلمام بالفكر السياسي، و الثقافات السودانية، و أن تذهب الأحزاب لتحضير نفسها للانتخابات، هو مدخل للحل، يخرج الكل من قضية المحاصصات و الصراع على سلطة الفترة الانتقالية. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

اشتغال أمريكي يكشف استفحال “غبائه السياسي”.. المناعة اليمنية استثنائية

يمانيون../
في خضم اختلاط مشاعر الإحباط وتصادمها لدى محور الشر وأنصارهم، تتزايد التكهنات بأشكال السيناريوهات المتوقعة لاختراق هذه المناعة اليمنية الاستثنائية، من أجل إنهاء روح المقاومة لدى الشعوب الحرة، بعض هذه السيناريوهات يبدو فيها التسريب المتعمد واضحا، بقصد زعزعة نفسية الداخل اليمني، وهز ثقته بقيادته وجيشه، وحتى دفعه لاتخاذ قرار بالنأي عن اعتمالات الصراع والذهاب إلى ما يحقق له وضعا معيشيا مستقرا بعيدا عن الأزمات وكفى.

ومثل هذه المنهجية ليست بالغريبة وتعمل بها أمريكا كثيرا في المجتمعات المستهدفة، بحيث يجري خلخلة الروح المعنوية لدى المجتمع بأكثر من شكل وأسلوب، وصولا إلى فصله عن النظام، مع الإبقاء على لحظة الانهيار إلى ساعة الصفر، وتحددها أمريكا وفق ما يتوافق وجاهزيتها لإدارة البلد ومصادرة قراره، وتأمين مصادر الثروة تمهيدا لنهبها، والمواقع الاستراتيجية.

مثل هذا المشهد رأيناه مؤخرا في سوريا، التي صدم السقوط السريع للنظام فيها كل العالم. وكما في سوريا، يراد لهذا السيناريو أن يتحقق في العراق وفي الأردن، والأولوية اليوم لليمن، وعلى قاعدة تنفيذ هجمات عسكرية من الخارج وخلق الصراع والفوضى من الداخل، إلا أن الاشتغال على هذا السيناريو يكشف استمرار حالة الغباء السياسي المزمنة التي تتلبّس الإدارة الأمريكية أيا كان شكلها أو منبعها، فجميعها تعمل بموجهات مخططات المجلس الصهيوني الذي يدير الولايات من وراء الستار.

اليمن، تَبين أنه حالة استثنائية وحالة نادرة، فإرادته متكاملة بين الشعب والقيادة، وفكره يقوم على ثوابت من الصعب القفز عليها، فالمنطلقات الدينية والأخلاقية جزء أصيل من تركيبة الإنسان اليمني، كما أن هناك خاصية أخرى يتميز بها اليمني، وهي استشعار المسؤولية الناتج بطبيعة الحال عن الالتزام الديني والأخلاقي، على أنه في الحالة اليمنية ليس حبيس الكسل والتقاعس، أو مراعاة المصالح الخاصة، أو المخاوف من عصا العقاب. إنها واضحة وضوح الشمس تترجمها وتعكسها الأفعال على ساحة الممارسة والتفاعل مع قضايا الأمة.

عدم إدراك واشنطن ولندن وما تسمى “تل ابيب” لهذه الحقائق، تجعل من أساليبهم في الحرب النفسية أو في تحديد سيناريوهات إسقاط الدولة حسب توهماتهم، في مهب الريح، لأنها ستصطدم بدروع بشرية أقل ما يخشونه هو الموت، فضلا عن كونهم مشبعين بثقافة البذل لغايات نبيلة، لله ولإحياء الناس جميعا، ولجم مطامع الأعداء.

الخيارات مفتوحة والسقف عال

في مقابل ما يتم الترويج له أو تسريبه من مشاهد متخيلة في ذهنية قادة التخطيط الصهاينة والأمريكان، تكشف الشواهد اليمنية عن التعاطي الهامشي مع مثل هذه الطروحات إلا من باب قراءتها وتحليها من أجل معرفة كيف يفكر العدو، ومن هو العدو الذي أمامنا.

اليمن، وقبل الحديث عن العودة إلى تصعيد العدوان ضده حماية للكيان الصهيوني، قالها مبكرا: مبدأنا ثابت، وخياراتنا مفتوحة، وليس هناك خطوط حمراء أمامنا، وأي فعل يمكن أن يسبب وجعا للكيان الصهيوني أو الأمريكي فإنه سيلقى الاهتمام.

الأسبوع الماضي قرأ عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، رسالة دول العدوان بالتصعيد بفهم عال، فأعاد لهم رسالة اليمن بقيادته وشعبه وقواته المسلحة، وقال “اليوم يبدو أن لدى دول العدوان رسالة بالتصعيد، بقراءة خاطئة، معتمدين على ذبابهم ونشوة ذهابهم إلى دمشق”. وقال “أي محاولة أخرى للمزيد من المؤامرات ضد بلدنا فإن خيارات شعبنا وقواته الباسلة وقبائله الأعزاء ومواطنيه الأحرار مفتوحة وستكون الأهداف وسقفها فوق المتوقع في كل الميادين بإذن الله”، ولفت إلى أن الشعب اليمني كان بقواته، “أقل مما هو عليه الآن، بفضل الله، من الخِبرة والاستعداد والإعداد لمواجهة أي تصعيد يهدف لإشغاله عن القضية الفلسطينية الأولى”.

الفشل برؤية علمية

وبالحديث الدارج، أو بالنقاش البسيط أو بالتحليل العلمي تبدو محاولات إخضاع اليمن مسألة مستحيلة، فبلد تلتفّ كل مكونات منظومته السياسية والعسكرية والاجتماعية حول هدف واحد، وبقناعة واحدة، مسألة من الصعب اختراقها أو التأثير عليها، كما من الصعب تمرير أي أهداف لا تجد لها حاضنة تتبناها وتعمل على رعايتها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، علو مستوى العقيدة القتالية لدى المقاتل اليمني والتي ظهرت عيانا للعالم خلال السنوات العشر الماضية، يُعد سندا لا يمكن كسره، ومن جهة ثالثة، اليمن متحرر من أي اعتبارات سياسية، ولا تدفعه مطامع أو مكاسب، إيمانه بالله مطلق، وأومر الله هي أساس منهجه في التعاطي مع قضايا الأمه.

وشواهد معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” تؤكد على ذلك، فخلال (15) شهرا لم يأبه اليمن لتلويحات وتلميحات وتهديدات أمريكا والكيان الصهيوني لوقف عملياته الإسنادية، فأطلقت قواته المسلحة أكثر من 1100 صاروخ وطائرة مسيّرة ضد العدو الصهيوني، واستهدفت ما لا يقل عن 211 سفينة مرتبطة بالكيان الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا. كما دمرت -خلال هذه الفترة- 14 طائرة أمريكية بدون طيار من طراز MQ9 ومقاتلة من طراز F18. هذا فضلا عن ملايين المغتصبين دفعتهم الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة اليمنية للسهر وللفرار فجرا إلى الملاجئ.

زعزعة ثقة العدو

أضف إلى ما سبق، الحِرفية ومهنية التكتيكات العسكرية التي شهد لها العدو قبل الصديق، وفي واحدة من هذه التكتيكات التي بدأ المحللون ينصحون بتحليلها وجعلها ضمن مناهج العلوم العسكرية، نجاح اليمن في زعزعة ثقة العدو بقدراته وإمكانياته، رغم ما يتميز به من تفوق في التقنية ومجال التسلُّح، فاليمن الذي ظل في ذهنية قوى الاستكبار حتى وقت قريب دولة ضعيفة تتنازعها الخلافات وتنهكها الصراعات، أظهر حالة نادرة من التماسك، كما نجح بأريحية بالوصول إلى عمق العدو الصهيوني وفضح كذبة نظرية الردع، وحطم كبرياء أمريكا في عرض البحر على مرأى ومسمع من العالم، وجعلها تجر أذيال حاملات الطائرات التي كانت يوما ورقة رابحة لإرهاب شعوب المنطقة.

هذه المعطيات مجتمعة وأخرى، جعلت قيادات عسكرية ونخبا سياسية وفكرية أمريكية وإسرائيلية، تقف طويلا للتأمل وإجراء مقاربات، طمعا في استخلاص حقيقة تبعث السكينة إلى أنفسهم بإمكانية تحقيق هدف إسكات أزيز السلاح اليمني، وهو يجوب الفضاءات الواسعة وصولا لهدفه المعادي، إلا أن الجهد الفكري والتحليلي دائما ما يصل إلى حقيقة غير مرغوب فيها، بأن اليمن بخصائصه ثم بعملياته العسكرية النوعية والاستراتيجية، لا تشجع على تكوين أي تصور بأن الانتصار عليه يمكن أن يكون سهلا. نعم سيكون بمقدور أمريكا أو الكيان استهداف الأعيان المدنية كالعادة، إلا أن ذلك لن يقترب به من أي هدف، فضلا عن كونه تعبيرا واضحا عن الشعور بالعجز والف

الأثر العكسي للتصعيد الأمريكي

أيا كان السيناريو، فإن تجربة العدوان خلال السنوات الماضية لا شك بأنها قد زرعت ورسخت فكرة لدى الأمريكان بأن مآلات استخدام العنف مع اليمن هي الفشل، وأنه كلما زاد هذا العنف زادت همة اليمنيين لامتلاك أدوات الانتصار، وربما هذه المرة ستكون فاتورة دول العدوان باهظة، وسيدفعونها من مصالحهم ومن تواجدهم إجمالا في المنطقة، فضلا عن كون ذلك سيرسخ المعادلات الجديدة بصيغتها اليمنية، وسيدخل العالم مع اليمن حقبة جديدة لا يكون فيها للأمريكان تأثير، فيما سينزوي الكيان الصهيوني في انتظار لحظات اتخاذ القرار الحاسم والنهائي لإجراء مجارحة البتر التي لن تُبقي له أثرا في الجسد العربي والإسلامي.

موقع أنصار الله وديع العبسي

مقالات مشابهة

  • الاحزاب السياسية بالبيضاء تطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بضرورة التدخل العاجل
  • شولتس: بعض القوى السياسية في الولايات المتحدة تحاول تدمير الديمقراطية
  • العدالة والتنمية يكشف عن “نكتة اليوم السياسية”
  • عادل الباز: المبادرة.. مأزق تركيا!! (1-2)
  • «مستقبل وطن» يلتقي أحزاب الوفد والجيل الديمقراطي ومصر أكتوبر استكمالا لتحضيرات ملتقى الأحزاب
  • اشتغال أمريكي يكشف استفحال “غبائه السياسي”.. المناعة اليمنية استثنائية
  • الأحزاب السياسية ودعم الدولة
  • حزب مستقبل وطن يلتقي أحزاب الوفد والجيل الديمقراطي ومصر أكتوبر.. صور
  • عاجل | أ ف ب عن قائد قوات سوريا الديمقراطية: اتفقنا مع السلطة الجديدة في دمشق على رفض مشاريع الانقسام
  • المهمة الأساسية للأحزاب السياسية