سودانايل:
2024-09-19@02:41:32 GMT

السودان و مأزق التغيير و النهايات “2 -2”

تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT

أن صعود قيادات ذات قدرات متواضعة على قمة أغلبية الأحزاب السياسية و خاصة التقليدية، قد أضعف الأحزاب السياسية و دورها، أن صعود هذه القيادات للقمة أصبح همها الأول كيف تستطيع أن تحافظ على مواقعها، و بالتالي لم يكن لها أي مصلحة أن تدخل في قضايا الثقافة و الفكر و تطوير القدرات و توسيع مساحات الحرية و مواعين الديمقراطية داخل مؤسساتها، و عجزها لأنها لا تستطيع أن تدخل في جدل يكشف تواضع قدراتها أمام الذين تقودهم، ذلك ضيقت مواعين الديمقراطية و صعدت قيادات أقل منها قدرات في كل الجوانب لكي تحافظ على مواقعها.

هذا الضعف العام هو الذي يجعل الأحزاب السياسية تفشل أن تقدم مشاريع سياسية و تطرحها أمام الكل للحوار، و هي تعلم أن التحول الديمقراطي يحتاج إلي تنشيط الأدوات التي تنتج الثقافة الديمقراطية، التي تشكل الأرضية المطلوبة لغرس نبتة الديمقراطية في المجتمع.
ثورة ديسمبر 2018م خلقت واقعا مغايرا عن الثورات و الانتفاضات السابقة خاصة في اتساع المشاركة الشبابية من الجنسين، و الثانية تواجدهم المستمر في الشارع لإثبات الوعي الجديد الذي تخلق وسطهم، هذا التحول كان يشكل ازعاجا كبيرا لتلك القيادات، و خافت أن ينسحب الوعي داخل الأحزاب، و أيضا خافت أن يحدث التحول الديمقراطي الحقيقي من خلال هؤلاء الشباب و تنكشف عوراتها، و لم يكن أمامها غير أن تفسد المسار نحو الديمقراطية، أما أن تدعى أن الفلول هم الذين وراء كل أعمال الفشل، أو أتخاذهم فزاعة ضد كل الذين يخالفونهم الرأي. رغم أن تحدي عناصر الإنقاذ للنظام الجديد كانت متوقعة، لأنهم يحاولون حماية مصالحهم بشتى الطرق، أو خلق تسوية تعيدهم للمسرح السياسي، و بالتالي التعامل معهم كان يحتاج لوعي و حكمة في أن تخلق واقعا مغايرا عن ممارسات النظام السابق، و ليس السير في ذات المسار و الممارسات، و بذات الثقافة الشمولية التي خلفها النظام السابق، الخلاف فقط نشر شعارات زائفة فشلوا في تنزيلها على الأرض، هذه الشعارات تم بها تسميم قطاع من السياسيين ذو الولاءات المغلقة، و الباحثين عن مصالح ضيقة.
كان المتوقع أن يلعب الإعلام و الصحافة دورا مغايرا لكي تستفيد من وعي الشارع، و تحاول أن توسع دوائر الوعي التي تخلقت وسط الشباب، و تجعلها تتحرك بشكل فاعل داخل المجتمع، بهدف الحفاظ على توازن القوى، و مهما كانت الخلافات بين القوى السياسية إلا أنهم جميعا أصبحوا صيدا في مصيدة الاستقطاب. هذا التراجع الكبير في قدرات القيادات في الأحزاب التقليدية، و التي كان من المفترض أن تقدم المبادرات و الحكمة، و قد نظروا لها من خلال منافذ ضيقة، أثرت سالبا على مسار العملية السياسية. مما جعلها تدور حول مصالح حزبية و شخصية ضيقة. أجهضت المصلحة الوطنية التي ركز عليها الشارع " وحدة - سلام و عدالة" و هو شعار كان يحتاج لقيادات واعية و حكيمة في قيادة المسيرة بعقل و فكر. الغريب في الأمر؛ أن الديمقراطية تقتضي من الجميع أن ينظروا للمسار منذ يوم 11 إبريل 2019م ، هل كانوا مدركين أن الديمقراطية تحتاج لصدور مفتوحة رغم اتساع الخلاف، و عقول متقد قادرة على أن تصحح أول بأول الخطأ دون أن تصنع لها شماعات تعلق عليها أخطائها؟
كان الرهان على القوى الجديدة، في اعتقاد إنها لم ترث الإرث السياسي للتشاحن و الصرع الصفري، و تذهب مباشرة في اتجاه المسار الديمقراطي ،و تعبد طريقه، و تصنع أدواته، و توسع دوائر الحرية، و من السنة الأولى للحكم تعلن عن انتخابات للمحليات لكي تجعل الكل في ممارسة مع الديمقراطية، و تصنع لها شرعية قاعدية تدعمها في أي صراع يقف ضد الديمقراطية، لكنها كانت أضيق أفقا لأنها تعلقت بحبال السلطة، و افتكرت أن السلطة وحدها هي التي سوف تجعلها أن توسع دائرة عضويتها من خلال توزيع الغنائم في المركز و الأقاليم، و اغفلت أن الرهان على السلطة و غنائمها يخلق جيل من الانتهازيين و الوصوليين و ماسحي الجوخ، و أن الرهان فقط على السلطة سوف يوسع دائرة الصراع، و يغري الكثيرين بدخول الحلبة، كانت القوى الجديدة بأظافرها تحفر حفرا في طريقها. و رهان السلطة لا يمكن التحكم فيه، و عندما نشب الصراع، لم ترجع لكي تقيم تجربتها و تتعرف فيها على الأسباب الحقيقية للفشل، بل ذهبت في ذات منهج السابقين دعوة المنهج التبريري البحث عن شماعات تعلق عليها أخطائها، لذلك خسرت حتى الشارع في مسارها السياسي.
و الملاحظ ؛رغم شعارات الديمقراطية المرفوعة في كل الأوساط و المؤسسات الحزبية، لكن أغلبية الذين يرفعونها لا يمارسونها، و يضجرون منها لأنها تهدد مصالحهم. الديمقراطية لا تهدد مصالح الوطن بل تعزز هذه المصالح، و الديمقراطية تقلل من فرص بروز العنف في المجتمع، و الديمقراطية تخلق الاستقرار الاجتماعي و السياسي لأنها دائما تتحول لوعي و قوانين تتحول لسلوك، لكنها كشعارات فقط تخلق وعيا زائفا لأن السلوك يناقض القول، و الممارسة تجدها تخالف القوانين، غيابها هو الذي يخلق النزاعات و الحرب في المجتمع.
أن الحرب الدائرة الآن سوف تستمر حتى إذا تم وقفها إذا لم تكن هناك نخبة واعية و مدركة لدورها ،و عندها الإرادة القوية للتحول الديمقراطي، و لكن نخبة تلهث وراء السلطة دون أي مشروع سياسي يتم محاسبتهم عليه، هي نخبة لا تستطيع ان تنجز مهمة أكبر من تصوراتها. أن الاتفاق على حكومة مستقلة من كفاءات مؤهلة أكاديميا و ذات خبرات إدارية و إلمام بالفكر السياسي، و الثقافات السودانية، و أن تذهب الأحزاب لتحضير نفسها للانتخابات، هو مدخل للحل، يخرج الكل من قضية المحاصصات و الصراع على سلطة الفترة الانتقالية. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مديرة المتاحف السودانية لـ«التغيير»: قوات الدعم السريع سرقت الآثار وهربتها

مديرة المتاحف في الهيئة القومية السودانية للآثار قالت إنهم تواصلوا مع (اليونسكو) والجهات العالمية للتنبيه بخطورة نهب الآثار السودانية واتخاذ الإجراءات اللازمة.

التغيير- عبد الله برير

استبعدت مديرة المتاحف في الهيئة القومية السودانية للآثار د. إخلاص عبد اللطيف، مبادرة قوات الدعم السريع إلى حماية المتاحف التي تحت سيطرتها.

ووصفت أي حديث للدعم السريع يصب في اتجاه حماية الآثار بأنه “عار من الصحة”.

وقالت رئيسة لجنة استرداد الآثار السودانية في حديث لـ(التغيير): “كيف يحموا المتاحف وهم سرقوا الآثار وأخرجوها من المتاحف في  نيالا (غربي السودان)، وبيت الخليفة بأم درمان وأخيراً المتحف القومي بالخرطوم.

وتساءلت إخلاص: “كيف يبادر الدعم السريع في حماية التراث والمتاحف، اكيد هذا لن يحدث وغير متوقع منهم”.

وأضافت: “عند بداية الحرب عندما دخلوا معمل (البيو أركيولوجي) تم الاتصال بأحد المستشارين بالدعم السريع حيث اعتذروا ووعدوا بالخروج من مباني المتحف ولكن هذا لم يحدث”.

وتابعت: “نحن الآن ما يهمنا كمسؤولين عن التراث وحفظه هو كيفية   استرداد هذه الآثار وحمايتها”.

ونبهت إخلاص إلى أنهم في الهيئة القومية السودانية للآثار والمتاحف تواصلوا مع (اليونسكو) والجهات العالمية للتنبيه بخطورة الأمر واتخاذ الإجراءات اللازمة.

حملات إسفيرية

وانتظمت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حملات تدعو لرفع مذكرة إلى قيادات الدعم السريع لحماية الآثار، وفعّلت الحملات هشتاق (أوقفوا سرقة الآثار السودانية).

ودعا ناشطون سودانيون إلى التواصل مع أي جهة أو فرد يمكن أن يساعد سواء من الحكومة التي يقودها الجيش في بورتسودان أو قيادات الدعم سريع أو المنظمات الدولية، مع المطالبة بوقف بيع الإرث والتاريخ السوداني.

وتقع العديد من المتاحف تحت سيطرة قوات الدعم السريع وهي المتحف القومي، الإثنوغرافيا، التاريخ الطبيعي، دار الوثائق السودانية، المتحف الحربي، مركز الدرسات الأفريقية والآسيوية ومتاحف مدني، نيالا والجنينة.

وتقع متاحف  أخرى تحت نيران الحرب في سنار والفاشر، متحف بيت الخليفة (أم درمان) ومتحف الأبيض (شيكان).

عرض الآثار للبيع

وقالت صحيفة (التايمز) البريطانية يوم الاثنين، إن قطعاً أثرية سودانية لا تقدر بثمن تعرض للبيع على موقع “إيباي” بعد تهريبها من البلد الذي مزقته حرب مستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

ويُعتقد أن القطع، التي تشمل تماثيل وأوانٍ ذهبية وفخاراً، قد نُهبت من المتحف الوطني في الخرطوم، الواقع في منطقة تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وبحسب الصحيفة، نُهبت آلاف من الآثار بما في ذلك شظايا تماثيل وقصور قديمة خلال أكثر من عام من القتال الذي قُتل فيه ما يصل إلى 150 ألف شخص ووضعت الآثار الثمينة تحت رحمة اللصوص.

قلق اليونسكو

وجاء تقرير (التايمز) بعد أيام قليلة من إعراب هيئة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو) عن قلقها العميق إزاء التقارير الأخيرة عن احتمال نهب وإتلاف العديد من المتاحف والمؤسسات التراثية في السودان، بما في ذلك المتحف الوطني، على أيدي الجماعات المسلحة.

ودعت المنظمة في بيان، المجتمع الدولي إلى بذل قصارى جهده لحماية تراث السودان من الدمار والاتجار غير المشروع.

وحذرت (اليونسكو) من أن التهديد الذي تتعرض له أعظم كنوز البلاد وصل إلى “مستوى غير مسبوق”.

وأشارت صحيفة (التايمز) إلى أن اللوحات والأشياء الذهبية والفخار تدرج في بعض الأحيان على موقع “إيباي” باعتبارها آثاراً مصرية، لكنها في الحقيقة جاءت من المتحف الوطني السوداني في الخرطوم، بحسب ما نقلت عن خبراء.

ويقع المتحف في منطقة من العاصمة تسيطر عليها قوات الدعم السريع، والتي نشأت من ميليشيات الجنجويد المتهمة بارتكاب إبادة جماعية في دارفور قبل عقدين من الزمان.

وتتضمن المجموعة الضخمة للمتحف قطعا أثرية من العصر الحجري القديم وعناصر من موقع كرمة الشهير بجوار النيل في شمال السودان، بالإضافة إلى قطع فرعونية ونوبية. فيما نفت قوات الدعم السريع تورطها في النهب.

لكن خبراء يرون أن الحرب جعلت من السهل سرقة القطع المخزنة أثناء عمليات التجديد التي كانت جارية في المتحف قبل اندلاع الصراع.

(إيباي) تحذف القطع المعروضة

ورغم حذف “إيباي” عدداً من القطع بعد تواصل صحيفة (التايمز) معهم، يستمر الاتجار بالآثار السودانية المنهوبة، وسط تحذيرات من علماء الآثار بشأن تهديد مواقع تاريخية أخرى، مثل جزيرة مروي، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.

الوسومأم درمان إيباي الأمم المتحدة التايمز السودان المتاحف الهيئة القومية السودانية للآثار اليونسكو بيت الخليفة سنار قوات الدعم السريع متحف نيالا مروي

مقالات مشابهة

  • غرور القوة والشعب المتحدي
  • الإخوان والتسوية السياسية في مصر
  • مديرة المتاحف السودانية لـ«التغيير»: قوات الدعم السريع سرقت الآثار وهربتها
  • “دبي للثقافة” تنظم “صندوق القراءة ” أكتوبر المقبل
  • من تجليات “اللطف الخفي” في حرب السودان
  • قرار رئيس المجلس السياسي بمنح القاضي أحمد المتوكل وسام الوحدة “22”
  • الناشط سقف الحيط.. ملاحقة وتهديد بالقتل والاغتصاب بسبب آرائه السياسية
  • الحرب الحالية قد تطمس “ذاكرة” السودان التاريخية والحضارية
  • رئيس وزراء بريطانيا في “مأزق”
  • أي مشهد سياسي بتونس قبل أسابيع من الاقتراع الرئاسي؟