عصر الدوار واللامعقول خطابين للسودان موجهين للأمم المتحدة
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
صلاح جلال
(١)
ظهر مساء اليوم الفريق عبدالفتاح البرهان من على منبر الأمم المتحدة يلقى خطاب السودان بالجمعية العامة من على البوديوم، تناقلته وسائل الإعلام، يناشد فيه العالم بتسمية قوات الدعم السريع جماعة إرهابية، الفكرة مختلة من حيث المبدأ و الأساس القانونى وغير ممكنة فى ظل الواقع الدولى الراهن قوات الدعم السريع قوات نظامية بنص القانون ٢٠١٧م وجزء من القوات المسلحة على قدم المساواة من حيث الشرعية ، وفى ذات الوقت هى والقوات المسلحة جاءت تسميتها فى الوثيقة الدستورية التى وقع عليها إنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م بقيادة الفريق البرهان وشريكة الفريق حميدتى جاءت الإشارة إليهم بإسم المكون العسكري ونصّب السيد الفريق البرهان الفريق حميدتى نائباً له وعندما إحتجت القوى المدنية على عدم دستورية التسمية ، تزرع الفريق البرهان بإنها مسألة إدارية فقط لتنظيم الإجتماعات فى حالة غيابه، من الذى نصح الفريق البرهان بهذه الفقرة فى الخطاب ؟؟؟ هذا الخطاب الذى أخرجه من نطاق الممكن والمفهوم إلى المستحيل فى محددات المنظمات الدولية
Irrelevant Claim
نسبة لأن الطرفين وقعا عدد من الهدن والإتفاقيات فى منابر دولية متعددة الأطراف تحت عنوان طرفى النزاع War Parties ، كيف للعالم أن يقفز على هذه الحقائق ليصف الدعم السريع بالجماعة الإرهابية فى مسعاه لفرض الحلول التفاوضية بين الطرفين المتحاربين ، هذا النوع من الخطاب ممكن للإستهلاك المحلى وغير معقول على المنبر الدولى ويحسب عجز وقصور فى التقدير للفريق الدبلوماسى المصاحب للفريق البرهان.
(٢)
إشتمل خطاب الفريق البرهان على إستعداد السودان للتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومناشدته لها بالمساعدة وهو يعلم أن السودان غير معترف به منذ إنقلاب ٢٥ إكتوبر وتم إيقاف كل برامج التعاون الدولى عدا المتعلقة بالقضايا الإنسانية التى لا تتم مباشرة مع حكومة السودان وأجهزتها ومن بينها إلغاء الديون والتعاون مع البنك الدولى وصندوق النقد الدولى وهناك عزلة إقليمية كاملة وتجميد للسودان بمنبر الإتحاد الإفريقى لحين إعادة الإنتقال المدنى الديمقراطى ، *لاتوجد فى السودان حكومة ذات شرعية معترف بها دولياً* منذ ذلك التاريخ قبل الحرب إلى الأمس والغد هذه حقيقة من غير الممكن القفز عليها والتجمل بالعبارات المنمقة لغوياً حولها ، وبالتالى جاءت فقرة إستعادة التعاون الدولى تحلية مجالس Lip Service *الفريق البرهان أول من يعلم ماهى شروط المجتمع الدولى لإستعادة التعاون المشترك* التى تم الحوار حولها من خلال الرباعية والثلاثية وزيارات المبعوثين ومظاهرات دامية للجان المقاومة طوال عامين لم يوقفها إلا دوى المدافع وأزيز الطائرات الحربية خلال الستة أشهر الماضية مطالبة بالدولة المدنية والوفاء لشعارات ثورة ديسمبر المجيدة.
(٣)
الفقرة الأخيرة فى خطاب الفريق البرهان أسطع تعبير عن كارثية إنحدار الدبلوماسية السودانية ، وعدم وعيها لمضمون ماجاء فى الخطاب فيما يتعلق بالقول أن الحرب الراهنة ليست خطر على السودان وحده بل خطر كبير للأمن والسلم الدوليين وتهديد للأمن الإقليمى وهو التوصيف الذى إشترك فيه خطاب الجنرالين ، هذه الصياغة بالإشارة لميثاق الأمم المتحدة دعوة صريحة لها بالتدخل الملزم وفق البند السابع لحماية الأمن والسلم الدوليين وحماية دول جوار السودان وفق ميثاقها لمنع إستمرار هذه الحرب التى كما أشار الخطاب بطرفية لخطورتها وحشدها للإرهاب من داعش إلى البراء وإلى فاغنر وبوكو حرام، هذه الفقرة فى خطاب الفريق البرهان تمثل دعوة صريحة للتدخل الدولى لوقف هذه الحرب ، مما يعتبر سقطة غير مسبوقة للدبلوماسية السودانية التى غربت شمس إشراقها والتلاعب بعدادات عصرها الذهبي زمن زروق والمحجوب ود.منصور ، إلى المنصورة، حيث أصبحت الدبلوماسية اليوم مرتع لعاطلى المواهب الذين لايميزون بين ميثاق الأمم المتحدة وكوز الذرة ، أصبحوا ترزية يفصلون رغبة القيادة السياسية دون وضع حساب للمهنية والحياد فى إبداء المشورة الصادقة ، تحولت الدبلوماسبة للهتافية والإهتمام برغبات المتنفذين طوال فترة الديكتاتورية الإنقاذية وكانت ثمرة فشلها ٦٣ قرار إدانة من على منبر الأمم المتحدة ضد حكومة السودان من بينها واحد على الفصل السابع وآخر إنتدب رئيس الدولة للمحكمة الجنائية والآن تسير فى ذات النهج الفاشل.
(٤)
معظم الوكالات ومحطات التلفزة نقلت الخطابين للجنرالين الفريقين البرهان وحميدتى والإدعاء لتمثيل السودان ووصفته الوكالات الأجنبية بتعبير Pathetic السودان يعيش حروب أهلية منذ العام ١٩٥٥م، لم يحدث نزاع حول شرعية السلطة المركزية فيه فى غير هذه الحرب العبثية هذا مصدر كافى لحزننا اليوم ، أين المقارنة بين خطاب الحبيب الإمام الصادق المهدى فى العام ١٩٨٦م على منبر الأمم المتحدة الذى وقفت بعض الدول تصفق له معاضدةً لأول حكومة منتخبة بعد ثورة شعبية وإستقبل فى بلاده بالترحاب والحب تحت قيادة الجنرالين السودان اليوم أصبح جمهورية موز Banana Republic.
لم يحدث تنازع حول شرعية السلطة فى السودان طوال سنوات الحروب الأهلية منذ جوزيف لاقو و قرنق من بعده خليل ومناوى والحلو وعبدالواحد وموسى محمد احمد وقوات التجمع الوطنى الديمقراطى ، هذه أول مرة يحدث تنازع حول شرعية الدولة المركزية ، يجب أن تكون مصدر للحزن لدى كل ضمير وطنى حر يحب السودان وشعبة الكريم .
(٥)
ختامة
اليوم علامة فى سقوط الكرامة ومحطة للتفتيت والتجزئة للجغرافيا بورتسودان والخرطوم والفاشر وكادقلى والعودة لعهد المشائخ و الممالك والدخول بالرجل اليمين فى عصر أباطرة الحرب ودول المقطوعيات ، كما أشار لذلك فى تغريدة بالأمس الأخ القائد مناوى ، حديثه يمثل ملمح خطورة لقرع ناقوس الخطر للدولة الفاشلة لكل بنات وأبناء السودان لحزم الإزار وتجاوز صغائر الخلافات وحظوظ النفس والنهوض ختمية وأنصار وصوفية وثوار وشيوعى وبعث ولجان مقاومة ومنظمات مجتمع مدنى لوقف هذا العبث والتصدى بجسارة لإنهاء هذه الحرب المدمرة فوراً بلا إبطاء أو تأخير وحمل الجنرالين لطاولة المفاوضات عبر منبر جدة لوقف العدائيات وترتيبات أمنية لتشكيل قوات مسلحة موحدة ومهنية وإفتراع عملية سياسية شاملة تفتح الطريق للإستقرار والتعاون الإقليمى والدولى ، كما قال صاحب السمو من على منبر الأمم المتحدة أمير قطر الخير تميم بن حمد حفظة الله السودان يحتاج لجيش موحد يحمى ولايحكم قوات مسلحة دستورية.
٢٢سبتمبر ٢٠٢٣م
الوسومصلاح جلالالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: صلاح جلال على منبر الأمم المتحدة الفریق البرهان هذه الحرب من على
إقرأ أيضاً:
الفرصة سانحة.. الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي بن كاردن إدارة الرئيس جو بايدن، إلى استغلال فرصة تولي البلاد رئاسة مجلس الأمن الدولي الشهر المقبل، للضغط نحو اتخاذ إجراءات "جريئة" لحل أزمة السودان، ووقف الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023.
وانتقد كاردن التقاعس العالمي تجاه السودان، مشيرا إلى أن المزيد من السكان يعانون ويموتون بلا داع.
وفي رسالة وجهها لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وسفيرة البلاد لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، قال كاردن إن تولي الولايات المتحدة رئاسة مجلس الأمن "يشكل فرصة لعقد إحاطة رفيعة المستوى، واقتراح خارطة طريق لمعالجة الأزمة في السودان والعمل على حل الصراع".
كما دعا كاردن لدفع الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات ملموسة لحماية المدنيين، ودعم تدابير المساءلة عن الفظائع المرتكبة. وأوضح "ضخامة أعداد السودانيين الذين يعانون ويموتون من الجوع والمرض، والذين تعرضوا للضرب والاغتصاب، والذين قتلوا بسبب لون بشرتهم، أمر لا يمكن تصوره".
وتأتي دعوة السيناتور الأميركي في ظل تسارع مؤشرات الانهيار في السودان، حيث تتدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية والاقتصادية بشكل كبير نتيجة للحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023.
تجاهل عالمي
وسط تقارير مقلقة عن تزايد المعاناة الإنسانية وارتفاع أعداد القتلى إلى أكثر من 61 ألفا بحسب كلية لندن للصحة، ومواجهة نصف السكان البالغ عددهم 48 مليون نسمة خطر الجوع، حذر كاردن من أن "أي يوم يمر دون الوصول لحل للأزمة يعني موت المزيد من السودانيين".
ووجه اللوم للمجتمع الدولي لعدم التجاوب بالشكل المطلوب مع الأزمة السودانية، وأوضح في رسالته: "يواصل العالم الابتعاد عن الجرائم المأساوية ضد الشعب السوداني بدلا من مواجهتها بشكل فعال".
وذكر أن أيا من الأمم المتحدة أو المنظمات الإقليمية مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في إفريقيا (إيغاد) أو الاتحاد الإفريقي، لم تتخذ أي خطوات ملموسة ومهمة لإنشاء آليات لحماية المدنيين، ودعم تدابير المساءلة عن الفظائع التي ارتكبت في الحرب، أو لتقريب الأطراف من وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع.
وتتسق رؤية كاردن مع التحذيرات التي أطلقها الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند، في ختام زيارته للسودان، الجمعة، التي قال فيها إن البلد "يمضي نحو الانهيار الشامل تحت أنظار وصمت العالم".
استثمار الضغط الأميركي
وشدد كاردن على ضرورة "عدم السماح بسقوط السودان حتى مع اقتراب نهاية فترة الإدارة الأميركية الحالية".
ورأى أن تولي الولايات المتحدة رئاسة مجلس الأمن الشهر المقبل يشكل فرصة سانحة للضغط أكثر في اتجاه حل الأزمة.
وأضاف: "تستطيع الولايات المتحدة أن تستخدم رئاستها الأخيرة لمجلس الأمن تحت هذه الإدارة لتسليط الضوء على الأزمة في السودان وتحفيز اتخاذ إجراءات جريئة، بعد فشل قرار مجلس الأمن الذي تقدمت به المملكة المتحدة للاستجابة للأزمة في السودان من خلال عقد إحاطة رفيعة المستوى".
وتابع: "علينا أن ندفع الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات أكثر جرأة وإبداعا وتوجها إلى الأمام، لتسهيل تسليم المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، سواء بموافقة الأطراف المتحاربة أو من دونها".
وطالب كاردن وزير الخارجية الأميركي بأن يستغل الإحاطة الرفيعة المقترحة أمام مجلس الأمن لإعلان الفظائع التي تم توثيقها بدقة على أنها إبادة جماعية، واقتراح عقوبات متناسبة علنا على أولئك الذين تم تحديدهم على أنهم مسؤولون.
وقال: "ستمهد مثل هذا الإحاطة الطريق لمناقشة مجلس الأمن في المستقبل والتحرك للضغط على الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية لاتخاذ إجراءات ذات مغزى لمعالجة أزمة السودان والضغط نحو حل الصراع".