صلاح جلال

(١)
ظهر مساء اليوم الفريق عبدالفتاح البرهان من على منبر الأمم المتحدة يلقى خطاب السودان بالجمعية العامة من على البوديوم، تناقلته وسائل الإعلام، يناشد فيه العالم بتسمية قوات الدعم السريع جماعة إرهابية، الفكرة مختلة من حيث المبدأ و الأساس القانونى وغير ممكنة فى ظل الواقع الدولى الراهن قوات الدعم السريع قوات نظامية بنص القانون ٢٠١٧م وجزء من القوات المسلحة على قدم المساواة من حيث الشرعية ، وفى ذات الوقت هى والقوات المسلحة جاءت تسميتها فى الوثيقة الدستورية التى وقع عليها إنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م بقيادة الفريق البرهان وشريكة الفريق حميدتى جاءت الإشارة إليهم بإسم المكون العسكري ونصّب السيد الفريق البرهان الفريق حميدتى نائباً له وعندما إحتجت القوى المدنية على عدم دستورية التسمية ، تزرع الفريق البرهان بإنها مسألة إدارية فقط لتنظيم الإجتماعات فى حالة غيابه، من الذى نصح الفريق البرهان بهذه الفقرة فى الخطاب ؟؟؟ هذا الخطاب الذى أخرجه من نطاق الممكن والمفهوم إلى المستحيل فى محددات المنظمات الدولية
Irrelevant Claim
نسبة لأن الطرفين وقعا عدد من الهدن والإتفاقيات فى منابر دولية متعددة الأطراف تحت عنوان طرفى النزاع War Parties ، كيف للعالم أن يقفز على هذه الحقائق ليصف الدعم السريع بالجماعة الإرهابية فى مسعاه لفرض الحلول التفاوضية بين الطرفين المتحاربين ، هذا النوع من الخطاب ممكن للإستهلاك المحلى وغير معقول على المنبر الدولى ويحسب عجز وقصور فى التقدير للفريق الدبلوماسى المصاحب للفريق البرهان.

(٢)
إشتمل خطاب الفريق البرهان على إستعداد السودان للتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومناشدته لها بالمساعدة وهو يعلم أن السودان غير معترف به منذ إنقلاب ٢٥ إكتوبر وتم إيقاف كل برامج التعاون الدولى عدا المتعلقة بالقضايا الإنسانية التى لا تتم مباشرة مع حكومة السودان وأجهزتها ومن بينها إلغاء الديون والتعاون مع البنك الدولى وصندوق النقد الدولى وهناك عزلة إقليمية كاملة وتجميد للسودان بمنبر الإتحاد الإفريقى لحين إعادة الإنتقال المدنى الديمقراطى ، *لاتوجد فى السودان حكومة ذات شرعية معترف بها دولياً* منذ ذلك التاريخ قبل الحرب إلى الأمس والغد هذه حقيقة من غير الممكن القفز عليها والتجمل بالعبارات المنمقة لغوياً حولها ، وبالتالى جاءت فقرة إستعادة التعاون الدولى تحلية مجالس Lip Service *الفريق البرهان أول من يعلم ماهى شروط المجتمع الدولى لإستعادة التعاون المشترك* التى تم الحوار حولها من خلال الرباعية والثلاثية وزيارات المبعوثين ومظاهرات دامية للجان المقاومة طوال عامين لم يوقفها إلا دوى المدافع وأزيز الطائرات الحربية خلال الستة أشهر الماضية مطالبة بالدولة المدنية والوفاء لشعارات ثورة ديسمبر المجيدة.

(٣)
الفقرة الأخيرة فى خطاب الفريق البرهان أسطع تعبير عن كارثية إنحدار الدبلوماسية السودانية ، وعدم وعيها لمضمون ماجاء فى الخطاب فيما يتعلق بالقول أن الحرب الراهنة ليست خطر على السودان وحده بل خطر كبير للأمن والسلم الدوليين وتهديد للأمن الإقليمى وهو التوصيف الذى إشترك فيه خطاب الجنرالين ، هذه الصياغة بالإشارة لميثاق الأمم المتحدة دعوة صريحة لها بالتدخل الملزم وفق البند السابع لحماية الأمن والسلم الدوليين وحماية دول جوار السودان وفق ميثاقها لمنع إستمرار هذه الحرب التى كما أشار الخطاب بطرفية لخطورتها وحشدها للإرهاب من داعش إلى البراء وإلى فاغنر وبوكو حرام، هذه الفقرة فى خطاب الفريق البرهان تمثل دعوة صريحة للتدخل الدولى لوقف هذه الحرب ، مما يعتبر سقطة غير مسبوقة للدبلوماسية السودانية التى غربت شمس إشراقها والتلاعب بعدادات عصرها الذهبي زمن زروق والمحجوب ود.منصور ، إلى المنصورة، حيث أصبحت الدبلوماسية اليوم مرتع لعاطلى المواهب الذين لايميزون بين ميثاق الأمم المتحدة وكوز الذرة ، أصبحوا ترزية يفصلون رغبة القيادة السياسية دون وضع حساب للمهنية والحياد فى إبداء المشورة الصادقة ، تحولت الدبلوماسبة للهتافية والإهتمام برغبات المتنفذين طوال فترة الديكتاتورية الإنقاذية وكانت ثمرة فشلها ٦٣ قرار إدانة من على منبر الأمم المتحدة ضد حكومة السودان من بينها واحد على الفصل السابع وآخر إنتدب رئيس الدولة للمحكمة الجنائية والآن تسير فى ذات النهج الفاشل.

(٤)
معظم الوكالات ومحطات التلفزة نقلت الخطابين للجنرالين الفريقين البرهان وحميدتى والإدعاء لتمثيل السودان ووصفته الوكالات الأجنبية بتعبير Pathetic السودان يعيش حروب أهلية منذ العام ١٩٥٥م، لم يحدث نزاع حول شرعية السلطة المركزية فيه فى غير هذه الحرب العبثية هذا مصدر كافى لحزننا اليوم ، أين المقارنة بين خطاب الحبيب الإمام الصادق المهدى فى العام ١٩٨٦م على منبر الأمم المتحدة الذى وقفت بعض الدول تصفق له معاضدةً لأول حكومة منتخبة بعد ثورة شعبية وإستقبل فى بلاده بالترحاب والحب تحت قيادة الجنرالين السودان اليوم أصبح جمهورية موز Banana Republic.
لم يحدث تنازع حول شرعية السلطة فى السودان طوال سنوات الحروب الأهلية منذ جوزيف لاقو و قرنق من بعده خليل ومناوى والحلو وعبدالواحد وموسى محمد احمد وقوات التجمع الوطنى الديمقراطى ، هذه أول مرة يحدث تنازع حول شرعية الدولة المركزية ، يجب أن تكون مصدر للحزن لدى كل ضمير وطنى حر يحب السودان وشعبة الكريم .

(٥)
ختامة
اليوم علامة فى سقوط الكرامة ومحطة للتفتيت والتجزئة للجغرافيا بورتسودان والخرطوم والفاشر وكادقلى والعودة لعهد المشائخ و الممالك والدخول بالرجل اليمين فى عصر أباطرة الحرب ودول المقطوعيات ، كما أشار لذلك فى تغريدة بالأمس الأخ القائد مناوى ، حديثه يمثل ملمح خطورة لقرع ناقوس الخطر للدولة الفاشلة لكل بنات وأبناء السودان لحزم الإزار وتجاوز صغائر الخلافات وحظوظ النفس والنهوض ختمية وأنصار وصوفية وثوار وشيوعى وبعث ولجان مقاومة ومنظمات مجتمع مدنى لوقف هذا العبث والتصدى بجسارة لإنهاء هذه الحرب المدمرة فوراً بلا إبطاء أو تأخير وحمل الجنرالين لطاولة المفاوضات عبر منبر جدة لوقف العدائيات وترتيبات أمنية لتشكيل قوات مسلحة موحدة ومهنية وإفتراع عملية سياسية شاملة تفتح الطريق للإستقرار والتعاون الإقليمى والدولى ، كما قال صاحب السمو من على منبر الأمم المتحدة أمير قطر الخير تميم بن حمد حفظة الله السودان يحتاج لجيش موحد يحمى ولايحكم قوات مسلحة دستورية.

٢٢سبتمبر ٢٠٢٣م

الوسومصلاح جلال

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صلاح جلال على منبر الأمم المتحدة الفریق البرهان هذه الحرب من على

إقرأ أيضاً:

مساعد معتمد اللآجئين بدارفور: دور الأمم المتحدة و الاتحاد الأفريقي في السودان ضعيف

 

قال مساعد معتمد اللاجئين في ولايات دارفور غربي السودان مجيب الرحمن محمد يعقوب رزق، إن طلب نشر بعثة دولية لحماية المدنيين في السودان جاء متأخر جداً، ووصف دور الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة يأنه ضعيف للغاية في الأحداث الجارية بإقليم دارفور المضطرب.

الخرطوم ــ التغيير

واعتبر رزق أن المطالبة بنشر قوات أممية في هذا التوقيت جاء متأخر جدا الآن وقال بحسب وكالة أنباء العالم العربي (AWP) : “اعتقد أن الطلب جاء متأخر جداً والوضع على الأرض تغيير لأن القوات المسلحة والقوات المشتركة بذلوا دورا كبيرا جدا في التصدي للهجوم في مدينة الفاشر، وكبدوا مليشيات الدعم السريع  خسائر كبيرة جدا”.

وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى العمل على سرعة نشر بعثة لحماية المدنيين في السودان.
وقالت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان على منصة إكس إن الأطراف المتحاربة في السودان “قتلت مئات المدنيين وسط هجمات في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، وأجبرت عشرات الآلاف على الفرار”.

وتسبب الصراع في أكبر أزمة نزوح في العالم، كما تجدد العنف في إقليم دارفور المضطرب.

وتفرض قوات الدعم السريع حصارا محكما على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور منذ أسابيع في محاولة للسيطرة عليها بعد أن أحكمت قبضتها على أربع من أصل خمس ولايات في الإقليم، وسط تحذيرات دولية وإقليمية من اجتياح المدينة التي تؤوي ملايين النازحين الذين فروا من مدن الإقليم المضطرب جراء الصراع.

وقال مساعد معتمد للاجئين في دارفور :”الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة أيضا دورها ضعيف جدا في الأحداث المتسارعة في دارفور ولا يرتقي لمستوى المؤسسات الأممية في أن تحفظ سيادة الدول وتحفظ حقوق الإنسان وتضطلع بدور كبير جدا في حماية المدنيين وتقديم المساعدات”.

وأضاف “أعتقد أن دور الاتحاد الأفريقي ضعيف جدا وفيه تماهي كبير جدا مع ميليشيات الدعم السريع التي تنتهك حرمات الناس وتحرق المنازل وتضرب المستشفيات في الفاشر كما حدث في مدينة الجنينة سابقا وفي غيرها من المدن” لآفتاً إلى أن قوات الدعم السريع دمرت كل البنية التحتية وبالتحديد المستشفيات التي تقدم خدمات علاجية للمواطنين في دارفور.

وتابع : “يفترض أن تقوم الأمم المتحدة بدور أكبر في حماية المدنيين، خاصة أن السودان لديه إسهامات كبيرة جدا في إيواء اللاجئين من دول الجوار، لكن الوضع بالنسبة للاجئين السودانيين في دول الجوار ضعيف جدا سواء كان في إثيوبيا وتشاد وغيرها”.

وطالب رزق بإدانة قوات الدعم السريع لارتكابها إنتهاكات  وقال:”لا بد أن تكون هناك إدانات واضحة لميليشيات الدعم السريع وقياداتها، لا بد يكون هناك قيود وإجراءات ضد هذه الميليشيات التي تقتل المواطنين وتغتصب النساء والأطفال في كل مكان، وخير دليل في الفاشر الآن وغيرها من مدن السودان، هؤلاء هم قطاع طرق ولا يرتقون لمستوى المعارضة، فالمعارضة دائما تكون شريفة تعارض النظام ولا تعارض المواطن”.

وقالت هيومان رايتس ووتش الأسبوع الماضي إن صور الأقمار الصناعية تظهر تفاصيل مروعة في الفاشر ، مضيفة أن تحليلا لصور الأقمار الصناعية أظهر زيادة في عدد القبور في ستة مدافن على الأقل بالفاشر خلال الفترة من التاسع من مايو أيار إلى 12 يونيو حزيران.

وكشف تقرير الأمم المتحدة السنوي حول الأطفال والنزاع المسلح عن مقتل أكثر من 480 طفلا ووقوع ما لا يقل عن 1721 انتهاكا جسيما ضد الأطفال في السودان في العام الماضي، في ارتفاع كبير مقارنة مع 306 انتهاكات مسجلة في عام 2022.

وقال مساعد معتمد للاجئين في دارفور إن الحل يكمن في فرض الجيش السوداني سيطرته.

وأضاف “نحن نعول على القوات المسلحة أن تفرض سيطرتها وتحرر كل مدن السودان، والآن الانتصارات الكبيرة التي نشاهدها في كل المحاور جعلت الاتحاد الأفريقي يطالب بالتدخل حتى يمنح فرصة حياة جديدة للميليشيات، لذلك نعتبر أن دور الاتحاد الأفريقي ضعيف، والقيادات الموجودة في الاتحاد الأفريقي دورهم ضعيف جدا، وتكاد تكون مساندة لميليشيات الدعم السريع”.

الوسومالأمم المتحدة الاتحاد الأفريقي مجيب الرحمن مساعد معتمد اللاجئين ولايات دارفور

مقالات مشابهة

  • نهايات الحرب في السودان
  • رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة: "كفى للقتل في غزة"
  • رئيس الجمعية العامة الأممية: "كفى للقتل في غزة"
  • مسؤول أممي يدعو لوقف حرب غزة
  • مساعد معتمد اللآجئين بدارفور: دور الأمم المتحدة و الاتحاد الأفريقي في السودان ضعيف
  • رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة: كفى قتلا في غزة
  • غوتيريش: الأمين العام للأمم المتحدة لا يمتلك السلطة ولا يتحكم بموارد مالية وليس لديه إلا الصوت
  • منظمة كورية تتبرع لأطفال السودان وأسرهم بـ200 ألف دولار
  • غوتيريش: روسيا العنصر الأساسي لعمل الأمم المتحدة
  • الأمم المتحدة: أكثر من نصف السودانيين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد