بخلاف ما هو سائد .. قمع الأفكار السلبية مفيد للصحة العقلية!
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
إنجلترا – وجدت دراسة أن قمع الأفكار السلبية قد يكون مفيدا لصحتك العقلية، ما يتعارض مع الاعتقاد السائد بأن تجاهل هذه الأفكار يعني أنها تبقى في عقلنا اللاواعي، ما يؤثر على سلوكنا ورفاهيتنا.
وقام باحثون من جامعة كامبريدج في وحدة علوم الإدراك والدماغ التابعة لمجلس البحوث الطبية (MRC) بتدريب 120 متطوعا في جميع أنحاء العالم على قمع الأفكار حول الأحداث السلبية التي كانت تقلقهم.
ووجدوا أن هذه الأحداث لم تصبح أقل حيوية فحسب، بل تحسنت أيضًا الصحة العقلية لأولئك الذين شملتهم الدراسة.
وقال البروفيسور مايكل أندرسون: “نحن جميعا على دراية بالفكرة الفرويدية القائلة بأننا إذا قمنا بقمع مشاعرنا أو أفكارنا، فإن هذه الأفكار تظل في اللاوعي لدينا، ما يؤثر على سلوكنا ورفاهنا بشكل ضار. والهدف الأساسي من العلاج النفسي هو التخلص من هذه الأفكار حتى يتمكن الشخص من التعامل معها وسلب قوتها. وفي السنوات الأخيرة، قيل لنا إن قمع الأفكار غير فعال في جوهره، وأنه في الواقع يجعل الناس يفكرون في الأفكار أكثر”.
وعندما ظهر كوفيد-19 في عام 2020، مثل العديد من الباحثين، أراد البروفيسور أندرسون أن يرى كيف يمكن استخدام أبحاثه لمساعدة الناس خلال الوباء.
قالت الدكتورة زولكايدا مامات التي كانت في ذلك الوقت طالبة دكتوراه في مختبر البروفيسور أندرسون وفي كلية ترينيتي في كامبريدج: “بسبب الوباء، كنا نرى حاجة في المجتمع للمساعدة على التعامل مع القلق المتزايد. وكانت هناك بالفعل أزمة في الصحة العقلية، ووباء خفي من مشاكل الصحة العقلية، وكان الوضع يزداد سوءا. وبهذه الخلفية، قررنا أن نرى ما إذا كان بإمكاننا مساعدة الناس على التأقلم بشكل أفضل”.
وفي الدراسة، طُلب من كل شخص أن يفكر في عدد من السيناريوهات التي قد تحدث في حياته خلال العامين المقبلين، 20 مخاوف سلبية كانوا يخشون احتمال حدوثها، و20 آمالا وأحلاما إيجابية.
وفي كل سيناريو، كان عليهم تقديم كلمة رئيسية وتفاصيل أساسية.
وتم تقييم كل حدث على أساس عدد من النقاط، وهي الحيوية، واحتمالية الحدوث، وموعد وقوعه في المستقبل، ومستوى القلق أو الفرح بشأن الحدث، وتكرار التفكير، ودرجة القلق الحالي، والتأثير الطويل المدى، والكثافة العاطفية.
كما أكمل المتطوعون استبيانات لتقييم صحتهم العقلية. وبعد ذلك، عبر تطبيق “زووم”، أخذت الدكتورة مامات كل مشارك خلال تدريب مدته 20 دقيقة، والذي تضمن 12 تجربة عدم التخيل و12 تجربة تخيل، حيث طُلب منهم إما التفكير بوضوح، أو التوقف عن التفكير في حدث ما، بعد إعطائهم كلمة جديلة.
وطُلب من المتطوعين في نهاية اليوم الثالث من الممارسات، وبعد ثلاثة أشهر، مرة أخرى تقييم كل حدث على أساس الحيوية ومستوى القلق والكثافة العاطفية.
ووفقا للدراسة، أفاد المتطوعون في كلتا النقطتين بأن الأحداث المكبوتة كانت أقل حيوية وأقل خوفا. كما وجدوا أنفسهم يفكرون بشكل أقل في هذه الأحداث.
ووفقا للدكتورة مامات: “كان من الواضح جدا أن تلك الأحداث التي مارس المشاركون قمعها كانت أقل حيوية، وأقل إثارة للقلق عاطفيا، من الأحداث الأخرى، وأن المشاركين بشكل عام تحسنوا من حيث صحتهم العقلية. لكننا رأينا التأثير الأكبر بين هؤلاء المشاركين الذين تم تدريبهم على قمع الأفكار المخيفة، وليس الأفكار المحايدة”.
ووفقا للنتائج، فإن قمع الأفكار أدى إلى تحسين الصحة العقلية بين أولئك الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.
ومن بين أولئك الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة والذين قمعوا الأفكار السلبية، انخفضت درجات الصحة العقلية السلبية لديهم في المتوسط بنسبة 16%، في حين زادت درجات الصحة العقلية الإيجابية بنسبة 10% تقريبا.
وبشكل عام، فإن الذين يعانون من أعراض صحية عقلية أسوأ في بداية الدراسة تحسنوا بشكل أكبر بعد التدريب على القمع، ولكن فقط إذا قاموا بقمع مخاوفهم.
المصدر: إندبندنت
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الصحة العقلیة
إقرأ أيضاً:
هل نجح الفيتناميون الذين فروا إلى أميركا في التعايش؟
نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا في ذكرى مرور نصف قرن على حرب فيتنام التي وضعت أوزارها في 30 أبريل/نيسان 1975 وانتهت بتوحيد شطري البلاد بسقوط سايغون عاصمة فيتنام الجنوبية، وهزيمة القوات الأميركية على يد قوات فيتنام الشمالية.
وتقول الصحيفة إن العديد من الفيتناميين الذين نجوا من تلك الحرب وهربوا إلى الولايات المتحدة، لا يزالون يبذلون جهدهم لغرس قيم وطنهم الأصلي في نفوس أبنائهم الذين اكتسبوا الجنسية الأميركية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عرض عسكري ضخم في احتفال فيتنام بمرور 50 عاما على نهاية الحربlist 2 of 2ما أشبه فيتنام قبل 50 عاما بغزة اليوم.. الصورة تقول ما لا يقوله كتابend of listوتضيف أن مئات الآلاف من الفيتناميين استقر بهم المقام في الولايات المتحدة في السنوات التي تلت نهاية الحرب، حيث تمثل الذكرى السنوية بالنسبة لهم منعطفا معقّدا كتب نهاية لحياتهم في موطنهم الأصلي، وأملا في أن تكون أيامهم في أميركا أكثر إشراقا.
صراع هوية
ووفق الصحيفة الأميركية، فقد عاش بعضهم ممن كانوا ينتمون إلى الطبقة المتوسطة حياة مريحة في بَلداتهم الأصلية، لكنهم اليوم يعملون في وظائف عمالية في أرض أجنبية حيث واجهوا في البداية حواجز لغوية وثقافية.
ولا يزال أبناؤهم في صراع، إذ يكابدون للتوفيق بين قيم آبائهم وأسلوب نشأتهم في الولايات المتحدة، وما سيورثونه لأبنائهم في الجيل القادم من الأميركيين الفيتناميين.
إعلانومن بين هؤلاء فيت ثانه نغوين الذي فرّ من فيتنام إلى الولايات المتحدة مع عائلته في 1975 ولم يكن قد تجاوز الرابعة من العمر.
وقال نغوين الحائز على جائزة بوليتزر في الأدب عام 2015، إنه يريد أن يُفهِم أطفاله التضحية التي قدمها أجداده الذين تركوا وراءهم وطنهم وعائلتهم للقدوم إلى الولايات المتحدة.
واعتبر أن ذلك التزام يتعين عليه أخذه على محمل الجد من أجل التأثير على أحفاده وتذكيرهم بما فعله أجدادهم، إدراكا منه أنه إذا لم يفعل ذلك فسوف ينشؤون كأميركيين، وأن من المهم أن يتعرف أبناؤه على تاريخ وطنهم الأم.
دروس التاريخ
ونقلت واشنطن بوست عن لونغ بوي، أستاذ الدراسات العالمية والدولية في جامعة كاليفورنيا في إيرفين، أن طلابه الأميركيين الفيتناميين غالبا ما يتساءلون لماذا لا يتحدث الناس علانية عن الحرب.
وقال إن دروس التاريخ الأميركية تميل إلى تقديم الحرب في فيتنام على أنها كانت معركة أرادت بها الولايات المتحدة الحد من انتشار الشيوعية، رغم أن هذا التعريف لا يضعها في سياق الصراعات العالمية الأخرى.
وأعرب عن اعتقاده بأن الطريقة التي تُدرس بها مادة التاريخ مجردة تماما من الطابع السياسي، بينما كانت الحرب سياسية بامتياز. ووفقا له، فإن الأميركيين الفيتناميين عرفوا عن الحرب من والديهم.
وأجرت الصحيفة مقابلات مع 3 فيتناميين أميركيين لاستجلاء أوضاعهم ومعرفة ذكرياتهم مع حرب فيتنام، ومن بينهم تروك كريستي لام جوليان التي ترعرعت في مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا.
جروح الماضي
تقول إنها عاشت في كنف الثقافة الفيتنامية، واحتفلت مؤخرا بالسنة القمرية الجديدة في أرض المعارض المحلية، وحضرت قداسا في المعبد البوذي بالمدينة. لكن عائلتها لم تحضر فعاليات "أبريل الأسود" التذكارية للجالية الفيتنامية المحلية التي كانت تقام حدادا على سقوط سايغون.
إعلانكان الأمر مؤلما للغاية، خاصة بالنسبة لوالدها الذي لم يتحدث أبدا عن وصولهم إلى الولايات المتحدة في عيد الشكر عام 1975.
ولم تنجح لام جوليان في حث أشقائها الأكبر سنا لمشاركة ذكرياتهم عن الفرار من فيتنام وقضاء عدة سنوات في مخيم للاجئين في ماليزيا إلا عندما بلغت سن الرشد، واصفة محاولاتها إقناعهم بأنها كانت "أشبه بعملية خلع ضرس".
وعندما أصبحت أما لطفل اسمه جاكسون يبلغ من العمر الآن 8 سنوات، أرادت لام جوليان أن تربطه بتراث أجداده، فتحدثت إليه عن قصة هجرة عائلتها، وأخبرته عن حرب فيتنام وكيف أن الناس في بلدها الأم لم يكونوا متفقين على الطريقة التي يرغبون العيش بها. وأبلغته أيضا أن جدها ساعد القوات الأميركية.
مواطن آخر يدعى هونغ هوانغ (60 عاما) تحدث إلى الصحيفة باللغة الفيتنامية قائلا إنه لم يكن يشعر بالخوف إبان تلك الحرب لأنه كان طفلا صغيرا آنذاك، لكنه أضاف أنه كان يرى من خلف باب منزل عائلته جنود فيتنام الشمالية وهم يتخلصون من أسلحتهم ويخلعون زيهم العسكري.
وأعرب هوانغ عن أمله في أن يتمكن الجيل الشاب من الفيتناميين في أميركا من الاستمرار في الحفاظ على الطابع الجيد لوطنهم الأصلي.
تعايش
وثالث الأشخاص الذين التقت بهم واشنطن بوست، امرأة تدعى آنه فونغ لوو، التي ترعرعت في مدينة نيو أورليانز، ثم عادت إلى مسقط رأسها في بورتلاند، أوريغون، في عام 2020 وانخرطت في تعاونية زراعية أسسها مزارعون أميركيون فيتناميون بعد أن دمر التسرب النفطي لشركة النفط البريطانية (بريتيش بتروليوم) عام 2010 حرفة صيد الجمبري المحلية.
وقالت إن والديها وأشقاءها -وهم من هانوي التي كانت عاصمة فيتنام الشمالية- فروا من وطنهم في عام 1979 بسبب ما يسمى عادة بحرب الهند الصينية الثالثة، وهي سلسلة من النزاعات بين فيتنام وتايلاند وكمبوديا والصين.
إعلانولم تحتفل عائلتها بذكرى سقوط سايغون، ونادرا ما تحدثوا عن الحرب، على الرغم من أن والدها كان يعاني من ندوب جراء شظايا قصف بالقرب من الجامعة التي كان يدرس فيها الموسيقى. وتدير لوو الآن مطعما فيتناميا في سوق كريسنت سيتي للمزارعين في مدينة نيو أورليانز.
وفي لقاء جمعها مؤخرا مع خالاتها وأعمامها في فيتنام، علمت أن العديد من أقاربها أصيبوا بالسرطان نتيجة للأسلحة الكيميائية خلال الحرب.
وقالت "لم أكن أدري حقا أن عائلتي قد تأثرت بالحرب بهذا الشكل"، مضيفة أنها أدركت أثناء حديثها مع أقربائها أن "50 عاما لم تكن تلك الفترة الطويلة جدا".