في قلب مدينة الخليل يصدح الأذان من المسجد الإبراهيمي وحيدا حزينا، فالحصار المطبق عليه يكاد يخنق صوته ويبعد رواده عنه في سياسة إسرائيلية متعمدة، تزداد وتيرتها في أيام الأعياد الإبراهيمية.

ومع حلول الأعياد اليهودية فيصبح ممنوعا رفع الأذان من هذا المسجد الذي قسمته اتفاقيات الخليل بعد مجزرة المسجد الإبراهيمي عام 1994 فأصبح نصفه للمسلمين ونصفه الآخر للمستوطنين.



كما يمنع المصلون من دخول المسجد حين تحل هذه الأعياد، وتصبح جميع مصلياته مفتوحة للمستوطنين الذين يستبيحونه ويرقصون فيه لأيام.



القدس والخليل أكثر المدن الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة تأثرا بحلول الأعياد اليهودية، فالاحتلال يفرض إجراءات معقدة لحماية المستوطنين فيهما وجعلهم يحتفلون بأريحية على حساب التضييق على الفلسطينيين أصحاب الأرض.

إغلاق وتضييق
ومنذ عام 1994 تغير الواقع كثيرا في قلب الخليل، فالمستوطنون يتزايدون ويستولون على كثير من المنازل والمنشآت بتشجيع ودعم مستمرين من حكومات الاحتلال المتعاقبة، وتزامنا مع ذلك قام الاحتلال بإغلاق شوارع هامة كانت تعتبر قلب الخليل النابض وقرابة ألفي محل تجاري.

وفي هذا السياق، يقول رئيس تجمع شباب ضد الاستيطان عيسى عمرو لـ "عربي21": إن الأعياد تؤثر بشكل سلبي على حياة المواطنين في الخليل من عدة نواحٍ، حيث يتعمد جيش الاحتلال فرض إجراءات مشددة في محيط المسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة ومداخلها.

زيادة عدد الحواجز ومضايقات الجنود المتعمدة وتشديد الإجراءات عليها وإقامة الحواجز المفاجئة؛ كلها مظاهر يفرضها الاحتلال في الأعياد اليهودية لضمان أمن المستوطنين في المدينة.

وأوضح الناشط أن الاحتلال يتعمد منع العمال من المدينة من مغادرتها إلى الأراضي المحتلة عام 1948 للعمل فيها بحجة الأعياد، الأمر الذي يندرج في إطار العنصرية الإسرائيلية.

استفزاز المواطنين بالاعتداء عليهم وعلى أملاكهم، واستفزاز مشاعر الفلسطينيين بجلب مظاهر يهودية للمناطق الفلسطينية وتهويدها، هي مظاهر أخرى للأعياد في مدينة الخليل التي ينهش الاستيطان بلدتها القديمة.



وأضاف عمرو:" المسجد الإبراهيمي بات يغلق في كل عيد يهودي، ويمنع المصلون من الوصول إليه ويسيطر عليه المستوطنون، وتوضع الحواجز بكثافة في محيطه وتصبح أيدي الجنود على الزناد جاهزة لإطلاق النار صوب أي فلسطيني، ويتم إغلاق المحال التجارية ويحشر الفلسطينيون في منازلهم بينما يخرج المستوطنون للاحتفال في الشوارع واستباحة الأحياء المختلفة".

القدس
وفي القدس يتعمق المشهد أكثر، فهي المدينة التي يسعى الاحتلال لترحيل أهلها وفرض الطابع اليهودي عليها كي تكون عاصمة يهودية أبدية لدولة الاحتلال، وبالتالي فإن كل المظاهر التي يتم تطبيقها على مدن الضفة الغربية تزداد في القدس تطرفا وعنصرية.

الباحث في شؤون القدس والأقصى فخري أبو دياب قال لـ "عربي21" إن الاحتلال بدأ بفرض أجندته على المسجد الأقصى والتقسيم الزماني وترسيخ الوجود اليهودي داخله وفي محيطه والعمل على إبعاد المصلين وتفريغه من المرابطين لإتاحة الفرصة لغلاة المستوطنين أن يستبيحوه.

ويرى أن المسجد الآن في أحلك وأشد وأصعب أوقاته لأن الاحتلال بدأ بفرض وقائع يهودية عليه والتدرج بذلك مستغلا الأعياد التوراتية لزيادة عدد المقتحمين في ظل حكومة يمينية متطرفة.

وبحسب الباحث فإن الأولوية في المدينة المحتلة لليهود وأعيادهم، خصوصا بعد تقليص صلاحيات دائرة الأوقاف بشكل كبير، وتفريغ الوصاية الأردنية على الأقصى، وبالتالي ما حصل في المسجد الإبراهيمي يتم استنساخه في المسجد الأقصى.

وأوضح أن "الأعياد تكشف كل هذه المخططات لمشاركة المسلمين في هذا المكان كي تكون مقدمة لأن تصبح الأولوية فيه لليهود".

وتتعرض الأسواق المقدسية العتيقة والمحال التجارية للضغط في هذه الأعياد، فإما يتعرض أصحابها للاعتداء وتتعرض بضاعتهم للإتلاف على يد المستوطنين المحتفلين بمجموعات كبيرة تحميهم شرطة الاحتلال، وإما أن يغلقوا محالهم لتفادي هذه الخسائر.



ويتابع أبو دياب القول:" في فترة الأعياد اليهودية يعلم المقدسي أنه قد يتعرض دون أي سبب للاعتقال والاعتداء الوحشي، ذلك لأن الاحتلال يريد أن يظهر للمستوطنين فرض قوته وبسط نفوذه على المدينة".

كما يحاول المستوطنون في هذه الأعياد إثبات ما يحلمون به ويطمعون به على مدار سنوات وهو الاستيلاء على القدس بكل ما فيها وطمس الهوية الفلسطينية ومحو كل ما يتعلق بها.

ويشير الباحث إلى أن المستوطنين يتعمدون رفع الأعلام الإسرائيلية في أرجاء المدينة والبؤر التي استولوا عليها في شرق القدس والبلدة القديمة تحديدا، كما يحاولون القيام برقصات استفزازية مستمرة يوميا أمام أبواب المسجد الأقصى وطرد المصلين من هناك.

ورأس السنة العبرية، ويوم الغفران، وعيد العُرش، هي أسماء لأعياد يهودية تمتد على مدار 22 يوما، ويطلق على هذه المناسبات الثلاثة موسم الأعياد اليهودية الأطول الذي يدفع فيه المسجد الأقصى المبارك الثمن الأكبر، في ظل سعي جماعات الهيكل المتطرفة لتحقيق مكاسب أبرزها طقس النفخ في البوق وإدخال القرابين.

ويبدأ الموسم بعيد رأس السنة العبرية الذي يعد عيدا دينيا يحل في اليومين الأول والثاني من شهر "تشري" من التقويم العبري، ويطلق على الأيام العشرة التي تمتد من رأس السنة وحتى عيد الغفران "أيام التوبة".

وخلال هذا العيد ينفخ اليهود في البوق، ويحاولون إدخاله للمسجد الأقصى المبارك ونجحوا في ذلك عدة مرات كانت آخرها قبل أيام. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الخليل الأعياد اليهودية القدس الاحتلال رأس السنة العبرية القدس الاحتلال الخليل الأعياد اليهودية رأس السنة العبرية سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسجد الإبراهیمی الأعیاد الیهودیة المسجد الأقصى

إقرأ أيضاً:

قارورة سيتمّ وضعها مع جثمان نصرالله... ماذا تحتوي؟ (فيديو)

قال حسين فضل الله رئيس اللجنة التنظيمية لتشييع الامينين العامين لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله والسيّد هاشم صفي الدين، إنّ "المقدسيين أرسلوا قارورة تحتوي على تراب من المسجد الأقصى إلى لبنان".     وأشار فضل الله إلى أنّ" القارورة ستُدفن مع جثمان نصرالله".      

قال إن مقدسيون أرسلوها.. رئيس اللجنة التنظيمية للتشييع : قارورة تحتوى على تراب من المسجد الأقصى ستدفن مع جثمان حسن نصر الله#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/n5k6k1Krcz

الجزيرة مباشر (@ajmubasher) February 21, 2025

مقالات مشابهة

  • قبيل رمضان.. هكذا تُحكم شرطة الاحتلال قبضتها على الأقصى
  • عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى
  • الاحتلال يمعن في وأد محاولات إعمار المسجد الأقصى بذكرى هبّة باب الرحمة
  • الخليل - شهيد طفل برصاص الجيش الإسرائيلي
  • وما ذنب المساجد تحرقونها وتمنعوا الناس الصلاة فيها ؟!!
  • قارورة سيتمّ وضعها مع جثمان نصرالله... ماذا تحتوي؟ (فيديو)
  • نحو 40 ألف مصلٍ يُؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • آلاف الفلسطينيين يُؤدون صلاة الجمعة في الأقصى
  • 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى