المفتي يشارك بمؤتمر "منهجية الإفتاء في روسيا"
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن من أهم ما يشغل المجتمعات المسلمة اليوم هو أن تؤدي دورًا إيجابيًّا فاعلًا وشراكة حقيقية في تطور وتحضر المجتمع الإنساني المعاصر، وأن تكون مواكبة لذلك التطور الذي تخطى حواجز الزمان والمكان والثقافات المتعددة.
وأضاف خلال كلمته في مؤتمر "منهجية الإفتاء في روسيا .
وتابع: من هذا المنطلق، فإنه لا بد من العمل على فهم الأصول والجذور التراثية التي تنبثق منها الثقافات المتعددة، تلك الأصول التي تتمثل في تراث الأمم وتاريخها، والذي لا يمكن أن تنفكَّ عنه؛ لأنه يمثِّل جزءًا أصيلًا من مكونها الفكري والاجتماعي والسلوكي، وذلك لأن التقدم والتطور الحقيقي لا يمكن أن ينشأ إلا في ظل مجتمعات لها قِيَمها التاريخية والحضارية، والتي تستمدها من جذورها التراثية التي تشكِّل وعيها.
وأشار فضيلة المفتي في كلمته إلى أن المسلمين شيَّدوا على مدى قرون عديدة تراثًا حضاريًّا يتمتع بالعديد من القيم والمبادئ ذات المرجعية الدينية الوسطية، والتي كانت تحكم سلوك الفرد المسلم شرقًا وغربًا، دون أن تنزع منه خصوصيته الثقافية وعاداته وتقاليده المجتمعية؛ مما جعل منه تراثًا متعدد الأنساق، يتواءم فيه عدد من الأنماط الثقافية المتباينة، التي تجتمع على أصول الإسلام ومبادئه، وتتحاكم في أفعالها وسلوكها إلى شريعة واحدة.
وأوضح أن ذلك قد أدَّى إلى تشييد بناء فقهيٍّ، يمثِّل ثروة تشريعية هائلة، يستعمل فيها المجتهد أدوات الفهم والاستنباط من أجل الوصول إلى الحكم الشرعي في تلك الوقائع التي لا حصر لها، فتكونت من خلال ذلك ثروة فقهية وإفتائية تراعي الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، وصار من واجبات التأهيل الفقهي والإفتائي مراعاة المستجدات التي تطرأ على الواقع، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع، وهو ما سمِّي في المذاهب الفقهية بالنوازل، وهي التي ضمنت مواكبة الاجتهاد الفقهي للمتغيرات دون إخلال بالثوابت والأصول الكلية للشريعة.
وفي إطار ذي شأن أكَّد المفتي أن أيَّ نقطة انطلاق لتجديد الفقه والفتوى في هذا العصر لا بدَّ أن تتأسَّس على فَهْم عميق لهذا التراث العلمي الكبير، وإدراك لأصوله ومعالمه الكلية التي كانت تحكم عقل المفتي والفقيه أثناء ممارسة عملية الاجتهاد أو الفتوى، وأنه ينبغي علينا في هذا الإطار العمل على استقراء ذلك التراث الفقهي من أجل الوصول إلى تجريد المناهج الاجتهادية التجديدية التي تعامل بها العلماء مع الوقائع المختلفة ضمن مجتمعات وثقافات وآفاق متباينة ومتعددة، وذلك دون انحصار في دائرة المسائل الجزئية التي ربما يتغير الاجتهاد فيها من عصر إلى عصر ومن واقع إلى واقع، وذلك يساعدنا بلا شك على تبنِّي مناهج علمية رصينة، تتيح لصناعة الفقه والفتوى أن تؤدي دَورها المنوط بها في حق الأفراد والمجتمعات المسلمة دون إحداث صدام أو إشكال.
وأضاف: إنه لا شك أن تلك المجتمعات تتطلع إلى وجود علماء قادرين على فهم الواقع فهمًا دقيقًا يستوعب الإشكاليات والتحديات التي تواجههم في هذا العصر، ويجتهد في حلِّ تلك المشكلات بطريقة تليق بتراثهم الفكري والفقهي، وهو أمر يتطلَّب جمع كلمة المؤسسات المنوطة بهذا الأمر من أجل صياغة مناهج إفتائية تراعي متطلبات الواقع المعاصر، وطبيعته التي تتَّسم بسرعة التأثير على الأفكار والسلوكيات البشرية، حيث يتَّسع مدى تأثيرها في عصر الذكاء الاصطناعي والتحولات الرقمية، وهو ما يحتاج إلى اجتهاد في معرفة الحكم الشرعي الذي ينبغي أن يتعبد المسلم ربه به، حتى يتعايش مع هذه المستجدات دون أن يفقد هُويته وخصوصيته، أو يمثِّل عائقًا أمام أي تقدم حضاري يخدم البشرية ويعزز أمنها وسلامها.
مظاهر التجديد
وفي نفس السياق، أكَّد المفتي أنَّ الفتوى هي أبرز مظاهر التجديد التي يتمتَّع بها الفقه الإسلامي، ولا يمكن أن تتحول إلى حالة من الجمود أو قلَّة الوعي التي تؤثر بطبيعة الحال على المجتمعات المسلمة، سواء في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، أو غيرها من المجتمعات التي تمثِّل الأقلياتُ المسلمةُ فيها جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، وإنما ينبغي أن يظهر أثر الفتوى في الحفاظ على استقرار تلك المجتمعات، وتعزيز الاندماج داخل المجتمع الإنساني برؤية فقهية مستنيرة، ومراعاة للخصائص الحضارية والعادات المجتمعية التي لا يرفضها الدين الحنيف، ولا تعارض القيم الأخلاقية المستقرة، وإذا لم تراعِ الفتوى ذلك الإطار الكليَّ تحولت إلى نافذة من نوافذ التشدد الذي يعصف بأمن وسلامة الأمم والشعوب.
وفي ختام كلمته، أشادَ فضيلة المفتي بالجهود التي تبذلها الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية لتعزيز فَهْمِ مناهج الفتوى التي تناسب العصر، وتأهيل العلماء القادرين على استعمال تلك المناهج الإفتائية الرصينة، والتعاون المثمر مع دار الإفتاء المصرية لتعميق التواصل بين المؤسسات الإفتائية المختلفة، من أجل التوصل إلى حلول مشتركة فيما يخصُّ التحديات التي تتعلَّق بمجال الفتوى، والاستفادة من التجارب والخبرات المتنوعة في التعامل مع الوقائع المتجددة في مختلف المجتمعات المسلمة.
كما ثمَّن جهودَ الشيخ راوي عين الدين رئيس مجلس شوري المفتين في روسيا الاتحادية وكل منسوبي الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، واختيارهم موضوع المؤتمر الذى يعبِّر عن الصلات الوثيقة والشراكة الحقيقية بين المؤسسات الدينية والإفتائية العالمية التي تعمل على صناعة خطاب ديني تجددي رشيد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شوقى علام مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء الإفتاء المجتمعات المسلمة
إقرأ أيضاً:
حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع.. دار الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يجوز تخصيص جزءٍ من مال الزكاة في مساعدة الغارمين، والمساهمة بتحسين الخدمات التعليمية، وعمل مشاريع استثمارية وإنتاجية من أموال الزكاة بشرط توخي مصلحة الفقراء في إقامتها وتمليكها لهم.
وأضاف دار الإفتاء، فى منشور لها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن كفاية الفقراء والمحتاجين مِن المَلْبَسِ والمَأكلِ والمَسْكَنِ والمعيشةِ والتعليمِ والعلاجِ وسائرِ أمورِ حياتِهم هي التي يجب أن تكون مَحَطَّ الاهتمام في المقام الأول؛ تحقيقًا لحكمة الزكاة الأساسية التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ».
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول صاحبه: «ما حكم إخراج الزكاة للأقارب المتعثرين ماليًا؟»، عبر البث المباشر لها على صفحتها الرسمية بـ "فيسبوك".
وأجاب الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بالدار، أنه يجوز أن تعطي الزكاة للأقارب المتعثرين ماديًا وللإخوة أيضًا، مضيفًا أن زكاة المال لا تجب على الأبوين، والأولاد، والزوجة.
وأشار أمين الفتوى إلى شروط الزكاة وهي: أن يصل المال لنصاب الزكاة وهو ما يعادل قيمة 85 جرام ذهب عيار 21، مع مرور حول كامل عليه.
هل إعطاء الزكاة للأقارب يضاعف الثواب والأجر ؟
سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي" فيسبوك".
وأجابت دار الإفتاء قائلة: "إعطاء الزكاة لمستحقها الذي تربطه صلة قرابة بالمزكِّي أولى وأفضل في الأجر والثواب من إعطائها لمن لا تربطه به صلة قرابة.
وأوضحت " الإفتاء" أن النبي - صلى عليه وآله وسلم- قد بين ذلك بقوله: «الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»، رواه الترمذي.
و نوهت أن ذلك بشرط أن لا يكون هؤلاء الأقارب ممن تجب على المزكي نفقتهم.
هل يجوز للأب أن يعطي ابنته المتزوجة من زكاة المال؟
قال الدكتور محمد عبد السميع، مدير إدارة الفروع الفقهية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه لا مانع أن يعطي الأب ابنته المتزوجة من زكاة ماله إن كانت من المستحقين لها؛ لأن نفقتها ليس واجبة عليه وإنما هي مسؤولة من زوجها.
وأضاف « عبد السميع» فى إجابته عن سؤال تقول صاحبته: «هل يجوز للأب أن يعطي ابنته المتزوجة من زكاة المال بنية الصدقة؟» أنه كلما النفقة غير واجبة على الشخص الذي نريد إعطاءه من زكاة المال إليه؛ يجوز إخراج جزء من الزكاة إليه.
وأوضح أمين الفتوى عبر فيديو البث المباشر لدار الإفتاء المصرية على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك» أن هذا المال الذي يخرجه الأب لابنته من مال الزكاة يكون بنية «الزكاة» وليس « الصدقة»؛ مختتمًا هناك فرق.