هنا ولدت السيدة ماريه القبطية
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
إذا أردت أن ترى منزل السيدة ماريه القبطية زوجة الرسول محمد ( صلى الله عليه و سلم ) ، وكف المسيح عليه السلام، وتلمس بيديك أشجارًا وجبالا انحنت له إجلالًا وترحيبًا فاذهب إلى المنيا.
وإذا أردت أن تزور حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتستأنس بالجلوس إلى عدد من صحابة النبي.. فاذهب إلى المنيا، وإذا حدثت نفسك برؤية أساطير فرعونية صوتًا وصورة فما عليك إلا أن تذهب إلى المنيا.
هنا عاشت السيدة ماريه القبطية زوجة رسول الله محمد ( ص) ، وهنا عاش السيد المسيح، عليه السلام والسيدة العذراء، هنا ينبت السلام ترعاه الأيادي والقلوب، ويهطل الحب مدرارا، لا حدود و لا أحقاد تفرّق هذا عن ذلك ، و هنا يتناهى إلى أسماعنا صوت كل الحضارات التي مرّت من هنا، وهنا أيضا وشم التاريخ أكثر ما أمكن من الرموز و النقوش، لتكون قرائن وشواهد وأدلّة على أن الإنسانية بمختلف أعراقها ومشاربها وهوياتها مرّت من هنا وحطّت الرحال، وجعلت من المكان مستقرّا وجنّة مقدّسة، إنك وأنت تطأ المكان لابد أن تشعر بتلك الرهبة والخشوع اللذان يغزوان داخلك احتراما لكلّ ذلك الزخم من المعالم التاريخية والدينية والإنسانية، قف واستقم واخشع فإنك في المنيا.
فالمنيا ليست مجرد أرض وبشر ونيل وزرع، ولكنها سجل تاريخي ليس له مثيل، ففيها أقام الفراعنة حينا من الدهر وتركوا آثارًا ونقوشًا تحكي أساطير مثيرة، وفيها عاشت السيدةماريه القبطية زوجة رسول البشرية محمد عليه الصلاة والسلام ،وفيها عاش السيد المسيح والقديسة العذراء «عليهما السلام» وتركوا آثارًا تهفو لها القلوب، حتى أن الكف الشريفة للسيد المسيح انطبعت على أحد جبال المنيا ومازال أثرها باقيًا، وفي المنيا دفن حفيد الرسول محمد ( ص) و500 من صحابة رسول الله .
واليوم نلقي الضوء على مسقط رأس ماريه القبطية زوجة رسول الله محمد ( ص) المنيا عروس الصعيد ، وقصة السيدة مارية القبطية أم إبراهيم ابن رسول الله وزوجة من أزواجه الشرفاء، فقبل انتقالها للمدينة المنورة، كانت منشأها ومسقط رأسها بإحدى قرى مركز ملوي جنوب محافظة المنيا، الأمرالذي كان حريّ بذكر مسيرتها ورحلتها من صعيد مصر بأرض الكنانة إلى المدينة التي عاش بها أشرف المرسلين.
ففي مركز ومدينة ملوي جنوب محافظة المنيا ، قرية الشيخ عبادة والتي يقطنها نحو 60 ألف نسمة، لكنها معروفة بأنها مسقط السيدة ماريا القبطية زوجة الرسول، والتي أهداها له المقوقس حاكم مصر في العام السابع للهجرة ، هي ماريا بنت شمعون، أنجبت لرسول الله ثالث أبنائه الذكور، إبراهيم الذي توفي وهو طفل صغير.
وكانت أنصنا مسقط رأس ماريَّة القبطية ، حيث جاء الصحابى عبادة بن الصامت إلى حفن بأنصنا باحثًا عن بيت ماريَّة القبطية زوجة رسول الله ، وبنى بها أكبر وأول مسجد عرف باسمه وأعفى أهلها من الخراج إكرامًا للسيدة ماريَّة القبطية ، وبعدها تغير اسم البلد إلى الشيخ عبادة ، وكانت أنصنا عاصمة للدولة الرومانية فى القرن الثاني الميلادى، وتضم بقايا أديرة وكنائس كثيرة وترتبط بالأشمونيين بنفق كبير وكان يوجد بها مقياس للنيل مصرى قديم محاط بأعمدة من الصوان الأحمر ومازالت أطلال هذه المدينة العريقة قائمة حتى الآن.
والتى بنيت فى عهد الإمبراطور هادريان سنة 130 م وكانت عاصمة مصر العليا وبها معبد رمسيس الثانى ومعبد أنطونيوس وتعتبر ثانى مدينة فى الأهمية بعد الإسكندرية، وتضم قرية حفن بأنصنا أول مسجد بنى فى ملوى وهو مسجد عباده بن الصامت، وأن زوار منزل ماريا القبطية الآن من أهل القرية فقط من أجل التبرك بالمكان وأغلبهم من النساء الراغبات فى الإنجاب وهناك روايات كثيرة عن بركة ذلك المنزل الذى يعد أهم الأماكن بالقرية لكنها غير موضوعة على قائمة السياحة المحلية والخارجية رغم أهمية المدينة الروحية وتنوع الآثار بها.
وتبدأ قصة ماريه القبطية وزواجها بالرسول عندما أرسل الرسول كتابا إلى المقوقس حاكم مصر، مع حاطب بن أبي بلتعة ، يدعوه فيه إلى اعتناق الإسلام ، وسلّم حاطب خطاب الرسول، وجاء رد المقوقس على نحو ، "إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك ، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك ، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك".
كانت الهدية جاريتين هما ماريا بنت شمعون وأختها سيرين، وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا، وعندما وصلت الهدية إلى الرسول اختار ماريا لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعره حسان بن ثابت، القرية التي ولدت بها ماريا، وهي قرية الشيخ عبادة نسبةً إلى الصحابي عبادة بن الصامت، ما زالت تتواجد فيها بقايا آثار منزل السيدة ماريا ومسجد كان باسمها.
وبحسب الآثريين إن أصل المنطقة قرية تسمى "بسا"، وهو إله فرعوني قديم ، ثم أقيمت عليها مدينة "هيبنو آتي" نسبةً إلى الطبيب الخاص لرمسيس الثاني حاكم #مصر. وتوجد بالقرية آثار فرعونية ورومانية وقبطية وإسلامية، كما أنها القرية التي ولدت وتربت بها السيدة ماريا، وأن القرية نفسها حملت اسم "انتينيو بوليس" أيضاً بعدما أسسها الإمبراطور هادريان على اسم غلامه تخليدا لذكراه، ويوجد بها بقايا معبد رمسيس الثاني وبقايا مقابر فرعونية ومسرح روماني وبوابة النصر.
وفي العصور التالية للعصور الفرعونية، أطلق على القرية اسم حفن، وفي العصر الإسلامي اهتم الصحابة بهذه القرية وأعفاها معاوية من الخراج"، وأضاف أنه "وفق مصادر تاريخية كثيرة، عقب وصول عمرو بن العاص إلى مصر وفتحها، كان ضمن الجيش الصحابي عبادة بن الصامت ، وبعد موقعة البهنسا ببني مزار شمال محافظة المنيا ، انطلقت الجيوش بقيادة عبادة للقضاء على فلول الرومان بالصعيد ، وإكمال الفتح الإسلامي، حيث وصل إلى القرية، وعلم من الأهالي أنها المنطقة التي جاءت منها زوجة الرسول ماريا القبطية، فقرر البقاء هناك، وبنى مسجدا في المكان الذي كان يوجد به منزل أسرة ماريا، وكان هذا هو أول مسجد في ملوي"، واستقر عبادة بن الصامت في تلك المنطقة وجعلها مقر إقامته، لتسمى القرية بعد ذلك باسمه "قرية الشيخ عبادة".
ليشهد تراب صعيد مصر المحروسة ، وعلى أرض عروس الصعيد ، وبقرية الشيخ عبادة التابعة لمركز ملوي بمحافظة المنيا، ولادة “مارية بنت شمعون”، إحدى زوجات النبي (ص)، وكانت جميلة بيضاء في مرحلة شبابها ونشأت وتربت بالقرية ، قبل ان تنتقل مع اختها سيرين إلى قصر مقوقس مصر ملك القبط.
وفي تلك الفترة كان الرسول يكتب إلى ملوك البلاد ليدعوهم الي دخول الإسلام ، فأوفد حاطب ان ابي بلتعة برسالة الي حاكم مصر، وكان رجل فصيح اللسان، وفي ذلك الوقت سمعت مارية بالرسالة الموفدة إلى سيدها من شبه الجزيرة العربية، وكما جاء بالكتب التي تروي السيرة النبوية ، وكان رد المقوقس علي الرسالة بالترحيب والتصديق بالنبي الخاتم، وبأنه لا ساحر ولا كاذب ولا مجنون كما قال عنه كفار قريش، بل انه جاء يحمل كتاب الله، وقد اعترف المقوقس بأنه يعلم ان نبيا سيُبعث وذُكر في كتابهم، ولكنه لن يستطيع الجهر بذلك لمعارضة الاقباط له.
ما كان منه إلا أن بعث له ماريه واختها سيرين وبغلة ليركبها وقماش من نسيج مصر والف مثقال ذهب، وبعض العسل والعود والمسك، على سبيل الهدية منه للرسول صلي الله عليه وسلم، فرجع حاطب الي المدينة المنورة ومعه هدية ملك مصر، وصار يحكي عن كرم أهل مصر، وحسن استقبال المقوقس وتكريمه وترحيبه به.
وفي السنة السابعة من الهجرة النبوية، عقب صلح الحديبية عاد النبي إلى المدينة، واستقبل هدية المقوقس بكل ترحاب، وبما أن المكان كان جديدا على الأختين مارية وسيرين ، فكانت رهبتهما منه شديدة وما كان من حاطب ابن ابي بلتعة إلا أن يطمئنهما، ويروي لهما تاريخ الإسلام والرسول حتي ارتاحتا البال واطمئنتا وانشرح صدريهما للإسلام، وفي روايات انهما اسلمتا، وكان ذلك قبل وصول النبي من الحديبية إلى المدينة، وفي روايات أخرى أنهما دخلتا الإسلام بعد عودة النبي بدعوة منه، وتزوجت سيرين من حسان ابن ثابت.
وما أن رأى النبي مارية، حتى وضع الله حبهُ في قلبها وحبها في قلبه، فطلبها للزواج، واسكنها بمنزل به حديقة يُطلق عليها الآن “مشربة ام ابراهيم” وسمي بذلك الإسم ، وجاء هذا الإسم، لأن السيدة مارية حينما جاءها المخاض ووضعت ولدها ابراهيم تعلقت بخشبة في البستان الذي عاشت مع النبي فيه، وانجبت وحيدها ابراهيم ابن رسول الله الذي توفي بعد عامين من ميلاده، وعقب ذلك عكفت مارية في بيتها سنين قليلة الي ان توفاها الله.
وقتها اشتدت غيرة زوجات النبي، حينما انتشر خبر زواجه من السيدة مارية القبطية، فكانت هدية ارض النيل للرسول عليه الصلاة والسلام وهي بيضاء، جميلة الملامح، شعرها مُجعد، جذابة الشكل، وفي بادئ الامر كانت جارة لأمهات المؤمنين، قبل ان يسكنها النبي بمنزلها المحاط بالبستان.
وقالت عائشة أم المؤمنين «ما غرت على إمرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة أو دعجة فأعجب بها رسول الله ، وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيت لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت فحولها إلى العالية ، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا»
والوفد اليوم تطالب هيئة الآثار المصرية بترميم منزل ماريَّة القبطية بقرية الشيخ عبادة بمركز ملوى بالمنيا نسبةً إلى الصحابي عبادة بن الصامت، ووضِعه على خارطة السياحة الروحية بمصر المحلية والدولية ضمن برنامج زيارة محطات مسار العائلة المقدسة ، حيث يشمل البرنامج الآثار عبر عصورها التاريخية المتتابعة ومقومات السياحة الأخرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المنيا أخبار محافظة المنيا رسول الله ة القبطیة
إقرأ أيضاً:
قصة صحابي اهتز لوفاته عرش الرحمن.. بكى عليه النبي حتى ابتلت لحيته
الصحابة رضي الله عنهم هم من أعظم الشخصيات في تاريخ الإسلام، فقد كانوا الأعمدة التي قامت عليها دعائم الدين بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واختارهم الله ليكونوا مع النبي في أوقات السلم والحرب، وكانوا الرفقاء الذين حملوا الرسالة بعد وفاته، وشهدوا الغزوات الكبرى، مثل بدر وأحد والخندق، وأظهروا شجاعةً وإيمانًا لا يتزعزع، ولم يكونوا فقط جنودًا في المعارك، بل كانوا قدوة في العلم والدعوة، ويزخر التاريخ الإسلامي بمئات المواقف التي توضح مكانة الصحابة، لكن واحدًا منهم فقط هو من اهتز عرش الرحمن لموته؛ فمن هو؟
صحابي اهتز عرش الرحمن فرحا به وبقدوم روحهالصحابي الذي اهتز لوفاته عرش الرحمن هو سعد بن معاذ رضي الله عنه، فجاء في صحيح البخاري حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ»؛ وكان ذلك بعد أن استشهد سعد في غزوة الخندق بسبب إصابته في معركة الأحزاب، وفقًا لما نشرته دار الإفتاء المصرية.
وعندما توفي سعد بن معاذ، اهتز عرش الرحمن تعبيرًا عن عظمة مكانته عند الله، وجاء ذلك في الحديث الشريف ليُبين مكانة هذا الصحابي الجليل في الإسلام، إذ كان سعد بن معاذ كان من أبرز القادة في معركة الخندق وواحدًا من أنصار النبي الأوفياء، وهو الذي أسلم في وقت مبكر وشهد العديد من الغزوات المهمة.
أسلم سعد بن معاذ رضي الله عنه في السنة 5 من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، أي بعد الهجرة بثلاث سنوات تقريبًا، وكان إسلامه في السنة التي شهد فيها بيعة العقبة الثانية، إذ أسلم مع مجموعة من قومه من الأوس وكانوا من الأنصار الذين دعموا النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وقد أسلم سعد بعد أن استمع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن، وكان إسلامه من أبرز الأحداث في تاريخ الدعوة، إذ كان أحد القادة البارزين في غزوة بدر وغزوة الخندق.
شهد غزوات بدر وأحد والخندق، وعندما استشار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة يوم بدر، قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: «قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به حق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا واحد، وما نكره أن نلقى عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله»، فسار بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بكاء الرسول صلى الله عليه وسلم على سعد بن معاذرمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم يوم الخندق، عاش بعدها شهرا ثم انتفض جرحه فتوفي بذلك، ودفنه النبي صلى الله عليه وسلم وبكى عليه حتى جعلت دموعه تحادر على لحيته، فرضي الله عنه.