د. رشا سمير تكتب: مواطن بلا معاناة؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
لو كتب التاريخ فسيذكر أن المواطن المصري مواطن "شهم وجدع"..مواطن "بيحب بلده" لأنه ببساطة مواطن تحمل أعباء فاتورة الإصلاح الإقتصادي وأزمة الكوفيد وديون مصر بصبر شديد.
باختصار المواطن المصري كان ضلعا أساسيا في إحتمال الأزمات والوقوف بجانب وطنه حتى لو كان الثمن قدرته على المعيشة وإحتمال الحياة وتقليل نفقات بيته من أجل الأمل في مستقبل وحياة أفضل لأبنائه وأحفاده.
لقد أشاد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة بجلد الشعب المصري وإحتماله لتداعيات الإصلاح الإقتصادي، إذن نحن أمام رئيس دولة يدفع المواطن لتحمل المسئولية معه ويشيد بذلك..
ماذا يستحق المواطن إذن في المقابل؟يستحق وعن جدارة أن يحيا حياة كريمة، أن يعيش في سلام، أن نوفر له الراحة النفسية والسكينة حتى يشعر بأن هناك مقابل لما قدمه..يستحق أيضا أن يجد السيد وزير المالية ودولة معالي رئيس الوزراء حل آخر غير "جيبه الفاضي" لسداد ديون الدولة!.
ما المقصود برفع المعاناة؟..المعنى على سبيل المثال وليس الحصر، معاناة المواطن في الشارع والتي يتسبب فيها رؤساء الأحياء الذين سمموا عيشة المواطنين، الشوارع التي تحولت إلى عشوائيات وفوضى البقاء فيها للأقوى، معارض السيارات التي تفتح دون تراخيص في وقت ممنوع فيه التراخيص لأي معرض داخل منطقة سكنية، الأكشاك وعربات القهوة التي يتجمع حولها الشباب طوال الليل وبعضها يبيع المخدرات في وضح النهار، سناتر الثانوية العامة وما تسببه من هرج ومرج وزحام في المناطق السكنية، الأكشاك التي تسرق كهرباء ومياه من الشارع عيني عينك والحي يعلم ويوافق ولا يبالي! ومثالي هنا رئيسا حي مدينة نصر ومصر الجديدة..
الفوضى المرورية...التكاتك والميكروباصات وما يفعله سائقيهم في الشوارع من السير في الإتجاهات العكسية، والتحرش بالفتيات..بإختصار..الضجيج والفوضى التي جعلت المواطن على صفيح ساخن طول الوقت، عصبي متأفف عكر المزاج..
المرور والمحليات يحتاجان إلى وقفة، أما فساد المحليات فحدث ولا حرج !
التغيير الفوري والردع لرؤساء الأحياء، أين؟ سؤال أوجهه إلى معالي وزير التنمية المحلية!!
أما عن مخالفات السير، فهذا هو الكابوس الأكبر في حياة كل مواطن، كل يوم ودون مبالغة يصلني ويصل كل من حولي رسائل بأثر رجعي عن مخالفة سير أو كسر إشارة أو عدم إرتداء حزام القيادة، مخالفة في مكان لا نعلمه وبسبب ذنب لم نقترفه وتتكرر المخالفات وتتضاعف وكأنها فرض عين و(العداد بيعد)!
وصلت مخالفات بعض الأشخاص إلى ٤٠ و٥٠ ألف جنيه وكأنها (إتاوة) أو (تخليص ذنوب)!
مما جعل المواطن في حالة غضب وإمتعاض ولا حيلة له إلا أن يكره المكان والزمان ويفكر في الرحيل!..
أما عن برنامج (قطع الكهرباء) الذي إستحدثته الحكومة وابتكره رئيس الوزراء فهذا حكاية أخرى..فيلم رعب غير مبرر..كان الإعلان عن قطع الكهرباء بسبب زيادة الأحمال بجدول وهمي لم يُطبق إلا في الأماكن البائسة وأكثرها صبرا منطقة مصر الجديدة ومدينة نصر دون المساس بالكثير من المناطق، بدأ الإعلان بتخفيف الأحمال حتي يوم ١٢ سبتمبر..وخلفت الحكومة وعودها كالعادة واستمر قطع الكهرباء، وهناك بعض الأماكن القطع فيها منتظم إنتظام سطوع الشمس كل يوم، ساعة كاملة دون رحمة ولا تفكير في مصالح الناس، ولا أوقاتهم، ولا حياتهم.
إنها مأساة بلا نهاية ولا إنفراجة..الحقيقة إن قطع الكهرباء هو أهم إنجاز للحكومة حتى الآن!..الإنتظام في القطع هو أكثر شئ ناجح ومنتظم تم منذ أعوام طويلة!.
ضج المواطن وبات ناقما على كل شئ، فما ذنب المواطن الذي صبر ودفع وتصدى ولازال حريصا على وطنه..لمصلحة من تدفع الحكومة المواطن لكُره بلده؟!.
المواطن المصري المسحول بين المطرقة والسنديان يحتاج إلى القليل من الرحمة حتى يستطيع أن يستكمل المشوار ويُبقي على بلده..فبالله عليكم ارحمونا..
مش كفاية كده ضلمة؟!.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: قطع الکهرباء
إقرأ أيضاً:
هناء ثروت تكتب: ما بين الخيانة والقيامة عندما تكون النهاية بداية جديدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في حياة كل إنسان لحظة فارقة، لحظة يجد نفسه فيها واقفًا أمام مرآة الحقيقة، يرى ذاته كما لم يرها من قبل. يرى ضعفه، خوفه، وربما خيانته. لكن الأهم من ذلك، يرى احتمالية "القيامة"، أي النهوض مجددًا بعد السقوط. قصة بطرس ويهوذا في الأيام الأخيرة من حياة السيد المسيح، ليست مجرد أحداث تاريخية نرويها كل عام في ذكرى القيامة، بل هي مرآة عاكسة لما نعيشه نحن، كل يوم.
كلاهما، بطرس ويهوذا، كانا قريبين من يسوع، شاهدا معجزاته، سمعا كلماته، ولمسا حنانه وقبوله. رأوه يشفي الأبرص، ويفتح أعين العميان، ويقيم الموتى. شاركاه الطريق، والخدمة، والمائدة. لم يروا منه إلا محبة خالصة وتضحية نقية. ورغم هذا كله، في لحظة الحسم، خانه أحدهما، وأنكره الآخر. في سؤال مباشر: لماذا فعلتما ذلك؟ هل أساء إليكما؟ هل كذب أو خدع؟ كلا، بل أحب وأعطى حتى النهاية.
لكن الفارق بين الرجلين لم يكن في حجم الخطأ، بل في طريقة مواجهته. يهوذا، حين شعر بثقل ذنبه، ذهب وشنق نفسه، لم يصبر ليشهد القيامة، لم يؤمن بأن هناك فرصة للنهوض بعد السقوط. أما بطرس، فرغم ألمه وبكائه المرّ، عاد. قام من سقطته، ادرك ان ما يحدث أمامه هو فرصة للتوبة فغفر له المسيح، وأصبح أحد أعمدة الكنيسة الأولى. لأن القيامة، كما نؤمن بها، ليست مجرد حدث وقع وانتهى، بل هي حالة مستمرة من التجدد الداخلي.
القيامة ليست قصة نرويها، بل حياة نعيشها. كل موقف نتعرض فيه للضعف، للخيانة، للإنكار، هو دعوة لقيامة جديدة. ربما نخطئ، نضعف، نخذل من نحب، وربما نخون مبادئنا. لكن كل ذلك لا يعني النهاية، ما دامت هناك فرصة للرجوع، للتوبة، وللبداية من جديد.
عندما نمر بأزمة، ضيق، أو خطأ نرتكبه عن وعي أو عن جهل، فطريقة خروجنا من هذه اللحظة هي القيامة بمفهومها لدينا. هي ولادة جديدة من الألم. لقد قام المسيح، وهذه القيامة تُعاش اليوم في قلوبنا، عندما نرفض الموت الروحي، ونختار الحياة.
الفارق الكبير هو أن بطرس قبل الغفران وأكمل المسيرة، بينما يهوذا استسلم لليأس. وهنا السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا: أي الطريقين نسلك عندما نسقط؟ هل نستسلم ونشنق أنفسنا باليأس؟ أم ننهض ونبدأ من جديد بقوة القيامة؟
لذلك، لا تجعل من عيد القيامة مجرد طقس موسمي. اجعل منه أسلوب حياة. عش القيامة يوميًا، وكن شاهداً على قوة الله القادرة أن تخرج الحياة من القبر. فكما تحوّل الصليب إلى رمز خلاص، يمكن لسقوطك أن يتحول إلى بداية جديدة، شرط ألا تهرب من المواجهة، وألا تفقد الإيمان في فرصة الغفران.
في النهاية، دعنا نتعلم من بطرس، لا من يهوذا. فالأول سقط، لكنه قام. والثاني سقط، لكنه قرر أن يبقى في القاع. والخيار دائمًا بأيدينا.