امتهان الفنّانين الصغار
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
أرسلتْ لي صديقة فيديو قصيرا يحوي أغنية للفنّانة ماريا قحطان (13 عاما) مضيفة إليه كلمة "بَلغَتْ!" وهي كلمة تقال في العادة عن البنت التي تبدأ علامات الأنوثة فيها بالظهور. وقد قمت بدوري بإرسال الفيديو إلى صديقة أخرى معجبة بماريا لتتكرّر الكلمة نفسها وتثار أسئلة بيننا عن كيف تكون حال طفلة تكبر أمام ملايين من المتابعين والمراقبين الذين يلاحظون كلّ تحوّل صغير في جسمها وصوتها وملابسها.
ظهرت ماريا للمرّة الأولى في برنامج أحلى صوت The voice kidsوعمرها سبع سنوات فلفتت أنظار نانسي عجرم وكاظم الساهر وتامر حسني حين انتبهوا إلى جمال صوتها وطريقة أدائها، ومنذ ذلك اليوم ركنت طفولتها المعتادة جانبا وتحوّلت إلى نجمة جماهيريّة لا تستقر في مكان، حفلات هنا وهناك، في اليمن والخليج عامّة، إذ تتنقّل من حفل عُرس إلى حفل ولادة ومن مهرجان صيفي إلى احتفاء خريفي، يتقدّمها مدير أعمال ناجح وأسرة طيّبة تعمل بكل امكاناتها للحفاظ على ابنة لا تزال تجهل الكثير من معالم الحياة.
لكن هذه الأسرة بدا أنها استسلمت لمغريات الدعوات ولم تلتفت الى متطلبات ماريا الطفلة التي تحتاج إلى التعلّم أوّلا، إلى الذهاب الى المدرسة كلّ صباح واستكشاف الحياة عبر علاقاتها مع زميلاتها وزملائها في المدرسة، وبالتالي تُراكم الذكريات والخبرات من صفوف التعليم الأولى إلى الثانوية، وما ستلقاه من علاقات مع أطفال الجيران والحي باعتبارها طفلة وليست نجمة مبكرة يتعامل معها الجميع على هذا الأساس، إذ من غير الممكن أن نتخيّل الآن ماريا وهي تمشي في الشارع وحدها أو تذهب إلى مدينة ألعاب، أو تلعب لعبة لا تستطيع أن تجلبها الى منزلها، من دون أن تواجه جمعا من المعجبين والمعجبات يقطعون عليها ألعابها ولهوها وضحكاتها وصراخها وبكاءها كأي طفلة.
أعرف أن عائلة ماريا، وهي الوصيّة عليها، صار في إمكانها أن تجلب لها المدرّسين وكلّ العاب الدنيا لكن هذا لا يعوِّض ذكريات المدرسة والفضاءات الحرّة في مدن الألعاب.
اقرأ أيضاً إعلان أمريكي صادم لكل اليمنيين: لا ضمانات على تنفيذ أي اتفاق قادم في اليمن امرأة تقتل زوجها طعنا ثم تقوم بحرق جثته للثأر منه في ردفان بمحافظة لحج مييشيا الحوثي تمنح أربعة تراخيص آبار مياه في مربع واحد في ارحب مقابل 40 مليون ريال (صورة) يمانيون في موكب ثورة 26 سبتمبر 1962م .. اللواء عبد اللطيف ضيف الله والأستاذ أحمد بركات صحيفة إماراتية: الانتقالي أصبح رقما صعبا لا يمكن تجاهله و”حلّ الدولتين” الطريق الأسلم للسلام في اليمن! عيدروس الزبيدي: أنا في نيويورك أمثل دولة وشعب اليمن ومرافق للرئيس العليمي ”فيديو” النائب المعارض أحمد سيف حاشد: العرض العسكري بالسبعين استعراض موجه ضد الداخل اليمني إشادة أمريكية بخطوة جديرة و غير مسبوقة للعليمي الزبيدي يكشف عن الطريقة الوحيدة لتحقيق الإنفصال وحقيقة تنفيذ مطالب المليشيا في يمن موحد بحضور العليمي..أول تصريح للزبيدي بشأن الوساطة العمانية في اليمن تصريح خليجي جديد بشأن اليمن وأمن المنطقة العليمي يحسم الجدل ويعلن موقفه من الوحدة اليمنية ويكشف عن بالونات اختبار للمليشيا والطريقة المناسبة للتعامل معهاسيقول البعض إنّ أُمّ كلثوم التي ولدت في أسرة فقيرة مارست الغناء كمهنة وهي طفلة وهذا صحيح، لكنّ هذه الفنّانة العظيمة التي بدأت مشوارها الفني في العاشرة من عمرها كانت تتعلّم باستمرار ابتداء من "كتاتيب" القراءة وتجويدها في القرية إلى معايشة شيوخ الموسيقى والشعر في المدينة فاكتسبت ذائقة متميّزة أهّلتها لاختيار اللحن والشعر المناسبين، وهي الحال نفسها بالنسبة الى أبي بكر سالم بلفقيه الذي اغتنى ثقافيا قبل أن تظهر أعماله على الملأ.
ليست المشكلة في أن تغني ماريا وإنّما في أن تمتهن هذا الغناء بشكل مبكر من حياتها. أن تظهر في مسابقات هنا وهناك وأن تغنّي في المدرسة والمدينة في احتفالات سنوية فهذا من العادة كتشجيع أولي على دراسة الفن ومواصلة الشغف به ولكن أن يحتلّ الغناء كل وقت الطفلة تمارسه كمهنة مجلبة للمال ليس إلا، فإن ذلك يندرج تحت امتهان الأطفال وعمالتهم في سن الطفولة.
فهي تعيش كلّ ساعات يومها مع الكبار، للتدريب على الأغاني، هي في العادة إعادة إنتاج لفنّانين كبار، لا تتلاءم في مواضيعها مع عمرها الصغير.
صحيح أنّ ماريا ليست وحدها في هذا المجال فهناك أطفال دمّرتهم السينما كبعض أطفال هوليوود الذين تثار حولهم الكثير من الأسئلة بين وقت وآخر، كما هناك أطفال اشتغلوا في السينما العربية منذ سن الرابعة حيث عمل بعضهم بصورة متقطّعة ونشأ طبيعيا، لكن هناك أيضا من اكتظت عليه الأعمال وصار مُمْتهنا كحال الطفلة المصرية فيروز التي غنّت ومثّلت في خمسينات القرن الماضي في أكثر من عشرة أفلام لكنها سرعان ما اختفت، والسورية ريم عبد القادر التي ولدت في مصر عام 2014 وبدأت التمثيل في سن الرابعة ومثّلت الكثير من الأفلام والمسلسلات على الرغم من صغر سنها. إلى جانب أطفال "تيك توك" الذين تستغلهم عائلاتهم لجمع المال أو الشهرة كحال الطفلة اليمنية ناهي التي تبدو عصبيّة في كل تسجيل وبأسلوب تمثيلي متميّز يتجاوز عمرها الذي يقل عن خمس سنوات، ومثلها صاحبة العصفور الذي أكلته القطّة، والأطفال الذين يحفظون أسماء علماء الفيزياء وعواصم البلدان في تلقين واضح من أقربائهم، وبأسلوب يضع هؤلاء الأطفال في قوالب نمطية تتجاوز طاقاتهم الصغيرة وربّما تعيق نمو أدمغتهم أو قدراتهم على الاستيعاب والتحليل مستقبلا.
وإذا ما عدنا إلى ماريا، فإننا سنجد من يقول إنّ البنات في اليمن لم يعشن طفولتهن وبالتالي هي محظوظة مقارنة بهن وإنّ النجومية إذا قضت عليها فستظلّ أهون من القضاء عليها وعلى موهبتها من قبل الأهل والمجتمع، كما أنّها لا تعيش في أوروبا وأميركا لتتاح لها رفاهية الطفولة دون تعب.
ومع تفهّمي لمثل هذا الرأي تبقى المسألة مثيرة للأسئلة في مجتمعات لا تتيح النمو الطبيعي لهوايات الأطفال في الغناء والرسم والكتابة والتوجه العلمي من دون ضجيج أو بهرجة أو امتهان لطفولتهم.
وبما أنني معجب بقدرات ماريا فإنّني سأذكِّرها بأنّ أمّ كلثوم تركت "كُتَّاب" القرية لأنّ عائلتها لم تكن تملك تكلفة الدراسة فيه لكنّها سرعان ما عادت الى الدراسة بعدما حازت المال والشهرة. فهل سنرى ماريا تأخذ استراحة لمدّة أربع أو خمس سنوات فتذهب خلالها وتتعلّم في معهد للموسيقى قبل أن تعود إلينا مكتملة المهارات؟
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: فی الیمن
إقرأ أيضاً:
«اللوفر أبوظبي».. تجربة فريدة مع الفن والثقافة في رمضان
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةدعا متحف اللوفر أبوظبي زواره إلى الاستمتاع بالأجواء الروحانية لشهر رمضان، حيث يمكن لهم استكشاف المتحف من منظور جديد تماماً خلال ساعات عمله الممتّدة، بالإضافة إلى حضور الجلسات الحوارية المتميزة عن الثقافة والفنون الإسلامية.
وخلال شهر رمضان، ستظل أبواب المتحف مفتوحة حتى الساعة 1:00 بعد منتصف الليل، وهو ما سيتيح للزوار فرصة فريدة لاستكشاف معرض «ملوك أفريقيا وملكاتها» من خلال الاستمتاع بدخول مجاني تحت قبة المتحف والمعرض بعد إغلاق الصالات الدائمة. بالإضافة إلى ذلك، سيحظى الزوار بفرصة للاستمتاع بتأمّل عرض ضوئي بعنوان «عرض الانسجام (Projection of Harmony)»، وهو عمل فني مذهل من إبداع الفنانة الجنوب أفريقية الشهيرة الدكتورة إستر ماهلانجو سيُعرَض على جدران المتحف في سياق الاحتفاء بالتراث الفني الأفريقي.
وبالتعاون مع معهد جامعة نيويورك أبوظبي، سيشارك الباحثان الشهيران تانيلي كوكونين ونادر البزري في تقديم تحليل متعمّق لاثنين من أبرز أعمال الفلسفة الإسلامية، مسلّطَين الضوء على ارتباطهما بالثقافة المعاصرة. وفي إطار هذه الجلسة، ستقدم الدكتورة لمياء توفيق مقتطفات رئيسية من العملَين من خلال رواية القصص على طريقة الحكواتي، مستحضرةً بذلك التقاليد الغنية للحكايات الشعبية ضمن تجربة آسرة.
وتجيء الجلسة الحوارية الأولى تحت عنوان: حي بن يقظان ورفاقه المنبوذون، في 8 مارس، وتهدف إلى استكشاف تحفة ابن طفيل من القرن الثاني عشر، التي أرست أُسس فئة روايات المنبوذين، وكانت مصدر إلهام لأعمال كلاسيكية شهيرة مثل روبنسون كروزو وكاست أواي، وسلّطت الضوء على طبيعة النفس البشرية وتجربة الوحدة.
أما الجلسة الحوارية الثانية فتحمل عنوان: إخوان الصفا والإرث الدائم لحكايات الحيوانات الخيالية، في 15 مارس، حيث تتعمق في دراسة تأثير الحكايات الإسلامية على القصص في مختلف الثقافات، بدءاً من حكايات إيسوب وصولاً إلى بيتر الأرنب و101 كلب مرقش.