المصريون يواجهون الغلاء بـ «الحيلة»
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
«التبديل» و«التفصيل» و«إحياء القديم».. أشهر 3 طرق لمواجهة ارتفاع أسعار الزى المدرسى وارتفاع أسعار الأدوات المدرسية
المصرى دائماً مبهر.. فى كل أزمة يبتكر حلولاً لا تخطر على بال أحد.. فكيف واجه المصريون أزمة ارتفاع أسعار الزى المدرسى و«شنط المدرسة» والمستلزمات الدراسية؟
إجابة هذا السؤال تأخذ الباحثين فيها إلى عدة اتجاهات، فمن المصريين من واجه الأزمة بـ«إحياء القديم» وآخرون حلوها بطريقة «التبديل» وفريق ثالث لجأ إلى «التفصيل»، فيما وجد آخرون الحل فى «أهلاً مدارس».
بعد أيام وينطلق ماراثون العام الدراسى الجديد.. ولهذا أعلنت ملايين الأسر المصرية حالة الطوارئ القصوى لسرعة تجهيز مستلزمات الدراسة.. الزى المدرسى، والحقائب، والأدوات الخاصة بالدراسة وسط فرحة عارمة من الأطفال الذين قد يظلون طوال الليل بجوار ملابسهم الجديدة، فى حين نجد آخرين يحاولون إجراء ما يشبه عمليات التجميل للملابس القديمة بإضافة بعض اللمسات الجديدة حتى يشعروا أبناؤهم ببعض من فرحة العام الدراسى.
مع تفاقم الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، تبتكر ملايين الأسر حيلاً خاصة للهرب من جشع التجار سواء بتفصيل الملابس أو تبديل الملابس بين الأشقاء أو اللجوء إلى مبادرات الحكومية الخاصة بعرض الزى المدرسى والأدوات بأسعار رمزية.
باحثة فى اقتصاديات الأسرة تضع روشتة نجاة من نار الغلاء: استهلك بوعى وفكر قبل الشراء
خبير فى علم النفس: «لا تتحدث عن عبء المصروفات الدراسية وغلاء الأدوات المدرسية أمام الأبناء
أهلاً مدارس.. معرض تدشنه الحكومة سنوياً حرصاً منها على دعم الأسر أمام غول الأسعار، وكانت لـ«الوفد» جولة بداخلها لرصد الأجواء وحجم التخفيضات المتواجدة وتقييم المواطنين المقبلين عليه.
«أنا بانتظر المعرض من سنة لسنة».. بهذه الجملة استهلت إحدى السيدات داخل المعرض حديثها وقالت إن أسعار الكشاكيل والكراريس شهدت ارتفاعاً فى المحلات فى حين أن سعر الكشكول (40 ورقة) فى المعرض بلغ 8 جنيهات ويباع نظيره فى المحلات ما بين 10 إلى 12 جنيهاً، أما الكشكول 60 ورقة فيباع بـ11 جنيهاً وفى المحلات بـ13 جنيهاً، والكشكول 80 ورقة بـ14 جنيهاً وفى المحلات يصل لـ17 جنيهاً، والكشكول 100 ورقة بـ17 جنيهاً داخل المعرض.
وأشارت السيدة إلى أن المعرض على بعد خطوات من مترو أرض المعارض فلا عناء فى المشوار لمن يريد شراء الكثير من المستلزمات، وتابعت: «المعرض هنا من الإبرة للصاروخ».
أيدتها الرأى سيدة أخرى كانت تحمل بعض الأمتعة مليئة بالمستلزمات المدرسية وقالت إنها حريصة على شراء مستلزمات المدرسة لأبنائها الثلاثة من معرض أهلاً مدارس وتابعت:«بدل ما اشترى مستعمل واطلع القديم وأعدل فيه بشترى للطفل الجديد علشان يفرح وبرضو على قد فلوسنا».
فرحة عارمة ترسم وجوه الأطفال داخل المعرض والبعض منهم يشعر بكونه فى رحلة مدرسية بصحبة الأسرة وقال أحد الأطفال يدعى يوسف: «أنا فرحان علشان معايا لبس جديد واشتريت مع ماما وبابا الكشاكيل والكراريس.. ومنتظر المدرسة بفارغ الصبر».
استكملت «الوفد» جولتها داخل المعرض ورصدنا بعض الأسعار مثل الحزام الرجالى بـ40 جنيهاً، والأطفالى بـ 15 جنيهاً، والجلد الطبيعى منه للأطفال بـ95 جنيهاً، فيما تبدأ الشنط المدرسية من 150 جنيهاً حتى 350 جنيهاً على حسب الخامة، وشنطة اللاب توب من 190 جنيهاً حتى 250 جنيهاً.
الوعى والتفكير قبل الشراء
ندى صابر، باحثة فى مجال إدارة المنزل واقتصاديات الأسرة، قالت: مع اقتراب موسم المدارس تنشغل كل أسرة مصرية بالتحضير لبدء عام دراسى جديد لأبنائها وشراء زى مدرسى جديد وشنط وأحذية وغيرها بالإضافة إلى الأدوات المدرسية كالكتب والأقلام مما يشعر الأبناء بالسعادة والفرحة بشراء ملابس وأدوات مدرسية جديدة ومميزة وتناسب أذواقهم.
وأضافت الباحثة أن فى ظل معاناة المجتمع المصرى من ارتفاع الأسعار تتجه الأسر إلى تقنين نفقاتها واستهلاك السلع بوعى أكثر عن ذى قبل، إذ يترك بعض المواطنين المجال فسيحًا أمامه للتفكير مليًا فى قرار الشراء وما إذا كانت السلعة تستحق الإنفاق أم لا، ومنهم من يضع خطة شهرية محكمة للإنفاق ولعل هذا أكثر ما ينصح به خبراء الاقتصاد فى مجتمعنا.
ونوهت «ندى» إلى ضرورة وضع خطة محددة من قبل الأسرة لتحديد المبلغ الإجمالى المطلوب لكل ابن أو ابنة مع مراعاة أن يكون المبلغ محدداً بناءً على الظروف الاقتصادية للأسرة وعدد الأبناء والمراحل العمرية لهم، هذه الخطوة هى حجر الأساس لتطبيق الخطوات التالية:
أولًا: الزى المدرسى:
لأن الزى المدرسى أهم ما يشغل ذهن الابن مع بدء عام دراسى جديد، يفضل شراء ولو قطعة واحدة فقط جديدة لإضفاء الفرحة والسرور على قلب الابن، بالإضافة لاتباع النصائح التالية:
ثانيًا: المستلزمات المدرسية:
ولعلها من أكثر البنود صرفًا فى يومنا هذا وهناك العديد من المدارس تجبر الأسر على شراء مستلزمات مدرسية بمبالغ تصل إلى آلاف الجنيهات كما يصعب على الكثير من الأسر تلبية رغبات إدارة المدرسة، وفى هذه الحالة ينصح بشراء ما يحتاجه الطفل فقط بما يخدم العملية التعليمية، فمثلًا لا يفضل شراء أدوات جديدة فى حال توافر نفس الأدوات، لذا يجب استخدام كل ما هو متاح فى المنزل من السنين السابقة، مع اعتبار أن هناك بعض الأدوات خاصة بمرحلة دراسية معينة وفى هذه الحال يفضل شراؤها، كما يراعى شراء المستلزمات المدرسية من الأماكن المخصصة وتجار الجملة بأسعار مخفضة.
ثالثًا: الوجبات المدرسية:يتوافر العديد من الأشكال والألوان للانش بوكس المدرسة وزجاجة المياه التى أصبحت أحد الأمور الأساسية للطفل بما يناسب جميع الأذواق والفئات ابتداءًا من 25 جنيهاً فى الأماكن المخصصة لبيع المستلزمات المدرسية، لكن يراعى الآتى:
وأشارت الباحثة إلى أن من الصعب تطبيق بعض هذه النصائح لعدم اقتناع الطفل بها أو لعدم توعيته وتنشئته النفسية السوية، وهنا يظهر دور الأم والأب فى توعية أبنائهم وغرس السلوكيات والقيم المؤثرة فى نفوسهم كالقناعة والرضا وغيرها من القيم الحميدة، حتى لا نضع الطفل فى موضع مقارنة مع زملائه ممن يرتدون أزياء جديدة كل عام ويستخدمون أدوات مميزة غالية الثمن فى حين أنه يرتدى نفس الزى المدرسى ويستخدم نفس الأدوات من السنين السابقة، ما قد ينتزع فرحته بالعام الداراسى الجديد، لذا يراعى مشاركة الطفل فى اتخاذ قرارت الشراء منذ الصغر وتوعيته بعواقب شراء ما لا نحتاج إليه على الأسرة بأكملها.
45 مليون جنيه مبيعات أهلاً مدارس
قال الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادى، إن هناك إقبالاً شديداً على المبادرات المتعددة التى دشنتها الحكومة لمحاربة جشع التجار مع اقتراب العام الدراسى، مشيداً بهذه المبادرات، مؤكداً أنها توفر الدعم والمساعدة اللازمة للأسر لتحسين جودة حياتها وتقديم الحماية الاجتماعية لهم حتى تساهم فى تحسين مستوى المعيشة من خلال تخفيف الأعباء على الأسر.
وتابع: تساهم هذه المبادرات أيضاً فى توفير فرص متساوية للجميع وتخفيف الضغوط المادية على الأسر الأكثر احتياجا، فيتحقق التوازن والعدالة الاجتماعية، كذلك دعم الاستقرار الاقتصادى حيث تساهم جهود الحكومة فى تخفيف الأعباء على الأسر فى دعم الاستقرار الاقتصادى للبلد ويتم توفير الدعم المالى والخدمات الاجتماعية اللازمة، تعزيز الرفاهية الاجتماعية بفضل جهود الحكومة فى تخفيف الأعباء على الأسر، يمكن تحقيق الرفاهية الاجتماعية،إذ يشمل ذلك توفير فرص العمل اللائقة والحماية الاجتماعية والرعاية الصحية والتعليم المناسب، ومن خلال تعزيز الرفاهية الاجتماعية، يمكن للأسر أن تعيش حياة أفضل وتحقق تحسينات فى مختلف جوانب حياتها.
إقبال كبير على معرض «أهلاً مدارس وتوقعات بتجاوز المبيعات 45 مليون جنيه.. ومواطنون: أسعاره أرخص بكثير من غيرهاونوه الخبير الاقتصادى إلى معارض «أهلًا مدارس» وقال إنها تعتبر من المبادرات الهامة التى تسعى لتخفيف الأعباء المالية على المواطنين فيما يتعلق بتكاليف التعليم، حيث توفر هذه المعارض فرصة للعائلات لشراء المستلزمات المدرسية بأسعار مخفضة وتخفيضات خاصة، تعتبر تكاليف التعليم، مثل شراء الزى المدرسى والكتب وغيرها تمثل عبئا ماليا على الأسر، وخاصة العائلات ذات الدخل المحدود، ويمكن لمعارض «أهلًا مدارس» أن تسهم فى تخفيف هذا العبء وتوفير فرصة للأسر للحصول على المستلزمات المدرسية بأسعار معقولة، بالإضافة إلى ذلك، تساهم هذه المعارض فى تعزيز المشاركة المجتمعية وتعزيز الوعى بأهمية التعليم.
وأكد الخبير الاقتصادى أن معرض أهلاً مدارس، حقق العام الماضى مبيعات تقدر 45 مليون جنيه، ومن المتوقع أن تزداد مبيعات العام الحالى خاصة بعد زيادة المعروض من الملابس والخامات المتعددة.
تحذيرات
حذّرت الدكتورة نادية جمال، استشارى علم النفس، أولياء الأمور من الحديث عن أزماتهم الاقتصادية بشأن العام الدراسى الجديد أمام الأبناء.
وقالت استشارى علم النفس إنّ الحديث عن أزماتهم الاقتصادية ومدى المعاناه التى يعيشوها بسبب حلول العام الدراسى الجديد أمام الأبناء تشعرهم بالحزن الشديد والاكتئاب وشعرهم بكونهم «الحمل التقيل» على آبائهم وتؤثر بالسلب على قدرتهم على استيعابهم للدروس وقد يصل الأمر إلى انتكاسة نفسية لهم داخليًا تطفئ لهم فرحة العام الدراسى.
وأشارت استشارى علم النفس إلى أنّ كثيراً من الأسر يلجأون إلى استخدام الزى المدرسى مرتين خاصة إذا تبادل الأشقاء الملابس، لكن هنا لابد أن تقوم الأسرة بتعديل بعض الشىء فى الزى، فلا بد أن يكون هناك تفصيل جديد له والمعنى هنا بالتفصيل الجديد شراء أى شيء خاص بالمستلزمات المدرسية جديدة سواء كوتشى أو جزء من الزى المدرسى أو الكشاكيل ونشاركهم الرأى فى اختيار اللون والخامة حتى يشعرون بفرحة العام الجديد.
«الأطفال دلوقتى بقوا فاهمين كل حاجة وشايفين متاعب الآباء».. تستكمل الدكتورة نادية حديثها وتقول إن هناك الكثير من الأطفال يتمتعون بالذكاء الاجتماعى ويلتمسون ظروف آبائهم والحديث مجدداً أمامهم عن معاناة العام الدراسى الجديد لهم أمر فى غاية الخطورة وتشعرهم بالحزن طوال العام والغيرة مع الوقت أمام غيرهم من الزملاء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العام الدراسي العام الدراسى الجديد المصريون الحيلة الغلاء التبديل التفصيل ارتفاع أسعار أسعار الزى المدرسى أسعار الزي المدرسي ارتفاع أسعار الأدوات اسعار الادوات المدرسية ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية المدرسية الأدوات المدرسية الأسرة اهلا مدارس المبيعات جنيه مواطنون ارخص المصرى ازمة ارتفاع اسعار الوفد العام الدراسى الجدید المستلزمات المدرسیة تخفیف الأعباء الزى المدرسى داخل المعرض أهل ا مدارس على الأسر علم النفس
إقرأ أيضاً:
متهمون بالصدفة يواجهون أحكاما قاسية في تونس
أثارت الأحكام الأخيرة في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة بتونس جدلا واسعا في الأوساط السياسية والحقوقية، بعدما طالت شخصيات لا علاقة مباشرة لها بالوقائع، بحسب روايات العائلات وهيئات الدفاع التي أكدت أن التهم استندت إلى قرائن هشّة وغير موثقة.
ووُصِفت هذه الأحكام، التي صدرت السبت الماضي، وتراوحت بين السجن 13 و66 عاما، بالقاسية. واستهدفت نحو 40 شخصا منهم مدنيون ومعارضون سياسيون، ومحامون ومدافعون عن حقوق الإنسان، أبرزهم راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وأحمد نجيب الشابي زعيم جبهة الخلاص الوطني المعارضة.
ووجّه لهم القضاء تهما أبرزها "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" و"تكوين وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية والانضمام إليه"، وفق ما قال وكيل الدولة في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب دون تقديم مزيد من التفاصيل.
استنتاجات وهميةوتقول منظمات حقوق الإنسان، إن هذه المحاكمة تبيّن "سيطرة الرئيس قيس سعيد الكاملة على السلطة القضائية" منذ أن علّق عمل البرلمان المنتخب في عام 2021 ثم حلّه في مارس/آذار 2022، وحل المجلس الأعلى للقضاء، وعزل عشرات القضاة لاحقا. بينما انتقد محامون وحقوقيون شمول الأحكام أشخاصا لم تُقدَّم ضدهم أدلة حقيقية تثبت تورطهم في أفعال تهدد أمن الدولة.
ومن القضايا المثيرة للجدل، الحكم بالسجن 4 سنوات على حطاب سلامة، الذي لا يعرف أيا من المتهمين ولا تربطه بهم أي علاقة. واعتبرت عائلته أن التهمة بُنيت فقط على وجود سيارته قرب منزل المدان محمد خيام التركي، دون وجود أي دليل مباشر.
إعلانورغم غياب أي إثباتات للتواصل بين الرجلين، أدانته المحكمة، ووصفت أسرته الحكم بأنه قائم على استنتاجات وهمية لا تستند إلى أدلة مادية. ويقول حقوقيون، إن سلامة "ضحية تكييف قانوني خاطئ" في ظل افتقار الملف إلى مستندات تثبت التواطؤ أو التحضير لأي نشاط يهدد الأمن.
وأكد المحامي سامي بن غازي، في تصريح للجزيرة نت، أن موكله حطاب سلامة لا تربطه صلة مباشرة أو غير مباشرة ببقية المتهمين، ولم يثبت عليه أي نشاط تحضيري أو تآمري، مما يجعل الحكم الصادر بحقه مفتقرا لقرائن قانونية واضحة.
ولم تكن قضية حطاب استثناء، إذ طالت الأحكام أشخاصا آخرين أدينوا دون تقديم أدلة ملموسة تثبت تورطهم في التآمر على أمن الدولة، كحمزة المدّب، الباحث في الاقتصاد السياسي، حيث أكد محامو الدفاع أن بعض الأحكام استندت إلى شبهات لا إلى قرائن حقيقية.
أما كوثر الدعاسي، التي صدر بحقها حكم بالسجن 33 عاما، فقد ظهرت في مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تنفي فيه علمها بطبيعة النشاط المنسوب إليها أو بهوية المشاركين فيه. واعتبرت منظمات حقوقية أن إدانتها مبالغ فيها، وتفتقر إلى أسس قضائية متينة ومقنعة.
ويرى المحامي بن غازي، أن المحكمة اعتمدت على قرائن ظرفية وتأويلات موسعة دون أن تستند إلى أدلة موثقة على التخطيط أو التنفيذ لأعمال تهدّد أمن الدولة، مما يعمّق الشكوك في استقلالية القضاء خاصة مع تغييب الحجج الدفاعية لصالح التقارير الأمنية.
مصادر مجهولةوفي عدة قضايا تجاهلت المحكمة شهادات النفي وأدلة البراءة التي قدمها المحامون، واعتمدت فقط على مكالمات هاتفية وتقارير أمنية لم تثبت علاقتها المباشرة بأي أعمال تحريضية، ما أثار مخاوف حقيقية بشأن نزاهة الإجراءات القضائية ومدى التزامها بالقانون والدستور.
من جانبه، أكد المحامي سمير ديلو، في تصريح للجزيرة نت، أن الأحكام الصادرة بالسجن في حق 17 متهما، والتي بلغت في مجموعها 400 سنة، استندت فقط إلى شهادة مصدر محجوب الهوية. وأوضح أن هذه الشهادة نُقلت عن شخص مجهول الهوية يقيم في بلجيكا.
إعلانهذا الشخص، بدوره، استند إلى رواية صديقته، وهي أيضا مجهولة الهوية وتقيم في بريطانيا. واعتبر ديلو، أن القضية افتقرت إلى أدلة جدية وموثوقة، ووصف الأحكام بأنها قاسية وصادمة وصادرة في قضية مفبركة تفتقد لأبسط مقومات المحاكمة العادلة.
وأضاف ديلو أن من المتهمين في هذه القضايا "المفبركة" القياديين بحركة النهضة، الصحبي عتيق ونور الدين البحيري، مؤكدا أن هذه الأحكام لا تستند إلى أي دليل مادي ملموس، بل بُنيت على تقارير أمنية وشهادات مشكوك فيها في إطار تصفية حسابات سياسية.
ووفقا له، أصبح القضاء يُستخدم كأداة ترهيب سياسي لتكميم الأفواه واستهداف المعارضين، مؤكدا أن ما حدث في المحاكمات هو إهانة للعدالة، حيث تصدر أحكام غيابية دون ضمان الحق في الدفاع أو حتى معرفة من هم هؤلاء الأشخاص فعليا.
وشدد ديلو على أن هذا المسار القضائي يفتقر إلى الحد الأدنى من الشفافية والنزاهة، وهو ما يهدد ما تبقى من استقلالية القضاء في تونس.
وتقول عائلات عدد من المحكومين، إن أبناءهم أُدينوا فقط على خلفياتهم السياسية أو علاقاتهم السابقة بمعارضين معروفين. في حين لم يكن بعضهم حتى موجودا داخل البلاد عند وقوع الأحداث، ما يعمّق الشكوك في حقيقة التهم ويعزز فرضية الطابع الانتقامي للمحاكمات.
إدانات حقوقيةكما أثارت الأحكام الصادرة في قضية التآمر على أمن الدولة ردود فعل قوية من منظمات حقوق الإنسان مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، التي انتقدت الإجراءات القضائية وشددت على وجود عيوب قانونية، بما فيها الاعترافات المنتزعة بالإكراه، وطالبت بإلغاء الأحكام وإعادة المحاكمة وفقا للمعايير الدولية.
واعتبرت منظمة العفو الدولية أن الإدانات الجماعية لناشطين معارضين في تونس بعد "محاكمة صورية وبـتهم ملفقة"، تمثل "لحظة خطِرة في البلاد ومؤشرا مقلقا على مدى استعداد السلطات للمضي قدما في حملتها القمعية للمعارضة السلمية".
إعلانوقالت إريكا جيفارا روساس، مديرة البحوث والسياسة وأنشطة كسب التأييد والحملات في هذه المنظمة، إن "الإدانة تمثل صورة زائفة عن العدالة وتوضح تجاهل السلطات التام بالواجبات الدولية المترتبة على تونس تجاه حقوق الإنسان وسيادة القانون".
على المستوى الشعبي قوبلت الأحكام بتباين في الآراء، فقد اعتبرت بعض الفئات أن القضية تهدد الحريات العامة ودعت إلى إطلاق سراح المتهمين وإلغاء التهم الموجهة إليهم، بينما رأى آخرون أن الإجراءات ضرورية لحماية أمن الدولة واستقرارها، مؤكدين أهمية تطبيق القانون لضمان النظام.
أما على منصات التواصل الاجتماعي فقد انتشرت حملات تضامن مع المتهمين، حيث دُشنت وسوم (هاشتاغات) تدعو إلى العدالة وحقوق الإنسان. وهي تعكس القلق المتزايد لدى قطاعات واسعة من الشعب، مما يبرز المخاوف من تراجع منسوب الحريات في البلاد.
ويرى وسام الصغير، الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري، أن تهم "التآمر" أصبحت سيفا مسلطا على رقاب المعارضين. وأضاف أن غياب ضمانات المحاكمة العادلة وتحول التحقيقات إلى إجراءات شكلية يعكس غياب الحياد في السلطة القضائية.
وقال الصغير للجزيرة نت، إن تهم التآمر على أمن الدولة استُخدمت منذ استقلال البلاد عام 1956 كوسيلة مركزية لقمع المعارضة، مشيرا إلى أن كل الأنظمة المتعاقبة، بما فيها الحالية، استعملت هذه التهم لتصفية الخصوم وتضييق الخناق عليهم.