طفرة غير مسبوقة ببناء السجون في مصر خلال 10 سنوات.. ما أسبابها؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
كسرت السلطات المصرية الرقم القياسي في بناء السجون خلال العقد الأخير مقارنة بما تم بنائه خلال العقود الماضية بعد أن ارتفع عدد السجون المركزية في عموم البلاد إلى 169 سجنا، ولا تشمل أماكن الاحتجاز بمراكز ونقاط وأقسام الشرطة الرسمية وغير الرسمية.
وأصدرت وزارة الداخلية المصرية قرارا بشأن إنشاء سجن جديد بمدينة برج العرب بمديرية أمن الإسكندرية تحت رقم 1776 لسنة 2023 ، ونشر القرار في الجريدة الرسمية في عددها رقم 204 بتاريخ 14 أيلول/ سبتمبر.
وفق قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 بشأن أنواع السجون، تتبع الليمانات والسجون العمومية مصلحة السجون بعدد إجمالي 49 سجنًا، ، فيما تتبع الأنواع الأخرى مديريات الأمن المختلفة بإجمالي 169، وفقا لتقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية (مستقلة).
وصدر 24 قرارا بتخصيص أراض لإنشاء سجون، وبإنشاء سجون تابعة لمديريات الأمن وليس لمصلحة السجون (سجون مركزية) بلغ عددها 31 سجنا مركزيا، منذ عام 2013 وحتى 2021 وفقا لتقرير مبادرة الإصلاح العربي.
يأتي هذا القرار بعد نحو 3 شهور من إصدار وزير الداخلية المصري، القرار رقم 1042 لسنة 2023، بإنشاء 6 سجون جديدة بمدينة 15 مايو في محافظة القاهرة، تحت مسمى "مراكز إصلاح وتأهيل عمومية"، تُنفّذ فيها العقوبات المقيدة للحرية.
وتيرة إنشاء متسارعة
وزادت وتيرة إنشاء السجون بأسرع ما يكون، إذ شهد العامين الماضيين صدور عدة قرارات بإنشاء 21 سجنا ونشرها في الجريدة الرسمية، بالتزامن مع مرور البلاد بأزمة مالية حادة.
ففي 6 حزيران/ يونيو 2021 نشر قرار وزارة الداخلية رقم 916 لسنة 2021 بشأن إنشاء عدد 2 سجن مركزي بمديرية أمن قنا (صعيد مصر).
وفي 23 حزيران/ يونيو 2021، صدر قرار وزارة الداخلية 4 قرارات لسنة 2021، بشأن إنشاء 8 سجون في 4 محافظات، هي كفر الشيخ والفيوم والغربية وأسوان.
وفي 6 كانون الأول / ديسمبر 2021 قررت وزارة الداخلية إنشاء 6 سجون عمومية بمنطقة وادي النطرون، لتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية، وفقًا لأحكام القانون رقم 396 لسنة 1956.
وفي 3 نيسان/ أبريل 2022 أصدرت وزارة الداخلية قرارا بإنشاء 5 سجون بمحافظة الدقهلية شملت أقسام ودوائر شرطية مختلفة.
تخفيف التكدس أم زيادة الاعتقالات؟
تعد أزمة تكدس السجون وزيادة أعداد المقبوض عليهم بسبب آرائهم في الحياة اليومية من أكبر وأهم مشكلات السجون وأقسام الشرطة في مصر، وتقول وزارة الداخلية إن الهدف من بنائها تخفيف مشكلة تكدس السجناء في أماكن الاحتجاز الحالية.
أما فيما يتعلق بتكلفة إنشاء السجون الجديدة، تقول مؤسسة مبادرة الإصلاح العربي إنها لم تتمكن من الوصول إلى رقم محدد بشأن تكلفتها في الفترة ما بين 2013 و حتى 2021، ولكنها قالت إنها بمليارات الجنيهات مشيرة إلى أن تكلفة إنشاء سجن واحد فقط من هذه السجون الجديدة، بلغت 750 مليون جنيه (47 مليون دولار حينها).
في تقديره لارتفاع وتيرة بناء السجون بشكل غير مسبوق، يقول المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطار،إن "الحقيقة الواضحة ان بالرغم من تفاقم وزيادة الأزمات الاقتصادية وارتفاع معدل التضخم والديون الخارجية والداخلية لرقم قياسي مما يستوجب مراجعة أوجه المصروفات والمشاريع في الدولة المصرية نجد أن الدولة المصرية تسير في اتجاه حماية النظام أولا من خلال ملاحقة المصريين وزيادة أعداد المعتقلين بشكل يومى والذين يشكلون أكثر من نصف أعداد المسجلين فى السجون".
وأضاف لـ"عربي21": "لقد أثبتت السنوات العشر الماضية أن القائمين على إدارة شؤون البلاد يديرونها بعقلية أمنية بحتة هدفها الأساسي هو الحفاظ وتثبيت أركان الحكم والنظام القائم وليس تحقيق القانون والعدل والمساواة؛ فخلال السنوات الماضية شيد النظام العشرات من السجون الجديدة لتسريع نقل المساجين من السجون القديمة والمتهالكة فعليا والتي افتقدت أدنى المعايير الدنيا للحقوق والحريات إضافة إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان".
وتابع: "ولكن بعد مرور فترة من الوقت اتضح استمرار التدهور في معايير حقوق الإنسان داخل السجون وأماكن الاحتجاز والتي تم رصدها وتوثيقها ولاقت انتقادات كبيرة جدا من الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات الحقوقية المصرية والدولية وأخيرا أعضاء في الكونغرس الأمريكي ووقف جزء من المساعدات السنوية الأمريكية لمصر؛ أي أن منظومة بناء مراكز (سجون) للإصلاح والتأهيل لم تحقق المرجو منها حيث أن الخلل الواضح لا يكمن في أعداد السجون وقدرتها الاستيعابية ولكن كيفية إدارة السجون بغرض الإصلاح والتأهيل وليس بغرض العقاب".
وقدر العطار عدد المحبوسين احتياطيا "بنحو 25 ألف محبوس احتياطيا داخل السجون وأماكن الاحتجاز المختلفة الكثير منهم لو تم إخلاء سبيلهم فسيكون لدينا فائض كبير في السجون ولا حاجة لبناء سجون جديدة ومن ثم توجيه ميزانية بناء تلك السجون إلى قطاعات أخرى تشهد تدهورا كبيرا مثل قطاع الصحة والتعليم".
قمع المصريين بأموالهم
وقال الحقوقي المصري والبرلماني السابق، الدكتور عز الدين الكومي، "في الأنظمة القمعية الاستبدادية تتجه أولية الإنفاق نحو تشديد المنظومة الأمنية من بينها بناء السجون ويتم تجاهل الإنفاق على قطاعي التعليم والصحة، ومحور أي تنمية في العالم هو بناء الإنسان وليس الأبنية والطرق والكباري والسجون بالتالي الأولوية للحفاظ على الحكم ولا يتأتى ذلك إلا بممارسة القمع الأمني الممنهج ضد الشعب خاصة في ظروف الغلاء وتدهور الأوضاع المعيشية التي تعيشها البلاد وبلغت ذروتها منذ أكثر من عامين".
في حديثه لـ"عربي21": أشار إلى أن "مقارنة بناء السجون خلال العشرية السوداء في مصر بباقي الفترات الماضية نجد أن نظام السيسي تفوق على نفسه في تشييد عشرات السجون، ونتساءل كم جامعة بنيت مقابل تلك السجون، وكم مستشفى بنيت وكم مصنع بني مقابل تلك السجون، والمفارقة أنها تبنى من أموال وجيوب المصريين دافعي الضرائب من أجل زجهم بها في نهاية المطاف".
وأوضح الكومي: "تشير الإحصاءات في العديد من المؤشرات مثل سيادة القانون وجودة التعليم والصحة ونزاهة القضاء ومكافحة الفساد وقيمة الأجور وغيرها أن مصر تأتي في المراتب المتأخرة أي أن النظام الحالي هو أسوأ بكثير من أي نظام في تاريخ مصر إذ استطاع تحقيق جميع الأزمات في وقت واحد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي".
وتقدر المنظمات الحقوقية عدد السجناء والمحبوسين احتياطياً في مصر بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، بإجمالي 82 ألف سجين محكوم عليهم، و37 ألف محبوس احتياطي، ولا توجد أي إحصاءات رسمية في هذا الصدد.
أنواع السجون في مصر
هناك خمسة أنواع، الأول هو الليمان، و تنفذ فيها الأحكام الصادرة بالسجن المشدد على الرجال، ويوجد بمصر أربعة ليمانات، وهي ليمان أبو زعبل وليمان وادي النطرون وليمان طرة و ليمان جمصة؛ بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
النوع الثاني؛ السجون العمومية، و تنفذ فيها الأحكام الصادرة على الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة السجن، والنساء المحكوم عليهن بعقوبة السجن المشدد، ومن يتم نقلهم من الليمانات لأسباب صحية، أو لبلوغهم سن الستين، أو لقضائهم نصف العقوبة.
النوع الثالث؛ السجون المركزية، وتنفذ فيها العقوبة على أي شخص محكوم عليه بالحبس البسيط أو الحبس مع الشغل لمدة لا تزيد على ثلاثة شهور.
النوع الرابع؛ سجون خاصة تنشأ بقرار من رئيس الجمهورية تعين فيها فئات المسجونين الذين يودعون بها وكيفية معاملتهم وشروط الإفراج عنهم.
النوع الخامس؛ وهي أماكن الحجز الملحقة بأقسام الشرطة ومديريات الأمن ومعسكرات الأمن المركزي وغيرها من الأماكن التي أصبحت سجونًا مركزية بقرارات صدرت عن وزراء للداخلية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصرية السجون المعتقلين مصر سجون معتقلين سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وزارة الداخلیة فی مصر
إقرأ أيضاً:
«الجارديان»: 733 ألف امرأة فى السجون حول العالم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أدى الفقر وسوء المعاملة والقوانين التمييزية إلى ارتفاع كبير فى عدد السجينات على مستوى العالم، وفقا لتقرير جديد.
فمع صعود اليمين المتطرف ورد الفعل الدولى العنيف ضد حقوق المرأة، قال البحث إن هناك خطرا من استخدام القوانين بشكل متزايد لاستهداف النساء، مما يجبر المزيد من النساء على دخول السجون، بحسب ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
يوجد أكثر من 733000 امرأة فى السجون حول العالم ويتزايد العدد بشكل أسرع بكثير من معدلات الرجال المسجونين. ومنذ عام 2000، ازداد عدد النساء والفتيات داخل السجون بنسبة 57 فى المائة، مقارنة بزيادة قدرها 22 فى المائة فى عدد السجناء الذكور.
درس التقرير العالمى الأول من نوعه، والذى منحت صحيفة "الجارديان" حق الوصول الحصرى إليه قبل نشره فى 17 مارس، كيف تجرم القوانين محاولات النساء للبقاء على قيد الحياة، حيث سجنت النساء بتهم صغيرة، مثل سرقة الطعام من أجل إطعام الرضع والأطفال، والتسول والعمل فى الاقتصاد غير الرسمي.
كما تم سجن النساء بشكل متكرر بسبب الديون، ما يعد انتهاكا للقانون الدولي، حسبما جاء فى التقرير الصادر عن منظمتى "Penal Reform International" و"Women Beyond Walls".
وقالت سابرينا مهتاني، من منظمة "Women Beyond Walls": "السجن ليس مكانا آمنا للنساء أو أطفالهن. ومع ذلك، بدلا من الاستثمار فى خدمات الدعم والحلول المجتمعية، تواصل البلدان اعتبار المهمشين والضعفاء مجرمين".
وأشارت الصحيفة إلى أن امرأة تدعى سيا فاطماتا دين، وهى ضابطة شرطة سابقة ورئيسة حركة نسائية فى سيراليون، والتى تضم عددا من النساء اللواتى أمضين بعض الوقت فى السجن، تم احتجزها فى عام 2013 لأكثر من عام بعد سوء فهم فى العمل.
وقالت دين إنها قابلت العديد من النساء اللواتى تم القبض عليهن واحتجازهن وتم وصفهن بأنهن مجرمات بسبب ارتكاب أفعال ناجمة عن الفقر.
وأضافت دين: "المزيد من النساء يذهبن إلى السجن بسبب الفقر. إذا كان لديك المال، فلن تذهب وتبيع المخدرات. إذا كان لديك المال، فلن تذهب وتقترض قروض التمويل الصغير".
فى العديد من البلدان، أثرت القوانين التى تجرم السحر فى الغالب على النساء اللواتى لا يتطابقن مع الصور النمطية الجنسانية، كما قال التقرير، مع استهداف النساء غير المتزوجات أو الأرامل أو المطلقات أو اللاتى ليس لديهن أطفال، وخاصة كبار السن والفقراء منهن، بشكل خاص.
وغالبا ما كانت خيارات النساء بشأن ملابسهن ومظهرهن مقيدة بالقوانين، وفقا للتقرير.
وفى مايو من عام 2022، تم القبض على سيدة الأعمال الزامبية والمؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعى إيريس كاينجو، ووجهت إليها تهمة "ارتداء ملابس غير لائقة"، بعد حضورها حدثا للأزياء مرتدية فستانا أسود شفافا.
وفى إيران، كان عدم ارتداء الحجاب بالفعل جريمة جنائية بموجب قانون العقوبات الإيراني، لكن قوانين الأخلاق الجديدة التى تم إدخالها حيز التفيذ العام الماضى سمحت بغرامات كبيرة وعقوبات سجن أطول تصل إلى 15 عاما أو حتى عقوبة الإعدام بسبب "الترويج للعرى أو الفحش أو كشف النقاب أو ارتداء ملابس غير لائقة".
وحذر التقرير من أن عدد السجينات قد يتجاوز قريبا عتبة المليون، ودعا إلى جمع بيانات أوسع حول هذا الموضوع، وإيجاد بدائل للسجن وإلغاء القوانين التى تنتهك معايير حقوق الإنسان والقانون الدولي.