مؤشرات مهمة في خطاب البرهان
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
من حيث الشكل والمضمون جاء الخطاب في كلمات شديدة الوضوح، شرحت حقيقة الأوضاع على الأرض ورسمت ملامح المرحلة المقبلة، دون أن تغادر موضع الشولة، وقد تحدث قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة بثقة وثبات وجدية،
لا قفز على خط النار وتداعيات الحرب ولا تجاهل المعطيات السياسية الراهنة، وإنما بدأ من حيث المنطلق الموضوعي في توصيف ما جرى من عنف وقتل وحرب تورطت فيها قوات الدعم السريع، وقدم نشرة وافية حول الانتهاكات التي ارتكبتها تلك القوات المتمردة في الخرطوم ودارفور، وقال إنها ترقى لجرائم حرب، وطالب، كنتيجة منطقية، بتصنيف قوات التمرد والمليشيات المتحالفة معها، جماعات إرهابية،
وهو هنا ربما قصد قوى سياسية بعينها اختارت معانقة أهواء آل دقلو، لكن الراجح أنه يعني مجموعات مسلحة تقاتل إلى جانب الدعم السريع.
كما ذكّر العالم بأدواره التي يجب أن يضطلع بها في السودان من اعفاء للديون ومساعدات تم تعليقها بعد إجراءات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١، التي تجاوزتها الايام والسنين،
ولعل الإشارة المهمة التي حواها الخطاب تتعلق بتأكيد أن مؤسسات الدولة الشرعية من حكومة وقوات مسلحة لن تسمح بانتهاك سيادة الدولة وشرعيتها، وبذلك فهو يعني الموقف من رئيس البعثة الأممية السابق فولكر بيرتس، والتحامل الفظيع تجاه السودان ومؤسساته الشرعية من قبل قادة الإتحاد الأفريقي، الوالغين في الفساد،
حين ذكّرهم أيضاً بضرورة التحرر من الوصاية لكسب ثقة الشعوب الإفريقية. لكن أهم ما حفل به هذا الخطاب أنه طرح رؤية الجيش وشركاء المرحلة إزاء الفترة الانتقالية بصورة شفافة، أو بالأحرى ما يعرف بالمسار السياسي الذي سوف يبدأ بعد حسم التمرد مباشرة،
سمها الحرب إن شئت، لكنه مسار معتدل كخط السكة حديد، يتحرك وفقاً لمحطات مهمة، فترة انتقالية قصيرة، تديرها حكومة مدنية من شخصيات مستقلة، تعقبها انتخابات يختار فيها السودانيون من يحكمهم، دون شراكات اقصائية وحقول ألغام، أما المطالبة بتصنيف المليشيا كجماعة إرهابية فهو تحرير موقف من مفاوضات جدة، أي عدم إمكانية السماح بعودة عقارب الساعة للوراء، وحصر الحوار حول الترتيبات الأمنية فقط، بيما يسمح باخلاء الأعيان المدنية، وحتى لا ننسى خلاصة الخطاب والذي يعني عملياً ابتدر مرحلة جديدة بالفعل، فهو تأكيد حقيقي وليس مجازي أن البرهان هو رئيس البلد الموحد والملتف خلف الجيش وصاحب الحق الأصيل والشرعية في تمثيل السودان على كافة المستويات.
عزمي عبد الرازق
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حكومة الاحتلال تأمر الجيش بتجهيز خطة "الخروج الطوعي" لسكان غزة
القدس المحتلة- رويترز
أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أوامر لجيش الاحتلال اليوم الخميس بإعداد خطة تسمح بـ"الخروج الطوعي" لسكان غزة من القطاع، وذلك بعد أن أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط للسيطرة على القطاع إدانات واسعة النطاق.
وأشاد كاتس بإعلان ترامب أن الولايات المتحدة تخطط للسيطرة على غزة وإعادة توطين السكان الذين يزيد عددهم على مليوني فلسطيني في أماكن أخرى وتحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
وكتب كاتس على منصة إكس "أرحب بخطة الرئيس ترامب الجريئة.. يجب السماح لسكان غزة بحرية المغادرة والهجرة، كما هو الحال في جميع أنحاء العالم". وقال كاتس إن خطته ستتضمن خيارات للخروج عبر المعابر البرية، فضلا عن ترتيبات خاصة للمغادرة بحرا وجوا.
واتهم باسم نعيم القيادي في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) كاتس بمحاولة التغطية على "دولة فشلت في تحقيق أي من أهدافها في الحرب على غزة"، مضيفا أن الفلسطينيين متمسكون بأرضهم.
وقال "مشاهد شعبنا وهو يقف لأيام في البرد الشديد على شارع الرشيد ينتظر بفارغ الصبر العودة إلى دياره التي أجبرته إسرائيل بالقوة والموت على مغادرتها، خير دليل على تمسك شعبنا بأرضه بكامل وعيه وحريته وبدون إجبار من أحد".
وتهجير الفلسطينيين واحدة من أكثر القضايا حساسية في الشرق الأوسط. وتحظر اتفاقية جنيف لعام 1949 النقل القسري أو ترحيل الأشخاص من الأراضي المحتلة.
وأجبر العدوان العسكري الإسرائيلي- الذي تسبب في استشهاد عشرات الآلاف على مدى أكثر من 15 شهرا- الفلسطينيين على النزوح بشكل متكرر داخل القطاع بحثًا عن مكان آمن.
لكن الكثيرين يقولون إنهم لن يغادروا غزة أبدًا لأنهم يخشون التهجير الدائم، ويعتبرون ذلك "نكبة" أخرى تماثل ما حدث عندما تم طرد مئات الآلاف من ديارهم في حرب عام 1948 عند إعلان قيام الكيان الإسرائيلي.
وتم تهجير الكثير من الفلسطينين أو فروا إلى غزة والضفة الغربية وإلى دول عربية مجاورة من بينها الأردن وسوريا ولبنان، حيث لا يزال أحفادهم يعيشون في مخيمات للاجئين. وتشكك إسرائيل في أنهم أُجبروا على الرحيل.
وقال كاتس إن مهمة استقبال الفلسطينيين يجب أن تقع على عاتق الدول التي عارضت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وأضاف "دول مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج وغيرها من الدول التي وجهت اتهامات ومزاعم كاذبة ضد إسرائيل بسبب إجراءاتها في غزة ملزمة قانونا بالسماح لأي مقيم في غزة بدخول أراضيها".
وقال كاتس "سينكشف نفاقهم (تلك الدول) إذا رفضوا ذلك. هناك دول مثل كندا، التي لديها برنامج هجرة منظم، عبرت سابقا عن استعدادها لاستقبال سكان من غزة".
وسرعان ما أثارت تعليقات كاتس انتقادات من إسبانيا، وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس اليوم الخميس "أرض سكان غزة هي غزة.. ويجب أن تكون غزة جزءا من الدولة الفلسطينية في المستقبل".
وجاء مقترح ترامب المفاجئ، والذي أثار الغضب في أنحاء الشرق الأوسط، في الوقت الذي من المتوقع أن تبدأ فيه إسرائيل وحركة حماس محادثات حول الجولة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الهش لإنهاء حرب استمرت لأكثر من 15 شهرا في غزة.
وتعرض ترامب لانتقادات شديدة بسبب خطته بشأن غزة من القوى العالمية روسيا والصين وألمانيا التي قالت إنها ستؤدي إلى "معاناة جديدة وكراهية جديدة".
وتعارض مصر ودول عربية أخرى بشدة أي محاولة لدفع الفلسطينيين إلى عبور الحدود. وتخشى هذه الدول أن تؤدي أي حركة جماعية إلى تقويض احتمالات تحقيق "حل الدولتين"، الذي يتمثل في إعلان دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وترك الدول العربية تتعامل مع التداعيات.
ورفضت السعودية ذات الثقل في منطقة الشرق الأوسط الاقتراح بشكل قاطع، وقال العاهل الأردني الملك عبد الله إنه يرفض أي محاولات لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين. وسيلتقي الملك عبد الله مع ترامب في البيت الأبيض الأسبوع المقبل.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في منشور على منصة إكس إن خطة ترامب "تعد استمرارا لخطة النظام الصهيوني (إسرائيل) للقضاء على الشعب الفلسطيني بالكامل".
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن اقتراح ترامب "رائع" وحث على دراسته، حتى وإن لم يحدد ما يعتقد أن ترامب يطرحه. وقال نتنياهو إنه لا يعتقد أن ترامب يلمح إلى إرسال قوات أمريكية لمحاربة حماس في غزة، أو أن واشنطن ستمول جهود إعادة إعمار القطاع.
وأضاف نتنياهو "هذه أول فكرة جيدة أسمعها... إنها فكرة رائعة، وأعتقد أنه ينبغي متابعتها وفحصها ومتابعتها وتنفيذها، لأنني أعتقد أنها ستخلق مستقبلا مختلفا للجميع".
ووصفت حماس، التي تدير غزة من قبل الحرب، تصريحات ترامب بشأن الاستيلاء على القطاع بأنها "سخيفة وعبثية".
ومنذ 25 يناير اقترح ترامب مرارًا أن تستقبل دول عربية في المنطقة مثل مصر والأردن الفلسطينيين من غزة، وهي فكرة رفضتها الدول العربية والمسؤولون الفلسطينيون. ولم يقدم ترامب أي تفاصيل محددة عن اقتراحه للسيطرة على غزة.
ودافع كبار مساعدي ترامب عن اقتراحه، لكنهم تراجعوا عن بعض ما جاء في المقترح في مواجهة تنديد دولي.
ونددت منظمات حقوقية باقتراح ترامب لسيطرة الولايات المتحدة على غزة وإعادة توطين سكان القطاع بشكل دائم في أماكن أخرى، ووصفته بأنه تطهير عرقي.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن العدوان العسكري الذي شنته إسرائيل حليفة الولايات المتحدة على القطاع، والذي توقف الآن نتيجة اتفاق وقف إطلاق النار الهش، أسفر عن استشهاد أكثر من 47 ألف فلسطيني منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأثار العدوان اتهامات بالإبادة الجماعية وجرائم حرب تنفيها إسرائيل، كما تسبب في نزوح متكرر لجميع سكان غزة تقريبا وفي أزمة جوع.