الخليج الجديد:
2025-02-01@12:27:47 GMT

توازن الضعف السوري وفرصة التغيير

تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT

توازن الضعف السوري وفرصة التغيير

"توازن الضعف" السوري وفرصة التغيير

وضع النظام يتخلخل وبدأت أصوات معارضة تعلو داخل معسكره قبل انفجار احتجاجات السويداء ليدخل النظام في دوّامة أزمات عصية على الحل.

مؤسّسات المعارضة، وبمقدمتها الائتلاف، تعاني، هي الأخرى، من أزمات متعدّدة، أبرزها الشعور بالتهميش المطلق، وفقدان صفة التمثيل، والقدرة على التأثير.

المعارضة عاجزة عن اغتنام فرصة تخلخل معسكر النظام وظهور ما بدا إجماع وطني سوري على التغيير، مما أدّى لنشوء "توازن ضعف" بين النظام والمعارضة.

الشارع السوري يتجاوز الطرفين وانقساماته السياسية والمذهبية وهو تطوّر مهم ينبغي الرهان عليه للخروج من الانسداد، وقد يكتسب زخمًا كبيرًا نحو التغيير.

الوضع السوري اليوم غامضً وهش ومفتوح على كل الاحتمالات وكلما ازداد غموضًا تعذّرت القدرة على فهمه وتقييمه واستندت تحليلات لمقولات تبسيطية وأحيانًا رغبوية أو غيبية.

* * *

منذ انفجار الثورة في مارس/آذار 2011، لم يبد الوضع السوري غامضًا، هشًّا، ومفتوحًا على كل الاحتمالات كما اليوم، وكلما ازداد الوضع غموضًا تعذّرت القدرة على فهمه وتقييمه، واستندت التحليلات الرائجة بشأنه إلى مقولات تبسيطية، أحيانًا رغبوية، وأحيانًا غيبية.

كل السوريين في هذا الوضع سواء، موالاة ومعارضة وما بينهما، لا أحد يملك فعلًا ما يساعد في فهم تطورات الأزمة واتجاهاتها المستقبلية، لا محليًا ولا إقليميًا، وبالتأكيد ليس دوليًا.

هذا يتحدّث عن حشود أميركية في الشرق لإغلاق الحدود مع العراق، وذاك يقول بإنشاء منطقة حظر طيران في الجنوب، وثالث ينادي بوجود خطّة أردنية لإنشاء منطقة آمنة في درعا، ورابع يبني سيناريوهات على اتصال مُشرّع أميركي بأحد شيوخ العقل في السويداء.

على الطرف الآخر، يجري الحديث عن انتفاضة العشائر ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) باعتبارها نقطة البداية لإخراج الأميركيين من شرق الفرات، وآخر يتحدّث بثقة عن انفراجة كبيرة قادمة في العلاقات مع الدول العربية، كتأثير جانبي "للمصالحة" السعودية الإيرانية، وثالث تتنامى لديه الأوهام المرتبطة بصعود قوة الصين ومحورها، بالتزامن مع زيارة رئيس كوريا الشمالية روسيا، إلى غيره من كلام.

رغم ذلك، يبقى الوضع على الأرض قائمًا والجمود مستمرًّا من دون تغيير منذ عام 2018، عندما ارتسمت خطوط التماسّ ومناطق النفوذ على الأرض بشكلها الراهن. لكن الأمل ظلّ يحدو الجميع بحصول شيءٍ ما، أو ظهور فرصة، تفتح ثغرة في جدار الأزمة الأصم.

حصلت، في فبراير/ شباط الماضي، كارثة طبيعية جاءت على شكل زلزال ضرب مناطق الشمال الغربي (إدلب وحلب)، وبدا وكأنها يمكن أن تحرّك مياه الأزمة الساكنة، وتشكّل فرصة حقيقية للتحرّك نحو حلّ، مع علوّ حالة الحسّ الإنساني في التعاطف مع ضحايا الزلزال، تمكّنت لأول مرة من عبور خطوط الانقسام السياسي.

حاول العرب استغلال كارثة الزلزال لطيّ صفحة غيابهم الطويل عن المشهد السوري، فتقاطر بعض مسؤوليهم إلى دمشق للتعبير عن التعاطف و"لجسّ النبض" حول إمكانية تجاوب النظام مع أفكار تسمح بالتقدم نحو حلّ، في ظروف انهيار اقتصادي شامل، زادته سوءًا أزمة المصارف اللبنانية عام 2019، وإعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران في العام نفسه، ثم انتشار وباء كورونا (2020-2021)، ودخول روسيا في مستنقع أوكرانيا (2022).

طرح العرب، بناء عليه، مبادرة عرفت باسم "خطوة مقابل خطوة"، لتشجيع النظام على القبول بحلّ سياسي، بدأ على أثره "هجوم دبلوماسي" عربي اتجاهه، وأسفر عن عودته لشغل مقعد سورية في جامعة الدول العربية في قمّتها في جدة في مايو/ أيار الماضي. لكن هذا كان أقصى ما توصّلت اليه المحاولة العربية، إذ فسّر النظام كعادته التقارب العربي ضعفًا واستسلامًا لإرادته.

ومع فشل الرهان على سقوط أردوغان في الانتخابات التركية التي حصلت في الشهر نفسه، وتزايد الضغط الإيراني لاستيفاء الديون البالغة 50 مليار دولار، وإشاحة الروس بوجههم بعيدًا، وخيبة الأمل بوصول مساعدات عربية مجانية، أخذ وضع النظام يتخلخل، وبدأت الأصوات المعارضة تعلو من داخل معسكره، قبل أن تنفجر احتجاجات السويداء، ليدخل النظام على الأثر في دوّامة من الأزمات العصية على الحل.

مؤسّسات المعارضة، وفي مقدمتها الائتلاف، كانت تعاني، هي الأخرى، من أزمات متعدّدة، أبرزها الشعور بالتهميش المطلق، وفقدان صفة التمثيل، والقدرة على التأثير، وترسّخ الانطباع عنها بأنها صارت، مثل "فصائل الجيش الوطني"، ملحقة كليًا بالسياسة التركية.

خاصة عندما فشلت في اتخاذ موقف واضح بخصوص أزمة ترحيل اللاجئين السوريين في تركيا، وأخيرًا انشغال أعضائها بالتناوب على المناصب والصراع على امتيازات فارغة.

جعلها هذا كله غير قادرة على اغتنام فرصة تخلخل معسكر النظام، وظهور ما بدا وكأنه إجماع وطني سوري على التغيير. أدّى هذا الوضع إلى نشوء "توازن ضعف" بين النظام والمعارضة، فيما بدأ الشارع السوري في الداخل يتجاوز الطرفين، ومعهما انقساماته السياسية والمذهبية.

وهذا هو التطوّر المهم الذي ينبغي الرهان عليه للخروج من حالة الانسداد القائم، والذي قد يكتسب زخمًا كبيرًا باتجاه التغيير، إذا وجد جسم سياسي قادر على الاستثمار فيه، بدلًا من استجداء خلاصٍ لن يأتي من الخارج.

*د. مروان قبلان كاتب وأكاديمي سوري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: سورية التغيير معسكر النظام المعارضة السورية جامعة الدول العربية قوات سوريا الديمقراطية انتفاضة العشائر

إقرأ أيضاً:

هل تنجح المعارضة في تفجير الخلاف بين الثنائي والعهد؟

قد تكون احدى المطالب الدولية المرتبطة بتشكيل الحكومة تقوم على اضعاف "حزب الله" في المعادلة الداخلية اللبنانية، لكن من الواضح، ومن خلال التجارب السابقة، ان الدول الاقليمية او الدول الغربية تدرك طبيعة التوازنات في لبنان وهذا ما يمنعها من الذهاب بعيدا في "حشر" الحزب او اقصائه او عزله، وحتى بعد اضعافه. هناك قدر معين لا يمكن تجاوزه نظرا للترابط بين الواقع الحزبي والطائفي والمذهبي في بلد مثل لبنان وعليه تبدو مطالب المعارضة في لبنان مبالغا فيها في مواجهة الحزب.


قد يكون الارتجال في رفع سقف مطالب المعارضة مفضوحا من خلال مراقبة تناقض الفيتوهات بين "القوات اللبنانية" مثلا التي تتحدث عن رفض حصول الثنائي على الوزراء الخمسة من دون احداث ضجة حول وزارة المالية، وبين "التغييريين" الذين يركزون ايضا على هذه الحقيبة السيادية، وعليه قد يكون الهدف الاستراتيجي لخصوم "حزب الله" في الداخل مختلفاً، لا بل متناقضاً عن اهداف الخارج.


تهدف قوى المعارضة بشكل شبه علني الى احداث خلاف فعلي بين "الثنائي الشيعي" والعهد الجديد، اذ ان العلاقة بين "حزب الله" وحركة "امل" وبين الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام كانت تخطو بشكل مستمر خطوات ايجابية قبل ان تبدأ المعارضة بإبتزاز سلام (تحديدا) وتاليا عون بعدم اعطاء الثقة للحكومة وبالتالي افشال عملية التأليف اذا بقي التجانس او التوافق مع الثنائي.

تريد المعارضة دفع سلام ومن خلفه عون الى خطوات صدامية مع "حزب الله" ما يخلق اشتباكا منذ اللحظة الاولى للعهد يمتد الى قضايا مختلفة منها قانون الانتخاب والتعيينات وغيرها من الملفات، ما يظهر "الحزب وأمل"  بأنهما خارجان عن توافق اللبنانيين ويعارضان عملية البناء الموعودة.

لكن هذا ليس الهدف الوحيد، فالعصفور الثاني الذي ستصيبه المعارضة، او جزء اساسي منها، هو تعطيل العهد، فجزء من القوى المسيحية لا يريد لعهد جوزيف عون ان ينجح لانه يهدد وجود الزعامات المسيحية التي فشلت في السلطة منذ العام ٢٠٠٥ حتى اليوم، ما يعني ان الصدام بين الثنائي والعهد سيفتح الباب نحو ارباح صافية لبعض الاحزاب والشخصيات المسيحية تحديدا داخل قوى المعارضة.

علما ان نجاح العهد خيار غربي وعربي وليس خيار "حزب الله" لكن الهامش السياسي الذي يتمتع به المعارضون في لبنان قد يجعلهم يذهبون الى مثل هذا التصعيد بحجة اضعاف "حزب الله" لكنهم في الواقع يعملون على حماية موقعهم السياسي ومنع اي تهديد لهم في ساحاتهم الشعبية.
  المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • مقتل عنصر من الأمن السوري في اللاذقية جراء كمين من فلول النظام
  • انهيار النظام السوري: وثائق استخباراتية تكشف ضعف الجيش وتداعيات الهجوم المفاجئ
  • برج الميزان حظك اليوم السبت 1 فبراير 2025.. توازن في الحب
  • هل تنجح المعارضة في تفجير الخلاف بين الثنائي والعهد؟
  • سوريا الجديدة.. نقاط الضعف وأوراق التفاوض.. في الطريق إلى الدولة
  • كيف تعاملت مخابرات الأسد مع انهيار النظام السريع؟.. وثائق تكشف تفاصيل مثيرة
  • الحراك التشكيلي السوري يعود إلى دمشق بعد سقوط النظام بمعرض لـ 13 فناناً في غاليري زوايا
  • الجمعة .. طقس بارد نسبيا وفرصة للأمطار مساء
  • الرئيس السوري: سنعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة
  • القوى المعارضة لـحزب الله… إضعافه هدف كاف!