سيناريوات ماضية تنبّأت براهن إسرائيل
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
سيناريوات ماضية تنبّأت براهن إسرائيل
وقائع من الماضي تسلّط الضوء كالنبوءة على واقع إسرائيل القائم، سواء ما تسبّب بالأزمة الراهنة، أو الذي فيه ما يفسّر اصطفاف المعسكرات المتخاصمة.
تغيّرت تركيبة يهود إسرائيل وفق مستوى التديّن، نحو تزايد اليهود المتدينين والحريديم المتشددين، مقابل ضعف القطاع المحافظ، وتضاؤل أعداد العلمانيين.
كيف ستُدار دولة يهودية سيحكمها حاخامات يوقفون أيام السبت والأعياد اليهودية حركة القطارات ووسائل الاتصال؟ هل يمكن إقامة مملكة كهذه؟ وهل سيكتب لها البقاء؟
توقع غوردون في ضوء مغادرة اليهود بلدانهم الأصلية بمبرّرات دينية أن تفرض التيارات اليهودية الأصولية أجندتها على المهاجرين، وتنشأ حالة استلاب كامل للحاخامين وأحكام الشريعة اليهودية.
* * *
في سياق تحليل الأزمة التي تعصف بإسرائيل منذ بداية العام الحالي، على خلفية الخطّة التي تحاول حكومة نتنياهو السادسة الدفع قدمًا بها، والرامية إلى إضعاف الجهاز القضائي وإخضاعه إلى السلطتين التنفيذية والتشريعية،
يستعيد كُتّاب ومحللون كثيرون وقائع من الماضي سلّطت الضوء فيما يشبه النبوءة على الواقع القائم في الوقت الحالي، سواء الذي تسبّب بالأزمة الراهنة، أو الذي فيه ما يفسّر اصطفاف المعسكرات المتخاصمة، سيما في ما يتعلق بالمشهد الحزبيّ العام والصراع الطائفيّ.
وهو مشهد ترتّب، ربّما أكثر من أي شيء آخر، على تغيّر تركيبة السكّان اليهود في إسرائيل بموجب مستوى التديّن، إلى ناحية تزايد عدد اليهود المتدينين، والحريديم المتشددين، في مقابل ضعف القطاع المحافظ، وتضاؤل أعداد العلمانيين.
وللتمثيل على ما نقصد، نورد نموذجين من هذا الاستحضار، يستأنسان بالفترة التي سبقت ظهور الصهيونية كحركة كولونيالية تدعو إلى استعمار فلسطين لإقامة دولة يهودية فيها:
الأول، نموذج الشاعر يهودا ليف غوردون (1830-1892) الذي يعتبر أحد رواد ما يعرف بـ"فترة الهسكالا" (التنوير) اليهودية، وتطرّق إلى احتمال أن يجابه اليهود تصاعد مظاهر معاداة السامية خصوصًا في روسيا وأوروبا من خلال مغادرة بلدانهم الأصلية والتوجّه إلى فلسطين.
ومما توقعه أن تكون مسألة انعدام لغة مشتركة عائقًا كبيرًا أمام ما وصفه بصهر الجاليات اليهودية. وتساءل في أحد مقالاته: بأي لغة سيتواصل المهاجرون الذين سيأتون من جميع أرجاء المعمورة؟ ومن سيخترع لهم لغة واحدة تكون لها السيادة؟
الأهم من ذلك أن غوردون توقّع أنه في ضوء تسويغ مغادرة اليهود بلدانهم الأصلية بمبرّرات دينية محض، فإن التيارات اليهودية الأصولية ستفرض أجندتها على مجتمع المهاجرين، وستنشأ حالة يكون فيها استلاب كامل للحاخامين وفتاويهم في ما يتعلّق بأحكام الشريعة اليهودية، حتى لو كانت تتعارض مع العقل أو المنطق.
وبهذا الشأن طرح عدة أسئلة منها: كيف ستُدار الدولة اليهودية إذا كانت سياستها ستُحدّد من طرف الحاخامين الذين سيقررون في أيام السبت والأعياد اليهودية أن تتوقف حركة القطارات وأن تُشلّ خطوط التلغراف (وسائل الاتصال)؟
هل يمكن إقامة مملكة كهذه في أيامنا؟ وهل سيكتب لها البقاء طويلًا؟ وتوقع غوردون أن تكون النهاية مع مجيء النبي إلياهو الذي سيهيئ اليهود للخلاص ويصلح قلوبهم.
النموذج الثاني الكاتب شالوم بن مناحيم ناحوم رابينوفيتش، المعروف باسم شالوم عليخم (1859-1916)، وهو قاص وكاتب مسرحي ييديشي عاش حياته في روسيا. وبعد وفاته نشر صهره كتابًا قصصيًا له بعنوان "لماذا يحتاج اليهود إلى دولة خاصة بهم" على اسم إحدى القصص التي يصف فيها الكاتب أن كل يهودييْن اثنيْن يحملان ثلاثة آراء، وليس في وسعهما الوصول إلى إجماع على الإطلاق.
وفضلًا عن هذه القصة، التي رأى أحد المحلّلين أنّ ما خلصت إليه ما زال مستمرًا حتى في ظل واقع قيام دولة خاصة لليهود، نشر شالوم عليخم في عام 1902 قصة بعنوان "مجانين" كتبها بعد أن شارك في رحلة نظمتها الحركة الصهيونية من أجل الترويج لأفكارها.
وبعد "خطة أوغندا" (وهي خطة طرحت في أوائل القرن العشرين ودعت إلى منح جزء من شرق أفريقيا البريطانية إلى اليهود كوطن ولقيت دعمًا من مؤسس الصهيونية ثيودور هرتسل كملاذ مؤقت لليهود الأوروبيين الذين يواجهون مظاهر معاداة السامية) كتب عليخم قصة بعنوان "الجمهورية اليهودية الأولى".
في هذه القصة يحكي شالوم عليخم عن مجموعة مؤلفة من ثلاثة عشر شخصًا يهوديًا يبحرون في سفينة وسط بحر مائج. وتغرق السفينة ولكن ركابها يتمكنون من النجاة والوصول إلى جزيرة معزولة في عرض البحر.
ويقرّرون أن يؤسّسوا في الجزيرة أنماط حياة على غرار دولة مستقلة تكون بمثابة أول جمهورية يهودية، فأقام كل منهم حزبًا، وأسسوا برلمانًا يهوديًا فيه 13 عضوًا، غير أنهم لم ينجحوا في انتخاب رئيس للجمهورية اليهودية.
*أنطوان شلحت كاتب وباحث في الشأن الإسرائيلي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل الحريديم يهود نتنياهو الصهيونية سيناريوهات الحاخام اليمين الإسرائيلي
إقرأ أيضاً:
إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية
البوابة - بعد قرابة 50 يوما على فرض حصارا شاملا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة، تبدأ اليوم الاثنين أسبوعا من جلسات الاستماع في محكمة العددل الدولية وتستمر 5 أيام.
اقرأ ايضاًستخصص هذه الجلسات لإلزام إسرائيل تجاه الفلسطينيين بالالتزامات الانسانية، وستكون دولة فلسطين أول من سيدلي بمرافعته خلال معظم اليوم.
38 دولة تقدم مرافعاتها،وخلال هذا الأسبوع، ستقدم 38 دولة أخرى مرافعاتها، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي.
وكانت النرويج قدمت قرارا يطلب من المحكمة الدولية إصدار رأي استشاري وفي ديسمبر/كانون الأول.
اقرأ أيضا: محللون لـ موقع "البوابة": إن ثبت تورط جبهة العمل الإسلامي فسيتم حل الحزب
ويدعو القرار المحكمة إلى توضيح ما يتعين على إسرائيل أن تفعله فيما يتصل بوجود الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية أو الدول الثالثة "لضمان وتسهيل تسليم الإمدادات العاجلة الضرورية لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين، بلا عوائق".
مدى إلزامية قرار المحكمةتعتبر الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانونا، إلا أن هذا الرأي الاستشاري من شأنه أن يزيد الضغط الدبلوماسي على إسرائيل ويضعف موقفها الدولي.
وفي يناير/كانون الثاني 2024، دعت محكمة العدل الدولية إسرائيل إلى منع أي عمل محتمل من أعمال الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وفي مارس/آذار 2024، وبناء على طلب جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية، دعت المحكمة إلى اتخاذ تدابير إسرائيلية جديدة للتعامل مع "المجاعة" المنتشرة في القطاع الفلسطيني.
وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت في يوليو/تموز الماضي رأيا استشاريا اعتبرت فيه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية "غير قانوني" وطالبت بإنهائه في أقرب وقت ممكن.
لقراءة المزيد: الشرع يتحدث عن أبرز 3 تحديات في المرحلة الانتقالية
المصدر : الفرنسية
كلمات دالة:محكمة العدل الدوليةإسرائيلرأي استشاريقرارمحكمةجنوب إفريقيافلسطينإبادة جماعية© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
عملت رولا أبو رمان في قسم الاتصال والتواصل لدى جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، ثم انتقلت إلى العمل كصحفية في موقع "نخبة بوست"، حيث تخصصت في إعداد التقارير والمقالات وإنتاج الفيديوهات الصحفية. كما تولت مسؤولية إدارة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي.
انضمت رولا لاحقًا إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" كمحررة وناشرة أخبار على الموقع وسوشال ميديا، موظفة في ذلك ما لديها من مهارات في التعليق...
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن