فورين بوليسي: نجاح العقوبات الأميركية في السودان مرتبط بتعاون الإمارات
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
شدد تقرير لمجلة “فورين بوليسي” على أن العقوبات الأميركية على مسؤولي قوات الدعم السريع السودانية، والمتهمة بارتكاب جرائم حرب، لن تنجح ما لم تقنع حليفتها، الإمارات، بوقف دعمها للميليشيا، بقيادة محمد حمدان دقلو.
وفرضت الولايات المتحدة في سبتمبر الجاري، عقوبات على قادة قوات الدعم السريع، التي تقاتل الجيش السوداني منذ 15 أبريل.
وأعلنت الخارجية الأميركية فرض قيود على التأشيرات تخص عبد الرحمن جمعة، قائد قوات الدعم السريع بغرب دارفور، بسبب تورطه في انتهاكات حقوق الإنسان.
كما فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على عبد الرحيم حمدان دقلو، شقيق محمد حمدان دقلو المدعو “حميدتي”، لدور الجماعة شبه العسكرية في انتهاكات حقوق الإنسان.
وفي حين قد تشير هذه الخطوات إلى تحول في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصراع في السودان “إلا أن واشنطن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد” برأي التقرير “للمساعدة في إنهاء العنف”.
وكانت الحكومة الأميركية، فرضت في يونيو أيضا، عقوبات على كيانات تجارية مرتبطة بكل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، “ما يشير إلى وقوف واشنطن على مسافة واحدة تجاه الأطراف المتحاربة” يقول التقرير ذاته.
ومع ذلك، فإن العقوبات الأميركية الأخيرة التي استهدفت قوات الدعم السريع فقط، تشير إلى تحول طفيف في السياسة الأميركية، حيث وصلت جرائم قوات الدعم السريع إلى مستوى غير مسبوق” تقول المجلة، التي وصفت حميدتي بحليف مجموعة “فاغنر” الروسية في السودان.
وجاء في تقرير نشرته، الخميس، بالخصوص “لم يكن بوسع الولايات المتحدة تجاهل حليف فاغنر في السودان، إذ يتذكر العديد من المشرعين الأميركيين الإبادة الجماعية في دارفور عام 2003”.
وقوات الدعم السريع هي استمرار لميليشيا الجنجويد سيئة السمعة التي قتلت الآلاف من سكان دارفور تحت قيادة حميدتي.
لذلك، يرى التقرير أن الولايات المتحدة “من خلال الموجة الجديدة من العقوبات، أوضحت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي بينما يكرر الجنجويد الجدد أعمال الإبادة الجماعية التي ارتكبوها في دارفور وينشرون الفوضى في البلاد”.
وفي حين أن لدى الحكومة الأميركية العديد من المخاوف أيضا بشأن سلوك قوات الجيش السوداني، إلا أن هناك فرقا واضحا بين الجيش المحترف والميليشيا العائلية التي تتلقى المشورة من مجموعة فاغنر والتي تدير بشكل مشترك مناجم الذهب المرتبطة بروسيا.
التقرير يعود ليؤكد أن هذه العقوبات تفتقر إلى القوة ولن تعيق قوات الدعم السريع عسكريا بسبب الشبكة المالية الواسعة للمجموعة التي تعمل من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويرى التقرير أن الاستراتيجية المالية لقوات الدعم السريع تشبه كثيرا بل تبدو مُلهمَة من تلك التي اعتمدتها مجموعة فاغنر، إذ أنشأ حميدتي شبكة هائلة من شركات الظل “يديرها شقيقه الأصغر في دبي، القوني حمدان دقلو” وفق تأكيد التقرير.
واتصلنا في موقع الحرة، بوزارة الخارجية الإماراتية للحصول على تعليق بالخصوص لكننا لم نتلق أي رد فوري.
يُذكر أن التقرير نوه بأن الحكومة الأميركية تواجه صعوبة في التعامل مع امتثال شريكها الخليجي للعقوبات، في إشارة للإمارات.
وأظهرت التقارير الأخيرة أن فاغنر والكيانات الروسية لا تزال تعمل على الرغم من العقوبات الأميركية.
وفي هذا الشهر، زار مسؤولون كبار من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الإمارات العربية “للضغط عليها” بشأن التعامل مع روسيا.
وتوصي المجلة واشنطن بالمزيد من الضغوط على الإمارات لوقف شحنات الأسلحة إلى قوات الدعم السريع.
وكان تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، كشف عن تسليم العشرات من شحنات الأسلحة الإماراتية إلى قوات الدعم السريع عبر مطار أمدجراس في تشاد.
“لذلك، يجب على واشنطن أن تعمل بشكل وثيق مع الإمارات لكشف الإمبراطورية المالية لقوات الدعم السريع واستهداف هذه الكيانات التي تمول الجرائم ضد الإنسانية في السودان” يقول التقرير.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت لقطات جديدة من السودان حصول الميليشيا على أسلحة متطورة جديدة في الآونة الأخيرة.
وكانت إحدى الطائرات بدون طيار التي أسقطتها القوات المسلحة السودانية تحمل علامات تشير إلى أنها مصنوعة في صربيا وتم بيعها إلى الإمارات.
وأظهر مقطع آخر صاروخا مضادا للدبابات في يد أحد جنود الميليشيا، وهو صاروخ “قدمته فاغنر مقابل ذهب قوات الدعم السريع” يؤكد التقرير.
واستخدمت قوات الدعم السريع كلا السلاحين في هجومها الأخير في جنوب الخرطوم. “ومع ذلك، لم تقم الحكومة الأميركية بإدانة شحنات الأسلحة الإماراتية” حسبما يؤكد تقرير المجلة.
وفي مقابلة حديثة مع برنامج “بي بي اس نيوز آور” PBS NewsHour، أكدت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أن الأسلحة تدخل السودان عبر الدول المجاورة، لكنها لم تذكر هذه الدول بالاسم.
ولم تكن قوات الدعم السريع تمتلك هذه الأسلحة المتقدمة عندما بدأت الجماعة حملتها للاستيلاء على السلطة في أبريل، لكن الآن، وبفضل هذه الأسلحة المتطورة، أصبحت قادرة على مهاجمة قواعد الجيش المحصنة والأحياء المدنية المحيطة بها.
ويؤدي استمرار وصول شحنات الأسلحة المتقدمة هذه، لأيدي قوات الدعم السريع إلى إطالة أمد الصراع في السودان “ويمنح منتهكي حقوق الإنسان المزيد من القوة لارتكاب المزيد من الفظائع” وفق ذات التقرير، الذي عاود التأكيد على أن إيقاف هذه الشحنات يمكن أن يغير بشكل جذري ميزان القوى في ساحة المعركة لأنه سيحد من قدرة قوات الدعم السريع على مهاجمة القوات المسلحة السودانية وقواعدها.
ستؤدي هذه الخطوة أيضا إلى تجميد مشروع فاغنر للذهب في السودان، والذي يساعد في تمويل الهجوم الروسي على أوكرانيا. وتتمتع واشنطن بالنفوذ للتأثير على الإمارات العربية المتحدة للتخلي عن تحالفها مع حميدتي ومتابعة مصالحها الاستراتيجية الأخرى في المنطقة.
وعلى الرغم من العثرات الأخيرة في العلاقات الثنائية، تظل الإمارات العربية المتحدة شريكا أمنيا واقتصاديا، أساسيا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، تؤكد المجلة.
في المقابل، للإمارات مصالح حيوية في موانئ السودان وأراضيه الزراعية. وقبل أشهر من الحرب، أعلنت الإمارات عن مشروع بقيمة 6 مليارات دولار على البحر الأحمر في شرق السودان.
ويتضمن المشروع ميناء جديدا ومطارا وطريقا إلى منطقة زراعية في شمال السودان. لكن التقرير يرى إمكانية خدمة هذه المصالح دون دعم ميليشيا حميدتي. وجاء في التقرير بالخصوص “في الواقع، الدولة المستقرة المسالمة هي الأفضل لمثل هذه الأعمال”.
جدير بالذكر أن سكان شرق وشمال السودان يتشاركون العداء الشديد تجاه قوات الدعم السريع، حيث لجأ العديد من الضحايا إلى هناك. ونتيجة لدعمها لقوات الدعم السريع، تلحق الإمارات الضرر بصورتها العامة ومصالحها الاستراتيجية طويلة المدى في السودان، يختم التقرير.
قناة الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: العقوبات الأمیرکیة الحکومة الأمیرکیة قوات الدعم السریع الولایات المتحدة الإمارات العربیة حمدان دقلو فی السودان
إقرأ أيضاً:
مسؤولة توثق اغتصاب قوات الدعم السريع لعشرات السودانيات.. أرقام صادمة
أعلنت مسؤولة حكومية سودانية توثيق تعرض أكثر من 550 امرأة للاغتصاب من عناصر في قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب مع الجيش في نيسان/أبريل 2023.
وتأتي المعلومات التي كشفتها سليمة إسحق محمد الخليفة المسؤولة عن وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، بعد أن اتهمت الولايات المتحدة قوات الدعم السريع بارتكاب "عمليات اغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي الوحشي" خلال الحرب.
كما وثّقت بعثة تابعة للأمم المتحدة أدلة على "انتشار العنف الجنسي والعنف القائم على أساس الجنس" في السودان.
وقالت خليفة إنها وثّقت 554 حالة اغتصاب ارتكبها مقاتلون في قوات الدعم السريع بين نيسان/أبريل 2023 وكانون الأول/ديسمبر 2024.
وأضافت المسؤولة أن هذا الرقم يستند إلى تقارير لأخصائيين في الصحة النفسية ساعدوا الناجيات من الاغتصاب في المرافق الطبية، وبالتالي يمثل جزءا صغيرا من العدد الفعلي للهجمات على النساء خلال تلك الفترة.
وتابعت "هناك عدة عوامل تمنع تسجيل كل الحالات وهي أن هناك ولايات معزولة تماما مع قطع الاتصالات وعدم تبليغ معظم النساء عن الاغتصاب بسبب الوصم الاجتماعي. وهناك أماكن لا توجد بها أصلا رعاية صحية".
يشهد السودان منذ أكثر من 20 شهرا نزاعا داميا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
أدت الحرب إلى مقتل عشرات آلاف السودانيين ونزوح 12 مليونا وتسببت بما تصفه الأمم المتحدة بواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.
وقالت سليمة إسحق محمد الخليفة إنه بين أيلول/سبتمبر 2023 ونيسان/أبريل 2024، وافقت السلطات على 36 عملية إجهاض لنساء اغتصبهن عناصر في قوات الدعم السريع معظمهن في العاصمة الخرطوم.
وفي الآونة الأخيرة، تم إجراء 10 عمليات إجهاض لنساء نازحات من ولاية الجزيرة، حيث أبلغ شهود عيان عن سلسلة هجمات دامية لقوات الدعم السريع.
تتطلب عمليات الإجهاض الحصول على موافقة قانونية في السودان، وهي مسموح بها فقط في حالات الحمل المترتب عن الاغتصاب أو حالات الحمل بجنين غير قابل للحياة أو وجود مضاعفات تهدد حياة الحامل.
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان الثلاثاء إن قوات الدعم السريع ارتكبت "إبادة جماعية" في إقليم دارفور ونفّذت عمليات قتل "منهجية ضد رجال وفتيان واغتصاب نساء وفتيات من مجموعات إتنية معيّنة".
في تشرين الأول/أكتوبر اتهمت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان قوات الدعم السريع ومجموعات مسلحة متحالفة معها بارتكاب "أعمال عنف جنسي وعلى أساس الجنس على نطاق واسع" تشمل "الاغتصاب والاستعباد الجنسي" وغيرها من التجاوزات.
كما وثّقت البعثة حالات عنف قائم على أساس الجنس ارتكبها عناصر في الجيش وفصائل مسلحة متحالفة معه.
وخلص تحقيق الأمم المتحدة إلى أن قوات الدعم السريع تمارس "العنف الجنسي الممنهج على نطاق واسع".
وكانت قوات الدعم السريع التي لم ترد على طلب وكالة فرانس برس للتعليق على الأرقام التي قدمها المسؤولون الحكوميون، رفضت سابقا استنتاجات بعثة الأمم المتحدة ووصفتها بأنها "دعاية".