شارع طويل بأرض ممهدة يخترق منطقة مقابر مصر الجديدة، يقود الزائرين إلى مقابر تزينها الورود من كل اتجاه، وينتهى الشارع بباب حديدى أسود اللون وإلى جواره انهمك «عم ياسر»، حارس المقابر فى عمله تحت لافتة ضخمة من الرخام مدوّن بها «مدافن آل هيكل.. هنا يرقد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل»، التى زينتها الورود والأشجار بمختلف الأرجاء، يتقدمها كرسى بلاستيكى ووعاء لرى الورود حول المقبرة، فى مشهد يليق بكاتب أفنى سنوات عمره لخدمة وطنه، وحفظ قلمه وسطر اسمه بحروف من نور.

حارس المقابر أكد لـ«الوطن» أن أسرة الكاتب الراحل تزور قبره كل 20 يوماً، لرى الزرع وقراءة القرآن: «بشوف ناس كتير مهمة بتيجى تزور القبر وكلهم ذوق، وبيوصونى عليه وأنا حافظ شكل مفتاح باب المقابر بتاعته من كتر ما ناس بتجيله، ورغم إنى بقالى سنتين شغال وشُفت كتير، لكن دى أكتر مقبرة بيجيها زوار».

على بعد 200 متر من المقبرة، تظهر المفارقة العجيبة المتمثلة فى مقابر «الكومنولث»، حيث دُفن جنود الحرب العالمية الثانية، الذين حاورهم محمد حسنين هيكل، وهو فى عمر 42 عاماً، تعلوها من الخارج لافتة مدوّن عليها باللغة الإنجليزية «مقابر ضحايا الحرب الكومنولث»، وبالدخول إلى المقبرة تظهر مساحة خضراء واسعة للغاية، تضم مئات اللحود المُدون عليها أسماء الجنود من ضحايا الحرب، يعلوها شكل هندسى له أبعاد دقيقة.

وكأنه لوحة رسمها فنان متمكن، تحمل نقشاً باسم الجندى المدفون وعمره وتاريخ وفاته، ورغم اختلاف الأسماء والأعمار والجنسيات لكن جمعهم تاريخ الوفاة وهو أكتوبر 1941، إذ صممها المعمارى الإنجليزى «هبرت ورثينكتون»، وتظهر الورود الداكنة بمدخل المقابر مُحتضنة الحشائش الخضراء التى تملأ المكان بالحيوية والنضارة فى أول وآخر المكان، بالإضافة لصفوف الورود حول كل مقبرة، وبعد تجاوز المدخل يوجد تمثال منقوش عليه عبارة «أسماؤهم ستعيش إلى الأبد».

«إبراهيم»، أحد العاملين بمقابر الكومنولث أكد أن تاريخها يعود إلى أكتوبر 1941، لتضم المقبرة جثامين ورفات جنود من مختلف الجنسيات والديانات، لافتاً إلى أن المقابر المسيحية منقوش عليها علامة الصليب، وعلى اليهودية نجمة داود، ويوجد مكان مخصص للجنود المسلمين، فى آخر المقابر بالجهة اليسرى تجاه القبلة.

خلال الحرب العالمية الثانية بين سبتمبر 1939 وسبتمبر 1945، بزغ نجم الكاتب محمد حسنين هيكل الذى أظهر شغفه بحب الصحافة وحرفة الكتابة والسعى خلف كل ما هو جديد من أخبار، لصياغتها بشكل محكم وتوصيلها للقارئ فى زمن عزت فيه المعلومة الدقيقة، وحينها بدأ العمل فى «إيجيبشان جازيت».

وتم تكليفه بتغطية بعض معارك الحرب العالمية الثانية من خلال زاوية معالجة مصرية، لذا حزم الكاتب الراحل حقائبه، وتوجه إلى منطقة العلمين، وعمره آنذاك فى بدايات الأربعين عاماً، ليصف المعارك التى دارت هناك بين قوات الحلفاء والمحور، وجلس مع جنود الحلفاء وعرف حكاياتهم ثم سردها بكلماته الرشيقة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: هيكل ملفات الوطن

إقرأ أيضاً:

نحل نادر يعرقل مشروعاً لـ"ميتا" بمليارات الدولارات

واجهت خطط شركة "ميتا" الطموحة لبناء مركز بيانات جديد للذكاء الاصطناعي عقبة غير متوقعة تمثلت في مخلوق صغير ولكن بالغ الأهمية، وهو النحل النادر.

جاء هذا التحدي بينما كانت شركة التكنولوجيا العملاقة، بقيادة مارك زوكربيرغ، تعمل على تأمين صفقة مع مشغل محطة طاقة نووية لتشغيل منشأة جديدة مخصصة لمشاريع الذكاء الاصطناعي.

ومع ذلك، وفقاً لموقع "إنترستينغ إنجينيرينغ"، أوقفت المخاوف البيئية المتعلقة بهذا النحل النادر المشروع، حيث تم العثور على النحل في الأرض المخصصة لمركز بيانات "ميتا"، مما تسبب في الكثير من التعقيد، كما ورد في اجتماع الشركة.


وهذه العقبة هي أحدث مثال على المخاوف البيئية التي تتقاطع مع المشاريع التكنولوجية العالية، خاصة وأن شركات التكنولوجيا تسعى إلى مصادر طاقة صديقة للبيئة ومستدامة لتشغيل الذكاء الاصطناعي، وهو قطاع ذو احتياجات طاقة هائلة.
ويحتاج الذكاء الاصطناعي إلى الوقود للبحث عن مصادر طاقة خالية من الكربون، وكان مركز البيانات المخطط له جزءاً من استراتيجية Meta لتوسيع قدرات الذكاء الاصطناعي.
ومثل عمالقة التكنولوجيا الآخرين، تسعى Meta بنشاط إلى مصادر طاقة خالية من الكربون لدعم البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، والتي تتطلب طاقة أكبر بكثير من مراكز البيانات التقليدية، وظهرت الطاقة النووية كمرشح قوي لهذا الغرض، حيث تقدم حل طاقة محايد للكربون، ومع ذلك، تواجه Meta نقصاً حاداً في سعة مركز البيانات لتلبية الطلبات المتزايدة.
 وأشارت سوزان لي، المديرة المالية لشركة Meta، خلال مكالمة أرباح حديثة: "تتجاوز احتياجاتنا من أجهزة الكمبيوتر سعة مركز البيانات المتاحة لدينا الآن، إن التأخير الناجم عن القضايا البيئية لا يؤدي إلا إلى تعميق هذه الفجوة".
 إن فريق زوكربيرغ ليس وحده في التطلع نحو الطاقة النووية، فمع نمو الحاجة إلى مصادر الطاقة المستدامة، تكتسب الطاقة النووية الاهتمام، وخاصة بين شركات التكنولوجيا التي تسعى إلى خيارات طاقة موثوقة، ففي الآونة الأخيرة، لجأت شركات التكنولوجيا الكبرى إلى الطاقة النووية لتغذية مشاريع الذكاء الاصطناعي المتعطشة للطاقة، وفي حين واجهت الطاقة النووية انتقادات في الولايات المتحدة، فإن احتياجات الذكاء الاصطناعي العالية من الطاقة قد تعيدها إلى التركيز.

الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي

وتلجأ شركات التكنولوجيا الكبرى إلى الطاقة النووية لتلبية متطلبات الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، وقعت شركة مايكروسوفت مؤخراً صفقة تاريخية مع شركة كونستليشن إنرجي لإعادة تشغيل محطة ثري مايل آيلاند النووية في بنسلفانيا.

وتعهدت شركة التكنولوجيا العملاقة بشراء الطاقة من المحطة لمدة عقدين من الزمن، وتخطط كونستليشن لاستثمار 1.6 مليار دولار في إحيائها.

كما تهدف شركة أمازون، وهي شركة منافسة أخرى لشركة ميتا، إلى الاستفادة من الطاقة النووية ولكنها واجهت تحديات تنظيمية، إذ رفضت لجنة تنظيم الطاقة الفيدرالية اقتراح أمازون للحصول على المزيد من الطاقة من كونستليشن، على الرغم من أن أمازون لا تزال لديها خطط لاستكشاف مفاعلات صغيرة معيارية، وهي تقنية نووية متطورة.
ولقد حصلت غوغل بالفعل على مفاعلاتها المعيارية الخاصة من خلال اتفاقية حديثة مع Kairos Power، والتي ستوفر ما بين ستة وسبعة مفاعلات معيارية خصيصاً لاحتياجات البيانات المتزايدة لشركة غوغل.
وتستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي، وخاصة الكبيرة منها مثل GPT-3، كميات هائلة من الطاقة، يمكن أن يعادل تدريب هذه النماذج استهلاك الطاقة لـ130 منزلًا أمريكياً، ويمكن أن يستخدم موجه الذكاء الاصطناعي ما يصل إلى 10 أضعاف الطاقة من البحث العادي على الإنترنت.

لولا النحل

واستثمرت ميتا  ما يقدر بـ 9.2 مليار دولار في توسيع الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الخوادم ومراكز البيانات والبنية الأساسية للشبكة في الربع الثالث فقط، و قال زوكربيرغ للموظفين إنه لولا مشكلة النحل، لكانت Meta أول شركة تكنولوجيا كبرى تزود مركز الذكاء الاصطناعي بالطاقة النووية، وفقًا لما ذكرته صحيفة فاينانشال تايمز.
وانتكاسة ميتا مع النحل المهدد بالانقراض تؤكد على التوازن الحاسم بين الحفاظ على البيئة والابتكار في مجال الطاقة المستدامة، وتوجد في الولايات المتحدة العديد من أنواع النحل المهددة بالانقراض، لذا فإن حماية الموائل أمر بالغ الأهمية مع نمو الصناعات، وهذا يوضح كيف يجب على شركات التكنولوجيا الموازنة بين أهداف الطاقة الخضراء والعناية بالبيئة.

مقالات مشابهة

  • نحل نادر يعرقل مشروعاً لـ"ميتا" بمليارات الدولارات
  • «ترامب».. «نتنياهو».. والدكتور «مدبولى»!
  • من أرشيف الكاتب احمد حسن الزعبي .. طقوس الجمعة
  • أستاذ علم الاجتماع: تربية الأجيال الجديدة على المنهج العلمي للتمييز بين الحقيقة والشائعة
  • “الصحفيين” تنظّم منحة في “أساسيات صحافة البيانات” من مؤسسة هيكل
  • الصحفيين تنظم منحة تدريبية بالتعاون مع مؤسسة هيكل للصحافة
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. تشرين الطفولة
  • ما لا تعرفه عن لعنة الفراعنة.. عالم آثار ألماني يكشف أسرارًا جديدة
  • هيئة المفقودين: المقبرة المكتشفة في الظهرة بطرابلس قديمة وأمواتها معروفون
  • من أرشيف الكاتب احمد حسن الزعبي … في الأدراج