تدرس إسرائيل اقتراحا مثيرا للجدل، لإجراء عملية تخصيب لليورانيوم تديرها الولايات المتحدة في السعودية كجزءٍ من صفقة ثلاثية معقدة لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين الطرفين.

ووفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، وترجمه "الخليج الجديد"، فإن كبار المتخصصين الإسرائيليين في المجال النووي والأمني بالتعاون مع المفاوضين الأمريكيين يعملون بهدوء بتوجيه من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في محاولتهم التوصل إلى حل وسط قد يسمح للسعودية بأن تصبح ثاني دولة في الشرق الأوسط، بعد إيران، تقوم بتخصيب اليورانيوم علناً.

وتتفاوض الولايات المتحدة والسعودية على ملامح صفقة تعترف فيها السعودية بإسرائيل مقابل مساعدة المملكة على تطوير برنامج نووي مدني لتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، من بين تنازلات أخرى.

ومن المتوقع أن تشمل الجوانب الأخرى للصفقة المتطورة تنازلات للفلسطينيين وضمانات أمنية أمريكية.

وإذا وافقت السعودية على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فإن ذلك سيمهد الطريق أمام الدول العربية والإسلامية الأخرى لتحذو حذوها، مما يُنهي فعلياً عقوداً من النبذ لإسرائيل منذ عام 1948.

وفي حين لم تتفق الولايات المتحدة ولا إسرائيل حتى الآن على خطة من شأنها أن تسمح بتخصيب اليورانيوم في السعودية، فإن القيام بذلك سيمثل تحوُّلاً سياسياً كبيراً في كلتا الدولتين، حيث عمل القادة من مختلف الطيف السياسي على منع دول الشرق الأوسط من تطوير القدرة على تخصيب اليورانيوم، وفق الصحيفة.

اقرأ أيضاً

بسبب مصر.. مخاوف إسرائيلية من السماح بإنشاء مشروع نووي سعودي

ورغم أن إسرائيل لن تعترف بذلك علناً، فهي الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية، ولا تريد أن تنضم دولٌ معادية إلى هذا النادي الصغير من مالكي الأسلحة النووية.

وبرزت جهود المملكة السعودية لتخصيب اليورانيوم كواحدة من القضايا الشائكة التي تواجه القادة الأمريكيين والإسرائيليين أثناء محاولتهم صياغة اتفاق يمكن أن يعيد تشكيل الشرق الأوسط.

ووصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الأربعاء، مفاوضات التطبيع مع إسرائيل بـ"الجدية"، وقال إنها "تقترب كل يوم من التوصل إلى اتفاق"، فيما شدد على أن بلاده ستسعى للحصول على سلاح نووي إذا حصلت إيران عليه.

وتُعَد تعليمات نتنياهو للمسؤولين الإسرائيليين ببدء المفاوضات، وفق "وول ستريت جورنال"، أوضح إشارة حتى الآن على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي مستعد للسماح للسعودية بتعزيز طموحاتها النووية، رغم أن النقاد يقولون إن مثل هذه الخطوة يمكن أن تسرِّع سباق التسلح في المنطقة.

وبينما تقوم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بصياغة خطط لإنشاء نظام لتخصيب اليورانيوم تديره الولايات المتحدة في السعودية كخيار لمعالجة مساعي المملكة لإنشاء برنامج نووي خاص بها، حذّر المسؤولون الأمريكيون من أنهم يفكرون في بدائل أخرى.

ولم يؤكد بايدن بعد على فكرة السماح بتخصيب اليورانيوم في السعودية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

اقرأ أيضاً

وزير الدفاع الإسرائيلي يطلب من واشنطن توضيحات حول نووي السعودية مقابل التطبيع

وناقش بايدن المناورة الدبلوماسية، الأربعاء، عندما التقى نتنياهو في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي المرة الأولى التي يلتقي فيها الرجلان منذ عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى منصبه في ديسمبر/كانون الأول 2022.

وبعد الاجتماع، قال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن أي دعم لطموحات السعودية النووية سيفي بمعايير عالية.

وفي تعليق على وجهة النظر الأمريكية والإسرائيلية بشأن المفاوضات مع السعوديين، أكد مسؤول إسرائيلي كبير للصحيفة أن الولايات المتحدة وإسرائيل ترغبان "بوضع الكثير من الضمانات على أي برنامج سعودي لتخصيب اليورانيوم".

ويقول الخبراء إنه قد تكون هناك ضمانات يمكن وضعها لإغلاق منشأة التخصيب عن بعد، بدءاً من آلية الإغلاق الرسمية عن بعد وحتى الأنظمة التي تعمل على تسريع أجهزة الطرد المركزي إلى النقطة التي تتعطل فيها.

ومع ذلك، لا يوجد نظام مضمون لإغلاق منشأة عن بعد لا يمكن التلاعب بها أو حظرها من قِبَل أولئك الذين يتحكمون فعلياً في الموقع، كما يقول الخبراء النوويون.

وتضغط السعودية منذ سنوات لمواصلة تخصيب اليورانيوم، لكن في محادثات مع الولايات المتحدة، قال المسؤولون السعوديون إنهم سيقبلون صفقة تدير فيها الولايات المتحدة المنشأة.

اقرأ أيضاً

مسؤول إسرائيلي: لا نعارض تطوير السعودية برنامجا نوويا من أجل التطبيع

ويقارن القادة السعوديون الفكرة بالنموذج المستخدم لتطوير شركة "أرامكو"، شركة النفط المملوكة للدولة، حيث تأسست "أرامكو" في ثلاثينيات القرن العشرين بالتعاون مع شركة "ستاندرد أويل" في نيويورك، وكانت تُعرف في البداية باسم شركة النفط العربية الأمريكية.

وهددت السعودية بتأميم الشركة في الخمسينيات وسيطرت في نهاية المطاف على السيطرة الكاملة في عام 1980.

وقاوم الرؤساء الديمقراطيون والجمهوريون منذ فترة طويلة الجهود التي تبذلها دول الشرق الأوسط لتخصيب اليورانيوم.

وفي عام 2009، وقَّعت الولايات المتحدة اتفاقاً للتطوير النووي مع الإمارات يمنع الدولة الخليجية من تخصيب اليورانيوم على أراضيها.

وقد أصبحت هذه الصفقة معروفة بأنها المعيار الذهبي للتعاون النووي الأمريكي مع الدول الأخرى، ومن شأن تقديم أكثر من ذلك للسعودية أن يضع معياراً جديداً.

ويشعر بعض القادة الإسرائيليين بالقلق من أن الدعم الأمريكي لبرنامج نووي مدني في السعودية يمكن أن يمهد الطريق أمام الرياض لتطوير أسلحة نووية، وهو ما قال ولي العهد السعودي إنه سيفعله إذا فعلت إيران ذلك أولاً.

اقرأ أيضاً

زعيم المعارضة الإسرائيلية يرفض مقايضة التطبيع مع السعودية بالتكنولوجيا النووية

ويمكن أن يفتح الباب أمام الإمارات للحصول على موافقة مماثلة.

وفي 2009، وقّعت الولايات المتحدة اتفاقا مع الإمارات لإنشاء مفاعل نووي، استُبعد فيه تخصيب اليورانيوم داخل البلد.

ورفض الرؤساء الأمريكيون، سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين، فكرة تخصيب اليورانيوم في دول الشرق الأوسط.

وتثير الفكرة أيضاً معارضةً في واشنطن وتل أبيب، حيث تشن مجموعات مثل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، حملات لعرقلة أي صفقة تسمح للسعودية بتخصيب اليورانيوم.

وقال زعيم المعارضة يائير لابيد، الشهر الماضي: "لا يمكن لإسرائيل السماح بتخصيب اليورانيوم في السعودية لأنه يهدد أمنها القومي".

والمحادثات الرامية للتطبيع هي محور مفاوضات معقدة تشمل أيضا ضمانات أمنية أمريكية ومساعدة في مجال الطاقة النووية المدنية، تسعى لها الرياض إضافة إلى تقديم إسرائيل تنازلات محتملة للفلسطينيين.

وتعد تلبية مطالب السعودية من بين التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في مساعيها للتوسط من أجل التوصل لاتفاق واسع النطاق.

ويتردد أنه يسعى إلى إبرام معاهدة تلتزم الولايات المتحدة بموجبها بالدفاع عن المملكة في حال تعرضها لهجوم، كما يريد أسلحة متطورة ومساعدة بلاده حتى يكون لديها برنامج نووي مدني.

اقرأ أيضاً

النووي عائق أمام التطبيع بين السعودية وإسرائيل.. فهل تغير تل أبيب استراتيجيتها؟

المصدر | وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية إسرائيل النووي بن سلمان بايدن التطبيع نتنياهو تخصیب الیورانیوم فی لتخصیب الیورانیوم الولایات المتحدة الشرق الأوسط فی السعودیة برنامج نووی اقرأ أیضا یمکن أن

إقرأ أيضاً:

تقارير: اجتماع متوقع بين بايدن ونتانياهو في واشنطن أواخر يوليو

قال مسؤول بالبيت الأبيض إنه من المتوقع أن يعقد الرئيس الأميركي، جو بايدن، اجتماعا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في واشنطن في أواخر يوليو الجاري، عندما يزور نتانياهو العاصمة الأميركية لإلقاء كلمة في الكونغرس بشأن الحرب في غزة.

ومن المقرر أن يلقي نتانياهو كلمة في جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ بالكونغرس في 24 يوليو.

وكانت شبكة "سي إن إن" الأميركية، أول من أورد الخبر، وكذلك موقع "أكسيوس"، وتمت الإشارة إلى أن التفاصيل اللوجستية للاجتماع المتوقع في البيت الأبيض لم تُنجز بعد.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أبقت دعمها القوي لإسرائيل دبلوماسيا وعبر تزويدها بالأسلحة خلال الحرب على قطاع غزة، أبدى بايدن في بعض المناسبات قلقه بشأن سلوك إسرائيل.

وعلى سبيل المثال، وصف بايدن حملة القصف الإسرائيلية على القطاع في مرة من المرات بأنها "عشوائية" كما وصف رد الجيش الإسرائيلي في مناسبة أخرى بأنه "مبالغ فيه".

وحث الرئيس بايدن، نتانياهو في اتصال هاتفي، أبريل الماضي، بعد مقتل موظفي إغاثة على اتخاذ المزيد من الخطوات لحماية المدنيين في قطاع غزة ولوح بأن سياسة الولايات المتحدة قد تتغير إذا لم يتم ذلك.

وانتقد جمهوريون بايدن المنتمي للحزب الديمقراطي في هذا الصدد وقالوا إنه يجب أن يقدم مزيدا من الدعم لإسرائيل.

وتتزايد الانتقادات الدولية لسلوك إسرائيل في الحرب ولدعم الولايات المتحدة لها رغم تسبب الصراع في مقتل عشرات الآلاف وفي أزمة إنسانية.

وتنفي إسرائيل استهداف المدنيين في قطاع غزة بشكل متعمد، وتؤكد أن حملتها العسكرية تهدف إلى "القضاء على حماس"، التي تحكم القطاع الفلسطيني منذ عام 2007.

واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم حركة حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل نحو 38 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية في القطاع.

مقالات مشابهة

  • تقرير لـResponsible Statecraft: الحرب الإسرائيلية على غزة ستمتد إلى لبنان في هذه الحالة
  • تقارير: اجتماع متوقع بين بايدن ونتانياهو في واشنطن أواخر يوليو
  • مناظرة بين اثنين من كبار السفهاء
  • أمريكا تستغل مخاوف السعودية: هل ستنجح في ربط مفاوضاتها مع صنعاء بوقف العمليات البحرية المساندة لغزة؟
  • نيجيريا: الولايات المتحدة والأمم المتحدة تدينان "الهجمات المروعة" في بورنو
  • مستشار خامنئي: طهران ستدعم حزب الله إذا شنت إسرائيل حربا شاملة
  • حرب ضروس قد تلتهم الشرق الأوسط
  • إيران: لا نريد حربًا إقليمية لكن ندعم حزب الله في حال التصعيد
  • أمريكا تكابر وتضحي باقتصادها للدفاع عن إسرائيل واستمرار جرائم الإبادة ضد الأبرياء في غزة: تأثير العمليات اليمنية يلقي بثقله على الاقتصاد ، والمستهلكين الأمريكيين
  • الجبير يحرج صحفي أجنبي بذكاء بعدما أثار تساؤلات خاطئة عن تخصيب اليورانيوم بالمملكة .. فيديو