الجيش السوداني يصد هجوما على القيادة العامة ويقصف الدعم السريع بالمسيّرات
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
أفاد مراسل الجزيرة بأن الجيش السوداني صد اليوم الخميس هجوما جديدا لقوات الدعم السريع على محيط قيادة الجيش في الخرطوم وقصف مواقع متفرقة لها بالمدفعية والطائرات المسيّرة.
وقال المراسل إن الجيش دمّر عددا من الآليات الحربية للدعم السريع خلال صده الهجوم على القيادة العامة.
وكان الجيش السوداني أعلن أنه أحبط في الأيام القليلة الماضية هجمات عدة لقوات الدعم السريع على مقر القيادة العامة للقوات المسلحة.
وخلال الاشتباكات السابقة في محيط القيادة العامة، اشتعلت حرائق في مبان حكومية بينها مبنى شركة النيل الكبرى للبترول وبرجا وزارة العدل وهيئة المواصفات والمقاييس.
وفي تطورات ميدانية متزامنة، أفاد مراسل الجزيرة بأن الجيش يواصل قصف أهداف ومواقع تابعة لقوات الدعم السريع بولاية الخرطوم مستخدما المدفعية الثقيلة.
وقالت مصادر محلية للجزيرة إن الجيش يقصف بالمدفعية والمسيّرات مواقع للدعم السريع حول حيي الصحافة وأبو آدم جنوبي الخرطوم.
مطار الخرطوموقد أظهرت صور حصلت عليها الجزيرة الآثار التي لحقت بمطار الخرطوم الدولي جراء العمليات العسكرية المستمرة حول محيط القيادة العامة للجيش لليوم السابع على التوالي.
وتوضح الصور تحطم عدد من الطائرات بجانب تأثر بعض الأبنية في المطار بالأعمال العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع.
يشار إلى أن مطار الخرطوم الواقع جنوب القيادة العامة للجيش لم يتأثر بالعمليات العسكرية في الأسابيع الأولى للحرب.
في غضون ذلك، قال حاكم ولاية جنوب كردفان محمد إبراهيم للجزيرة إن مدينة كادوقلي عاصمة الولاية تتعرض لحصار من قبل قوات الحركة الشعبية-شمال (مجموعة عبد العزيز الحلو) وقوات الدعم السريع.
وأضاف إبراهيم أن الحصار تسبب في توقف إمدادات الدواء والغذاء، وأن سلطات الولاية اتجهت إلى دولة جنوب السودان للحصول على الإمدادات الضرورية.
وأكد الحاكم انحسار نشاط قوات الحركة الشعبية منذ عدة أيام بسبب ما سماه انتشار قوات الجيش في نقاط بعيدة عن مدينة كادوقلي.
وفي غرب السودان، قالت مصادر محلية للجزيرة إن الحياة بدأت تعود لطبيعتها في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، حيث عادت منذ أيام خدمات المياه والكهرباء والاتصالات للمدينة.
وكانت المدينة قد شهدت أحداث عنف عقب اندلاع القتال في السودان منتصف أبريل/نيسان الماضي، وتسببت أحداث الجنينة في مقتل نحو 5 آلاف شخص ولجوء عشرات الآلاف لدولة تشاد، بحسب مصادر محلية.
وقف القتال
في هذه الأثناء، قال روبرت وود، نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة إن على طرفي النزاع في السودان وقف العنف، وإن الحل هو إسكات المدافع.
وأضاف وود، في حديث مع الجزيرة، أن واشنطن تحاول فرض عقوبات على مرتكبي الفظائع في السودان، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة نظمت مع السعودية منبر جدة لكن القتال لم يتوقف.
من جهتها، قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في اجتماع بنيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة إن بلادها تؤيد إعلان مدعي المحكمة الجنائية الدولية أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي توجد اتهامات بارتكابها في إقليم دارفور السوداني قد تخضع للتحقيق.
وشهد الاجتماع -الذي عقد برعاية الولايات المتحدة وكندا وغامبيا والنرويج وبريطانيا- دعوات لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات في السودان، وخاصة في دارفور، حيث تواجه قوات الدعم السريع اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة ضد قبائل غير عربية.
في الإطار، دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى إنهاء القتال في السودان بشكل فوري واحترام حقوق الطفل في هذا البلد.
وبمناسبة اليوم الدولي للسلام، قالت المنظمة -في بيان- إن 14 مليون طفل سوداني يحتاجون لدعم إنساني عاجل، وشددت على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل إنقاذ الأرواح والسماح للأطفال بالنمو والازدهار.
ومنذ بدء القتال منتصف أبريل/نيسان الماضي، قتل نحو 5 آلاف مدني وأصيب 12 بينما نزح ما لا يقل عن 4.6 ملايين سوداني داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع القیادة العامة الأمم المتحدة مصادر محلیة فی السودان
إقرأ أيضاً:
رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»
الخرطوم: «الشرق الأوسط» تنبعث رائحة كريهة من حفرة للصرف الصحي في حي دمّرته الحرب في الخرطوم، بينما ينهمك عناصر «الهلال الأحمر» في انتشال جثة منتفخة من تحت الأرض. ويقول المتطوعون إن 14 جثة أخرى لا تزال تحت الأرض، وقال مدير الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في الموقع، إن بعض الجثث «عليها آثار إطلاق نار على رؤوسها وهي مهشّمة الجماجم».
وأضاف أن الضحايا إما أُطلق عليهم الرصاص أو ضُربوا حتى الموت قبل إلقائهم في الحفرة.
وخلفه كان صندوق شاحنة يمتلئ بالجثث المُنتشَلة من حفرة الصرف الصحي في منطقة شرق النيل، إحدى المناطق الشرقية للخرطوم، والتي باتت، الآن، أنقاضاً.
وألحقت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أضراراً كبيرة بمساحات واسعة من الأراضي.
ومنذ اندلاع الحرب، فرَّ أكثر من 3.5 مليون شخص من سكان الخرطوم، التي كانت، ذات يوم، مدينة تنبض بالحياة، وفق الأمم المتحدة.
ويعيش ملايين آخرون ممن هم غير قادرين أو غير راغبين في المغادرة، بين مبان مهجورة وهياكل سيارات وما يطلق عليه الجيش مقابر جماعية مخفية.
مدينة مدمَّرة
تتواصل الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، منذ أبريل (نيسان) 2023.
وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف، وتهجير أكثر من 12 مليون شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة، يعيش كثيرون منهم في مخيمات مؤقتة، بينما فرّ أكثر من 3.5 مليون شخص عبر الحدود.
واستولت قوات «الدعم السريع»، في البداية، على الخرطوم، لكن، في الأشهر الأخيرة، استعاد الجيش السيطرة على مناطق؛ من بينها بحري، المعروفة بالخرطوم شمال، ومنطقة شرق النيل الواقعة شرقاً.
وحالياً لا تفصل وحدات الجيش في وسط الخرطوم عن القصر الرئاسي الذي سيطرت عليه قوات «الدعم السريع» في بداية الحرب، سوى أقل من كيلومتر واحد.
ورغم تلك المكاسب، لا يزال دقلو على تحديه، إذ توعَّد بألا تنسحب قواته من العاصمة. وتعهّد، في كلمة عبر تطبيق «تلغرام»، بأن قواته «لن تخرج من القصر الجمهوري». وأضاف: «نحن قادمون إلى بورتسودان» الواقعة على البحر الأحمر، وحيث تتمركز الحكومة منذ سقوط الخرطوم.
وعَبَر فريق من «وكالة الصحافة الفرنسية»، بمواكبة عسكرية، من أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، والتي استعادها الجيش، العام الماضي، إلى بحري وضواحيها التي مزّقتها الحرب.
ومرّ الموكب في أحياء مهجورة ومُوحشة؛ بما فيها حي الحاج يوسف، حيث تمتد هياكل المتاجر المغلقة والأرصفة المتداعية على طول الشوارع.
وتنتشر الأنقاض والحطام والإطارات المتروكة في الشوارع.
وتجلس مجموعات صغيرة من الناس بين كل بضعة شوارع أمام مبانٍ ومتاجر فارغة منخورة بالرصاص.
وتوقفت المستشفيات والمدارس عن العمل. ويقول الجيش إنه عثر على عدد من المقابر الجماعية، إحداها في محكمة أم درمان.
وتبدو على المدنيين الذين ما زالوا في المدينة، صدمة الحرب.
وقالت صلحة شمس الدين، التي تسكن قرب الحفرة؛ حيث ألقت قوات «الدعم السريع» جثثاً: «سمعت أصوات الرصاص، ليلاً، عدة مرات كما شاهدتهم يُلقون جثثاً في البئر».
جوع
وبالنسبة لمن نجوا وشاهدوا استعادة الجيش للمنطقة، مطلع الشهر، لا تزال الحياة تطرح صعوبات مستمرة. فالكهرباء مقطوعة، والمياه النظيفة والطعام شحيحان.
في شارع هادئ في بحري، يجلس نحو 40 امرأة تحت خيمة مؤقتة يُحضّرن وجبات الإفطار في مطبخ مجتمعي، وهو واحد من عدد من المطابخ التي عانت في ظل سيطرة قوات «الدعم السريع».
وتقوم النسوة بتحضير العصيدة والعدس في أوان كبيرة على نار الحطب.
والغاز لم يعد متوافراً، وشاحنات المياه تأتي، الآن، من أم درمان، وهو تحسُّن ملحوظ، مقارنة بالفترة عندما كان السكان يخاطرون تحت نيران القناصة للوصول إلى نهر النيل، الذي بدوره يمثل مخاطر صحية في ظل غياب خدمات الصرف الصحي.
وأصبحت المطابخ المجتمعية خط الدفاع الأخير للمدنيين الذين يعانون الجوع، وفقاً للأمم المتحدة. لكنها عانت صعوبات طوال الحرب للصمود.
ومع قطع طرق وتدمير أسواق وسلب مقاتلي قوات «الدعم السريع» للمتطوعين تحت تهديد السلاح، أصبح إطعام المحتاجين شبه مستحيل.
وقال مؤيد الحاج، أحد المتطوعين في مطبخ مجتمعي بحي شمبات: «أيام سيطرة (الدعم السريع)، كانت لدينا مشكلة في التمويل لأنهم يصادرون الأموال التي يجري تحويلها عبر التطبيقات البنكية». وأضاف: «لكن، الآن، الوضع اختلف، شبكات الهواتف تعمل، كما أننا، كل أسبوعين، نذهب إلى أم درمان لجلب احتياجات المطبخ».
وما بدأ نزاعاً على السلطة بين البرهان ودقلو، تحوّل إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.
وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للسودان، وانهيار اقتصاده الضعيف أصلاً، ودفعت بالملايين إلى حافة الجوع.
وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين، وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة.
وفي الخرطوم وحدها، يعاني ما لا يقل عن 100 ألف شخص ظروف مجاعة، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل.