عمره نصف مليون عام.. اكتشاف نادر لأقدم هيكل خشبي في تاريخ البشرية
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
اكتشف علماء آثار أقدم هيكل خشبي صنعه الإنسان على الإطلاق، ويبلغ عمره نحو نصف مليون سنة، ولاحظوا في دراسة حديثة أن إنشاءه يُظهر أن قدرات تقنية متقدمة كانت متوافرة لدى البشر الأوائل.
واكتُشِف الهيكل في موقع شلالات كالامبو العائد إلى عصور ما قبل التاريخ، في ما يعرف الآن بزامبيا. ويعود تاريخ الموقع الذي كان يتمتع بظروف حفظ جيدة إلى 476 ألف عام على الأقل، أي إلى ما قبل التاريخ الذي يُعتقد أن الجنس البشري المعروف بالإنسان العاقل ظهر فيه.
ويتكون الهيكل من جذعين متشابكين، متصلَين بشكل عرضي بواسطة شق أُحدِثَ عمداً لبناء هيكل، ربما كان أساساً لمنصة مرتفعة أو ممراً أو موطناً، بحسب الدراسة التي نشرتها مجلة «نيتشر» الأربعاء. كذلك اكتُشفت في الموقع مجموعة من الأدوات الخشبية، من بينها عصا للحفر.
وسبق أن أُثبت استخدام الإنسان الخشب في عصور بهذا القِدَم، لكنه كان محدوداً، إذ كان يُستعمل لإشعال النار، أو شحذ العصي للصيد أو قطاف الثمار.
وقال الأستاذ في جامعة ليفربول البريطانية والمعدّ الرئيسي للدراسة لاري بارهام لوكالة فرانس برس إن أقدم هيكل خشبي معروف حتى الآن يعود إلى تسعة آلاف سنة فحسب.
ولم يتوقع عالم الآثار العثور على مثل هذا الكنز أثناء التنقيب في موقع كالامبو الذي يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، والذي يقع على ضفاف النهر الذي يحمل الاسم نفسه، فوق شلالات بارتفاع 235 متراً.
وأوضح الباحثون في بيان أن «من النادر العثور على الخشب في مثل هذه المواقع القديمة لأنه عادة ما يتعفن ويتلف. ولكن في شلالات كالامبو، حافظت مستويات المياه المرتفعة بشكل دائم عليه».
وفي خمسينات القرن العشرين وستيناته، كشفت حفريات أولية عن قطع من الخشب، لم يتسن تأريخها.
وعُرف التاريخ الذي تعود إليه القطع الجديدة المكتشفة عام 2019 بواسطة تقنية التأريخ بالتألق للرواسب المحيطة بالأشياء. وتتيح هذه الطريقة تحديد متى تعرضت آخر مرة لأشعة الشمس قبل دفنها، وفق ما يوضح المعدّ المشارك البروفيسور جيف دولر من جامعة أبيريستويث في ويلز.
وأظهرت التحاليل أن عمر الرواسب يبلغ 476 ألف سنة على الأقل، «ما يثبت أن هذا الموقع أقدم بكثير مما كان يُعتقد»، بحسب العالم. كما تبيّن النتائج أن المنشأة كانت مأهولة قبل فترة طويلة من الإنسان العاقل، الذي يعود تاريخ أقدم متحجراته إلى حوالى 300 ألف سنة.
ولم يتمكن البحث من تحديد السلالة البشرية التي كانت موجودة، لكن بارهام لا يستبعد أن يكون شاغلو الموقع من سلالة إنسان هايدلبيرغ، وهو نوع منقرض عاش قبل عصرنا بحوالى 700 ألف إلى 220 ألف سنة.
فباستثناء متحجرة جمجمة إنسان هايدلبرغ، التي اكتُشفت في زامبيا في عشرينيات القرن الماضي، «لا يوجد أي أشباه بشر معروفين آخرين في المنطقة».
على أي حال، فإن هذا الاكتشاف قد «غيّر رؤية» بارهام لأسلافنا الأوائل، إذ قال عالم الآثار «لقد استخدموا ذكاءهم لتحويل بيئتهم وتسهيل حياتهم، ولو فقط من خلال إنشاء منصة للجلوس على ضفاف النهر».
وتمكن هؤلاء الأسلاف من صنع «شيء لم يُرَ من قبل»: فعلى عكس حجم العصا، التي تسهل ملاحظتها وتقليدها، فإن إنشاء قطعتين بهدف تجميعهما يُظهر، وفق العالم، قدرات تجريدية.
وقالت صوفي أرشامبو دو بون، العالمة المتخصصة في حقبة ما قبل التاريخ، والأستاذة في جامعة جان مولان ليون الثالثة في فرنسا، غير المشاركة في هذا البحث، «إن حقيقة أنهم كانوا قادرين على العمل بالخشب على نطاق واسع تفترض مسبقاً قدرات معرفية مثل التخطيط، وتصور المنتج النهائي قبل تنفيذه، وتحريك الأشياء عقلياً في الفضاء».
وأضافت الباحثة رداً على أسئلة وكالة فرانس برس «هذه القدرات تم افتراضها بالفعل من خلال دراسة الأدوات الحجرية المقطوعة»، وهي شائعة في تلك العصور القديمة.
وبحسب معدّي الدراسة، فقد كان الهيكل ملائماً «لاحتلال مستدام»، ما «يثير الشكوك حول فكرة أن هؤلاء البشر الأوائل كانوا من الرحّل».
ويقول الباحثون في هذه الدراسة «في شلالات كالامبو، لم يكن لديهم مصدر مياه دائم فحسب، بل زودتهم الغابة التي كانت تحيط بهم بما يكفي من الغذاء للسماح لهم بالاستقرار وبناء الهياكل».
وهي فرضية لا تزال بحاجة إلى إثبات، لأن هذه المنشآت قد تكون أيضاً «موسمية»، وفق صوفي أرشامبو دو بون.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا الذی ی
إقرأ أيضاً:
وسط اللا مكان.. كوخ عمره 200 عام يحصل على نجمة ميشلان بأيرلندا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- منذ عام ونصف العام، ترك الشيف روبي مكاولي مطابخ بعض أفضل المطاعم الفاخرة في المملكة المتحدة وأيرلندا، ليطهو في كوخ أيرلندي ناءٍ على جرف يُطل على المحيط الأطلسي.
هذا المبنى المنخفض ذات الجدران المطلية باللون الأبيض وسقف الألواح الحجرية، المحاط بالحقول الخضراء الشاسعة والخالية، الذي يبعد أميالًا عن أقرب بلدة، يبدو وكأنه التعريف المثالي للريف الأيرلندي.
بالقرب منه تقع منحدرات موهير، هذا المشهد الرائع الذي نحتته المحيطات الهائجة، يقف على الحافة الغربية لأوروبا، وظهر في العديد من الأفلام. إلى الشمال توجد قرية دولين، المعروفة بمشهدها الموسيقي التقليدي.
روبي وصوفي ماكولي مع طفلتهما إيريستصوير: Anthony O’Connor/Five Element Photographyورغم شعبيتها بين السيّاح، فإن الموقع البعيد والمظهر الريفي للكوخ يبتعدان تمامًا عن عالم المطاعم الفاخرة ذات الموائد المغطاة بالمفارش البيضاء. ولا أثر لرواد المطاعم الفاخرة هنا.
رغم ذلك، وخلال أشهر من افتتاح ماكولي وزوجته صوفي لمطعم Homestead Cottage في مقاطعة كلير، منح دليل ميشلان المكان نجمة، بينما وصفه آخرون بأنه أفضل مطعم في أيرلندا، وهي إشادة قوية في بلد يشتهر بتميزه في الطهي.
ولم يلحق الموقع الريفي أي ضرر بالمطعم، حيث وصفه دليل ميشلان بأنه "بلا شك الأكثر ريفية" بين الفائزين الجدد، مشيرًا في الوقت ذاته إلى "روعة المنتجات الأيرلندية" التي تشكل جوهر قائمة طعامه.
ويُعد هذا الإنجاز أكثر إثارة للإعجاب نظرًا لهشاشة قطاع المطاعم في أيرلندا والعديد من الدول الأخرى في السنوات الأخيرة، حيث تتأرجح مصائر العديد منها على حافة هاوية مجازية لا تقل حدّة عن المنحدر الذي يقع عليه مطعم Homestead Cottage.
تحدّ جديد يعتبر التصميم الداخلي لـ Homestead Cottage أكثر ريفية من معظم الوجهات الحائزة على نجمة ميشلان.Credit: Robbie and Sophie McCauleyويبدو أنّ ماكاولي، من اسكتلندا، وزوجته الفرنسية صاحبة المطعم، مهتمان أكثر بالنكهات الفريدة في ركنهما الغربي من أيرلندا، أكثر من اهتمامهما بالفوز بالجوائز.
ويقول ماكاولي لـ CNN: "مبادئنا محلية، موسمية، وأفضل جودة يمكننا العثور عليها".
ويعيش ماكاولي في غرب أيرلندا منذ العام 2013، لكن سيكون من غير العادل أن نطلق عليه لقب "الوافد الجديد"، كما يُعرف هنا الأجانب، إذ أن والدته من هذه المنطقة، وكان جده مزارع ألبان مستقل هنا. ويقول ماكاولي إنه شعر دومًا "بنوع من الجذب نحو كلير".
وبعد التدريب في الأكاديمية الملكية لفنون الطهي بلندن، والعمل في أفضل المطاعم مثل "Number One" في إدنبرة، و"Campagne" في كيلكيني، أيرلندا، تولّى وظيفة في مطعم فندق "Gregan’s Castle" في بورين، مقاطعة كلير، حيث أصبح في النهاية الشيف الرئيسي، وهناك التقى بزوجته المستقبلية.
وبحلول عام 2023، كان ماكولي مستعدًا لتحدٍ جديد. إذ عرض عليه رجل أعمال محلي عقد إيجار كوخ قديم يبلغ من العمر 200 عام يقع خارج قرية دولين بالقرب من منحدرات موهير الشهيرة. وكان ماكولي مترددًا.
لكن صوفي، التي كانت في الشهر الثامن من حملها في ذلك الوقت، هي من قالت إنهما "قد يجربان الأمر".
وقد أعجب الزوجان بالمكان، وكان لديهما ستة أسابيع لتجهيز المكان وتشغيله. وبعد ذلك، قبل أسبوعين من افتتاحه، أنجبت صوفي طفلتهما إيريس.
لكن تلك الأسابيع القليلة الأولى في يوليو/ تموز العام 2023، كانت هادئة. ثم جاءت مراجعة إيجابية من صحيفة The Irish Times. ويقول ماكولي "لقد أصبح الأمر جنونيًا" بعد ذلك. وبحلول فبراير/ شباط عام 2024، حصل المطعم على نجمة ميشلان.
ويقول ماكولي: "لم يكن هذا شيئًا توقعناه خصوصًا بهذه السرعة".
ويقدم Homestead Cottage قائمة طعام محددة عوض قائمة طعام حسب الطلب، ما يعني أقل قدر ممكن من النفايات. يستمتع ماكولي بـ"حرية التكيف عوض الالتزام بقائمة طعام مكتوبة".