النظام البيئى «إيكو سيستم »
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
خلال الأسبوع الماضي، تكررت كلمة (eco-system - إيكو سيستم) عدة مرات، مرة أثناء مؤتمر ريادة الأعمال الذى استضافته الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا فى مدينة العلمين الجديدة، ومرة خلال مناقشة استخدام التعليم الالكترونى واستخدام التقنيات الحديثة فى التعليم العالي، ومرة أخرى عندماوقعت أحداث إعصار دانيال المدمر فى شرق ليبيا وعلاقة ذلك بالتغيرات المناخية والاحتباس الحراري.
فى كل مرة كان استخدام الكلمة مختلفًا عن المعنى الذى درسته فى منهج الأحياء فى الثانوية العامة، وفى منهج الصحة العامة فى كلية الطب. اختلافمعنى الكلمة جعلنى أبحث عن المقصود بـ"الإيكو سيستم" فى سياق الموضوعات التى قيلت فيها.
أصل التعريف للكلمة، وهو المذكور فى كتب البيولوجيا (الأحياء) هو التوازن بين مكونات البيئية Environmental Equilibrium
وتأثيره على الكائنات الحية. فقد خلق الله سبحانه وتعالى الكون فى انسجام وتناغم بل وتوازن معجز، والإخلال بهذا التوازن يسبب الظواهر السلبية فىالتوازن البيولوجى. فالنبات أصل الحياة، ينتج السكريات التى يتغذى عليها الإنسان والحيوان، والأكسجين الذى يتنفسه، من الماء (من التربه والامطار)وثانى أكسيد الكربون (من الهواء) فى وجود الضوء (من الشمس). عملية التمثيل الضوئى التى تتم فى الأجزاء الخضراء من النبات من خلال المعادلةالمعروفة (الماء + ثانى أكسيد الكربون + الضوء - الجلوكوز + الأكسجين). ومن المعادلة يتضح التداخل الموزون بين الماء والهواء والشمس والأرض ومنعليها من كائنات حية، لاستمرار الحياة فى تناغم وتعادل ومكسب للجميع. وعند اختلال أحد هذه العناصر، بزيادة إنتاج ثانى أكسيد الكربون (الانبعاثالحراري)، أو نقص الأكسجين (تقطيع الغابات)، أو تسمم التربة (المخلفات الصناعية)، تنعكس على النبات والماء والهواء والأرض، ويتأثر بها الانسانوالحيوان والمناخ، وتظهر الظواهر الغريبة مثل الأعاصير والسيول المدمرة وذوبان الجليد وغيرها.
وعند مناقشة موضوع ريادة الأعمال والبزنس، والبطالة وتأهيل خريجى الجامعات لسوق العمل، تكررت كلمة إيكو سيستم بشكل يوحى بأن للكلمة معنىآخر غير التوازن البيولوجي، واتضح انها تشير إلى شبكة (network) مكونة من مجموعة من الكيانات (الشركات) التى تدير البزنس وتشمل المنتجينوالمصنعين والمورّدين والموزّعين والعملاء والمنافسين والوكالات الحكومية والقوانين المنظمه للعمل وغيرها، التى تتفاعل مع بعضها البعض فى تقديم
منتج أو خدمة معينّة عبر المنافسة والتعاون. بحيث تساعد كل هذه الكيانات بعضها البعض فى بيئة صحية مبنية على المنافسة الشريفة والشفافية وعدمالاحتكار.
بمعنى أن كل كيان من هذه الكيانات يؤثرّ ويتأثرّ بالكيانات الأخرى، مما يخلق علاقة دائمة التطورّ، بحيث ينبغى أن يكون كل كيان مرنًا وقادرًا على التكيفّ،ليتمكنّ من البقاء فى النظام البيئى للأعمال، تمامًا مثلما تتفاعل الكائنات الحية مع البيئة المحيطة.
أما فى مجال التعليم الالكترونى وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فقد تم استخدام مصطلح الإيكو سيستم لكى يدل على النظام المغلق على نفسه
(closed system) والذى يتكامل مع بعضه البعض ليوفر بيئة عمل مثالية ومتجانسة. ومثال ذلك أجهزة المحمول مثل منتجات شركة أبل وشركة هواوى. أوشركات الكمبيوتر مثل ميكروسوفت. وذلك من خلال حالة التوافق (matching) الذى توفره الأجهزة التى تنتجها نفس الشركة (أو شركات متكاملة) معبعضها البعض. تهدف الشركات من وراء هذا التوافق على تشجيع المستخدمين على شراء جميع منتجاتهم من نفس الشركة. فمثلًا يمكن ربط المحمول معساعة اليد والكمبيوتر المحمول وجهاز الاستقبال فى التلفزيون فى شبكة واحدة، تحقق الرفاهية والمتعة والتكامل للمستهلكين.
من الواضح أن مصطلح الإيكو سيستم، يعنى أن هناك نظام وانسجام فى الكون الذى خلقه الله تعالى حسب قوله فى القرآن الكريم "واَلأرَْضَ مَددَنْاَهاَوأَلَقَْينْاَ فيِهاَ رَواَسِى وأَنَبتَنْاَ فيِهاَ مِن كلُ شَيْءٍ موزُْون. (سورة الحجر - الاية ١٩). وحتى النشاط الإنسانى مثل ريادة الاعمال وحتى أنظمة التكنولوجياالحديثة، فهى تتفاعل فى تناغم دقيق يتيح لها أداء دورها بصورة أفضل.
هذا التفاعل والتنسيق يشكل ما يسمى بالتوازن البيئي، حيث تتفاعل هذه العناصر وفق نظام معين يسمى النظام البيئى Eco-system.
د. السعيد عبد الهادى: رئيس جامعة حورس
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: البيولوجيا
إقرأ أيضاً:
سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!
من قال لك إن الهدف هو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء فقط، لقد قلنا مرارًا وتكرارًا، أن الهدف هو مصر الدولة والمؤسسات، وأن الطريق إلى ذلك هو الطابور الخامس الذى لا يعرف للوطن حدودًا يقاتل من أجلها، ولكنه يريد الوصول إلى السلطة بأية طريق تمهد لجماعة الإخوان الإرهابية حكم مصر لمدة خمسمائة عام كما كانوا يقولون ويعتقدون!
لا تنس أن صفقة التهجير تم تسويقها فى عهد جماعة الإخوان كان مقابلها هو الصعود إلى قمة الهرم فى الدولة، والسيطرة على مقدرات هذا الشعب الذى قام بتصحيح مساره فأطاح بهم بعد عامٍ واحد فقط، ليصبح المخطط الذى كان سيتم تنفيذه رضاءً مع الجماعة لا يمكن تحقيقه إلا غصبًا وقهرًا مع غيرهم، ولذلك فالولايات المتحدة ومن قبلها إسرائيل تعلم أن مُخطط التهجير لن ينجح مع السيسى، ولن تقبله الدولة المصرية، ولن يسمح به الجيش المصرى، فالشعب الصامد والذى خاض أربع حروب للحفاظ على ترابه يُدرك أن هذا الخطر الكامن فى مصطلحات مثل الإنسانية والعطف على الشعب الذى تتم إبادته فى غزة، ما هو إلا حصان طروادة سيتم استخدامه للقضاء على القضية الفلسطينية والاستيلاء على سيناء للأبد، وبعدها ستتهم إسرائيل سكان سيناء (الغزاوية) بأنهم يخضعون لسيطرة حماس التى طردتها إسرائيل من غزة، وسيكون هذا هو مبررها بعد عشرة أوعشرين عامًا لسرقة سيناء من جديد، عندها ستقول لنا أمريكا «يجب نقل سكان سيناء التى أصبحت مركزًا للإرهاب إلى مدن القناة أو باقى المحافظات المصرية لحمايتهم من هجمات الجيش الإسرائيلي»، وتستمر اللعبة إلى أن نجد الضفة الأخرى من النيل يُرفع عليها علم إسرائيل ليتحقق حلم الدولة اليهودية التى تأسست سنة 1948 بكيان يمتد من النيل للفرات!
قد تقول لى.. هذا سيناريو من وحى الخيال.. لا يا عزيزى المواطن.. هذا سيناريو مستوحى من الأدبيات الإسرائيلية المكتوبة، وكنا نقاومه منذ كنا طلابًا فى جامعة القاهرة فى نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات.. وكنا نتحدث مع زملائنا حول فلسفة إصرار إسرائيل على اختيار مبنى مجاور للجامعة فى الجيزة ويطل على نهر النيل كمقرٍ لسفارتها التى تم افتتاحها فى مصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، بأنه اختيار يتسق مع فكرها، فقد اختارت موقع السفارة على النيل فى الجيزة وليس العاصمة، لأن القاهرة طبقًا للبروتوكولات والخطة الاستراتيجية الإسرائيلية تقع فى شرق النيل وليس غربها، وشرق النيل هو جزء من دولة إسرائيل التى تمتد من النيل للفرات، وبالتالى لا يجوز للدولة أن تفتتح سفارة لنفسها فوق أرضها، أما الجيزة فهى غرب النهر الذى لن تعبره إسرائيل.
وقد تقول لى.. ولكن سفارة إسرائيل الآن موجودة فى المعادى بالقاهرة؟ نعم يا عزيزى.. هذا صحيح.. لأنها اضطرت مع ضغوط المتظاهرين قبل 14 عامًا على الرحيل والتراجع إلى شرق النيل مثلما تراجعت تاركة سيناء فى 1973 وما بعدها!
ثم إنك «مش واخد بالك» بأن إسرائيل تقترب من الفرات، وفى نفس الوقت تقترب من النيل بعد إبادة غزة، وهى تحركات تشبه حركة «البَرجلْ» الذى تزداد مساحة قدميه شرقًا وغربًا فى وقت واحد، فهى تتحرك نحو الشرق بنفس مقدار تحركها نحو الغرب، فقد دمرت غزة وطردت سكانها، وتحركت فى ذات الوقت للسيطرة على جنوب لبنان، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضى السورية دون أن تواجه أية مقاومة من الجيش السورى المنهار، كما أن دخولها لسوريا تم بعد اتفاق مع (محمد الجولانى الذى أصبح اسمه أحمد الشرع) الرجل يرفض مصافحة النساء ولكنه يقبل ترك أرض بلاده فى سوريا والتى يحكمها الآن تُسرق وتنهب، ليتضح لنا أن مُخطط تمكين الجماعات الدينية المتطرفة هو مشروع يحظى برضًا إسرائيلى واضح!
نفس ما حدث فى سوريا.. يُدرس تنفيذه فى مصر.. ولكن لأن مصر دولة كبيرة– كما قال الرئيس فى الكاتدرائية يوم 6 يناير– فإن السيناريو من وجهة نظرى سيكون مختلفًا.. فالجيش المصرى قوى ومواجهته لن تكون سهلة.. والدولة المصرية تعمل بشكل علمى ومنظم وخداعها مستحيل.. ولذلك فإن الخطة سوف تختلف عن سيناريو سوريا وسيكون الهدف هو اختراق المؤسسات السياسية من الداخل.. وأطلب منك يا عزيزى أن تراجع ما قاله السيد وزير الداخلية منذ أيام قليلة فى خطابه أمام السيد رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بعيد الشرطة.. فقد قال نصًا: «تسعى جماعة الإخوان الإرهابية.. لإحياء نشاطها عبر التوسع فى ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسئولة أملًا فى زعزعة الأمن والاستقرار، فضلًا عن التنسيق مع عدد من ذوى التوجهات الفكرية الأخرى من منطلق المصالح المشتركة لتبنى الدعوة لإعادة دمجها فى النسيج المجتمعى الذى لفظها لفكرها القائم على العنف والتخريب».
الكلام واضح.. وقلته لحضراتكم مرارًا فى مقالات عديدة.. جماعة الإخوان تحاول الاندماج عبر عناصر إخوانية ممتازة داخل المجتمع السياسى من خلال اختراق الأحزاب، عبر تمويل ضخم جدًا يستهدف الاستيلاء على هذه الأحزاب، ومن ثم خوض انتخابات مجلسى النواب والشيوخ القادمتين تحت ألوية هذه الأحزاب وشعاراتها– حدث بالفعل فى التسعينات وقامت الجماعة بالاستيلاء على حزب العمل– وبعدها ستجد كوادر إخوانية ممتازة تتوغل داخل الأحزاب والمجلسين التشريعيين، وقد يستطيع أحدهم التسرب إلى منصب تنفيذى مهم– حدث بالفعل فى نهايات عهد مبارك هشام قنديل رئيس وزراء الإخوان كان عضوًا فى الجهاز الإدارى للجنة السياسات– ومن بعدها ننتظر انتخابات رئاسة الجمهورية لنجد أحد الأحزاب– التى تم اختراقها– يدفع بمرشحٍ إخوانى يرتدى ثوب الليبرالية، مدعومًا بأموال الجماعة ومساندة مخابرات دول أجنبية، لتكتشف فى النهاية أن نموذج (الجولاني) تم زرعه فى مصر خلال سنوات قليلة، لنواجه مصيرًا مُعدلًا- لما حدث فى سوريا- لن تُدرك مخاطره إلا عندما تقع «الفاس فى الراس»!!
للمرة الرابعة أو الخامسة احذر من اختراق التنظيمات للأحزاب والمؤسسات السياسية.. ورغم إدراكى ليقظة وصحيان مؤسسات الدولة.. إلا أن دافعى فى التكرار هو أن الذكرى تنفع المؤمنين.
الموضوع كبير.. والخطة جُهنمية.. ونحن يقظون.. ولن تمر هذه المخططات الشيطانية مهما فات الزمن.. وسنقاوم أجيالًا بعد أجيال خطط تهجير سكان غزة نحو سيناء.. ومخططات الاستيلاء على أحزابنا.. وسيناريوهات اختراق مؤسساتنا.
اللهم احفظ بلدنا.. تحيا مصر.. وعاش الجيش المصرى العظيم.