على الرغم من أن التفاصيل المحددة للمفاوضات لا تزال غير واضحة المعالم، إلاّ أن تطلع السعودية لإنهاء انخراطها في حرب اليمن يغذي الشواغل إزاء تخليها عن الحكومة المعترف بها دوليا وتجاهل مخاوف وأولويات الأطراف اليمنية الأخرى في ظل تعجّلها لنفض يدها عن الملف اليمني، وهو ما قد يخلق دوامة من حالة عدم الاستقرار في اليمن.

هكذا تحدث خبراء في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، حول الوفد رفيع المستوى الذي يُمثل جماعة الحوثيين الذي زار العاصمة السعودية الرياض، هذا الأسبوع، في أول زيارة علنية من نوعها منذ بدء الصراع.

وكانت المحادثات الثنائية بين السعودية وجماعة الحوثيين، انطلقت بشكل جدّي عقب فشل جهود تمديد الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة العام الماضي، وسرعان ما اكتسبت المحادثات زخماً بعد الانفراجة التي حققتها الوساطة الصينية بين السعودية وإيران في ربيع العام الجاري.

بدأ نوع من الجمود في المحادثات خلال فترة الصيف، إلا أن هذه الزيارة الأخيرة تشير إلى وجود نوع من التقدم في المسار التفاوضي، قد يتكلل باتفاق يُعلن عنه قريبا.

هذا الاتفاق قد يتيح متنفساً لتوفير قدر من المساعدات الاقتصادية ووصول الإغاثة الإنسانية لسكان اليمن العالقين تحت وطأة ظروف قاسية لقرابة عقد من الزمن.

اقرأ أيضاً

اجتماع أمريكي خليجي يبحث ملفات اليمن وإيران وسوريا وخور عبدالله

يقول ماجد المذحجي، إن الحوثيين عادة يميلون إلى انتزاع التسويات الجيدة التي تصب في صالحهم بدون تقديم المقابل، لافتا إلى أن هذا النهج التفاوضي طويل المدى يُراكم المكاسب الجزئية وبدون تقديم تنازل في القضايا الأساسية للنزاع.

ويضيف: "بقدر ما يشكل تواجد وفد حوثي رسمي وبشكل معلن في الرياض اختراقاً مثيراً للاهتمام و فرصة نادرة للدفع بالنقاشات حول السلام إلى الأمام، قد يبدو الأمر من زاوية أخرى تسوية بين الأقوياء يُستبعد منها غالبية اليمنيين، حيث تتملق فيها المملكة خصومها السابقين بالمال والتنازلات، بينما تفرض الجماعة سلام المنتصر في الداخل".

ويتابع: "تُفصح المحادثات السعودية الحوثية عن الثقل الإيراني الفعلي على الحوثيين والذي ساعد في تحسين استجابتهم للمسار التفاوضي، إلا أن أي عائد سياسي لأي اختراق يوقف الحرب في اليمن سيُنسب فضله إلى الصين، وهذا لن يكون مريحاً للولايات المتحدة، كونه يمهد الطريق لدور صيني جديد في منطقة لم يكن فيها نفوذ يُذكر على مدى التاريخ".

ووفق المذحجي، تمنح زيارة وفد الحوثيين إلى الرياض شكلاً من أشكال الاعتراف والندية يسعون إليه (الحوثيون) بشدة، ويبدو خطاب الحوثيين ليّنا وإيجابيا حتى الآن، مضيفا: "كما تأتي زيارة الحوثيين فعلياً وهُم في وضع ضعيف نسبياً، في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية في الداخل".

ويشير كذلك إلى عدد من التحديات المقلقة، وأهمها ألا ضمانة على إمكانية حدوث حوار سياسي بين أطراف الصراع اليمنية، واحتمالية تجدد القتال بعد فترة تكون فيها جماعة الحوثيين قد ضمنت دفع الرواتب لفترة معقولة تكفل إسكات الانتقادات الشعبية في مناطق سيطرتها، وترتيب وضعها عسكرياً للتحرك مجدداً من أجل بسط سيطرتها على مناطق جديدة هامة.

اقرأ أيضاً

تسوية شمالا ونفوذ جنوبا.. هكذا تخرج السعودية عسكريا من اليمن

ويلفت المذحجي إلى أن الإمارات وحلفاؤها هم الطرف الوحيد الذي يستطيع تعطيل هذا المسار، في ظل تهميش دور مجلس القيادة الرئاسي (المدعوم من السعودية) وباقي الأطراف اليمنية.

أما ميساء شجاع الدين، فتلفت إلى أن الحرب هي من شكّلت جماعة الحوثيين وبلورت طبيعتها المتوجسة والمرتابة وبُنيتها العسكرية.

ولم تُوقف الجماعة آلتها العسكرية على مدار تسعة عشر عاماً، وكانت جميع إنجازاتها مرهونة بنجاحاتها العسكرية – وبالتالي، يُعدّ السلام أكبر تحدٍ تواجهه الجماعة منذ نشأتها.

وتلفت إلى أن الحوثيين يواجهون حاليا تحدياً في الحفاظ تماسك الجماعة، في ظل تنامي الخلافات بين أفرادها على الأموال والنفوذ، "فهناك جناح حوثي يميل للتقارب مع السعودية بغية الاستفادة اقتصادياً، في حين ينظر جناح آخر متأثر عقائدياً بإيران لأي تقارب مع السعودية بتوجس عميق".

وتتوقع أن يظهر انقساما بين فئة ظلت تخدم سلطة الحوثيين أثناء فترة الحرب وجنت بذلك ثروة ونفوذا، وبين فئة العائدين من جبهات القتال الذين تعتريهم الغيرة من رؤية من ينعمون بمكاسب دون وجه حق.

اقرأ أيضاً

اتفاق سعودي إماراتي أمريكي على تنسيق الجهود لحل أزمة اليمن

وتشير ميساء إلى أنه "ليس أمام الحوثيين سوى خيارين: الإصلاح الذاتي للتأقلم مع وضع السلام، أو افتعال حرب جديدة"، مضيفة: "يبدو الخيار الأول مستبعدا لجماعة عقائدية لطالما جنت مكتسباتها بقوة السلاح عوضا عن الكفاءة السياسة أو الإدارية".

وتتابع: "الخيار الأخر للحوثيين هو افتعال حرب جديدة، حيث لا يُستبعد في حالة تجدد المعارك القتالية أن نشهد تناميا في نشاط تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية في اليمن، وهو ما سيمنح الحوثيين ذريعة لإعادة تشغيل آلتهم العسكرية والعودة إلى البيئة المألوفة بالنسبة لهم".

ويتفق معها حسام ردمان، الذي يقول إنه في حين يبدو الطريق سالكاً الآن أمام الحوثيين لإبرام اتفاق مع الرياض، تتزايد العقبات أمام الدور السعودي في جنوب اليمن.

ويضيف: "تركيز السعوديين المفرط على استرضاء الحوثيين، وتهميش حلفائهم المحليين في معسكر الحكومة الشرعية عزّز القناعة السياسية لدى المجلس الانتقالي الجنوبي بأن الرياض تحترم الخصم صعب المراس أكثر من الصديق الملتزم".

وعليه ومن وجهة نظر ردمان، فإن الطريقة الأنسب لفرض المجلس الانتقالي كلاعب رئيسي في أي مسار تفاوضي مرتقب سيكون بالعودة إلى سياسة الأمر الواقع، حتى وإن كان ذلك يهدد بتصنيف المجلس الانتقالي ككيان مارق من قبل السعودية وحلفائها الغربيين".

اقرأ أيضاً

تهدد 17 مليون شخص.. البنك الدولي يحذر من أزمة تمويل عنيفة في اليمن

ويلفت إلى أن سياق الأحداث أظهر منذ العام الماضي أن المحرك الرئيسي لجهود السلام في اليمن لم يكن التوافقات الوطنية أو المحلية، بل التفاهمات الإقليمية، انطلاقا من التقارب السعودي الإيراني، ومرورا بـالوساطة العمانية.

وعليه، حسب ردمان، فمن المنطقي أكثر أن يتموضع المجلس الانتقالي سياسيا مع داعمه الأساسي (الإمارات) وأن يتبنى سياسة تعطيلية ردّا على إقصاء أبوظبي من المحادثات الجارية.

أما عبدالغني الإرياني، فيقول إن "محاولتنا لضبط مستوى توقعات تحقيق السلام للشعب اليمني، هي خطوة لا تبعث السرور في أنفسنا، لكنها ضرورية لتسليط الضوء على العناصر التي لا تزال مفقودة لإعداد وصفة سلام ناجحة".

ويضيف: "لم تطرح أي من الأطراف المتحاربة داخل اليمن رؤية واضحة للتعايش السلمي، وشهدنا طوال فترة الحرب تمسكهم بأسلحتهم مطالبين باستسلام الجانب الآخر"، لافتا إلى أن الصِيَغ الجاهزة التي تعتمدها الأمم المتحدة لتحقيق المصالحة الوطنية لا تحظى بسجل حافل بالنجاح.

ويتابع: "حتى إن وُجدت الإرادة السياسية للتوصل إلى تسوية واسعة، فإن فرص نجاحها ستظل صعبة".

اقرأ أيضاً

اجتماع ثلاثي.. أمريكا تضغط لحل الخلافات بين السعودية والإمارات منعا لتخريب سلام اليمن

ويلفت الإرياني، إلى أن "السبيل الوحيد لتحقيق التوازن هو خلق وسائل ردع متعددة لتجاوزات الجماعات المسلحة، ومع ذلك، ولا يتضح بعد كيف يُمكن للأطراف الأضعف الدخول في ترتيبات لتقاسم السلطة مع جماعة الحوثيين الأكثر قوة بمراحل".

أما توماس جونو، فيقول إنه "رُغم المزاعم المتناقلة على وسائل الإعلام بأن المحادثات تهدف إلى إنهاء الحرب في اليمن، فإن الرياض والحوثيين لا يتفاوضون على سلام مستدام".

ويضيف: "تحاول السعودية منذ سنوات تقليل التكاليف المترتبة على انسحابها من حرب أصبحت منذ فترة طويلة قضية خاسرة وميئوس منها، وفي حال نجاح المحادثات السعودية- الحوثية، ستكون النتيجة إضفاء طابع مؤسسي على سلطة الحوثيين، وبقاء اليمن كدولة مجزأة في ظل عدم حلّ الدوافع المحلية الجذرية للحرب الداخلية، والدوافع التي أدت إلى ظهور أعمال العنف قبل التدخل السعودي".

ويتابع: "حتى الآن، لا توجد مؤشرات على إمكانية معالجة هذه الأسباب بنجاح على المدى القريب".

يشار إلى أنه منذ مدة، تتكثف مساعٍ إقليمية ودولية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات لوفدين سعودي وعماني إلى صنعاء، وجولات خليجية للمبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ والأممي هانس غروندبرغ.

اقرأ أيضاً

الحوثيون يغادرون الرياض.. ووساطة أمريكية لتحقيق توافق سعودي-إماراتي حول السلام اليمني

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: اليمن الحوثي السعودية إيران الشعب اليمني التحالف المجلس الانتقالی جماعة الحوثیین اقرأ أیضا فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

كأس آسيا 2027 في السعودية: 7 يناير إلى 5 فبراير في الرياض وجدة والخبر

يناير 7, 2025آخر تحديث: يناير 7, 2025

المستقلة/- في إعلان رسمي تم تأكيده مؤخرًا، ستستضيف المملكة العربية السعودية كأس آسيا 2027، الذي سيقام في الفترة من 7 يناير إلى 5 فبراير 2027. هذه البطولة تعد من أكبر الأحداث الرياضية في القارة الآسيوية، وستجمع منتخبات القارة في ثلاث مدن سعودية هي: الرياض، جدة، والخبر.

السعودية تستعد لاستضافة أكبر حدث رياضي في آسيا

تستعد السعودية لاستقبال أكبر فرق كرة القدم في القارة، في خطوة تعزز من مكانتها كوجهة رياضية عالمية. ستكون البطولة بمثابة تحدي تنظيمي كبير، حيث ستشهد المنافسات مشاركة عدد كبير من المنتخبات المتميزة، مما يعكس الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في مجال الرياضة.

المدن المستضيفة: الرياض، جدة، والخبر

تعد المدن المستضيفة الثلاثة، الرياض، جدة، والخبر، من أبرز المدن السعودية التي تتمتع ببنية تحتية رياضية متطورة. الرياض، العاصمة، ستستضيف مباريات حاسمة ومثيرة في أكبر الملاعب، بينما ستوفر جدة والخبر بيئة رياضية رائعة للفرق والجماهير. تتمتع هذه المدن بتجهيزات حديثة وتجربة سابقة في استضافة فعاليات رياضية دولية، مما يجعلها جاهزة لاستقبال الجماهير من كافة أنحاء آسيا.

التحديات والتطلعات

رغم التوقعات العالية، فإن استضافة بطولة كأس آسيا تتطلب استعدادات ضخمة من حيث الملاعب، الفنادق، وسائل النقل، والتقنيات الحديثة. المملكة تتطلع إلى تقديم تجربة لا مثيل لها للجماهير والفرق، وذلك عبر تنظيم فعاليات على أعلى مستوى من الاحترافية. كما سيسهم هذا الحدث في تعزيز السياحة الرياضية في السعودية، ويمنحها فرصة للتوسع في مجال الرياضة على مستوى عالمي.

أثر البطولة على كرة القدم الآسيوية

من المتوقع أن يساهم تنظيم كأس آسيا 2027 في تعزيز مكانة المملكة في عالم الرياضة، ويحفزها لاستضافة المزيد من البطولات الرياضية الكبرى في المستقبل. سيتابعه الملايين من عشاق كرة القدم في آسيا والعالم، مما يعزز من التواصل الرياضي والثقافي بين الدول المختلفة.

الخلاصة

استضافة السعودية لكأس آسيا 2027 هي خطوة كبيرة نحو تعزيز مكانتها في مجال الرياضة الدولية. ومع الاستعدادات المتواصلة في المدن الثلاث المستضيفة، يبدو أن المملكة على وشك تقديم نسخة مميزة من البطولة التي ينتظرها الجميع بفارغ الصبر.

مقالات مشابهة

  • مجلة أمريكية: ترامب سيدفع نحو نهج أكثر عدوانية في اليمن.. لكنه لن يردع الحوثيين (ترجمة خاصة)
  • اليمن.. غارات أمريكية – بريطانية تستهدف منشآت الحوثيين العسكرية
  • مصادر إسرائيلية: تل أبيب تستعد لشن هجوم خامس على الحوثيين في اليمن
  • كأس آسيا 2027 في السعودية: 7 يناير إلى 5 فبراير في الرياض وجدة والخبر
  • هل حان الوقت لتنفيذ سيناريو تصفية عبدالملك الحوثي في اليمن كما حصل لحسن نصر الله؟ .. معاريف تتسائل
  • المبعوث الأممي إلى اليمن: زيارتي لصنعاء تهدف إلى حث الحوثيين على دفع عملية السلام
  • السعودية تعيد تفعيل اللجنة المشتركة مع صنعاء بعد تغريدات الحوثي.. ماذا حدث؟
  • صحيفة سعودية تتساءل: لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً ضد الحوثيين في اليمن؟
  • بعد الرياض والدوحة | وزير الخارجية السوري يصل الإمارات في أول زيارة رسمية
  • هوكشتاين في الرياض قبل زيارة خاطفة لبيروت: لقاءان مع بري وميقاتي وزيارة للجنوب