الكنوز المجهولة لشادى عبد السلام.. وغيره!
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
قدرنا كمصريين أن نولد فى بلد يزخر بالحضارة فى كل جنباته، وهو ما جعلنا دائمًا نزهو ونفتخر بتاريخنا العريق المتنوع الذى لا مثيل له.. ولكن هذا التاريخ وتلك الحضارة لولا أنها وجدت من القدماء من يحافظ عليها ويوثقها، ما وصلت إلينا!..والسؤال هنا هل نشأتنا فى قلب حضارة ممتدة منذ آلاف السنين،
جعلنا نحن أيضًا شغوفين بالتوثيق لحاضرنا الذى سيصبح تاريخا للأجيال القادمة؟!.
لبعض من يصنعون أو حاولوا صنع حضارة حديثة ومتطورة يجدر بنا أن نفتخر بها وبهم، ونبنى على ما صنعوه، ونتعلم منه؟!.. ما دفعنى للتفكير فى هذا الأمر هو أننى منذ عدة أشهر أعيش فى رحاب المؤلف الموسيقى جمال سلامة، وذكرياته منذ طفولته وحتى وفاته.. فبسبب قربى منه فنيًا وإنسانيا؛ً كان يحكى
لى الكثير من الذكريات الثرية التى كانت تفاجئنى وتبهرني، ففكرت حينها فى توثيق تلك الحكايات فى كتاب، لإدراكى بأهميته وثقله الفني، والذى قد يغيبعن الكثيرين رغم الشهرة التى حققها!.. وعندما عرضت الفكرة عليه تحمس بشدة، وبدأنا فى تسجيل كل ما يتذكره منذ طفولته، وحتى من قبل ميلادهمما كان يسمعه من والديه.. وللأسف تأخر الكتاب كثيرًا لما يتطلبه من جهد ووقت، فى ظل ظروف الحياة وإيقاعها اللاهث، ولم أستطع تحقيق حلمى
المشترك مع الدكتور جمال بالإنتهاء من الكتاب فى حياته!.. ولكن ظلت تسجيلاته الصوتية والمرئية معى بمثابة أمانة فى عنقى، أرجو من الله تعالى أن
يوفقنى فى إتمامها بالشكل اللائق.. وحين شرعت فى الكتابة، كان كل همى وما يعنينى هو جمال سلامة، كواحد من أهم مبدعى مصر فى عصره، والتوثيق والمعلومات التى كنت أسمعها منه، وأعرف من خلالها أحداثًا هامة لم توثق بأى صورة من الصور، ولكن بمجرد أن بدأت فى تفريغ وصياغة التسجيلات التى سجلتها معه، وجدت أننى أفتح أبوابًا من المعرفة لم تكن على البال أو الخاطر!.. وبدأت أفتش فى معلومات أحتاج معرفتها وتوثيقها، وبدأت تتفجر داخلنا الكثير من الأسئلة، والجوانب الغامضة التى حاولت البحث عنها، كى تكون المعلومات التى أكتبها نقلًا عنه كاملة ودقيقة.. وفوجئت خلال تلك الرحلة التي لم تنته بالكثير من المعلومات، وشعرت وكأننى أقرأ تاريخنا الثقافى والفنى المعاصر بشكل جديد ولكننى كما فوجئت بمعلومات أبهرتني، وجعلتنى أنتشىفخرًا بما وصلت إليه مصر خلال الفترة التى عاشها جمال سلامة، شعرت أيضًا بالخطر وبالإحباط والخوف الشديد، بسبب غياب التوثيق والتسجيل للكثيرمن المعلومات الهامة، رغم عدم صعوبة هذا الأمر فى وقتنا الحالى!.. فوجدت أن هناك الكثير من الشخصيات الهامة والمؤثرة التى لم تلق أى اهتمام أو توثيق وكذلك الكثير من الأماكن والمؤسسات والأحداث والإنجازات، والتى لم يلق عليها أى ضوء!..وأصبحت الكثير من المعلومات والأحداث لا يعرفها سوى من عاصروها فقط، والذين فقدنا بعضهم، والبعض الآخر ما زال يعيش بيننا دون أن نحاول الإستفادة منهم، لحفظ وتوثيق ما تبقى!.. وعلى سبيل
المثال، أحزننى بشدة ما اكتشفته عن الإبداع الضائع للمخرج الفذ متعدد المواهب شادى عبد السلام! رغم ما حققه من شهرة ونجاح وجوائز وتكريمات محلية وعالمية!، فقد روى لى الدكتور جمال أنه فى بداياته عام ١٩٧٢ تقريبًا، قام بوضع الموسيقى التصويرية لفيلم تسجيلى تم تصويره كله تحت
الماء!..وأن المخرج العبقرى شادى عبد السلام كان مكلفًا من قبِل مؤسسة السينما بعمل أفلام جديدة وفيها فن وإبداع -حسب قوله- وحينما طلب منه
وضع الموسيقى قال له: "أنا عندى فيلم هيتصور كله تحت المايه، فعايزك تعمل موسيقى ما تبقاش عادية، تخيل الموسيقى اللى تحت المايه تبقى إزاى"
وبالفعل وضع الدكتور جمال موسيقى الفيلم مستخدمًا الأورج، وحصل على جائزة عن موسيقى هذا الفيلم الذى لم يتذكر إسمه! ولكن الكارثة أننى حينما حاولت توثيق تلك المعلومات، لم أجد أى أثر أو معلومة عن هذا الفيلم الهام والرائد فى ذلك الوقت! سواء فى الكتب أو من بعض المقربين من المخرج
الكبير، ولكن المعلومة الوحيدة التى توصلت لها، أنه تولى عام -١٩٦٩ أو ٦٨- ما يطلق عليه مركز الفيلم التجريبى التابع لمؤسسة السينما، والذى أنشأته
وزارة الثقافة، وأن شادى عبد السلام قدم الكثير من الأفلام التسجيلية، بخلاف الأفلام القليلة التى تنسب إليه فقط، ولم أستطع حتى الآن الوصول لقائمة
لكل أفلامه! أو للأفلام التى أنتجها مركز الفيلم التجريبى! كما حاولت البحث فى تاريخ هذا المركز ولم أجد معلومات وافية سوى أن هذا المركز قدم الكثيرمن الأفلام التسجيلية التى تميزت بمستويات رفيعة للغاية! ولا أعلم كيف نترك تاريخًا كهذا دون أن نعرفه، ودون أن نعرضه على شاشاتنا؟! وهل هذه
الأفلام موجودة أم فقدت! وكيف تكون معلوماتنا منقوصة إلى هذا الحد عن أحد أهم مخرجينا الذين صنعوا مدرسة وبصمة سينمائية متفردة؟!..وإذا كنا
نفتقد المعلومات عن قامة كشادى عبد السلام، فماذا عن من هم دونه؟!..هل ندرك قيمة التوثيق الدقيق للشخصيات والأماكن والمؤسسات وكل ما نعيشهمن أحداث؟!..فالدول المتطورة تعى جيدا قيمة التوثيق لأحداثها وشخصياتها وعاداتها وكل معلوماتها وتفاصيلها بدقة، إدراكا منهم بأنهم يوثقون التاريخ
المعاصر لبلادهم، حتى تقرأه الأجيال القادمة بوعى ويتعلموا ممن سبقوهم!..فهل سنترك تاريخنا الثقافى يضيع ويندثر؟!ونظل نتفنن فى إهدار الفرص التىيمكننا بها صناعة تاريخ تفتخر به الأجيال القادمة؟!.
د. رشا يحيى: أستاذة بأكاديمية الفنون
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأفلام التسجيلية عبد السلام الکثیر من
إقرأ أيضاً:
هل تتربع أفلام الموسيقى على عرش جوائز أوسكار 2025؟
رغم أن الأفلام الموسيقية ليست للجميع، بل تعتمد على جمهور محدود يستمتع بها، فإن أعدادها شهدت ارتفاعا في السنوات الأخيرة، ولم يعد الأمر مُقتصرا على أفلام ديزني أو الرسوم المتحركة والأفلام الاستعراضية، بل توسّع وامتد شاملا فئات أخرى من بينها الدراما والفانتازيا وحتى الجريمة، لذا كان من المتوقع أن نشهد بعض منها بين الأفلام المرشحة لجوائز أوسكار 2025.
قبل الخوض في أبرز الأعمال الموسيقية المرشحة للفوز بجائزة الأوسكار، لا بد من الإشارة إلى أن زيادة الأعمال الدرامية الموسيقية لا يعود فقط لأهمية الموسيقى وقدرة الأغنيات على إضافة زخم للعمل ومداعبة المشاعر الإنسانية بطريقة أقرب إلى السحر، وإنما للتغييرات التي طرأت على العالم بعد الكورونا، تراجعت السينما وأغلقت دور العرض وارتمى الناس لأحضان الموسيقى والمنصات الرقمية، ومع محاولة صانعي السينما لمعاودة التحليق في سماء الفن لجأ بعضهم للمزج بين الاثنين ومخاطبة شرائح جماهيرية أكبر.
BINGO! Congratulations to the entire team behind Emilia Pérez on 13 Academy Award nominations including:
Best Picture
Best International Feature Film
Best Director – Jacques Audiard
Best Actress – Karla Sofía Gascón
Best Supporting Actress – Zoe Saldaña
Best Adapted Screenplay… pic.twitter.com/3AUwsDZthD
— Emilia Pérez Film (@EmiliaPerezFilm) January 23, 2025
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأوسكار 2025: تنافس مثير على جائزة أفضل فيلم دولي وغياب الأفلام العربيةlist 2 of 2منصة الأوسكار تتهاوى.. هل انتهى عصر جائزة السينما الأشهر؟end of list إعلان إيميليا بيريز.. الأكثر إثارة للجدلالفيلم الأول والذي تصدّر قائمة الترشيحات إثر حصوله على 13 ترشيحا إجماليا، هو "إيميليا بيريز" (Emilia Pérez)، وهذا يجعله بالمرتبة الثانية للأرقام القياسية بعد 3 أفلام هي "تيتانيك" (Titanic) و"لا لا لاند" (La La Land) و"كل شيء عن إيف" (All About Eve) الحاصلة على 14 ترشيحا لكل منها.
العمل فرنسي الجنسية ناطق بالإسبانية، يجمع بين الدراما والموسيقى والإثارة، تدور أحداثه حول محامية تجد نفسها مضطرة لمساعدة زعيم عصابة مكسيكي للهروب من العدالة عبر تزييف موته والتحول إلى امرأة تاركا حياة الجريمة خلفه والبدء من جديد.
ويُنشئ مؤسسة خيرية ويحاول التأثير إيجابيا في المجتمع عبر مساعدة أهالي المختفين قسريا للعثور على ذويهم أو على الأقل تسليم جثثهم للتعافي من الفقد والمضي قدما بحياتهم الراكدة.
لأسباب عديدة بعضها فني، وبعضها شخصي، أثار الفيلم الكثير من الجدل، ففنيا بسبب كونه تجربة سينمائية فريدة حيث لم يبحر فيه أحد من قبل، مع أداء تمثيلي متميز وحبكة جمعت بين الميلودراما والإثارة والدماء والكثير من الموسيقى الرائعة.
وقد تضافرت الأغنيات داخل الحوارات والأحداث لتصبح إحدى أدوات السرد الجلية بالعمل وهو رهان خطير إذا مُني بالفشل. وتنوعت الأغاني بين المونولوج والديالوغ والقليل من الغناء الصاخب مع الكثير من الأغاني الهامسة التي لم يشارك بها الأبطال الرئيسيون وحدهم وإنما حتى الكومبارس أصحاب الظهور الذي لا يتعدّى ثواني، ولعل أفضل ما ميز الأغاني هو التنوع الثري سواء بالأسلوب أو الروح والاختلاف حَد الفوضى والجنون اللذيذ.
ورغم أن العمل مُرشّح للأوسكار وفاز بالكثير من الجوائز المهمة مثل: بافتا البريطانية كأفضل فيلم دولي، وغولدن غلوب كأفضل فيلم موسيقي/كوميدي، وحصلت بطلته زوي سالدانيا بالفاعليتين على جائزة أفضل ممثلة مساعدة، ومن "مهرجان كان" اقتنص جائزة لجنة التحكيم، وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل ممثلة لكارلا صوفيا غاسكون، إلا أنه لم يحصل سوى على تقييم 5.5 على موقع "آي إم دي بي" الفني.
إعلانوهو ما يمكن تبريره بلجوء المخرج الفرنسي جاك أوديار لاستخدام بعض المتناقضات الفنية ووجود ثغرات درامية بالحبكة. أما الجدل الشخصي، فلسببين الأول التصريحات التي أدلت بها غاكسون، حول موقفها من الإسلام والمسلمين، كذلك سخرت من الحركات المناهضة للعنصرية. ومع الهجوم عليها عادت واعتذرت قبل أن تحذف "نتفليكس" صورها من الحملات الدعائية للعمل السابقة للأوسكار. والثاني نتج عن غضب المكسيكيين واتهامهم صانعي العمل بتنميطهم كمجرمين ورجال عصابات غارقين في العنف.
Wicked has won Best Production Design at the BAFTA Film Awards! pic.twitter.com/hiw7yycbma
— Wicked Movie (@wickedmovie) February 16, 2025
ويكيد.. الأكثر ترفيها لهذا العامالعمل الموسيقي التالي هو "ويكيد" (Wicked)، وهو فيلم موسيقى فانتازي مُقتبس من الفصل الأول لمسرحية تحمل الاسم نفسه، يُناسب الأعمار بداية من 12 عاما، أما من هم دون ذلك فيُنصح برفقة ذويهم معهم. وتحكي قصته عن ساحرة الغرب الشريرة التي يحتفل أهل بلدتها بالتخلص منها وموتها أخيرا، قبل أن نعود للخلف لنشهد حياتها وصولا إلى تلك اللحظة.
الفيلم مجرد جزء أول، وهذا يعني أن الحكاية لم تكتمل بعد ومن المُفترض عرض الجزء الثاني نهاية العام الجاري، وهو من إخراج جون إم تشو، وشارك ببطولته سينثيا إيريفو، وأريانا غراندي، وجوناثان بيلي، وميشيل يوه، وجيف غولدبلوم.
وبالنظر إلى الإشادات الإيجابية والألقاب الكثيرة التي حصل عليها من النقاد، بجانب فوزه بجائزتي غولدن غلوب وبافتا البريطانية وترشحه إلى 10 جوائز أوسكار، نجد أنفسنا أمام مُرشّح قوي للفوز، خاصة ضمن فئات مثل أفضل تصميم أزياء، وأفضل تصميم إنتاج، وأفضل موسيقى تصويرية، وأفضل صوت، وأفضل مكياج.
وبالتركيز على الجانب الموسيقي، يمكن القول إن العمل جاء متخما بالاستعراضات المبهرة بصريا وسمعيا بين أغنيات مناسبة لأجواء العمل وسحر الحكاية وتصاميم رقصات أشبه باللوحات الفنية.
Timothée Chalamet wins Outstanding Performance by a Male Actor in a Leading Role at the #SAGAwards for his role as Bob Dylan in A Complete Unknown! #ACompleteUnknown pic.twitter.com/rFKDYV33WH
— A Complete Unknown News (@acufilmnews) February 24, 2025
إعلان مجهول تماما.. الأكثر واقعية"مجهول تماما" (A Complete Unknown) هو فيلم سيرة ذاتية موسيقي-درامي أميركي تتمحور قصته حول المغني بوب ديلن، ويستند بأحداثه إلى كتاب "ديلان يستعمل الغيتار الكهربائي" الذي صدر عام 2015.
يستعرض العمل رحلة ديلان الفنية ونجاحاته المبكرة في حين يُسلط الضوء على استخدام الآلات الكهربائية خلال عزف الموسيقى الشعبية، وقد أشاد النقاد بالأداء التمثيلي لتيموثي شالاميت الذي فاز عن دوره -قبل يومين- بجائزة أفضل ممثل في حفل جائزة نقابة ممثلي الشاشة (SAG Award) فهل يفعلها ويفوز بالأوسكار عن الدور نفسه؟
موسيقى تصويرية لانقلاب عسكري.. الأكثر ثوريةالفيلم الأخير ضمن القائمة عمل وثائقي يجمع بين الدراما والموسيقى، وهو "موسيقى تصويرية لانقلاب عسكري" (Soundtrack to a Coup d’Etat) للمخرج البلجيكي يوهان جريمونبريز.
العمل يستعرض الحرب الباردة، وكيف تقاطع دور الموسيقى والموسيقيين -من بينهم المغني آبي لينكولن وعازف الطبول ماكس روتش ونينا سيمون وأرمسترونغ وديزي غيليسبي- مع بعض الأحداث السياسية بعد اغتيال أول زعيم منتخب ديمقراطيا في الكونغو المستقلة مؤخرا.