شكري: مصر أثبتت أنها شريك تعاون موثوق به ويُعتمد عليه في مواجهة التحديات الراهنة
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
أكد وزير الخارجية سامح شكرى اليوم /الخميس/أن مصر أثبتت أنها شريك تعاون موثوق به ويُعتمد عليه في مواجهة التحديات العالمية الراهنة.
جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية سامح شكري مع " ينس ستولتنبرج " سكرتير عام حلف شمال الأطلنطي(الناتو) على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وذلك في إطار الاهتمام بالتشاور مع الحلف بشأن الأوضاع الإقليمية والدولية، وطرح الرؤية المصرية بشأنها.
وكشف السفير أحمد أبو زيد، المُتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، أن اللقاء عكس الزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية بين مصر والحلف، والشراكة التي تربطهما في إطار الحوار المتوسطي للحلف مع دول جنوب المتوسط.
وأكد الجانبان أهمية تعميق آليات التشاور تجاه القضايا محل الاهتمام، وأهمية استمرار وتيرة الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة بين الجانبين.
وقال السفير أبوزيد إن اللقاء تناول سبل تفعيل وتطوير برامج التعاون والشراكة القائمة بين الجانبين، وتعزيز التعاون في عدة مجالات من بينها مكافحة الإرهاب والتصدي للهجرة غير الشرعية، والكشف عن وإزالة الألغام، والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى بناء القدرات البشرية والتكنولوجية لمواجهة التهديدات الناشئة والهجينة.
وأضاف أن وزير الخارجية حرص خلال اللقاء على تأكيد التزام مصر الثابت بالأمن الإقليمي، واستعراض الجهود المصرية الرائدة في مجالي مكافحة الإرهاب والتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية من خلال المقاربة الشاملة التي تنتهجها مصر في التعامل مع هاتين الظاهرتين، وأكد التزام مصر بدعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
كما تناول الجانبان تأثير الأزمات الدولية الراهنة على أمن الطاقة وأمن الغذاء، وما تواجهه الدول النامية من تحديات في هذا الشأن.
وحرص شكري في هذا السياق على استعراض مساهمات مصر في تعزيز أمن الطاقة، مشدداً على أن مساهمات مصر المتعددة الأوجه أثبتت أن مصر شريك موثوق به في مواجهة التحديات العالمية الراهنة.
ومن جانبه، أكد السكرتير العام لحلف (الناتو) على محورية دور مصر الإقليمي في تعزيز الاستقرار والتعاون داخل المنطقة، كما أشاد بدورها كلاعب رئيسي في الحرب العالمية ضد الإرهاب، وكذلك بالتدابير التي اتخذتها الحكومة المصرية لمواجهة الجماعات المتطرفة داخل حدودها وتعاونها مع الشركاء الدوليين في تبادل المعلومات الاستخبارية وعمليات مكافحة الإرهاب.
ونوه السفير أبوزيد إلى أن اللقاء شهد تبادل الرؤى والتقييمات لعدد من القضايا في المنطقة، خاصة التطورات في شرق المتوسط وشمال أفريقيا بما في ذلك تطورات الملف الليبي وجهود دعم المسار الدستوري في ليبيا وتطورات الوضع في الأراضي الفلسطينية، فضلاً عن الأوضاع السياسية والأمنية في منطقة الساحل والقرن الأفريقي وتطورات الأزمة السودانية.
ومن جانبه، اطلع الوزير شكري، سكرتير عام الناتو على محددات الموقف المصري إزاء تلك القضايا وجهود مصر للوصول لتسوية سلمية لتلك الأزمات لاستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.
كما حرص الوزير شكري على التعرف على تقديرات السكرتير العام بشأن تطورات الأزمة الأوكرانية، وإطلاعه أيضاً على نتائج الاتصالات التي تمت في إطار المبادرة الإفريقية للمساهمة في حل الأزمة ووضع نهاية لتبعاتها السلبية على الدول النامية.
وأشار "أبوزيد" إلى أن المحادثات تطرقت أيضاً إلى جهود مصر لدعم دول القارة الإفريقية في مواجهة التحديات الأمنية، لاسيما في مجال التدريب وبناء القدرات، حيث حرص الوزير شكري على ابراز الدور الهام الذي يضطلع به مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام CCCPA، في جهود بناء القدرات في إفريقيا، وهو ما كان محل تقدير " ستولتنبرج"، والذي أعرب عن اهتمامه بالتعاون مع مصر في جهود بناء القدرات في أفريقيا، معتبراً مصر بوابة الحلف إلى القارة الإفريقية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: التحديات الراهنة شكرى مصر فی مواجهة التحدیات
إقرأ أيضاً:
أمريكا والإرهاب في الشرق الأوسط.. اليمن نموذج لمقاومة الهيمنة والفوضى
يمانيون/ تقارير استخدمت الولايات المتحدة شعار “الحرب على الإرهاب” أداة دعائية لتبرير تدخلاتها العسكرية في الشرق الأوسط، لكن الوقائع أثبتت أنها لم تحارب الإرهاب يوما، بل كانت صانعته.
فمنذ أن رفعت واشنطن هذا الشعار، تحولت إلى الراعي الأول للجماعات الإرهابية، مستغلة وجودها لخلق الفوضى، وإعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة، ونهب ثرواتها، وتبرير احتلالها العسكري لدول الشرق الأوسط.
لم تكن استراتيجية الولايات المتحدة تهدف إلى محاربة الإرهاب، بل إلى استخدام الجماعات الإرهابية كأدوات لتبرير تدخلاتها العسكرية، فبدلاً من القضاء عليها، كانت واشنطن تساهم في نموها وتمويلها لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية.
من خلال هذه السياسات، أصبحت الجماعات الإرهابية أداة بيد أمريكا لإعادة رسم الخارطة السياسية وتوسيع نفوذها، ومع مرور الوقت، اتضح أن الإرهاب لم يكن عدواً لأمريكا، بل كان وسيلة لفرض السيطرة على الدول ونهب الثروات تحت ستار محاربة خطر صنعته بنفسها.
على مدار عقود، أثبتت الأحداث أن أمريكا المستفيد الأول من انتشار الإرهاب، حيث تتبنى استراتيجية مزدوجة تقوم على توظيف الجماعات الإرهابية لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، ثم التدخل بحجة مكافحتها، فلم يكن ظهور الجماعات الإرهابية، مثل القاعدة وداعش، مجرد نتيجة لصراعات محلية، بل كان امتداداً لسياسات أمريكية بدأت منذ الحرب الباردة، عندما استخدمت واشنطن الجماعات المتطرفة لمحاربة الاتحاد السوفيتي، ثم أعادت توظيفها لاحقاً لإعادة تشكيل الخارطة السياسية وفق مصالحها.
في العراق، مثّل الغزو الأمريكي عام 2003 خطوة لإعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري، حيث أدت هذه الحرب إلى تفكيك الدولة، وخلق بيئة خصبة لظهور الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش، الذي شكل امتدادا مباشرا للسياسات الأمريكية في المنطقة.
بعد انسحابها من العراق، تركت أمريكا فراغاً أمنياً سمح لداعش بالتمدد بسرعة غير منطقية، ما دفع واشنطن إلى العودة مجدداً تحت ذريعة مكافحته، لكن الواقع كشف أن توسع داعش لم يكن إلا مبرراً للتدخل العسكري، وليس نتيجة ضعف الحكومة العراقية وحدها.
أما في سوريا، فقد دعمت الولايات المتحدة الجماعات المسلحة تحت مسمى “المعارضة المعتدلة”، لكن هذه الجماعات كانت مجرد غطاء للفصائل الإرهابية التي استخدمت الدعم الأمريكي والخليجي لإشعال الحرب وتدمير البنية التحتية للبلاد، ذلك الدعم ساهم في تحويل سوريا إلى ساحة للفوضى، خدمة للمصالح الأمريكية والصهيونية، حيث أصبح التدخل العسكري الأمريكي جزءاً من استراتيجية أوسع لتوسيع نفوذ واشنطن في المنطقة.
وفي هذا السياق، لم يكن صعود الجولاني إلى قمة المشهد السوري مجرد تطور داخلي، بل جاء نتيجة دعم أمريكي مباشر وغير مباشر، حيث وفرت واشنطن وحلفاؤها الغطاء السياسي واللوجستي لتحركات الجماعات المسلحة، وسهلت حصولها على الأسلحة تحت مسمى “المعارضة المعتدلة”، ما سمح لها بالتمدد والسيطرة على الأرض.
أصبح الجولاني قائداً لجميع الأراضي السورية عبر عصابة “هيئة تحرير الشام”، التي تحولت إلى القوة الحاكمة للبلاد، ومارست أبشع الجرائم بحق المدنيين، في إطار مشروع أمريكي لإعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة.
لم يقتصر دعم الولايات المتحدة للإرهاب على الجماعات المتطرفة، بل كانت شريكاً أساسياً في رعاية الإرهاب الصهيوني ضد الفلسطينيين، فمنذ احتلال فلسطين، قدمت أمريكا للكيان الصهيوني كل أشكال الدعم العسكري والسياسي، وأصبحت شريكة في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، من خلال تمويل جيش الاحتلال، وتزويده بأحدث الأسلحة، وتوفير الغطاء الدبلوماسي في الأمم المتحدة لتمكينه من مواصلة جرائمه دون مساءلة.
لم تكتفِ واشنطن بدعم الكيان الصهيوني عسكرياً واقتصادياً، بل كانت الحامي السياسي له، مستخدمة حق الفيتو عشرات المرات لإجهاض أي قرار يدين جرائمه في مجلس الأمن، وهذا الدعم جعل إسرائيل تمضي في انتهاكاتها دون خوف من أي عقوبات دولية.
على مدى العقود الماضية، استخدمت واشنطن ملف “مكافحة الإرهاب” كذريعة لإسكات أي صوت مقاوم، فكل من يرفض الهيمنة الأمريكية، أو يواجه الاحتلال الإسرائيلي، يوصف بالإرهاب، بينما تصنف الجماعات المتطرفة، التي تخدم المصالح الأمريكية، بأنها “معارضة مشروعة” تستحق الدعم، هذا الانحياز الأمريكي الفاضح كشف زيف ادعاءاتها حول محاربة الإرهاب، وكشف أن واشنطن لا تكافح الإرهاب، بل تحميه، وتستخدمه أداة لتحقيق أهدافها الاستعمارية.
لم يكن اليمن بمعزل عن هذه المشاريع الأمريكية، فقد ظلت واشنطن لعقود تستخدم النظام السابق أداة لتمرير مخططاتها، وتثبيت وجودها العسكري، من خلال قواعد سرية، وسياسات تدميرية، أسهمت في إضعاف الدولة، وفتح المجال أمام الجماعات الإرهابية للنشاط بحرية في بعض المناطق، لتكون أداة ضغط يتم استخدامها عند الحاجة.
غير أن المعادلة تغيرت مع ثورة 21 سبتمبر 2014، التي شكلت ضربة قاصمة لمشاريع واشنطن، حيث تمكن الشعب اليمني من إسقاط الوصاية الأمريكية، وطرد الأدوات العميلة، وإنهاء النفوذ الأمريكي الذي كان متغلغلا في مؤسسات الدولة.
هذه الثورة مثلت تحولاً استراتيجياً أفقد واشنطن واحدة من أهم ساحات نفوذها في المنطقة، وجعل اليمن نموذجاً فريداً في مواجهة المشاريع الأمريكية، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى شن حرب عدوانية، عبر أدواتها في المنطقة، بهدف إعادة اليمن إلى مربع الهيمنة، لكن هذه الحرب، رغم قساوتها، لم تحقق أهدافها، بل زادت من صلابة الموقف اليمني، وأثبتت أن الشعب قادر على الصمود، وإفشال كل المخططات الخارجية.
اليمن اليوم ليس مجرد ساحة مواجهة، بل نموذجاً حياً لإفشال الهيمنة الأمريكية، حيث تمكن من كسر أدواتها وفضح زيف شعاراتها، ومع استمرار صمود الشعوب الحرة، يتضح أن المشروع الأمريكي في المنطقة يواجه نهايته المحتومة، وأن الهيمنة التي بنيت على الإرهاب ستنهار أمام إرادة الشعوب ووعيها المتزايد.