أخبارنا:
2025-03-15@05:38:42 GMT

زلزال المغرب.. حزن عميق بحجم هول الفاجعة ووطن في القمة

تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT

زلزال المغرب.. حزن عميق بحجم هول الفاجعة ووطن في القمة

بقلم: محمد إنفي

الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز التابع لجهة مراكش-آسفي وامتد إلى الأقاليم المجاورة بما فيها أقاليم تابعة لجهة سوس- ماسة وأخرى تابعة لجهة درعة - تافيلالت، خلَّف خسائر مادية وبشرية كبيرة بفعل قوته التي بلغت سبع درجات على سلم ريختر، وبذلك أحدث حزنا عميقا في نفوس وقلوب كل المغاربة؛ وقد كان عمق هذا الحزن بحجم هول الفاجعة.

وإذا كانت الخسائر المادية والبشرية قد انحصرت في الجهات الثلاث المذكورة، فإن مناطق أخرى خارج هذه الجهات قد عاشت لحظات من الرعب والهلع والذعر بفعل الإحساس بالهزة الأرضية؛ مما دفع بالكثير من الناس إلى قضاء ليلتهم خارج بيوتهم، كما حدث في الدار البيضاء مثلا، حيث قضى الناس ليلة بيضاء. ولم يقف الإحساس بالهزة عند الدار البيضاء الكبرى، بل امتد إلى بعض الجهات، كفاس- مكناس مثلا، حيث كان الإحساس بها أخف من الدار البيضاء بسبب البعد عن بؤرة الزلزال؛ إذ كلما ابتعدنا عن هذه البؤرة، كلما تضاءل الإحساس بالهزة إلى أن ينعدم تماما.

وما كاد الخبر ينتشر حتى سادت الدهشة والحيرة في الساعات الأولى بسبب غياب معلومات كافية عن الحادث. لكن الإعلان عن بؤرة الزلزال وقوته، كان كافيا لتصور هول الفاجعة. ولما بدأت تصل الأخبار حول الخسائر البشرية وحول الدمار الذي خلفه الزلزال، غمرت موجة من الحزن والأسى قلوب المغاربة. وكان هذا الحزن يشتد مع تنامي أعداد الضحايا (عشرات المئات بين الموتى والجرحى).

ورغم قوة الصدمة وفجائية الحدث، فلم يتأخر رد الفعل الرسمي والشعبي؛ إذ سجل العالم بانبهار السرعة والفعالية التي تم بها التدخل من أجل إغاثة المنكوبين، حيث انخرط الجميع، كل حسب موقعه وحسب مؤهلاته وإمكانياته، في عمليتين متزامنتين وموازيتين (عملية الإنقاذ وحملة التضامن). فرغم وعورة التضاريس وصعوبة المسالك، ورغم ركام الأحجار من كل الأحجام والأكوام الهائلة من الأتربة التي أغلقت كل المنافذ، فصعُب الوصول إلى المناطق المنكوبة، فإن فرق الإنقاذ قد تمكنت من الشروع في عملها بالسرعة المطلوبة بفضل تضافر الجهود وتعبئة كل الإمكانيات المتوفرة.

وعن الحملة (والأصح الملحمة) التضامنية للمغاربة مع المناطق المنكوبة، تجدر الإشارة إلى أنهم هبَّوا عن بكرة أبيهم لمساعدة المنكوبين في حملة تضامنية واسعة غطت المغرب من أقصاه إلى أقصاه، أو من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. وقد خفَّف هذا التضامن الواسع شيئا ما من قوة الصدمة، وقلص، نسبيا، من شدة الحزن الذي غمر القلوب وأدماها.

وهكذا، فبمجرد ما تم التعبير عن الحاجة إلى الدم لإغاثة المصابين، غصت مراكز تحاقن الدم على المستوى الوطني بالمتطوعين في تلقائية وأريحية لن تجدها إلا في المغرب. وقد أنبهر العالم من الطوابير الطويلة للمتبرعين بدمهم لفائدة المصابين. ومما زاد من قيمة ورمزية هذا الفعل الإنساني الجميل، تبرع الملك محمد السادس بدمه كأي مواطن من المواطنين. صدق من قال: "ملك مواطن ومواطنون ملكيون".

أما قوافل التضامن المحملة بالمواد الغذائية والأغطية والأفرشة والخيام وحاجيات أخرى، فحدث ولا حرج. لقد أبان الشعب المغربي عن معدنه النفيس الذي لا يصدأ. فحتى الفقراء المعدمون لم يقبلوا أن يبقوا على هامش الملحمة. فمنهم من تبرع بقنينة زيت ومنهم من تبرع بشيء من السكر ومنهم من تبرع بغطاء... رغم حاجتهم لما تبرعوا به. ولا بد أن نذكر تلك المرأة التي لم تجد ما تتبرع به، فأرادت أن تخلع خاتم زواجها لتقدمه للمتطوعين المكلفين بجمع التبرعات، والذين منعوها من ذلك وقبلوا يديها احتراما وتقديرا لشعورها النبيل ومعدنها الأصيل. وما هذا إلا غيض من فيض علامات نبل الشعب المغربي بكل فئاته.

ونكاية في أعداء الوحدة الترابية الذين تشفَّوا وشمتوا في الضحايا وفي جارهم الغربي، ندعو الشعب الجزائري الذي يبدو أنه قد طبع مع الطوابير، أن يتأمل المواكب المهيبة لقوافل التضامن التي تنطلق يوميا من كل المدن والجهات المغربية الإثني عشر في اتجاه المناطق المنكوبة، محملة بكل ما يمكن أن يتصوره المرء من خيرات ومن مستلزمات الحياة. كما ندعو النظام وأبواقه وكل المبردعين والضباع الآدمية إلى التمعن (وإن كنا متيقنين من غبائهم الذي يُغشِّي بصرهم وبصيرتهم) خصوصا في طوابير الشاحنات والشُّحْنات الضخمة التي تنطلق من جهتي الداخلة والعيون تجاه المناطق المنكوبة.

وإذ نسجل التعاطف العالمي الكبير مع المغرب في هذا المصاب الجلل، ونسجل باعتزاز كبير استعداد الكثير من الدول (حوالي سبعين دولة) لتقديم المساعدة والإسهام في الإغاثة والإنقاذ، فإننا نقف احتراما وتقديرا للدول التي تفهمت موقف المغرب واحترمت رغبته، ونستهجن ونشجب موقف فرنسا ومقاطعتها الأفريقية اللتين شكلتا استثناء بموقفهما، حيث أبانتا عن خبثهما وعدم صدق نيتهما في المساعدة.

فمن أجل ضمان حسن التنظيم والحصول على الفعالية والمردودية المطلوبة، فقد طلب المغرب من الدول التي عبرت عن رغبها واستعدادها لتقديم المساعدات، التريث في انتظار تحديد الأولويات والاحتياجات من أجل تجنب هدر الطاقات والتكدس المعرقل للمجهودات التنظيمية. ولهذا الغرض، اكتفي المغرب، في البداية، بفرق أربع دول لتعزيز الفرق الوطنية المتواجدة في الميدان منذ الساعات الأولى للفاجعة. وتقديرا واحتراما للدول التي عبرت عن استعدادها ورغبتها في التضامن مع المغرب ومساعدته في المحنة التي حلت به، فقد تقدم الملك محمد السادس شخصيا بالشكر لهذه الدول على تعاطفها وتضامنها مع بلادنا.

وكما أشرنا في الفقرة أعلاه، فقد تفهمت الدول المعنية موقف المغرب واحترمت إرادته، إلا دولة فرنسا في شخص رئيسها إيمانويل ماكرون ونظام مقاطعتها الأفريقية في شخص جنرالاتها وبيدقهم عبد المجيد تبون. لقد روج إعلام هذين البلدين، كذبا وبهتانا، لرفض المغرب لمساعدتهما، واتخذا ذلك ذريعة للتهجم عليه.

 ولوقاحة الرئيس الفرنسي وغبائه السياسي والديبلوماسي، فقد سمح لنفسه أن يخاطب الشعب المغربي مباشرة دون أي احترام للأعراف الديبلوماسية والمقتضيات البروتوكولية؛ ناهيك عن تأليب الإعلام الفرنسي الرسمي والشبه الرسمي ضد المغرب، وخاصة ضد الملك محمد السادس.

وطبيعي أن يحذو جنرالات المرادية حذوه في تحريض إعلام العار الجزائري على التهجم على المغرب والتشفي والشماتة فيه؛ مما يدل على أن فرنسا والجزائر لم تكن نيتهما في مساعدة المغرب؛ بل هدفهما استغلال الفاجعة سياسيا وإعلاميا لتلميع صورة بلديهما داخليا وخارجيا.

ختاما، نقول: لا عزاء للشامتين والحاقدين التافهين بكل أطيافهم ومواقعهم وانتماءاتهم، ورحم الله شهدائنا وأكرم مثواهم وألهم ذويهم وجميع مكونات الشعب المغربي، قيادة وقاعدة، جميل الصبر وحسن العزاء والمواساة، وندعو ألله أن يمن على المصابين بالشفاء العاجل وعلى الناجين السالمين بالطمأنينة والسكينة، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: المناطق المنکوبة الشعب المغربی

إقرأ أيضاً:

المنشاوي.. "القارئ الباكي" الذي نجا من محاولة اغتيال بالسم

يعد الشيخ محمد صديق المنشاوي واحداً من أعظم قراء القرآن الكريم في تاريخ العالم الإسلامي، حيث تميز بصوته الخاشع الباكي الذي أسر القلوب وأدخل السكينة على النفوس، وارتبط الجمهور بتلاواته العذبة، لا سيما خلال شهر رمضان.

النشأة في بيت القرآن

وُلِدَ الشيخ محمد صديق المنشاوي في 20 يناير (كانون الثاني) 1920 بمدينة المنشاة بمحافظة سوهاج في صعيد مصر، في أسرة قرآنية عريقة اشتهرت بتلاوة كتاب الله وحفظه. فقد كان والده، الشيخ صديق المنشاوي، وأجداده من قبله، من كبار قرّاء القرآن، وكذلك شقيقاه أحمد ومحمود صديق المنشاوي.

أتم الشيخ حفظ القرآن الكريم في الثامنة من عمره، حيث بدأ رحلته مع الحفظ على يد الشيخ محمد النمكي، ثم انتقل إلى القاهرة لإتقان أحكام التلاوة والقراءات السبع والعشر الكبرى، على يد مشايخ مثل الشيخ محمد السعودي والشيخ أبو العلا محمد.

وبفضل صوته العذب ودقة أدائه، أصبح المنشاوي مدرسة قرآنية متفردة، أطلق عليها البعض "المدرسة المنشاوية".

التحاقه بالإذاعة المصرية

بدأ الشيخ محمد صديق المنشاوي رحلته مع التلاوة الاحترافية في إحدى ليالي رمضان عام 1952، عندما اصطحبه والده إلى سهرة قرآنية في محافظة سوهاج، حيث تلا خواتيم سورة "المؤمنون" أمام حشد كبير من المستمعين. وبمجرد انتهائه، تدافع الحاضرون للثناء عليه، ليبدأ منذ تلك الليلة رحلة التألق والشهرة.

ولم يكن التحاق الشيخ المنشاوي بالإذاعة المصرية أمراً عادياً، بل كان نتيجة إصرار المسؤولين على ضمه، بعد أن رفض في البداية إجراء الاختبار، فبعدما وصل صوته إلى الإذاعة، أرسل المسؤولون إليه دعوة للانضمام، لكنه رفض الذهاب، فما كان من الإذاعة إلا أن انتقلت إليه بنفسها.
ففي إحدى الليالي، بينما كان يُحيي أمسية قرآنية في قرية بإسنا بمحافظة الأقصر، فوجئ الشيخ بمندوب الإذاعة يسجّل تلاوته مباشرة؛ وهكذا أصبح أول قارئ يتم اعتماده في الإذاعة دون أن يذهب إليها بنفسه.

رفض القراءة أمام عبدالناصر

عُرف الشيخ محمد صديق المنشاوي بكرامته وعزة نفسه، وهو ما ظهر بوضوح في واقعة رفضه التلاوة أمام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. فقد دعاه أحد الوزراء لحضور حفل رسمي، قائلًا له: "سيكون لك الشرف أن تقرأ القرآن أمام الرئيس عبدالناصر"، فما كان من الشيخ إلا أن رد بحزم: "ولماذا لا يكون الشرف لعبدالناصر أن يستمع إلى القرآن بصوت المنشاوي؟!".

ورفض الدعوة، معلقاً: "لقد أخطأ عبدالناصر حين أرسل إليّ أسوأ رسله".



محاولة اغتياله بالسم

لم يكن النجاح الذي حققه الشيخ محمد صديق المنشاوي خاليًاً من الحقد والغيرة، حتى وصل الأمر إلى محاولة التخلص منه بالسم، فبحسب ما رواه حفيده الشيخ علاء المنشاوي، فإن جدّه تعرض لمحاولة اغتيال في عام 1963، حين دعاه أحد الأشخاص إلى سهرة قرآنية، وبعد انتهائها، طلب منه المضيف تناول الطعام مع أهل بيته.

في البداية رفض، لكن بعد إلحاح وافق، وعندما همّ بتناول الطعام، اقترب منه الطباخ مرتعشاً، وهمس في أذنه: "يا شيخ محمد، لا تأكل هذا الطعام، فقد دُسّ لك السم فيه"، فتظاهر الشيخ بالإعياء، ورفض تناول الطعام بحجة عدم الشعور بالجوع، ثم انسحب من المكان.

ولم يكشف المنشاوي عن هوية من حاول اغتياله، لكنه أخبر عائلته أنه كان أحد قراء القرآن المشهورين.

سر لقب "القارئ الباكي"

اكتسب محمد صديق المنشاوي لقب "القارئ الباكي" بسبب خشوعه العميق وتأثره الشديد بمعاني القرآن الكريم أثناء تلاوته، فقد كان صوته يحمل نبرة حزينة تخترق القلوب، وكأنه يبكي من خشية الله، مما جعل مستمعيه يشعرون بروحانية خاصة خلال تلاوته.

وكان الشيخ يقرأ القرآن بإحساس صادق ومعايشة كاملة للآيات، فتتجلى في صوته مشاعر التضرع والتذلل والخشية، حتى وصفه الشيخ محمد متولي الشعراوي قائلًا: "من أراد أن يستمع إلى خشوع القرآن فليستمع لصوت المنشاوي.. إنه ورفاقه الأربعة (مصطفى إسماعيل، وعبد الباسط عبد الصمد، والبنَّا، والحصري) يركبون مركباً، ويُبحرون في بحار القرآن الكريم، ولن تتوقف هذه المركب عن الإبحار حتى يرث الله الأرض ومن عليها".

ورغم رحيله المبكر عن عمر يناهز 49 عاماً في 20 يونيو 1969، ترك الشيخ محمد صديق المنشاوي إرثاً خالداً، حيث سجّل القرآن الكريم كاملًا مرتلًا ومجوّداً، إلى جانب العديد من التلاوات النادرة في دول مثل الكويت، سوريا، ليبيا، وفلسطين، حيث تلا القرآن في المسجد الأقصى أيضاً.

مقالات مشابهة

  • البوعمري: القمة الثلاثية في طرابلس بلا مخرجات واضحة وتسعى لشق الصف المغاربي
  • ما هو الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
  • ما الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
  • بتصميم شبه الآيفون.. أوبو تطلق A5 Pro 4G لعشاق الفئة الاقتصادية
  • المنشاوي.. "القارئ الباكي" الذي نجا من محاولة اغتيال بالسم
  • وليد الحديدي: قرار مجلس الأهلي عمل زلزال في الكرة المصرية
  • بوريطة يستقبل مستشار الرئيس الفلسطيني ويؤكد دعم المغرب الثابت لفلسطين
  • مصدر حشدوي: جماهير الحشد الشعبي ترفض إنعقاد القمة العربية في بغداد
  • الإمارات تدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف قطاراً جنوب غرب باكستان
  • وزيرة التضامن تؤكد من نيويورك إلتزام المغرب بتعزيز المساواة بين الجنسين