هذا هو العنصر الأساسي في السلام بين الصين والولايات المتحدة
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
على الرغم من الخطاب الصاخب بين واشنطن وبكين، إلا أن التعايش الاقتصادي يظل قوياً بين البلدين، وهو ما يُفيد المستهلكين على كلا الجانبين، وفق ما يطرحه الكاتب جون ثورنهيل في مقال له على صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
يرى ثورنهيل، أن قراءة العناوين الرئيسية للصحف ستخبرك أن التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين تصاعدت بشكل مثير للقلق، كما أن أكبر اقتصادين في العالم ينفصلان بسرعة.بحسب الكاتب، سمع المستثمرون الأمريكيون تلك الرسالة، وخسروا 200 مليار دولار من القيمة السوقية لشركة "أبل" هذا الشهر بعد تقارير تفيد بأن بكين حظرت استخدام هواتف الشركة الأمريكية من قبل مسؤولي الدولة.وقد شعرت شركات التكنولوجيا الأمريكية الأخرى، بما في ذلك شركة "ميكرون تكنولوجي" لصناعة الرقائق، بالفعل بغضب المسؤولين الصينيين وشهدت قطع منتجاتها عن البنية التحتية الحيوية. ويبدو أن هذا جزء من الانتقام من تحركات واشنطن السابقة لإيقاف بعض شركات التكنولوجيا الصينية، مثل "هواوي"، وحظر الصادرات الأمريكية من رقائق الكمبيوتر الرائدة إلى الصين وسط حديث ساخن عن الحرب التجارية. صورة مختلفة يقول ثورنهيل، عند دراسة الوضع بعمق، تتبين لنا صورة مختلفة، فقد سجل إجمالي التجارة بين البلدين ارتفاعاً قياسياً في العام الماضي، كما سجل حجم الاستثمارات الأميركية المباشرة في الصين.
وعلى النقيض من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، اللذين كانا يعملان في الأغلب في صوامع اقتصادية منفصلة خلال الحرب الباردة، يظل اقتصاد الولايات المتحدة والصين متشابكاً بشكل معقد، وخاصة في مجال التكنولوجيا.
وفي الوقت الحالي على الأقل، يتسم السلام الساخن بين الولايات المتحدة والصين بفوائد التعاون المتبادل المؤكد أكثر من شبح الدمار المتبادل المؤكد.
وعلى الرغم من الخطاب الصاخب من الجانبين، فإن التعايش الاقتصادي يظل قوياً، وهو ما يفيد المستهلكين في الولايات المتحدة والصين، فهل يستمر؟ استثمارات مباشرة يشير الكاتب إلى أن الانفصال العلني للولايات المتحدة عن الصين بدأ في عام 2018، عندما فرض الرئيس دونالد ترامب قيوداً على الصادرات الأمريكية من المكونات الحيوية وفرض تعريفات جمركية على واردات صينية انتقائية. وعلى الرغم من العداء بين الرئيسين، إلا أن جو بايدن، خليفة ترامب، ضاعف من جهوده في هذا النهج.ومع ذلك، وفقا لمكتب التحليل الاقتصادي، ارتفع إجمالي المخزون المتراكم من الاستثمار المباشر الأمريكي في الصين على أساس التكلفة التاريخية من 108 مليارات دولار في عام 2018 إلى 126 مليار دولار في العام الماضي.
وبشكل عام، ارتفعت واردات الولايات المتحدة من الصين أيضاً بنسبة 7% في العام الماضي لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 564 مليار دولار (على الرغم من انخفاضها كنسبة من إجمالي الواردات).
وفي حين تراجعت واردات بعض السلع الخاضعة للعقوبات، ارتفعت واردات سلع أخرى. الورقة الرابحة بين البلدين تم تسليط الضوء على مركزية الصين المستمرة في قطاع التكنولوجيا الأمريكي هذا العام من خلال الطابور الطويل من الرؤساء التنفيذيين الذين يسافرون عبر البلاد. وكان من أبرزهم إيلون ماسك من شركة "تيسلا"، وتيم كوك من شركة "أبل"، وبات جيلسنجر من شركة "إنتل"، وكريستيانو آمون من شركة "كوالكوم".
Tech co-dependency raises a big geostrategic question: If the US can’t decouple from China, how can it de-risk its exposure to the world’s most rapidly growing tech market? Diplomats are making a false distinction. https://t.co/MHJVm8vv4P
— Stephen Roach (@SRoach_econ) July 12, 2023 وجد تحليل أجرته شركة (Nikkei Asia) أن الصين لا تزال تمثل حصة كبيرة من إيرادات شركات التكنولوجيا الأمريكية الأربع هذه في العام الماضي: 62% لشركة كوالكوم، و27% لشركة إنتل، و22% لشركة تسلا، و18% لشركة أبل. وحتى في مجال الرقائق الدقيقة شديد الحساسية، واصلت العديد من شركات أشباه الموصلات الأمريكية تحقيق مبيعات قوية في الصين.وعلى الرغم من الانخفاض الحاد عن عام 2016، إلا أن الشركات التابعة للشركات الأمريكية المملوكة بمعظمها في الصين لا تزال توظف 1.2 مليون عامل في عام 2020.
وعلى الرغم من الحديث القاسي من الجانبين، حرص المسؤولون الصينيون على عدم طرد المستثمرين الأجانب الاستراتيجيين. علاوة على ذلك، فإن تحويل سلاسل التوريد المعقدة للسلع الإلكترونية هو عمل يستغرق سنوات عديدة، وليس أشهر. قلق أمريكي ومع ذلك، هناك أسباب قوية تجعل المستثمرين الأمريكيين يشعرون بالقلق إلى حد غير عادي تجاه الصين. ويشهد الاقتصاد واحدة من أصعب فتراته منذ عقود. وارتفعت تكاليف التصنيع المحلي بسرعة.
ويرى الكاتب أن سرقة الملكية الفكرية تشكل خطراً دائماً، بينما تظل بيئة صنع السياسات في كل من بكين وواشنطن متقلبة.
وإذا أصبحت الجغرافيا السياسية أكثر قبحاً، فلن ترغب أي شركة أمريكية في ترك أصولها عالقة في الصين كما حدث مؤخراً في روسيا في أعقاب الحرب في أوكرانيا.
ويرى المقال أن المسؤول الأمريكي الذي يقوم باستثمارات كبيرة في الصين اليوم يمثل "شجاعة كبرى لأن الأمر يشبه النوم مع التنين". إذ سيظل التنقل في عصر المنافسة التعاونية محفوفاً بالمخاطر، ولكن من المرجح أن يستمر ما لم تندلع أزمة جيوسياسية حقيقية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الصين وأمريكا الصين الولایات المتحدة والصین فی العام الماضی على الرغم من فی الصین من شرکة
إقرأ أيضاً:
السلام والاستقرار في اليمن لا يصنعه جحيم الطائرات
أكدت سلطنة عمان مجددا موقفها الثابت تجاه التصعيد العسكري في اليمن، محذرة، في بيان صدر عن وزارة الخارجية، من تداعيات استمرار الخيار العسكري على استقرار المنطقة وأمنها، ومشددة على أن الحلول المستدامة لا تتحقق إلا بالحوار والتفاوض. وموقف سلطنة عُمان ليس وليد اللحظة الآنية إنما هو امتداد لنهج دبلوماسي عريق اختطته سلطنة عُمان مستندا إلى مبادئ سياسية راسخة وخبرة طويلة في إدارة الأزمات الإقليمية وبرؤية تقوم على تهدئة النزاعات بدلا من تأجيجها.
وعلى النقيض من هذا النهج المسؤول، جاء الهجوم الأمريكي على اليمن ليعكس مرة أخرى خطأ الرهان على القوة العسكرية كحل لمشكلات المنطقة؛ فالقصف الذي أدى إلى سقوط عشرات الضحايا، بينهم نساء وأطفال، لا يحل المشكلة التي أراد حلها ولكنه يضاعف الكارثة الإنسانية في اليمن التي مضى عليها قرابة عقد من السنين حتى باتت واحدة من أسوأ الأزمات في العالم.
إن الضربة العسكرية التي تعرضت لها اليمن والتي تأتي في سياق ضربات سابقة شاركت فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي تزيد من تصعيد التوترات في البحر الأحمر، فيما كان الأولى من أمريكا التي تقدم نفسها وسيطا في قضية الشرق الأوسط أن تسعى لعلاج الأسباب الجذرية للصراع. فبدلا من توجيه الجهود نحو دعم عملية سياسية شاملة تنهي معاناة اليمنيين، اختارت الولايات المتحدة مرة أخرى نهج الضربات العسكرية، في تجاهل تام لما أثبتته التجارب السابقة من أن القوة وحدها لا تؤدي إلى حل دائم، بل تعمّق الأزمات وتعزز مناخات العداء والكراهية.
ومن الواضح جدا أكثر من أي وقت سابق أن النهج الأمريكي في التعامل مع أزمات المنطقة يتسم بازدواجية المعايير، وهو ما تجلّى في الموقف من الحرب على غزة. فالولايات المتحدة، التي تقدم دعما غير مشروط لإسرائيل رغم جرائمها في القطاع، ترى في أي تحرك مضاد لهذه الجرائم تهديدا يجب سحقه بالقوة. لكن كيف يمكن تبرير مثل هذه السياسة أمام الشعوب التي ترى في هذه الازدواجية دليلا إضافيا على الانحياز الأمريكي الذي لا يمكن أن يكون أساسا لحلول عادلة ومستدامة؟
أظهرت الأحداث الأخيرة أن استهداف الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر كان بمثابة رسالة يائسة إلى العالم، تعكس الإحباط من عجز المجتمع الدولي عن وضع حد لانتهاكات إسرائيل في غزة. وبينما تتجه أمريكا نحو المزيد من التصعيد العسكري في اليمن، فإنها تتجاهل أن معالجة الأسباب الجذرية للأزمات هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار، لا القصف ولا فرض العقوبات.
البيان الذي أصدرته سلطنة عُمان يذكر العالم بالسياق التاريخي للأحداث الذي يؤكد أن سياسة الضربات العسكرية لم تؤدِّ إلا إلى مزيد من التدهور في الوضع اليمني، دون تحقيق أي تقدم نحو الاستقرار؛ ولذلك فإن دعوة عُمان المتجددة للحوار هي أكبر بكثير من موقف سياسي تجاه عملية عسكرية ظالمة على اليمن ولكنها خلاصة تجربة سياسية أثبتت نجاحها في أزمات سابقة، وسبيل وحيد للخروج من دائرة العنف المتكرر.
وعلى العالم أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية ليتحرك من أجل وقف الهجمات على اليمن ومعالجة جذور الأزمة، بدلا من الاستمرار في السياسات التي تزيد من المعاناة وتفتح المجال لمزيد من الفوضى. وعلى القوى الدولية، إن كانت جادة في السعي إلى الاستقرار، أن تستمع إلى صوت الحكمة العمانية، وهو صوت العقل والسياسة معا، لأن الطريق إلى السلام لا ينطلق من القصف، بل عبر حل الجذور العميقة للمشكلة وفتح مساحات للحوار وصولا إلى حلول مستدامة.