الأستاذ والسلطة.. صاحب مواقف جريئة مع «ملك و6 رؤساء» وقلم لم يحد عن الصدق
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
تميزت تجربة الكاتب محمد حسنين هيكل الصحفية، بقدرته المتفردة على جمع الكثير من الوثائق ومصادر المعلومات، وموهبته فى التحليل واستشراف المستقبل، واقترابه من حكام مصر بشكل أو بآخر، خلال تجربة عمله التى امتدت لنحو 7 عقود.
لم يذكر «هيكل» أنه التقى بالملك فاروق، آخر ملوك مصر وعصر أسرة محمد على، لكنه كتب عنه فى مقال منشور بمجلة «روزاليوسف» بتاريخ 17 من فبراير سنة 1944، تحت عنوان «إنه الفاروق»، أثناء انتشار مرض الكوليرا كتب - «الملك فى الصعيد، الملك يزور مناطق المرض بنفسه ليشرف على ما يجرى وليواسى شعبه، هذا هو النبأ العظيم.
وفي 11 مايو 1944، كتب «هيكل» فى نفس المجلة بمناسبة العيد الثامن لجلوس الملك فاروق على العرش بعنوان: «فى يوم عيدك يا مولاى»: «هذه هى الذكرى الثامنة لجلوسك يا مولاى على عرش مصر، ثمانى سنوات وأنت تحمل مسئولية هذا الوطن وهذا الشعب، كنت فيها نعم الملك الدستورى فى ظروف لعلها أدق ما مر بها فى تاريخ حياتها.. ثمانى سنوات وأنت تعمل لهذا الشعب وتخلص له وهو يعمل معك ويخلص لك وستظلان معاً إلى الأبد..».
لم تتوطد علاقته مع «نجيب» أثناء حكمه وتوترت بعد خروجه من الإقامة الجبرية بسبب مقال «شبح من الماضى»أما محمد نجيب فقد تعرف عليه هيكل قبل ثورة يوليو، إذ فاز «نجيب» بانتخابات نادى الضباط التى جرت عام 1952، أما خلال فترة حكم محمد نجيب الممتدة من يوليو 1952 حتى نوفمبر 1954 فلم تتوطد علاقة «هيكل» به، ومنذ أواخر عام 1954 تم تحديد إقامة «نجيب»، وظل على هذه الحال إلى أوائل السبعينات.
وحسب الدكتور محمد ثروت، أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة القاهرة فرع الخرطوم، سمح السادات فى هذه الفترة لـ«نجيب» بالخروج من الإقامة الجبرية، وأجرى حواراً لصحيفة لبنانية مع الصحفى الشهير سليم اللوزى، وأثار ضجة فكتب «هيكل» الذى كان رئيس تحرير «الأهرام» وقتها مقالاً بعنوان «شبح من الماضى»، وأغفل فى المقال دور «نجيب» فى ثورة يوليو.
وأرسل محمد نجيب رداً على مقال «هيكل» للنشر فى صحيفة الأهرام، فلم ينشره «هيكل» فى بادئ الأمر، ثم نشره لاحقاً فى صفحة الوفيات، ومن هنا أقام «نجيب» دعاوى قضائية ضده يتهمه بالسب والقذف.
ومثل «نجيب» أمام القضاء يدافع عن نفسه بنفسه، ولما وجد «هيكل» نفسه فى موقف يعرّضه لإصدار حكم قضائى ضده، قام بتوسيط أحد الضباط وهو جلال ندا، بينه وبين «نجيب» لكى يتنازل عن القضية، وبالفعل نجحت الوساطة.
وفى أعقاب ثورة 1952 وحتى عام 1970، نشأت بين «هيكل» وجمال عبدالناصر كيمياء، حسب تعبير «هيكل» الذى يروى فى كتابه «بين الصحافة والسياسة».
التقى يوم 18 يوليو 1952 مصادفة بعبدالناصر وعبدالحكيم عامر ودار بينهم نقاش حول ما يجرى فى البلاد ودور الجيش.
التقى بعبد الناصر قبيل «ثورة يوليو» بأيام وكان كاتباً لخُطَبِه الرئاسية وخطاب التنحى الشهير وعيّنه وزيراً للإرشادوفى الكتاب نفسه يسرد «هيكل» جوانب من تطور علاقته بـ«عبدالناصر» بعد ثورة يوليو، فيسند إلى «هيكل» مهمة كتابة الخطابات الرئاسية التى يلقيها «عبدالناصر» فى مناسبات متعددة، من بينها خطابات الاحتفال بعيد ثورة 23 يوليو، وأشهرها خطاب التنحى عقب نكسة يونيو عام 1967.
ويذكر «هيكل»: «فى ربيع 1970 رأى جمال عبدالناصر أن أكون وزيراً للإرشاد القومي- وزارة الإعلام الآن- إلى جانب عملى فى الأهرام، وحاولت أن أعتذر وأرسلت خطاب اعتذار، ثم لم يكن فى النهاية مناص من القبول».
عقب رحيل «عبدالناصر»، تولى الحكم نائبه أنور السادات، وشهدت فترة رئاسة «السادات» تحولات فى تجربة «هيكل» الصحفية، إذ بدأت هذه العلاقة هادئة حيث قدم استشاراته للرئيس آنذاك.
قبل أن تتضح توجهات السادات، كان وقتها «هيكل» فى موقعه رئيس تحرير الأهرام، قبل أن تنشب الخلافات بينهما، وكان آخر عمل سياسى لهيكل مع الرئيس السادات هو كتابة التوجيه الاستراتيجى لحرب أكتوبر لوزير الحربية أحمد إسماعيل.
وحسب كتاب «بين الصحافة والساسة»، تعرض «هيكل» لهذه الخلافات فى أكثر من موضع: «طرأت على علاقتى بالرئيس السادات مشكلات، وظهرت بيننا خلافات تعقّد بعضها لكننا وجدنا له حلاً، بينما استحكم بعضها الآخر بغير حل»، وراح «هيكل» ينشر رأيه فى هذا الصدد فى مجموعة مقالات امتدت من أكتوبر 1973 إلى أول فبراير 1974، وهى المقالات التى تسببت فى غضب السادات، إلى درجة اتخاذه القرار بإقالة هيكل من «الأهرام» فى ذلك الوقت فى عام 1974.
ويذكر «هيكل» أنه فى عام 1975 زادت العلاقة مع السادات توتراً، وحيث كان يكتب مجموعة من المقالات تنشر فى الصحف خارج مصر والتى جمعها فى كتابه «لمصر لا لعبدالناصر»: «وحاول - أى السادات- فى هذه الفترة أن يدفعنى إلى الهجرة خارج مصر».
وقرر «السادات» سنة 1978 أن يحيل هيكل إلى المدعى الاشتراكى ومنعه من السفر «وجرى التحقيق معى صيفاً بأكمله والصحف تكتب قبل كل جلسة أنه يحقَّق معى (لأنى أسأت إلى مصر فيما كتبت خارجها)».
وتأزمت العلاقة واتسعت هوة الخلاف، ليُصدر السادات قراراً باعتقال «هيكل» ضمن اعتقالات 5 سبتمبر 1981 الشهيرة، ليقدم «هيكل» رؤيته لأسباب اغتيال السادات فى كتابه «خريف الغضب» وهو الكتاب الذى نُشر بالإنجليزية عام 1983.
وترجع العلاقة الرسمية بين «هيكل» و«مبارك» بعد تولى الأخير الحكم فى أكتوبر 1981، على خلفية حادث المنصة، وهى العلاقة التى اتسمت بحسن النوايا من الطرفين فى البداية، إذ أصدر مبارك قرار الإفراج عن «هيكل» الذى كان بين المعتقلين فى اعتقالات سبتمبر قبيل رحيل السادات، وتم الإفراج عنه من أحد قصور الرئاسة.
وكذلك دُعى ضمن المفرج عنهم للتوجه من سجن طرة للقاء «مبارك» فى قصر العروبة، وذلك فى 25 نوفمبر 1981. ويروى «هيكل» فى كتاب «مبارك وزمانه»، أنه فى ذلك اليوم دار «حوار مفيد» مع مبارك.
وبعدها بأيام دُعى «هيكل» إلى لقاء منفرد مع «مبارك» امتد لعدة ساعات، يقول «وتفضل -مبارك- من جانبه فأشار أن نظل على اتصال، ورأى إعطائى أرقام تليفوناته المباشرة وغير المباشرة».
ويذكر «هيكل» أنه لم يستعمل هذه «الرخصة» مطلقاً، ويروى فى الكتاب تفاصيل المقالات الـ6 التى كتبها «هيكل» تحت عنوان: «خطابات مفتوحة إلى الرئيس» بطلب من الصحفى مكرم محمد أحمد، رئيس تحرير مجلة «المصور».
ولكن الخطابات لم تنشر رغم أن من بينها ما يفند فيها «هيكل» أسباب تأييده لتولى مبارك الحكم، لكن هذه المقالات لم تر النور إلا فى عام 2008 عندما نشرتها جريدة «المصرى اليوم»، إذ حملها المستشار أسامة الباز إلى «هيكل» عقب تسلمها من «مكرم»، وطلب «الباز» من «هيكل» تأجيل النشر بحجة أن الظروف لا تحتمل.
دخلت العلاقة مع «مبارك» مرحلة التوتر بعد ندوة «هيكل» فى معرض الكتاب فى يناير من عام 1995، إذ قدم «هيكل» خلالها صورة لما وصلت إليه الأوضاع فى مصر، وكان أبرز ما قاله «هيكل» فى الندوة وبالأرقام «المعتمدة»: «مصر وبمعايير النمو الاقتصادى تتراجع إلى الوراء ولا تتقدم إلى الأمام»، ويضيف هيكل: «كانت هذه آخر ندوة دعيت إليها فى معرض الكتاب وبعدها صدر القرار بمنع ظهورى فيه».
وفى العام نفسه انتقد «هيكل» وبشدة عبر خطاب أرسله لنقابة الصحفيين بمناسبة انعقاد الجمعية العمومية غير العادية لانعقاد النقاية يوم 10 يونيو 1995، عدداً من سياسات «مبارك» من بينها القانون رقم 93 لسنة 1995 المقيد لحرية الصحافة.
بعد تولى جماعة الإخوان الإرهابية مقاليد الحكم بنحو 6 أشهر، وتحديداً فى ديسمبر عام 2012، التقى «هيكل» مع المعزول محمد مرسى، بمقر الرئاسة فى قصر الاتحادية، واستمر اللقاء لمدة 100 دقيقة، ناقش ما كان يدور فى مصر وقتها.
وحسب الخبر المنشور عن هذا اللقاء بجريدة «المصرى اليوم»: «رحب مرسى فى بداية اللقاء بالأستاذ، وذكره باللقاء الأخير الذى تم بينهما قبيل انتخابات رئاسة الجمهورية فى المنزل الريفى لهيكل بقرية (برقاش) واستمر 3 ساعات»، وانتقد «هيكل» عبر لقاءات تليفزيونية عدة مع الإعلامية لميس الحديدى العديد من سياسات «مرسى»، مؤكداً أن «مرسى» تجاوز المسموح به لأى رئيس فيما يخص الأمن القومى المصرى.
التقى عدلى منصور أكثر من مرةواتسمت العلاقة التى جمعت «هيكل» مع الرئيس السابق المستشار عدلى منصور بكثير من التقدير المتبادل، حيث التقى الاثنان أكثر من مرة، وكان أحد هذه اللقاءات بمقر رئاسة الجمهورية يوم الأحد 7 يوليو 2013، حيث استمع «منصور» لرؤية «هيكل» حول الأوضاع السياسية فى البلاد، وفق جريدة «الأهرام».
كما تحدث «هيكل» خلال لقائه مع لميس الحديدى عن لقائه مع الرئيس السابق عدلى منصور، بعد انتخاب الرئيس «السيسى» رئيساً للبلاد، مشيراً إلى أنه تناقش مع «منصور» فى عدة أمور وعبّر الأخير له حينها عن رغبته فى العودة للعمل بالمحكمة الدستورية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: هيكل ملفات الوطن ثورة یولیو
إقرأ أيضاً:
حسام حبيب يودّع محمد رحيم بكلمات مؤثرة "هنتقابل تاني"
“حبيبي واخويا وصاحب الفضل عليا بعد ربنا” هكذا بدأ الفنان حسام حبيب كلماته المؤثرة في وداع الملحن الراحل محمد رحيم، الذي نشره عبر حسابه الرسمي على موقع تبادل الصور والفيديوهات “انستجرام”.
استكمل حسام حبيب كلماته، قائلاً:" حبيبي و اخويا صاحب الفضل عليا بعد ربنا سبحانه وتعالى اول حد صدق فيا و اداني كل الدعم و الثقه و هو الى صاحب الفضل اللى اني اكون موجود فى الوسط الموسيقي صاحب الموهبه الجباره اللى اتعلمت منها كتير ولسه بتعلم ان لله وان اليه راجعون يا صاحبي هانتقابل تاني ان شاء الله و مافيش بعدها فراق بحبك"
وكان قد كتب د. جمال شعبان العميد السابق لمعهد القلب القومي أسباب ظهور الكدمات على جسم الملحن الراحل محمد رحيم، الذي رحل فجر الجمعة بشكل مفاجىء عن عمر يناهز 45 عامًا، والتي أثارت حالة من الجدل وتسببت في تأجيل دفنه، وذلك عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي الشهير “فيسبوك”.
جمال شعبان عن وفاة محمد رحيم :اختلال كهربي في القلب أدى إلى فقد الوعي و ارتطامه بالأرضتوقع د. جمال شعبان اللحظات الأخيرة في حياة الراحل محمد رحيم قائلا: “غالبا حصل له اختلال كهربي حاد في البطين الأيسر نتيجة جلطة حادة في الشريان التاجي أدت إلي هبوط حاد في الدورة الدموية مما تسبب في سقوطه وارتطامه وحدوث كدمات وجرح وزرقة ومفارقته الحياة رحمة الله علي رحيم”.
رحل محمد رحيم في عمر 45 بشكل مفاجىء مما شكل صدمة كبرى في الوسط الفني بأكمله محليا وعربيًا، وتمت مراسم دفنه بعد ظهر اليوم في مدافن الأسرة بعد إقامة صلاة الجنازة على جثمانه في مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد.
وكانت مراسم الجنازة أشبه بمشاهد مؤلمه لوداعه الاخير، حيث حضره كم كبير من أصدقاؤه من الوسط الفني، أبرزهم"محمد منير، محمد حماقي، مصطفى قمر، مصطفى كامل، جنات، مي فاروق، شذى، الشاعر تامر حسين، الشاعر والملحن عزيز الشافعي، كاتبة الاغناني منة القيعي، الموزع الموسيقي توما وفهد ،والملحن محمد رفاعي، وغيرهم ممن رافقوه في مشواره الموسيقي اللامع.
رحل محمد رحيم عن عالمنا فجر اليوم السبت عن عمر يناهز 42 عاما بشكل مفاجىء صدم جمع كبير من الوسط الفني.
درس في كلية التربية الموسيقية، كانت بداية مسيرته الفنية عندما تعرّف على الفنان حميد الشاعري في ندوة بالكلية وذهب معه للاستوديو حيث أسمعه ألحانه، بحضور الفنان (عمرو دياب) ليطلق أول أغنياته وهي أغنية (غلاوتك) لعمرو دياب، ليتعاون بعدها مع العديد من الفنانين أبرزهم (نانسي عجرم، محمد منير، إليسا)،
واتجه محمد رحيم إلى الغناء عام 2008 حيث أصدر أول ألبوماته بعنوان (كام سنة)، ومن أبرز أغنياته (عارفة، إرجع يلا)، وشارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها (حكاية حياة، سيرة حب).