بدأت السلطات في تونس حملتها الأخيرة ضد المهاجرين خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث اعتقلت مئات الأشخاص وصادرت قوارب في منطقة صفاقس الساحلية، وهي نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين الذين يقومون بالرحلة إلى أوروبا.

هكذا أصبحت تونس وفق تقرير لمجلة "فورين بوليسي"، وترجمه "الخليج الجديد"، حرس حدود أوروبا، على الرغم من تأكيد رئيسها قيس سعيّد في يونيو/حزيران الماضي، أثناء زيارته لمدينة صفاقس الساحلية، نقطة الانطلاق الرئيسية للمهاجرين الذين يسعون للوصول إلى إيطاليا بالقوارب: "الحل لن يكون على حساب تونس.

.. لا يمكن أن نقوم بالدور الذي يفصح عنه بعضهم ويخفيه البعض الآخر، لا يمكن أن نكون حرسا لدولهم".

ونقل التقرير عن العقيد في الحرس الوطني حسام الجبيلي، القول إن "العملية الجوية تستهدف المهربين الذين يتاجرون بآلام المحبطين".

وجاءت العملية، التي أمر بها سعيّد، مع ارتفاع عدد العابرين من تونس إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية إلى أرقام قياسية.

ووصل أكثر من 8 آلاف مهاجر إلى لامبيدوزا في الأيام الخمسة الماضية، وهو ما يزيد عن عدد سكان الجزيرة البالغ 6000 نسمة.

ويفر غالبية الوافدين من القتال في بوركينا فاسو ومالي والسودان والكاميرون، فضلاً عن الأوضاع السياسية والاقتصادية في ساحل العاج وغينيا وإريتريا وتونس ومصر.

اقرأ أيضاً

أرقام صادمة.. الهجرة من تونس لإيطاليا ترتفع 70% رغم الاتفاق مع أوروبا

وبشكل عام، وصل حوالي 127 ألف مهاجر إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام، أي أكثر من ضعف عدد الذين وصلوا خلال نفس الفترة من عام 2022.

ومن بين هؤلاء، وصل 70% عبر لامبيدوزا، وفقًا لمسؤولين إيطاليين، قبل أن يصف نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني، تدفق المهاجرين بأنه "عمل من أعمال الحرب".

وفي يوليو/تموز الماضي، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقا مع تونس، بدعم من رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية جيورجيا ميلوني، وعدت فيه حكومة سعيد بمنع المعابر وتسريع عودة أولئك الذين وصلوا بشكل غير قانوني إلى أوروبا من تونس.

وتم إبرام الصفقة مقابل مليار يورو (1.1 مليار دولار) كمساعدة لمساعدة الاقتصاد التونسي المنهار، لكن لم يتم صرف الأموال بعد.

ويأتي ذلك في أعقاب صفقة بقيمة 6 مليارات يورو (6.4 مليارات دولار) مع تركيا، حيث سيتم منح المواطنين الأتراك السفر بدون تأشيرة إلى أوروبا مقابل وقف المهاجرين غير الشرعيين.

وفي عام 2010، طالب الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بمبلغ 6.3 مليارات دولار سنويا، لوقف الهجرة وتجنب "أوروبا السوداء".

اقرأ أيضاً

رايتس ووتش: الاتفاق الأوروبي التونسي لمكافحة الهجرة "إمعان في الانحطاط"

وتزايدت الهجمات على الأفارقة السود في تونس بعد التصريحات المعادية للأجانب التي أدلى بها سعيّد في فبراير/شباط.

وقال سعيّد لمجلس الأمن القومي، إن "جحافل المهاجرين غير الشرعيين" تسبب الجريمة، وكانت جزءًا من مؤامرة لتغيير التركيبة العنصرية في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، ذات الأغلبية العربية.

وفي الأسابيع التي تلت ذلك، أفاد المهاجرون السود بأنهم تعرضوا للضرب والاعتداء والطرد من قبل أصحاب العقارات، واضطر بعضهم إلى التخييم في خيام مؤقتة خارج المقر الرئيسي للمنظمة الدولية للهجرة.

وفي أحدث حملة السبت، داهمت وحدات الحرس الوطني التونسي منازل المهاجرين، واعترضت الشاحنات، وصادرت السفن التي يستخدمها المهربون.

واعتقلت قوات الأمن التونسية ما لا يقل عن 2000 من المهاجرين الأفارقة السود وطردتهم إلى المناطق الصحراوية المتاخمة لليبيا والجزائر، وفقا لمنظمات غير حكومية.

وقال الاتحاد الأوروبي خلال عطلة نهاية الأسبوع، إنه يعمل على تسريع الجهود للمساعدة في مراقبة الحدود وإعادة تجهيز 17 سفينة تونسية لعمليات البحث والإنقاذ.

وقالت رئيسة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، إن "الهجرة تمثل تحديًا أوروبيًا، وتحتاج إلى إجابة وحل أوروبيين" عقب زيارة إلى لامبيدوزا يوم الأحد برفقة ميلوني.

اقرأ أيضاً

قيس سعيديدعو لقمة دولية في تونس لمواجهة الهجرة غير الشرعية

ومع ذلك، هناك عواقب بالنسبة للاتحاد الأوروبي، خاصة عندما يعقد صفقة مع زعيم استبدادي مثل سعيّد.

ومنعت السلطات أعضاء البرلمان الأوروبي من دخول تونس الأسبوع الماضي، دون إبداء سبب القرار.

وكان النواب المحظورون قد انتقدوا في السابق التراجع الديمقراطي في البلاد.

والأربعاء الماضي، بدأت هيئة مراقبة الأخلاقيات التابعة للاتحاد الأوروبي تحقيقًا في الصفقة التونسية، حيث يتعين على المفوضية الأوروبية الرد بحلول 13 ديسمبر/كانون الأول.

ويريد أمين المظالم الأوروبي، أن يعرف كيف ستضمن المفوضية عدم استخدام أموال الاتحاد الأوروبي لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

وحسب ما ورد، أثار العديد من المشرعين في الاتحاد الأوروبي مخاوف بشأن الاتفاقية، وفقًا لرسالة تمت مشاركتها مع صحيفة "الجارديان".

وقالت منظمة أطباء بلا حدود، إن الاتفاق التونسي يجعل الاتحاد الأوروبي "متواطئاً" بشكل مباشر في مقتل المهاجرين وإساءة معاملتهم، لأنه يكرر "الاتفاقيات القاتلة" الأخرى الموقعة مع تركيا وليبيا.

والشهر الماضي، ظهرت لقطات تظهر امرأة ملقاة ميتة على الأرض في مركز احتجاز أبو سليم في طرابلس الليبية.

اقرأ أيضاً

توقيع شراكة استراتيجية بين تونس والاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة

ويُعتقد أن المرأة من الصومال، وتم تصوير الفيديو من قبل مجموعة وصلت إلى تونس قادمة من منطقة بوسليم، حيث أصيب العشرات بمرض السل في غرف مزدحمة، بينما يفتقرون إلى الرعاية الطبية.

كما تظهر في الفيديو امرأة نيجيرية تطلب المساعدة.

وكانت ليبيا في يوم من الأيام نقطة العبور الرئيسية إلى أوروبا، ولكن بعد عام 2017، عندما بدأ الاتحاد الأوروبي وإيطاليا في تمويل خفر السواحل الليبي، الذي يتكون في الغالب من الميليشيات، دفعت قصص الاغتصاب والعبودية والتعذيب في مراكز الاحتجاز الليبية المهاجرين إلى الفرار، والبحث عن طرق أخرى، وبالتالي أصبحت تونس نقطة الانطلاق الرئيسية.

وعلى الرغم من الإدانات، تواصل الحكومات الأوروبية، التي تتعرض لضغوط لمعالجة مشكلة الهجرة، استكشاف صفقات مع الأنظمة الاستبدادية، مع إبرام اتفاق مع المغرب وتقارير عن اتفاق محتمل مع مصر.

كما أنه على الرغم من أن المخاطر لا تزال مرتفعة، فإن الأفارقة سيستمرون في الهجرة لأن الفرص المتاحة للكثيرين منهم في بلدانهم محدودة.

ومن دون الوصول إلى البنية التحتية والأمن والرعاية الصحية، سوف يزن البعض بين الموت المبكر المحتمل في المنزل، وخطر الموت في البحر في طريقهم إلى حياة أفضل.

اقرأ أيضاً

مباحثات تونسية أوروبية تتناول مكافحة الهجرة غير النظامية

المصدر | فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تونس هجرة أوروبا هجرة غير شرعية قيس سعيد الاتحاد الأوروبی إلى أوروبا اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

"تلغراف": مخطط استخباراتي روسي للسيطرة على طرق الهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا

كشفت صحيفة التلغراف البريطانية عن مخطط استخباراتي روسي للسيطرة على تدفقات الهجرة إلى أوروبا عبر جيوش خاصة، في إطار استراتيجية تهدف إلى زعزعة استقرار القارة والتأثير على سياساتها الداخلية.

اعلان

 وأوضحت الصحيفة أن المخطط يقوده يان مارساليك، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "وايركارد" الألمانية، والذي كان يسعى إلى إنشاء ميليشيا قوامها 15 ألف مقاتل للسيطرة على المعابر الحدودية الرئيسية في ليبيا، إحدى أبرز نقاط العبور للمهاجرين نحو أوروبا.

ووفقًا للصحيفة، فإن مارساليك لم يكتفِ بوضع الخطط، بل نجح فعلياً في إرسال أولى القوات الروسية إلى الأراضي الليبية لتنفيذ مخططه.

وتستند الصحيفة في تحقيقها إلى وثائق جديدة تكشف دور مارساليك في تنسيق عمليات تجسس بالمملكة المتحدة، حيث أدينت مجموعة من الجواسيس الذين كان يشرف عليهم في محكمة "أولد بيلي" بلندن.

مهاجرون ناجون يجلسون بجانب قارب خفر السواحل في مدينة الخمس، ليبيا، بعد إنقاذهم، الثلاثاء، 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2019.Hazem Ahmed/AP

ووفقًا للحكم الصادر يوم الجمعة الماضي، فإن أورلين روسيف، أحد قادة الشبكة الاستخباراتية الروسية، يواجه عقوبة السجن إلى جانب عدد من العملاء البلغاريين بعد تورطهم في عمليات اختطاف ومراقبة، في واحدة من أكبر قضايا التجسس التي كشفتها شرطة العاصمة البريطانية.

وتشير التلغراف إلى أن مارساليك ظل هاربًا منذ انهيار شركته "وايركارد عام "2020، عندما اكتُشف وجود ثغرة مالية بقيمة 1.9 مليار يورو في حساباتها. وتمكن من الفرار من النمسا على متن طائرة خاصة، ليصبح منذ ذلك الحين مطلوبًا من قبل الإنتربول بتهم تتعلق بالاحتيال المالي.

Relatedالهجرة في قلب حملة الانتخابات الألمانية: لماذا تَعِد الأحزاب بزيادة عمليات ترحيل الأجانب؟ألمانيا تمدد عمليات التفتيش على الحدود وسط جدل حول مسألة الهجرة قبيل الانتخابات البرلمانيةاحتدام الجدل في فرنسا حول ملف الهجرة وحق منح الجنسية بالولادة

وتكشف الوثائق أن مارساليك لم يكن مجرد رجل أعمال فاسد، بل كان على صلة مباشرة بالكرملين، حيث عمل لصالح المخابرات الروسية أثناء إدارته شركته، في الوقت الذي كان يضع مخططات للسيطرة على تدفقات الهجرة من أفريقيا نحو أوروبا، بمساعدة أحد حلفاء بريطانيا.

وتشير الصحيفة إلى أن الحكومة النمساوية وعدت في عام 2017 بتقديم تمويل بقيمة 120 ألف يورو لدعم الخطة، والتي ادعى مارساليك أمام الاتحاد الأوروبي أنها تهدف إلى "حل أزمة الهجرة". لكن الوثائق المسربة تكشف أن الخطة كانت تحت إشراف عقيد مشتبه به في جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية GRU، مما يثير شبهات حول الأهداف الحقيقية وراءها.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية حصري: تشريع أوروبي جديد بشأن الهجرة لا مكان فيه لمقترح"مراكز الاحتجاز" المثير للجدل فرنسا تراجع اتفاقية الهجرة مع الجزائر وسط توترات دبلوماسية مستقبل أوروبا: هل يمكن للهجرة وقف النزيف الديموغرافي للقارة العجوز في العقد القادم؟ ليبياروسيابريطانياأوروباالهجرة غير الشرعيةالهجرةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext باريس تضخ 195 مليون يورو إضافية لدعم أوكرانيا من الأصول الروسية المجمدة يعرض الآنNext بن غفير يطرح مشروع قانون لإلغاء اتفاقيات أوسلو والخليل وواي ريفر يعرض الآنNext وزير الخارجية الأمريكي يدعو إلى محاسبة "مرتكبي المجازر" ضد الأقليات في سوريا يعرض الآنNext إصابة شخصين في انفجار سيارة بتل أبيب يعرض الآنNext جهاز الخدمة السرية الأمريكي يطلق النار على رجل مسلح قرب البيت الأبيض اعلانالاكثر قراءة تصاعد الاشتباكات في إدلب..مشيعون يتوعدون بالانتقام بعد مقتل أفراد من قوات الأمن السورية "الجنس مقابل السمك".. كيف تُستغلّ النساء في زامبيا بسبب الجفاف وقلة المساعدات الدولية ترامب والتهديد بفرض رسوم على المنتجات الأوروبية.. أين إيطاليا من كل هذا؟ "عدّت على خير".. الشرع يطمئن السوريين ويدعوهم للوحدة الوطنية لا يزال الحمل والولادة والأمومة تجربة قاتلة في معظم أنحاء العالم.. إليكم السبب اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومسورياإسرائيلأبو محمد الجولاني بشار الأسدطائفةمواجهات واضطراباتأوكرانياشرطةروسياتركياالمفوضية الأوروبيةدونالد ترامبالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • أبي أوصى بالحج عنه ولكن التكاليف مرتفعة فماذا أفعل؟.. الإفتاء تجيب
  • "تلغراف": مخطط استخباراتي روسي للسيطرة على طرق الهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا
  • موريتانيا تغلق حدودها مع مالي وتقوم بترحيل مئات المهاجرين كانوا متجهين للمغرب
  • الاتحاد الأوروبي يلتزم الاستغناء تدريجياً عن الغاز الروسي
  • حصري: وزراء الصحة في الاتحاد الأوروبي يطالبون بتمويل الأدوية الحيوية من ميزانية الدفاع
  • فون دير لايين: الولايات المتحدة حليفة الاتحاد الأوروبي
  • ألمانيا تطلب إدراج تركيا ضمن الموازنة الدفاعية للاتحاد الأوروبي
  • ما حقيقة التصريحات حول «توطين المهاجرين» في ليبيا؟
  • فورين بوليسي: كيف بدأت مجموعة فاغنر نشاطها في سوريا؟
  • الجديد: لن نقف حراساً على شواطئ أوروبا وننفق أموالنا لحمايتها من المهاجرين