أوروبا على وشك تسليم أوكرانيا لبوتين
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
أعلن رئيس الوزراء البولندي ماتيسوز مورافيتسكي أن بلاده "لم تعد تنقل الأسلحة إلى أوكرانيا"، وأنها ستركز بدل ذلك على "التسلح بأسلحة أكثر حداثة"، ورغم أن هذا الإعلان مثير للجدل، لا يرجح أن يتغيّر الوضع في أوكرانيا في المدى القصير.
بدو الأمر وكأنه إقرار بأن أوكرانيا غير قادرة على الفوز في هذه الحرب.
وتقول صحيفة "تلغرف" إن لغة التصريح مثيرة للاهتمام، خاصةً أن الرئيس البولندي أندريه دودا قال إن كييف تتصرف "مثل شخص يغرق ويتشبث بأي شيء متاح"، ما قد يؤدي إلى إسقاط الذين يحاولون إنقاذه.ويبدو الأمر وكأنه إقرار بأن أوكرانيا غير قادرة على الفوز في هذه الحرب، وأن أوروبا عاجزة عن الاستمرار في توفير الإمدادات لها. الحبوب الأوكرانية
ربط كل المعلقين تقريباً بين قرار بولندا والنزاع على بيع الحبوب الأوكرانية الرخيصة داخل الاتحاد الأوروبي. ورغم أن هذه الرواية للأحداث تنطوي على بعض الحقيقة، فإن النقطة الأكثر صلة بالموضوع هي أن بولندا لم يعد لديها العتاد اللازم لإرساله. وبعد واشنطن ولندن، أصبحت وارسو أكبر جهة مانحة عسكرية منذ بداية الغزو الشامل.
Europe is on the verge of surrendering Ukraine to Putin https://t.co/qzE3WiN1rV
— BM (@bmangh) September 21, 2023قدمت بولندا لأوكرانيا بالفعل كل منصاتها ومركباتها العسكرية القديمة من الحقبة السوفيتية، بالإضافة إلى جزء كبير من معداتها الأكثر حداثة، بينها أكثر من 60 دبابة من طراز ليوبارد 1، و24 دبابة من طراز ليوبارد 2. ولكن "تلغراف" تقول إن هذا السخاء يقترب من نهايته، وذلك جزئياً لأن الخزانة أصبحت فارغة.
سوالكيمنذ بدأت الحرب كانت بولندا تراقب بكل حزم وتوتر منطقة سوالكي، الشريط البري الرفيع الذي يفصل بين بولندا وبيلاروسيا والأسطول النووي الروسي في جيب كالينينغراد.
وبناء على ذلك، كانت وارسو حريصة على تعزيز دفاعاتها وقواتها العسكرية، ومواصلة التعزيزات العسكرية التي بدأت بعد غزو شبه جزيرة القرم في 2014. وبينما كان غرب القارة يشتري النفط والغاز الروسي بجشع، كانت دول البلطيق وبولندا تستثمر في الدروع والقذائف. ومن الطبيعي أن وارسو غير راغبة في التعهد بمخزونها الجديد لكييف حتى قبل أن تستلمه.
Polish and Slovak now, later EU-wide elections risk to weaken our efforts towards Ukraine… when they needed a boost instead.
This is the time for European democracy to remain steadfast and deliver !https://t.co/uJkRlTQpC6
ولا يجب المبالغة في قراءة قرار بولندا. ولم تقل وارسو إنها ستوقف التدفقات الحيوية للذخائر، وسيستمر دورها الأساسي مركزاً لوجستياً لجميع المساعدات العسكرية الغربية التي تشق طريقها عبر المحيط الأطلسي، وعبر أوروبا إلى ساحات القتال في جنوب وشرق أوكرانيا. ودون هذه التدفقات، بكل صراحة، كانت أوكرانيا ستسقط قبل الشتاء الماضي.
ومن المرجح أيضاً أن تستمر بولندا في إرسال الذخائر القديمة التي أثبتت قيمتها الكبيرة في نسخة هذا القرن من الحرب العظمى، وهو الصراع الذي تهيمن عليه المدفعية، وهجمات المشاة، وأميال وأميال من الدفاعات متعددة الطبقات.
ويتميز هذا النوع من القتال باستهلاك كميات كبيرة من الذخيرة، خاصة قذائف المدفعية، لذلك فإن الإمدادات الإضافية تعتبر ذات قيمة كبيرة مع انخفاض المخزونات. وحتى لو توقفت بولندا عن إرسال منصات الأسلحة، فإن هذا يمكن أن يشكل مساهمة كبيرة في الدفاع عن كييف.
ومع ذلك، حتى لو تحسنت العلاقات بين وارسو، وكييف، فإن القيود المفروضة على المتاح فعلياً ستظل قائمة. وكذلك ستنتشر الأنباء عن الشك المنتشر عبر العواصم الأوروبية. ومع استمرار الحرب دون أي نقطة نهاية في الأفق، من الصعب ألا نتساءل: أي قطعة دومينو ستكون التالية؟
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية أوكرانيا بوتين
إقرأ أيضاً:
"فورين بوليسي": اقتصاد الحرب في روسيا "قنبلة موقوتة" تهدد أوروبا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الوضع الحقيقي لاقتصاد الحرب في روسيا أصبح حاليا أكثر أهمية من أي وقت مضى، خاصة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية،وقناعة بعض مستشاريه بأن أوكرانيا يجب أن ترضى بالسلام بأي وسيلة ضرورية "لوقف القتال"؛ انطلاقا من فرضية أن روسيا لديها القدرة على إدامة الحرب لسنوات عديدة قادمة.
ورأت المجلة الأمريكية أن المرونة الواضحة للاقتصاد الروسي حيرت العديد من الاستراتيجيين الذين توقعوا أن تؤدي العقوبات الغربية إلى شل جهود موسكو الحربية ضد أوكرانيا، معتبرة أن الفضل في هذه المرونة يعود إلى استمرار روسيا في تصدير كميات هائلة من النفط والغاز والسلع الأخرى نتيجة للتهرب من العقوبات والثغرات ذات الصلة، إلى جانب الإدارة الذكية للاقتصاد الكلي لاسيما من جانب محافظ البنك المركزي الروسي؛ مما مكن الكرملين من الحفاظ على النظام المالي الروسي في وضع صحي نسبيا.
وللوهلة الأولى، تبدو الأرقام قوية بشكل مدهش. ففي عام 2023، نما الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 3.6% وسط توقعات بأن يرتفع بنسبة 3.9% في عام 2024. وانخفض معدل البطالة من حوالي 4.4% قبل الحرب إلى 2.4% في سبتمبر الماضي.
ووسعت موسكو حجم قواتها المسلحة وإنتاجها الدفاعي، لتضيف أكثر من 500 ألف عامل إلى صناعة الدفاع، وحوالي 180 ألفا إلى القوات المسلحة، وآلاف أخرى إلى المنظمات شبه العسكرية والعسكرية الخاصة. كما ضاعفت روسيا من إنتاجها من قذائف المدفعية إلى 3 ملايين سنويا، مع التوسع في تصنيع الطائرات بدون طيار والقنابل الانزلاقية (هي قنابل يتم إطلاقها إلى الغلاف الجوي العلوي بنفس طريقة إطلاق الصواريخ، لكن بعد ذلك تنفصل عنها مركبة انزلاقية فائقة السرعة تحلق على ارتفاع أقل وبسرعة أكبر باتجاه الهدف؛ مما يجعل من الصعب رصدها. وتستخدم هذه التقنية في الصواريخ فرط الصوتية).
وأشارت المجلة إلى أنه رغم هذه الإنجازات، إلا أن اقتصاد الحرب في روسيا يتجه نحو طريق مسدود، حيث لا يستطيع الكرملين توسيع الإنتاج بسرعة كافية لاستبدال الأسلحة بالمعدل الذي يتم فقدها فيه في ساحة المعركة. وفي مرحلة ما في النصف الثاني من عام 2025، ستواجه روسيا -وفقا للمجلة الأمريكية- نقصا حادا في عدة فئات من الأسلحة.
ودللت "فورين بوليسي" على ما ساقته بالإشارة إلى أن روسيا تستهلك أسلحة بمعدلات أسرع بكثير من قدرتها على إنتاجها، فقد أحصى الباحثون خسارة موسكو ما لا يقل عن 4955 مركبة قتالية للمشاة منذ بداية الحرب، أي بمعدل 155 مركبة شهريا، في حين يمكن لشركات الدفاع الروسية إنتاج ما يقدر بنحو 200 مركبة سنويا، أي حوالي 17 مركبة شهريا فقط. وعلى نحو مماثل، فإن الإنتاج الموسع لروسيا الذي يبلغ ثلاثة ملايين قذيفة مدفعية سنويا يتضاءل مقارنة بالتقديرات المختلفة للاستهلاك الحالي على الجبهة، والذي بلغ 12 مليون طلقة أطلقتها القوات الروسية في عام 2022.
ولفتت المجلة إلى أن موعد وصول روسيا إلى نهاية الطريق بالنسبة لوفرة الأسلحة المطلوبة ليس معروفا، وإن كان الكرملين ليس أمامه الكثير للقيام به لتجنب ذلك اليوم، مؤكدة في الوقت نفسه أنه من عجيب المفارقات أن نفس العوامل التي تجتمع لتقييد قدرة روسيا على شن الحرب هي نفسها التي تؤشر على أنها لا تستطيع أيضا تحقيق السلام بسهولة.
وأوضحت "فورين بوليسي" أن الأداء الاقتصادي لروسيا الذي يتميز بانخفاض معدلات البطالة (نتيجة التشغيل والانتاج الهائل في القطاعات العسكرية) وارتفاع الأجور (لجذب العمال للعمل في هذه القطاعات) هو نتاج للمذهب الكينزي (نظرية تقوم على أهمية الاقتصاد المختلط)، بمعنى أن الإنفاق العسكري الهائل، الذي لا يمكن تحمله في الأمد البعيد، يعزز بشكل مصطنع فرص العمل والنمو.
ومع قفزة الإنفاق الدفاعي الروسي رسميا إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وسط توقعات بأن يستهلك أكثر من 41% من ميزانية الدولة في العام المقبل، فإن محاولة تقليص هذه النفقات الدفاعية الضخمة من شأنه أن يؤدي حتما إلى تباطؤ اقتصادي. كما أنه إذا خفض الكرملين أعداد القوات المسلحة، فسوف يجد عددا كبيرا من المحاربين القدامى المصابين بصدمات نفسية، والعاملين في مجال الدفاع ممن يتقاضون أجورا مرتفعة، زائدين عن الحاجة، ما يهدد بحالة من عدم الاستقرار السياسي.
ونبهت المجلة في هذا الصدد إلى أن حجم الركود الروسي بعد الحرب سيكون أسوأ كثيرا لأن الاقتصاد المدني في روسيا، وخاصة الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، انكمش حاليا بالفعل بسبب الحرب.
لذا، يواجه قادة روسيا مجموعة غير مرغوبة من المعضلات، من بينها: أن روسيا لا تستطيع الاستمرار في خوض الحرب الحالية بعد أواخر عام 2025، عندما تبدأ في نفاد أنظمة الأسلحة الرئيسية. وفي نفس الوقت، فإن إبرام اتفاق سلام من شأنه أيضا إثارة مجموعة مختلفة من المشاكل.
وبينت المجلة أن الكرملين سيكون عليه الاختيار بين ثلاثة خيارات غير مستساغة. يتمثل الأول في أنه إذا قلصت روسيا حجم القوات المسلحة والصناعات الدفاعية، فسوف يؤدي ذلك إلى إشعال شرارة الركود الذي قد يهدد النظام نفسه. بينما يتمثل الثاني في أنه، إذا حافظ صناع السياسات الروس على مستويات عالية من الإنفاق الدفاعي والجيش المتضخم في زمن السلم، فسوف يخنق ذلك الاقتصاد الروسي، ويزاحم الصناعة المدنية، ويخنق بالتالي النمو، وهو الخيار الذي سيتجنبه القادة الروس، الذين شهدوا بأنفسهم انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوطه لأسباب اقتصادية مماثلة.
أما الاختيار الثالث المتاح والأكثر إغراء على الأرجح، فيتمثل في استخدام موسكو القوات العسكرية الضخمة والتلويح بالغزو (لدول مجاورة) والتهديد به؛ للحصول على الموارد الاقتصادية اللازمة لدعم هذه القوات، ودفع تكاليف الجيش. وهناك العديد من السوابق والأمثلة التاريخية، ومنها: الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت في عام 1803، حينما أنهى 14 شهرا من السلام في أوروبا لأنه لم يكن بوسعه أن يتحمل تكاليف تمويل جيشه، ولم يقبل في الوقت نفسه بفكرة تسريح هذا الجيش.
وشددت "فورين بوليسي" على أن هناك بعض الدروس المهمة التي يمكن استخلاصها من وضع اقتصاد الحرب الروسي حاليا، وهي: أن الاقتصاد الروسي لا يستطيع أن يستمر إلى ما لا نهاية في حربه ضد أوكرانيا، وسوف تحكم الاختناقات العمالية والإنتاجية على روسيا بالهزيمة طالما استمر حلفاء أوكرانيا في دعم كييف بعد النصف الثاني من عام 2025.
كما أن وقف القتال على نطاق واسع في أوكرانيا لن يؤدي إلى إنهاء مشاكل الغرب مع روسيا، خاصة وأن القطاع العسكري الضخم في روسيا يحفز الكرملين على استخدام الجيش للحصول على أموال وامتيازات من الدول المجاورة، وإلا فإن البدائل (تسريح القوات، وإحداث ركود اقتصادي، أو تمويل صناعة عسكرية ودفاعية متخمة إلى أجل غير مسمى) تشكل تهديدات وجودية لنظام الرئيس فلاديمير بوتين نفسه.
وأخيرا، وبغض النظر عن الطريقة التي ستنهي بها روسيا حربها الحالية، فإن الحقائق الاقتصادية وحدها كفيلة بخلق أنماط جديدة من انعدام الأمن بالنسبة لأوروبا؛ مما يتطلب من صناع السياسات بعيدي النظر أن يركزوا على الحلول والبدائل للتخفيف من حدة هذه التهديدات المستقبلية.