بعد إنغلاق دام ٤٥ عاما عزلت الصين خلالها نفسها عن العالم بفولاذ حديدى أشبه بسورها العظيم خرجت بكين من حالة [ الكمون الاستراتيجى ]وهى الآن فى طريقها لصعود سلمى وهادىء لتحتل مكانة دولية مرموقة بين الكبار، الأمر الذى يقتضى بطبيعة الحال أن تزاحم الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الاوروبى وتهديد مصالحهما، فى عالم يتغير وخرائط نفوذ جديدة تتشكل وعلاقات بين أطراف دولية كثيرة يعاد ترتيب أوراقها، قوى تنحسر وتتراجع وقوى تصعد وتتصدر المشهد، الصراع يتزايد بشدة، والتحالفات لم تستقر وتأخذ شكلها النهائى، والمباراة بين اللاعبين الدوليين لن تحسم قريبا.
أعلنت الصين خروجها عندما حانت اللحظة المناسبة فهى تملك ما تقدمه للعالم خصوصا الدول النامية والاقتصادات الناشئة بداية من تجربتها [ الاقتصادية الاشتراكية ] شديدة التفرد وانحيازها المطلق وريادتها فى المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر إلى مكاسبها من الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، استطاعت أن تقدم تجربة مختلفة فى الاقتصاد بل ونظم الحكم أيضا بعيدا عن النموذج الغربى حتى أطلقت مبادرة الحزام والطريق التى انضم إليها أكثر من ١٥٠ دولة من بينها ١٦ دولة عضوا فى الإتحاد الأوروبي، وصدرت ١٤٠ مليون سائحا صينيا عام ٢٠١٩ هذا بخلاف صادراتها التجارية من "لعب الأطفال " حتى السلاح
دون شك أزعج الحضور الصينى على مسرح الأحداث الدولية الولايات المتحدة وحلفائها من القوى الدولية الأخرى وبدأت تعلو نبرة الغرب ضد بكين وهو أمر متوقع فظهرت الانتقادات على ستة محاور أساسية فى مقدمتها القضايا الحقوقية فى هونج كونج، والتبت وأزمات بحر الصين الجنوبى، والشرقي وتايوان فضلا عن اتهام الصين بعدم الشفافية واتخاذ إجراءات إدارية وأمنية واقتصادية صارمة فى مواجهة المستثمر الغربى والاستثمارات الأجنبية.
تدرك بكين قيمة الانفتاح على العالم ولكنها تدرك أيضا بل وتعلن أنها ترفض الابتزاز أو الحصار، ولا تسعى لتصدير أو فرض أيديولوجية
..إذن ماذا تريد بكين ؟
بوضوح شديد تريد بكين عولمة بملامح صينية، تريد أن تقول [ نحن هنا ] وأن ما يجرى من سياسات لا يجب أن يستمر، فالعالم يتغير وتوسيع المشاركة فى صناعة القرار الدولى أصبح واجبا، فالنظام العالمى لم يعد محتملا وسيطرة عملة واحدة مسألة تحتاج إعادة نظر، انقضى عهد العولمة الأمريكية هكذا تفكر بكين وتتخذ من القرارات والتوجهات ما ينبىء بوضوح عن رغبتها وطموحها فى إدارة العالم إدارة مشتركة وليست منفردة.
لم يتأخر رد الفعل الأمريكى على السياسات والتحركات والانفتاح الصينى وبدأت واشنطن فى الضغط على أعصاب التنين وأوراق تايوان، وقائمة الاتهامات الحقوقية جاهزة ونشر التوتر فى بحر الصين لا يحتاج سوى شرارة لإشعاله، وما أكثر الحلفاء الأمريكيين فى الشرق الأقصى الذين تم استدعاؤهم لتظهر مؤخرا مبادرة الممر الهندى بمشاركة دول شرق أوسطية وصولا إلى أوروبا، مبادرة موازية لمبادرة الحرير والطريق فى محاولة للتشكيك فى المبادرة الصينية وضربها _ليس أكثر _ حتى ولو على مستوى الخطاب السياسى.
أن تطرح بكين نفسها على أنها البديل للنموذج الغربى فى التنمية، وأن تبدى رغبتها فى الانتقال بالنظام العالمى سلميا إلى نظام جديد لا تتحكم فين واشنطن وحدها هو عملية طويلة المدى، فهل تظل بكين هادئة لتحقق أحلامها ولا تستجيب للاستفزازات الأمريكية، وهل تستطيع أن تسدد فاتورة صعودها لقيادة العالم ومن يضمن أن يظل خطابها السياسي عاقلا ولا تتحول لقوة إمبريالية جديدة ؟
…وللحديث بقية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الصين
إقرأ أيضاً:
الخارجية الصينية: بكين مستعدة لتوسيع التعاون العملي مع أعضاء مجموعة البريكس وشركائها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صرّحت الناطقة باسم الخارجية الصينية، ماو نينج، اليوم بأن بلادها تعتزم تعزيز التعاون مع أعضاء مجموعة البريكس وشركائها في مجالات متعددة.
جاء هذا الإعلان خلال مؤتمر صحفي يومي، حيث أكدت ماو على التزام الصين بدعم الجهود الرامية إلى تعميق العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الدول الأعضاء.
وأشارت المسؤولة الصينية إلى أن السماح بانضمام شركاء جدد إلى مجموعة البريكس كان من أبرز النتائج التي خرجت بها القمة التي عُقدت في أكتوبر الماضي في قازان، روسيا. واعتبرت هذه الخطوة تطورًا محوريًا في مسار نمو المجموعة، خاصة بعد التوسع الذي أُعلن عنه العام الفائت.
تتكون مجموعة البريكس من خمس دول مؤسسة، هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وقد شهدت مؤخرًا انضمام مصر إلى جانب خمس دول أخرى.
يُنظر إلى هذا التوسع على أنه خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة المجموعة عالميًا وزيادة تأثيرها في المجالات الاقتصادية والتنموية.