وقف إطلاق النار في قره باغ.. هل بات الوجود الروسي جنوب القوقاز على المحك؟
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
موسكو- جاء الإعلان السريع للسلطات الانفصالية في قره باغ عن وقف إطلاق النار، وتعليق أذربيجان عملية "مكافحة الإرهاب الموضعية" -كما سمتها- في الإقليم بعد التوصل إلى اتفاق اقترحته قوات حفظ السلام الروسية؛ ليفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات كثيرة تحيط بـ"الشرارة" التي كادت أن تشعل حربا ثالثة في الإقليم الذي تنازعت عليه أذربيجان وأرمينيا لعقود كثيرة.
وفي واحدة من أهم جوانب معضلة قره باغ، شكل احتمال خروج الأوضاع في الإقليم عن السيطرة ولربما تدحرجها نحو حرب شاملة، تحديا خطيرا بالنسبة إلى روسيا التي تملك أكثر من ألف جندي حفظ سلام هناك، مناطا بهم حماية سكان الإقليم من عواقب اشتباكات عسكرية يمكن أن تتجدد.
وتثير التصريحات المناهضة لروسيا التي أدلى بها رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان مؤخرا، تساؤلات حول استمرار نفوذ موسكو في المنطقة في المستقبل، وهل ستبقى على الحياد في ما يخص مستقبل علاقاتها مع الجانبين، لا سيما على ضوء التوتر الذي تصاعد بشكل لافت مؤخرا بين موسكو ويريفان.
بين تحديينوجدت موسكو نفسها أمام تحديين، الأول هو الحفاظ على صورتها وهيبتها في القوقاز كضامن "مسلح" للتفاهمات الأذربيجانية الأرمنية، والتحدي الآخر هو خطر اندلاع حرب جديدة في المنطقة، مما يهدد مستقبل وجودها هناك والذي يمتد إلى قرون.
وتفسير ذلك هو أن موسكو تسارع إلى عرض مبادرتها لوقف إطلاق النار، وهي مشغولة بالحرب في أوكرانيا، وتحرص في الوقت نفسه على زيادة نفوذها في القوقاز. وذلك رغم ميل الجانب الأذري للهيمنة في هذا النزاع العسكري والسياسي، بعد أن اعترفت يريفان بسيادة باكو على المنطقة، وهو ما يعني أن أي تغيرات تحدث فيه ستكون مسألة داخلية أذربيجانية بحتة.
في دائرة الاستهداف
توقيع بيان براغ في عام 2022 من قبل يريفان وباكو أدى إلى الاعتراف بإعلان "ألما آتا" لعام 1991، وهذا الإعلان يعتبر جمهورية قره باغ أراضي أذربيجانية، وقد أدى هذا البيان بشكل عام إلى تقييد قدرات قوات حفظ السلام الروسية، في حين قدم أرضية إلى باكو للقيام بعمليات عسكرية.
لذلك يؤكد الخبير في الشؤون الدولية، رولاند بيجاموف، أن أي محاولة لزعزعة الاستقرار جنوب القوقاز يجب ألا تؤخذ خارج سياق محاولة إخراج روسيا من الإقليم، وفي ذات الوقت مواجهة استخدام هذه المنطقة الحيوية في المستقبل من قبل موسكو وبكين لتنفيذ مشاريع جيوسياسة واقتصادية عابرة للقارات.
أوكرانيا من جديدويرجح بيجاموف أنه ستندلع في أرمينيا خلال الأشهر القليلة المقبلة "ثورة ملونة" تؤسس لسلطة جديدة، تكون أكثر تماشيا مع الرغبات الأميركية في إرباك موسكو في جنوب القوقاز.
ومن الممكن أن تتدهور العلاقات مع يريفان إذا استمر التعاون مع الغرب وتجاوز المناورات العسكرية المشتركة المحدودة مع الولايات المتحدة، وذلك عن طريق تعزيز ملف القاعدة الروسية في أرمينيا وطلب الانضمام إلى حلف الناتو، في سيناريو يشبه عملية تدحرج العلاقة مع أوكرانيا إلى خيار الحرب.
وجود عسكريوحاليا، تقع القاعدة العسكرية الروسية رقم 102 بمدينة غيومري الأرمينية، والتي تم إبرام اتفاقية إنشائها بين يريفان وموسكو عام 1995. وتحتوي القاعدة على حاميتين عسكريتين تقعان في غيومري والعاصمة يريفان. ويبلغ عدد الأفراد فيها نحو 4 آلاف شخص.
وفي 27 سبتمبر/أيلول 1996 وقع البلدان على اتفاقية جديدة بشأن نشر القواعد الروسية في أرمينيا، وفي عام 1999، تم إدخال عدد من التعديلات عليها، والتي نصت على زيادة الوجود العسكري الروسي في الجمهورية.
وفي البداية تم إبرام اتفاقية تشغيل القاعدة مدة 25 عاما، ومن ثم جرى تمديدها مدة 49 عاما أخرى (حتى عام 2044) خلال زيارة الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف لأرمينيا عام 2010.
محلل الشؤون العسكرية إيفان بتروف يؤكد أنه مهما حدث الآن وسيحدث في المستقبل في العلاقات الروسية الأرمنية، فينبغي ألا يؤثر ذلك في القاعدة العسكرية في أرمينيا.
ويشير إلى أن السلطات السابقة في يريفان كانت تدرك أهمية وجود القاعدة العسكرية لضمان أمن البلاد، لذلك لم تتلقَ أموالا من روسيا مقابل استخدام القاعدة فحسب، بل على العكس من ذلك، تتحمل تكاليف وجودها.
ويتابع بأن المزاج الحالي في المجتمع الأرمني تجاه وجود القوات الروسية بات غامضا للغاية، لا سيما مع تكثيف المشاعر المعادية لروسيا بشكل نشط للغاية، والتي تلقى استجابة بين الأرمن، فضلا عن انجراف القيادة السياسية في يريفان نحو الغرب، والذي بات أكثر وضوحا مؤخرا.
ويقول إن موسكو لا تنوي المغادرة الفورية لأراضي أرمينيا، وتعتزم البقاء حتى عام 2044 على الأقل. وإن يريفان تعزز اتصالاتها مع "الأعداء"، وهو أمر يجب أن ينظر إليه على أنه قرار غير ودي، كما أن القاعدة المدعمة بنظام دفاع جوي متطور ليست لضمان أمن روسيا فقط، بل أمن أرمينيا نفسها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی أرمینیا قره باغ
إقرأ أيضاً:
شهيدان في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
سرايا - استشهد شخصان، الاثنين، في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، في حين قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه استهدف عنصرين من حزب الله، في أحدث هجوم من نوعه على رغم وقف إطلاق النار الساري بين الطرفين منذ تشرين الثاني/نوفمبر.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية عن غارات جديدة مساء الاثنين على جنوب لبنان والبقاع الغربي شرقا، لا سيما محيط بلدة لبايا، ولم تفد عن وقوع إصابات.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهته إنه استهدف "مواقع عسكرية لحزب الله، حيث تم رصد عناصر من الحزب وأسلحة".
ويأتي ذلك بعد ساعات من استهداف مسيّرة إسرائيلية دراجة نارية كان على متنها شخصان في بلدة يحمر في جنوب لبنان، ما أدى إلى اندلاع النيران في حافلة صودف مرورها في المكان، إضافة إلى متجر مجاور، بحسب الوكالة.
وأسفرت الضربة عن سقوط شهيدين وإصابة شخصين بجروح بحسب وزارة الصحة اللبنانية، وكانت أفادت في حصيلة سابقة عن استشهاد شخص.
وكثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي ضرباتها على جنوب لبنان في الأيام الأخيرة.
واستشهد 4 أشخاص الأحد في غارات إسرائيلية على بلدات ميس الجبل وياطر وعيناثا، بحسب مصادر لبنانية.
ورغم سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 تشرين الثاني/نوفمبر بوساطة أميركية، عقب مواجهة استمرت لأكثر من عام، لا تزال إسرائيل تشن غارات على مناطق عدة في جنوب لبنان وشرقه.
وتقول إسرائيل إنها تستهدف عناصر ومنشآت للحزب، وإنها لن تسمح له بإعادة بناء قدراته بعد الحرب.
ورغم انتهاء مهلة لسحب إسرائيل قواتها من جنوب لبنان بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في 18 شباط/فبراير، إلا أنها أبقت على وجودها في خمس نقاط "استراتيجية" في جنوب لبنان على امتداد الحدود، ما يتيح لها الإشراف على بلدات حدودية لبنانية والمناطق المقابلة في الجانب الإسرائيلي للتأكد "من عدم وجود تهديد فوري".
وأعلنت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس الأسبوع الماضي عن العمل دبلوماسيا مع لبنان وإسرائيل من خلال ثلاث مجموعات عمل لحل الملفات العالقة بين البلدين، بينها الانسحاب من النقاط الخمس.
ولا يزال أكثر من 92 ألفا و800 شخص نازحين في لبنان، وفق الأمم المتحدة، لا سيما في ظلّ الدمار الكبير الذي ألحقته الحرب بأجزاء واسعة من مناطق في جنوب لبنان وشرقه وفي ضاحية بيروت الجنوبية.
وقدّر البنك الدولي الأسبوع الماضي كلفة إعادة الإعمار والتعافي بنحو 11 مليار دولار.
وقال إن "التكلفة الاقتصادية للصراع في لبنان تقدّر بنحو 14 مليار دولار أميركي".
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 18-03-2025 03:03 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية