منال الشرقاوي تكتب: التردد مقبرة القرارات
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
يُعتبر اتخاذ القرارات جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، فمنذ الصباح وحتى المساء، نجد أنفسنا مضطرين لاتخاذ قرارات في كل مجال من مجالات حياتنا، قد تتراوح هذه القرارات بين الأمور الصغيرة اليومية والقرارات الكبيرة التي تؤثر بشكل مباشر على تطور مستقبلنا. وفي هذا السياق، نجد أن التردد يلعب دورًا حاسمًا في كيفية اتخاذ هذه القرارات، فالتردد هو حالة نفسية يمر بها الإنسان عندما يكون في مرحلة الحيرة والشك قبل اتخاذ قرار مهم، حيث يكون الشخص مترددًا بين الخيارات المتاحة، وهذا التردد يعمل كمانع قوي يمكن أن يجعل من الصعب اتخاذ القرارات بثقة ووضوح.
إن إستخدامي للفظ "مقبرة القرارات" - والذي أعتبره قاسياً بعض الشيء - يعكس مدى تأثير التردد على حياتنا، فعندما نجد أنفسنا مترددين بين اختيارين أو أكثر، نبدأ في التفكير في العواقب المحتملة لكل خيار، فنحلل الأمور من جميع الزوايا، ونبحث عن معلومات إضافية، ونستشير الآخرين، وفي العديد من الأحيان نجد أنفسنا في حلقة من التردد التي يصعب الخروج منها.
يا صديقي، التردد يمكن أن يكون سلبيًا إذا لم يتم التحكم فيه بشكل صحيح، وإذا استمر التردد لفترة طويلة، قد يؤدي ذلك إلى فقدان الفرص والتأخير في اتخاذ القرارات الهامة، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التردد إلى زيادة مستوى الضغط النفسي والقلق، حيث يبدأ الشخص في التفكير المفرط والتحليل الزائد.
وعندما نتحدث عن التردد كمقبرة للقرارات، يمكننا أن نرى أنها تشمل كل جانب من جوانب حياتنا، سواء كان ذلك في مجال العمل أو العلاقات الشخصية أو حتى في تحقيق الأهداف الشخصية، فعلى سبيل المثال،إذا تحدثنا عن مجال العمل، يمكن للتردد أن يؤدي إلى تأخير مشروع مهم أو فرصة تجارية قد تفوتنا إذا لم نتخذ قرارًا بسرعة. وكذلك في العلاقات الشخصية، يمكن أن يكون التردد سببًا للتوتر والانفصال إذا لم نتخذ قرارات صحيحة في الوقت المناسب. وأيضاً في تحقيق الأهداف الشخصية، قد يمنعنا التردد من اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق أحلامنا.
وهنا يأتي السؤال، هل للتردد بعض الجوانب الإيجابية ؟
نعم يا صديقي، التردد ليس دائمًا سلبيًا. ففي بعض الحالات، يمكن أن يكون من الحكمة التفكير بعمق قبل اتخاذ قرار، خاصة إذا كان القرار يتعلق بأمور مهمة جدًا، حيث يمكن للتفكير العميق والتدقيق في التفاصيل أن يقود إلى اتخاذ قرار مستنير يحقق أهدافنا بنجاح.
أرى في عينيك سؤالا آخر ، كيف أفرق بين التردد والتفكير الحكيم المتأني ؟
اعلم جيداً أن التردد والتفكير الحكيم المتأني هما اثنان من العوامل التي تؤثران على عملية اتخاذ القرارات، ويمكن أن يكونا متشابهين في بعض الأحيان. ومع ذلك، هناك اختلافات رئيسية بينهما تساعد في التفريق بينهما،فالتردد يشير إلى الشك والحيرة قبل اتخاذ قرار، وقد ينتج عنه تأخير في اتخاذ القرارات أو تراجع متكرر بين الخيارات المتاحة.
أما التفكير الحكيم المتأني يكون عن طريق التحليل المستمر لكل ما تراه أمامك ولكل ما تتوقع حدوثه بهدف اتخاذ قرار صائب.
فغالبًا ما يكون التردد متصلًا بالشك والحيرة وعدم اليقين،ويمكن أن يكون نتيجة لعدم الثقة في القرار الذي يجب اتخاذه، على عكس التفكير الحكيم المتأني والذي يكون الهدف منه هو اتخاذ قرار مدروس بناءً على الحقائق والمعلومات المتاحة.
في النهاية، إن التفكير الحكيم المتأني يهدف إلى تحقيق أفضل نتيجة ممكنة بناءً على الأدلة والمعرفة المتاحة، بينما التردد يعبر عن حالة عدم اليقين والحيرة، ويمكن أن يكون التردد ضارًا إذا لم يتم التحكم فيه، وكن على يقين بأن التفكير الحكيم هو اللبنة الأساسية في بناء حياة ناجحة ،فعندما نمزج بين التفكير الحكيم والتردد البناء، نصبح قادرين على تحقيق أهدافنا بثقة وتأن، ونقتنع أن كل قرار يمثل فرصة للنمو والتطور.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اتخاذ القرارات یمکن أن یکون اتخاذ قرار إذا لم یکون ا
إقرأ أيضاً:
الإحصاء في التعليم الحديث: أداة لتطوير مهارات التفكير والتحليل
في إطار التوجه نحو تعليم يعتمد على المهارات والتحليل، تأتي مادة الإحصاء كركيزة أساسية في مناهج الثانوية العامة، لا سيما لدفعة 2025. تتجاوز أهمية الإحصاء مجرد كونه مادة دراسية، إذ تسهم في تطوير مهارات التفكير النقدي والتحليل لدى الطلاب، مما يعزز قدرتهم على فهم العالم من حولهم واستيعاب الكم الهائل من البيانات المتزايدة في الحياة اليومية.
يُمكّن الإحصاء الطلاب من تقييم المعلومات بطرق علمية، ما يساعدهم على اتخاذ قرارات مبنية على الأدلة، وهو أمر ضروري في عصر التدفق الكبير للمعلومات عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل. تُساهم مهارات التحليل المكتسبة في جعل الطلاب أكثر وعيًا وقدرة على فهم القضايا الاجتماعية والاقتصادية بطرق علمية، ما يعزز قدرتهم على التفاعل بموضوعية مع الأخبار والإحصاءات.
الإحصاء ليس مجرد فرع من فروع الرياضيات؛ بل هو علم مستقل يُمكّن الطلاب من دراسة الظواهر والاتجاهات بطريقة علمية ومنهجية. إن إدراج مادة الإحصاء ضمن مناهج الثانوية العامة يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز قدرات الطلاب التحليلية وإعدادهم لفهم التحديات المعقدة التي تميز مجالات المجتمع والاقتصاد.
يُوفر الإحصاء للطلاب أدوات التحليل التي تساعدهم على النجاح في التخصصات الجامعية التي تعتمد على البحث مثل الاقتصاد وعلم الاجتماع. إضافةً إلى ذلك، فإن الإلمام بالأساليب الإحصائية يجعل الطلاب أكثر جاهزية لمتطلبات سوق العمل، من خلال قدرتهم على التعامل مع البيانات بمنهجية علمية دقيقة، مما يمنحهم ميزة تنافسية.
الإحصاء لا يقتصر على طلاب القسم العلمي، بل هو ذو أهمية كبيرة لطلاب القسم الأدبي أيضًا؛ إذ يمكنهم من تحليل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية باستخدام أساليب كمية. يساعد الإحصاء في فهم التغيرات المجتمعية عبر دراسة القضايا مثل توزيع السكان أو استطلاعات الرأي، ما يعزز وعيهم بتأثير هذه التغيرات.
تلبي الإحصاء متطلبات العصر الرقمي بتطوير مهارات التفكير النقدي والتحليل، حيث يُعدّ أداة مثالية لفهم التحولات الرقمية المعاصرة. يتيح للطلاب فرصة تطوير قدراتهم التحليلية، مما يساهم في بناء أسس معرفية قوية تمكّنهم من مواجهة تحديات المستقبل.
في الختام، يشكل الإحصاء أساسًا معرفيًا يوفر للطلاب مهارات عملية في التفكير النقدي والتحليل، مما يعزز وعيهم في عالم يعتمد على البيانات بشكل متزايد.