صدى البلد:
2025-04-26@08:08:19 GMT

منال الشرقاوي تكتب: التردد مقبرة القرارات

تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT

يُعتبر اتخاذ القرارات جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، فمنذ الصباح وحتى المساء، نجد أنفسنا مضطرين لاتخاذ قرارات في كل مجال من مجالات حياتنا، قد تتراوح هذه القرارات بين الأمور الصغيرة اليومية والقرارات الكبيرة التي تؤثر بشكل مباشر على تطور مستقبلنا. وفي هذا السياق، نجد أن التردد يلعب دورًا حاسمًا في كيفية اتخاذ هذه القرارات، فالتردد هو حالة نفسية يمر بها الإنسان عندما يكون في مرحلة الحيرة والشك قبل اتخاذ قرار مهم، حيث يكون الشخص مترددًا بين الخيارات المتاحة، وهذا التردد يعمل كمانع قوي يمكن أن يجعل من الصعب اتخاذ القرارات بثقة ووضوح.


إن إستخدامي للفظ "مقبرة القرارات" - والذي أعتبره قاسياً بعض الشيء - يعكس مدى تأثير التردد على حياتنا، فعندما نجد أنفسنا مترددين بين اختيارين أو أكثر، نبدأ في التفكير في العواقب المحتملة لكل خيار، فنحلل الأمور من جميع الزوايا، ونبحث عن معلومات إضافية، ونستشير الآخرين، وفي العديد من الأحيان نجد أنفسنا في حلقة من التردد التي يصعب الخروج منها.


يا صديقي، التردد يمكن أن يكون سلبيًا إذا لم يتم التحكم فيه بشكل صحيح، وإذا استمر التردد لفترة طويلة، قد يؤدي ذلك إلى فقدان الفرص والتأخير في اتخاذ القرارات الهامة، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التردد إلى زيادة مستوى الضغط النفسي والقلق، حيث يبدأ الشخص في التفكير المفرط والتحليل الزائد.


وعندما نتحدث عن التردد كمقبرة للقرارات، يمكننا أن نرى أنها تشمل كل جانب من جوانب حياتنا، سواء كان ذلك في مجال العمل أو العلاقات الشخصية أو حتى في تحقيق الأهداف الشخصية، فعلى سبيل المثال،إذا تحدثنا عن مجال العمل، يمكن للتردد أن يؤدي إلى تأخير مشروع مهم أو فرصة تجارية قد تفوتنا إذا لم نتخذ قرارًا بسرعة. وكذلك في العلاقات الشخصية، يمكن أن يكون التردد سببًا للتوتر والانفصال إذا لم نتخذ قرارات صحيحة في الوقت المناسب. وأيضاً في تحقيق الأهداف الشخصية، قد يمنعنا التردد من اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق أحلامنا.


وهنا يأتي السؤال، هل للتردد بعض الجوانب الإيجابية ؟
نعم يا صديقي، التردد ليس دائمًا سلبيًا. ففي بعض الحالات، يمكن أن يكون من الحكمة التفكير بعمق قبل اتخاذ قرار، خاصة إذا كان القرار يتعلق بأمور مهمة جدًا، حيث يمكن للتفكير العميق والتدقيق في التفاصيل أن يقود إلى اتخاذ قرار مستنير يحقق أهدافنا بنجاح.


أرى في عينيك سؤالا آخر ، كيف أفرق بين التردد والتفكير الحكيم المتأني ؟
اعلم جيداً أن التردد والتفكير الحكيم المتأني هما اثنان من العوامل التي تؤثران على عملية اتخاذ القرارات، ويمكن أن يكونا متشابهين في بعض الأحيان. ومع ذلك، هناك اختلافات رئيسية بينهما تساعد في التفريق بينهما،فالتردد يشير إلى الشك والحيرة قبل اتخاذ قرار، وقد ينتج عنه تأخير في اتخاذ القرارات أو تراجع متكرر بين الخيارات المتاحة.


أما التفكير الحكيم المتأني يكون عن طريق التحليل المستمر لكل ما تراه أمامك ولكل ما تتوقع حدوثه بهدف اتخاذ قرار صائب. 
فغالبًا ما يكون التردد متصلًا بالشك والحيرة وعدم اليقين،ويمكن أن يكون نتيجة لعدم الثقة في القرار الذي يجب اتخاذه، على عكس التفكير الحكيم المتأني والذي يكون الهدف منه هو اتخاذ قرار مدروس بناءً على الحقائق والمعلومات المتاحة.


في النهاية، إن التفكير الحكيم المتأني يهدف إلى تحقيق أفضل نتيجة ممكنة بناءً على الأدلة والمعرفة المتاحة، بينما التردد يعبر عن حالة عدم اليقين والحيرة، ويمكن أن يكون التردد ضارًا إذا لم يتم التحكم فيه، وكن على يقين بأن التفكير الحكيم هو اللبنة الأساسية في بناء حياة ناجحة ،فعندما نمزج بين التفكير الحكيم والتردد البناء، نصبح قادرين على تحقيق أهدافنا بثقة وتأن، ونقتنع أن كل قرار يمثل فرصة للنمو والتطور.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: اتخاذ القرارات یمکن أن یکون اتخاذ قرار إذا لم یکون ا

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 51

كان من المفترض أن يكون ذلك المقال هو استكمال موضوع مقالة من طرف خفي 50 التي تناولت بها علاقة سيناء بتابوت العهد، الا انني فضلت التحدث هنا عن موضوع أكثر خطورة علي الأمن القومي و الهوية المصرية و العربية معا، نظرا لما حدث مؤخرا بشأن ظهور أحد الشخصيات بملابس غير لائقة أثناء تمثيله مصر في محفل دولي .

الفن الهابط أداة للسيطرة وتفكيك الانتماء و يعد أهم استراتيجية اعتمد عليها مشروع الشرق الأوسط الكبير لبرنارد لويس، و سبق و تحدثت عنها مرارا من خلال سلسلة مقالات من طرف خفي ، ومقالات أخرى، فضلا عن مجموعة كتب مغامرات صحفية لكشف الربيع العبري.

في ظل المتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة العربية، يتعاظم دور الفن والإعلام كأدوات تشكيل الوعي المجتمعي، إلا أن تساؤلًا بات يطرح نفسه بإلحاح: هل ما يُقدَّم على الشاشات الآن هو فنٌ حقيقي؟ أم أنه وسيلة لإلهاء الشعوب وإعادة تشكيل انتماءاتها؟
ولعل الإجابة تقودنا إلى مسارات أعمق ترتبط بما يُعرف بـ"مشروع الشرق الأوسط الكبير"، وهي خطة جيوسياسية تهدف لإعادة رسم خريطة المنطقة بما يخدم مصالح قوى كبرى، باستخدام أدوات ناعمة أبرزها الإعلام والفن.

الفن الهابط.. تغييب الوعي لا تنويره

الفن، كما يفترض أن يكون، هو انعكاس للواقع وتعبير عن آمال الناس آلامهم، لكنه في العقود الأخيرة، تحول –بشكل ملحوظ– إلى منتج استهلاكي يروّج للسطحية والانحلال القيمي. مسلسلات وأغاني وبرامج مليئة بالإثارة الإيحاءات، ومليئة أكثر بمحاولات نسف الهوية الثقافية والذوق العام.
يسهم هذا النوع من الفن في قتل الحس النقدي لدى المتلقي، ويخلق أجيالا تبحث عن الشهرة السريعة والمكاسب الرخيصة، بدلا من العلم والعمل والانتماء الحقيقي للأوطان.

السيطرة على الإعلام.. الماسونية

عبر تاريخها، سعت الجماعات السرية مثل الماسونية إلى اختراق مفاصل الإعلام والفن، انطلاقًا من فهمها العميق لتأثير الصورة والكلمة في تشكيل وعي الشعوب.
من خلال امتلاك شركات إنتاج عملاقة، وشبكات بث عالمية، استطاعت تلك القوى أن تفرض رسائل معينة بشكل ناعم ومتكرر: تمجيد الفردية، تفكيك الأسرة، تشويه الرموز الوطنية، والترويج لثقافة الاستهلاك، وكلها تصب في تقويض مفاهيم الانتماء والهوية الجماعية.
في كثير من الأعمال المنتشرة على نطاق واسع، نلحظ رموزًا ماسونية صريحة، أو رسائل مشفرة تخاطب اللاوعي وتخترق دفاعات العقل.

مشروع الشرق الأوسط الكبير.. تفكيك لا تطوير

أطلق هذا المشروع رسميًا في أوائل الألفينات كخطة لتحديث المجتمعات العربية وفق "نموذج ديمقراطي غربي"، لكنه في جوهره كان محاولة لإضعاف الدول المركزية، وإثارة الفوضى الخلّاقة، وإعادة تشكيل الانتماءات من الوطنية إلى الطائفية والعرقية.
الفن الهابط، والإعلام الموجّه، كانا جزءًا من أدوات تنفيذ هذا المشروع. فبدلًا من دعم الفنون الهادفة التي تعزز روح المقاومة والهوية، جرى تلميع "النجوم" المصطنعين، وتهميش الفنانين الحقيقيين، ومحاصرة الأصوات الحرة.

الانتماء.. الضحية الصامتة

في خضم هذه المنظومة، كان الانتماء أول الضحايا. الانتماء للأسرة، للهوية الثقافية، للوطن. فحين يُسخّف التاريخ، ويُستهزأ بالرموز، وتُشيطن الوطنية، يُصبح الفرد فريسة سهلة لأي مشروع خارجي.
ولذلك فإن مقاومة الفن الهابط ليست معركة ذوق فقط، بل معركة وعي ووجود. مقاومة إعلام التسطيح ليست ترفًا، بل ضرورة للحفاظ على ما تبقى من انتماء وهوية في وجه مشاريع التفتيت.

حين نربط بين الفن الهابط، السيطرة على الإعلام، المشروع السياسي الكبير، والانتماء، نكتشف أننا أمام معركة وعي شاملة. والرد لا يكون بالرفض فقط، بل بصناعة البديل: فن راقٍ، إعلام صادق، مشروع ثقافي نهضوي، يعيد بناء الإنسان المصري و العربي على أسس من الانتماء والكرامة والحرية.

مقالات مشابهة

  • الشناوي: علينا الحذر أمام أورلاندو والتأهل أولويتنا قبل التفكير في اللقب
  • د.نجلاء شمس تكتب: سيناء.. قصة أرض لا تُنسى ولا تُهمَل
  • الشخص الذكي دائم الأسئلة.. خالد الجندي يكشف توجيها قرآنيا يرسي ثقافة التفكير
  • اعرف سعر كيلو السكر الآن بالأسواق بعد القرارات الأخيرة
  • الحكيم: لقاء السوداني بالشرع ليس خرقاً ودعوته لبغداد ملزمة
  • لماذا عمُان وليس العراق؟.. الحكيم يجيب ويوجه رسائل نووية وصدرية وفصائلية
  • وكيل تعليم سوهاج: يتابع إنتظام الدراسه وامتحانات شهر أبريل بمدارس المحافظة
  • هند عصام تكتب: الملك بيبي الأول
  • منال الشرقاوي تكتب: مسلسل «Adolescence» دراما تحاكم المجتمع
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 51