قراءة في نصّ “القفز في المنتصف”
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
أثير- مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري
هل الشعر إلا ما ارتحتَ له وتفاعلت معه ..؟، لذا اخترت ” القفز في المنتصف ” لأنّ نصّه فيه الكثير من القلق والسأم والضجر ..كحالتي، نصّ متوتر ساخر وله نوازع انتحارية ..، يمسك الأشياء يبعثرها ويمرّ إلى حاله ..ولا يستدرج التصفيق من أحد ..، نصّ يعبث بالشعر فيمسي هو الشعر، لنأخذ مثلا .
” أخرج في وقت غير مناسب
في وقت مزدحم
لأصلح عطلا في ساعة يد،
وخللا أصاب حديقة.
أخرج في وقت تغلق فيه أغلب الشوارع
بالدبابات والفيلة.
أخرج، وأدخل في الطابور الطويل، الطابور الطويل الذي لا ينتهي أبدا
في حقيبتي أشياء لا تصلح للتّسلية
وغير قابلة للتعديل:
( إبرة خياطة، قصيدة شاعرة منتحرة، هاتف طاقته 3 في المائة، أقراص مسكّنة، علبة ماء فارغة )
أصبحتُ بفعل السنّ والخبرة ..صيّادا ماهرا وصبورا ..، فبعد قراءتي واطلاعي لبعض القصائد الطويلة والقصيرة وجدت ضالتي، فأنا أبحث عن طفلة تسكن في فتحية الصقري تريد العبث واللهو بكلّ شيء ..بدءا بالهموم والمتاعب الكثيرة التي يتحملها الجسد والروح، وتهمّ بالغناء والشدو ..، ماذا يعني هذا؟، يعني العودة للكتابة بعد انقطاع طويل أو قصير..، حقّا إنّ الشاعرة تفتح في وجهها كلّ نوافذ المعنى والدنيا ..وتعترف بحبّها الشديد للعب ..، اللعب بالكلمات أوّلا ..فما نحن إلا الأبجدية ..نقدّها منّا ونبثّها أرواحنا لتحلّق عاليا وبعيدا، في هذه القصيدة ..( ما الذي يدور في رأسك الآن ) بل في ختامها تؤكد لنا عنادها وإصرارها على المضي قدما إلى الغاية الأولى والأخيرة : ألا وهي الكتابة والإبداع، مع الاعتراف بأنّ السفر/ الغياب لم يكن طويلا ..، تقول فتحيّة الصقري لكلّ من ظنّ أنّها ستصمت يوما وهي على قيد الحياة ..تقول له : هيهات فما زال في العمر متسع للغناء..:
” حسنا، أيتها الآلام العنيدة
أنا أحبّ اللعب أيضا
انظري
لقد فتحت النافذة مجدّدا
وتكلّمت مع الأشجار والهواء والنجوم
صحيح أنّ سفري لم يكن طويلا
لكن هدّأ مخاوفي
الآن يمكنني الغناء
مع كلّ هذه العصافير التي تجمّعت حولي “
هذا النصّ الشعريّ ..يباغتني بشعرية جديدة ..ويدفعنا إلى اكتشاف النثر..كمادة صالحة للشعر المناهض للقديم الموروث ..، ها هي في القصيدة التي أهدت عنوانها للمجموعة
” القفز في المنتصف ” تمارس فيها المبدعة حريّتها المسؤولة بأكمل وجه ..، تخرج من كلّ سياق مستهلك ..وتبحث لنفسها عن فضاء أرحب ..، ولعلّها ..إن واصلت هذا الجهد والإصرار والجنون المدروس ..ستبدع قصيدة جديدة : قصيدة مهتمة بتفصيل التفاصيل ومنشغلة بأركان قريبة ولكن لا يراها غيرها ..:
” طريقة جديدة لطباعة قبلة على عنق الصباح ، بلون الرمّان ، ومذاق الشوكولاته
هذا ما يمكنني بطريقة ما أن أسميه
بهجة جديدة
حبّا جديدا.
تستطيع أن تلبسه، وتخلعه وقت ما تريد، وتدير حياته كيفما شاء، وبالطريقة التي تناسبك
تأكله تشربه، تتفاداه، تلتصق به تتقيؤه تتذكّره، تنساه تمدحه تشتمه، تُفقده ذاكرته..تعيده إليها
دون أن يُسبّب ذلك ألما لأحد ..”
لم أكن أعرف أنّ الشاعرة فتحية الصقري زوجة الشاعر الكبير حسن المطروشي ..، فما أجمل أن يتصالح شكلان شعريان في بيت واحد، ما أروع أن يضمّ سقف واحد قصيدة نثر منشغلة بالتفاصيل بقصيدة تفعيلة مهووسة بذاتها وتاريخها وحاضرها ..، عرفتها صدفة واطلعت على ما حبّرته، علما أنّها أرسلتْ ثلاث مجموعات شعرية، خيّرتُ تخصيص وقت آخر للخوض في : ( يد عالقة في الهواء ) و (بريد متأخر)، وقد جبت هذه المجموعة( القفز في المنتصف ) وتنزّهت فيها قدر الإمكان ..، عسى تكون قراءتي في مستوى النصّ الشعري الطافح بالآن وهنا ..واللاهج بتفاصيل الذات والبيت والشارع والوطن ..، وفي الختام..أترككم مع هذا المقطع الشعريّ الجميل :
” أنا أيضا أركض،
أركض، وأشارك في الماراثونات دون قصد،
لكنّني أتوقّف كثيرا
أتوقّف
لأنظّف الأرضية والشبابيك ، ولأغيّر الستائر
أتوقّف
لأشتري علب هواء جديدة من دكاكين شبه منسية
لأنزع الدبابيس العالقة في حذائي
أتوقّف، لأنّي أنسى فجأة كلّ شيء
كمن سقطت على رأسه حديقة كاملة من الأغاني
أنسى كلّ شيء “
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
توضيح رسمي بشأن معلومات مغلوطة جديدة عن “لام شمسية”
متابعة بتجــرد: نفى المهندس أحمد صبور، مصمم شريط الصوت في مسلسل “لام شمسية”، ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي حول وجود جملة “هي نسيت وانتي منسيتيش” ضمن أحداث الحلقة الأولى، والتي استُخدمت كمؤشر مزعوم على وجود تلميحات لتحرش شخصية وسام بزينه.
وكتب صبور عبر حسابه الشخصي على أحد مواقع التواصل: “أكتر حاجة لفتت نظري في الدوشة والإشاعات اللي حصلت على نهاية لام شمسية هي إشاعة إن في الحلقة الأولى وسام قال لرباب وهو بيغسل شعره ‘هي نسيت وانتي منسيتيش’، والناس بتستخدم ده كدليل قاطع إنه كان في تمهيد لأن وسام اتحرش بزينة.”
وأضاف أنه تفاجأ بانتشار الجملة على نطاق واسع رغم أنه لم يسمعها أثناء العمل على المسلسل، موضحًا أنه عاد لمراجعة الحلقة والنص الأصلي وكافة التسجيلات الصوتية الخاصة بالمشهد، ولم يجد أي أثر للجملة المذكورة.
وتابع: “رجعت سمعت صوت كل الـtakes اللي اتسجلت للمشهد ده، والجملة دي متقالتش في ولا مرة، بل رجعت كمان للنص الأصلي وملهاش أي وجود.”
وفسّر صبور انتشار الجملة بظاهرة “تأثير مانديلا”، وهي ظاهرة نفسية يتشارك فيها عدد من الأشخاص تذكّر معلومة أو حدث بطريقة غير دقيقة، داعيًا الجمهور للبحث أكثر حول هذه الظاهرة لفهم ما حصل.
وأكد صبور أن ما تم تداوله مجرد إشاعة لا أساس لها من الصحة، مشددًا على أهمية تحرّي الدقة في تداول المعلومات، خاصة عند ربطها بموضوعات حساسة مثل التحرش.
main 2025-04-05Bitajarod