هل بات الاعتداء على الأجانب ظاهرة في تركيا؟
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
أرغم تكرار الاعتداءات الجسدية على السيّاح الأجانب في تركيا، السلطات الأمنية في البلاد إلى التحرّك واتخاذ خطواتٍ ملمّوسة للحدّ من تنامي العنصرية ضد الأجانب في الأشهر الأخيرة.
فهل يمكن للحكومة أن تضع بالفعل حدّاً لهذه الاعتداءات التي تكاد تتحوّل إلى ظاهرة؟
مادة اعلانيةوربطت السلطات التركية بين استمرار الاعتداءات الجسدية على السيّاح والمنشّورات التي تحضّ على الكراهية ضدهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ولذلك شنّت عملية أمنية قادتها أقسام في الشرطة الإقليمية ضد من "يحرّضون على الكراهية" واعتقلت 27 منهم الأربعاء في العاصمة أنقرة، وكذلك في اسطنبول وأنطاليا وإزمير وأنطاكيا وبورصة وأدرنة وأورفا وسامسون ومرعش وسيرت.
واعتبر المحلل السياسي غسان إبراهيم المتخصص في الشؤون التركية أن "هناك عدة أبعاد لمسألة العنصرية في تركيا، منها عدم قيام الحكومة بدورها، فهي على سبيل المثال لم تتدخل لمكافحة ظواهر الكراهية والعنصرية. ويضاف لهذا الأمر أن الكراهية للأسف باتت مزاج سياسي بين الأحزاب المتناحرة في البلاد سواء القريبة من الحكومة أو المعارضة لها".
فيديو/ يوثق لحظة نقل المواطن الكويتي بواسطة الاسعاف بعد تعرضه لضربة أدت إلى ارتطام رأسه بالارض وفقدان الوعي. https://t.co/mZqRzqgOMI pic.twitter.com/GCu7gw8Aj7
— المجلس (@Almajlliss) September 17, 2023وقال إبراهيم وهو مدير تحرير موقع "أحوال تركية" لـ"العربية.نت" إن "الكراهية باتت وسيلة للضغط السياسي لدى الأحزاب المتعددة بغض النظر إن كانت قومية. وقد تضررت السياحة التركية بشكل ملحوظ الشهر الماضي نتيجة هذه السياسات، ولذلك لجأت الحكومة مؤخراً لاتخاذ خطوات فعلية كي تذكّر مواطنيها أن القضية لم تعد مجرد استياء شعبي أو اجتماعي، فقد نجم عنها ضررا ماديا وهو السبب الأساسي للتدخل الحكومي خاصة أن مثل هذه الحملات العنصرية كانت متواصلة طيلة السنوات الماضية ضد السوريين والعرب ومكونات أخرى".
#تركيا #ازمير
طلبوا منه "سيجارة" فرد عليهم بالقول: "لست مدخنا"... مقتل الشاب السوري إبراهيم دلي حسن 22 عاما طعنا على يد أتراك في ولاية أزمير. pic.twitter.com/1gBJ03WEbr
وجاءت العملية الأمنية الأخيرة أمس الأربعاء بعد أيامٍ من الاعتداء جسدياً على سواحٍ أجانب ولاجئ سوري قُتِل طعناً بالسكين في مدينة إزمير التركية الساحلية. ومن بين المحتجزين عدّة أشخاصٍ كانوا يديرون حساباتٍ تنشر أخباراً مضللة بشأن الأجانب على مواقع التواصل الاجتماعي.
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها وزارة الداخلية التركية شنّها عملية أمنية تستهدف مستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي تورّطوا في التحريض ضد الأجانب.
مجموعة من الأتراك يعتدون على سياح مصريين بسبب خلاف على فاتورة مطعم و مطالبتهم بتسجيل أطباق لم يطلبوها????! pic.twitter.com/cqI20Nisgt
— Gorgeous (@gorgeous4ew) September 19, 2023وتمّت العملية التي أسفرت عن احتجاز 27 شخصاً، بالتعاون بين وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالمديرية العامة للأمن وبدعمٍ من مديرية المخابرات وإدارة الأمن، وفق ما أوردت وسائل إعلامٍ حكومية.
واتهمت وزارة الداخلية حزب "النصر" اليميني المتطرّف الذي يقوده أوميت أوزداغ القيادي السابق في حزب "الجيد" القومي، بالوقوف خلف عددٍ من الحسابات التي تمّ احتجاز من كان يديرها.
وتعاقب تركيا، مروّجي الأخبار المضللة بموجب المادة 5237 من قانون العقوبات.
وأدى خطاب "الكراهية" ضد الأجانب في الأشهر الأخيرة لاسيما خلال فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على تنامي الاعتداءات الجسدية على السيّاح واللاجئين على حدّ سواء.
وكانت الاعتداءات الجسدية تتكرر بحق اللاجئين السوريين في تركيا في ظاهرة تكاد تبدو اعتيادية، لكنها باتت تستهدف السيّاح الأجانب أيضاً في الآونة الأخيرة.
ويعود السبب في ذلك بحسب منظمات تعنى بحقوق اللاجئين إلى حملات التحريض التي تشنها وسائل إعلامٍ محلّية إلى جانب أحزاب سياسية تطالب بترحيلهم إلى بلدهم كما يفعل حزب "النصر" اليميني المتشدد.
وتحوّلت قضية اللاجئين وبقائهم في تركيا إلى موضع جدلٍ بين التحالف الحاكم الذي يضم حزبي "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" والأحزاب التي تعارضه.
ويتسابق كلا الطرفين على إرضاء قاعدتهما الشعبية الغاضبة من استمرار تواجد اللاجئين السوريين في بلدهم قبيل كل انتخابات تشهدها تركيا، من خلال تقدّيم وعود بطردهم أو إعادتهم طوعياً إلى سوريا.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News العربية_نت أنقرة تركيا اسطنبولالمصدر: العربية
كلمات دلالية: العربية نت أنقرة تركيا اسطنبول فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
ظاهرة غياب الطلبة قبل الإجازات والامتحانات
سالم بن نجيم البادي
ظاهرة غياب الطلبة قبل الإجازات الرسمية والامتحانات تحتاج إلى حلول جذرية ووقفة حاسمة للحد منها إن لم يكن القضاء عليها تمامًا، ولكن قبل ذلك ينبغي معرفة الأسباب العميقة لهذه الظاهرة.
لا توجد دراسات لمعرفة أسباب غياب الطلبة قبل الإجازات أو الامتحانات النهائية، ولم يجر أحد أي حوارات ميدانية مع الطلبة وإدارات المدارس وأولياء أمور الطلبة لمعرفة الأسباب التي تدفع الطلبة إلى الامتناع عن الذهاب إلى المدرسة واستغلال كل فرصة سانحة لاتخاذها حجة لعدم الحضور إلى المدارس، ومنها الأيام التي تسبق الإجازات الرسمية وقبل الامتحانات النهائية.
وهذا الأمر يُثير أسئلة كثيرة عن أسباب هذا الغياب، وأذكر هنا بعض الأسباب التي يعتقد أنها تُسهم في غياب الطلبة: أن بيئة مدارسنا قد تكون بيئة غير جاذبة للطلبة، كما إن المناهج وطرق التدريس والتقويم المستمر والواجبات المنزلية، علاوة على تعامل بعض إدارات المدارس والمعلمين مع الطلبة بتعامل لا يُراعي العدالة بين الطلبة؛ حيث يتم أحيانا التركيز على بعض الطلبة في المدرسة، وهؤلاء يتكرر حضورهم في كل المناسبات والفعاليات التي تقام في المدرسة، ويكون لهم كذلك نصيب الأسد من زمن الحصص الدراسية وهم فئة المجيدين في التحصيل الدراسي بينما يكون حظ أقرانهم من فئة متدني التحصيل الدراسي أقل.
علاوة على أنَّ بعض المعلمين والمعلمات يوحون للطلبة بالغياب بطرق مباشرة وغير مباشرة كأن يتم الانتهاء من المنهج مبكرا أو التلكؤ في الذهاب إلى الحصص قبيل موعد الامتحانات النهائية.
ومن الأسباب أن العقوبات المقررة في لائحة شؤون الطلبة والمتعلقة بالغياب غير رادعة، وكذلك دور بعض أولياء الأمور الداعم للغياب وعدم الحزم في جعل أبنائهم يلتزمون بالدوام الرسمي.
أيضًا دور وزارة التربية والتعليم والمديريات العامة للتربية والتعليم في المحافظات؛ إذ يقتصر هذا الدور على مخاطبة إدارات المدارس لحث الطلبة على الدوام وطلب تقارير يومية عن نسب الغياب والحضور طول اليوم الدراسي وما يتبع ذلك من إرهاق شديد للطلبة.
أضف إلى ذلك المبالغة في تطبيق لائحة شؤون الطلبة في الصغيرة والكبيرة، والتهديد الدائم بتسجيل العقوبات في البوابة التعليمية، وانتقال عدوى عدم الدوام من مديرية تعليمية إلى أخرى؛ حيث تنتشر أخبار عدم دوام الطلبة بسرعة رهيبة وتتخذ حجة لعدم الدوام مادام أن بعض الطلبة في المديريات التعليمية الأخرى لا يلتزمون بالدوام. وعندما تلتزم بعض المدارس بالدوام لا أحد يلتفت لها بالشكر والتقدير والمدارس التي لا تلتزم لا تتعرض للمساءلة، وبذلك تتساوى المدارس الملتزمة بالدوام والمدارس التي لا تلتزم.
من الأسباب كذلك، اعتقاد بعض الطلبة أن لا جدوى من الدراسة؛ إذ إن أعدادًا كبيرة من الطلبة لا يتم قبولهم في مؤسسات التعليم العالي بعد الحصول على شهادة الدبلوم العام، وأن الحصول على وظائف صار صعب المنال، وأن آلافًا من الشباب يلتحقون كل عام بقوافل الباحثين عن عمل.
كذلك وجود فئة من أولياء أمور الطلبة يستخفون بالمدرسة ويتكلمون بسوء وقلة احترام عن المعلمين أمام أبنائهم وهذا يؤثر سلبًا على حُب وتقدير الطلبة للمدرسة والعاملين فيها. وغياب التوعية المستمرة والفاعلة بضرورة الالتزام بالدوام الرسمي، تلك هي بعض أسباب غياب الطلبة عن الدوام قبل الإجازات والامتحانات.
في المقابل نضع بعض المقترحات للحد من هذه الظاهرة، وأولها: خفض ساعات دوام الطلبة، من خلال إمكانية إلغاء الحصة الثامنة، أو تطبيق ذات الدوام الذي يطبق في رمضان على مدار العام، أو التحول إلى نظام المحاضرات والساعات المعتمدة وزيادة زمن الاستراحة. وجعل بيئة المدارس جاذبة للطلبة، مع وجود مرافق مثل الملاعب الملائمة والصالات المغلقة لممارسة الأنشطة الرياضية، ووجود مطعم يقدم الأطعمة المتنوعة وخلق بيئة من الفرح المرح والنشاط للقضاء على الروتين والخروج عن المعتاد والمألوف والرتابة. وأيضًا إضافة عقوبات أشد في لائحة شؤون الطلبة على الطلبة الذين يتغيبون قبل الإجازات والامتحانات تشمل الفصل لمدة طويلة مع تعهد الطالب وولي الأمر بالالتزام بالدوام وإذا تكرر غياب الطالب يمكن حرمانه من دخول الامتحان النهائي.
ويتعين توعية أولياء أمور الطلبة بضرورة للالتزام بالدوام وحبذا لو تم التواصل مع أولياء أمور الطلبة من قبل المحافظ والوالي والشيوخ والرشداء؛ لأن الناس في المجتمع يقدرون هؤلاء أكثر من غيرهم.
كما نقترح إلغاء الواجبات المنزلية، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المعلمين إذا ثبت أنهم يحرضون الطلبة على الغياب. ولا شك في أنه ليس كل المعلمين يحرضون الطلبة على الغياب والذين يحرضون هم قلة قليلة من المعلمين.
وتقدير المدارس التي تلتزم بالدوام ومحاسبة المدارس التي لا تلتزم، واتباع أساليب وطرق تدريس غير تقليدية وجاذبة ومشوقة عوضا عن الأساليب التقليدية، وكذلك العدالة والمساواة بين جميع طلبة المدرسة في التعامل وفي توزيع زمن الحصة وفي إشراكهم في الأنشطة والفعاليات والرحلات مع التسليم بوجود الفروق الفردية بين الطلبة.
وإلزام المدارس عبر تعميم مُلزِم بإجراء الاختبارات القصيرة في الأسبوع الذي يسبق الإجازات أو الاختبارات ومن يتغيب من الطلبة، يفقد الدرجات ولا يعاد له الاختبار، وأهمية عدم الانتهاء من المناهج إلا مع بداية الامتحانات النهائية.
يجب أيضًا مد يد العون لمدير المدرسة من قبل المديريات العامة ولا يُترك وحده دون سند؛ فهو لا يمتلك الأدوات اللازمة التي تساعده في مواجهة هذه الظاهرة، ولو أنه قام بتأجيل الامتحانات القصيرة حتى بداية الإجازات والامتحانات النهائية، فإذا اتفق كل طلبة المدرسة أو أكثرهم على عدم الحضور، فماذا بإمكانه أن يفعل؟
ومدير المدرسة يقوم بجهود مضنية؛ فهو ينبه الطلبة في طابور الصباح بضرورة الالتزام بالدوام وبشكل يومي ويمر على الفصول لحثهم على الدوام ويأمر بتعليق صورة من لائحة شؤون الطلبة والمتعلقة بعقوبة الغياب في الفصول واللوحات المنتشرة في المدرسة وإرسال نسخ منها إلى أولياء أمور الطلبة. ويتواصل مدير المدرسة مع أولياء أمور الطلبة ليخبرهم بضرورة التزام أبنائهم بالحضور إلى المدرسة، لكنه لا يجد الاستجابة المطلوبة الآن الطلبة قد اتفقوا على عدم الحضور إلى المدرسة.
وبعض الطلبة يخدعون أولياء أمورهم بالقول إن المدرسة منحتهم إجازة وإن المعلم الفلاني قال لهم لا تأتوا إلى المدرسة وذاكروا في بيوتكم، وكل ذلك غير صحيح في الغالب.
مدير المدرسة الذي يجتهد في إقناع الطلبة وأولياء أمورهم بالدوام قبل الإجازات والامتحانات يتلقى اللوم من أولياء أمور الطلبة ومن المعلمين والطلبة، ويقولون له تلك العبارة المكررة: "الطلبة في كل المناطق ما مداومين وحال مدرستنا من حالهم".
ويُراد من مدير المدرسة أن يكون "سوبر مان" والرجل الخارق وصاحب العصا السحرية، في حين يكتفي من هُم أعلى منه بالمراقبة عن بعد وإسداء التوجيهات والتعليمات والنشرات التي لا تغير من الواقع شيئًا.
وتبقى ظاهرة غياب الطلبة قبل الامتحانات والإجازات تتفاقم وتتكرر في غياب الحل الحازم، ونحن مقبلون على إجازة عيد الأضحى، وامتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني، فماذا أنتم فاعلون؟!
رابط مختصر