ورشة فنية عن «العودة إلى المدارس» بمتحف الأبنودي للسيرة الهلالية بقنا
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
أعلن قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور وليد قانوش تنظيم ورشة للأطفال بعنوان «العودة إلى المدارس» بمتحف ومركز الأبنودي للسيرة الهلالية بقنا.
تفاصيل ورشة «العودة إلى المدارس»وأوضح القطاع في بيان له بيان أن إقامة ورشة أشغال يدوية للفئة العمرية من سن 8 إلى 15 سنة تحت عنوان العودة إلى المدارس في تمام الساعة الـ10 من صباح يوم الأحد الموافق 24 سبتمبر 2023 بمتحف ومركز الأبنودي للسيرة الهلالية.
وتستهدف الورشة تدريب الطلاب على إعداد بعض الاحتياجات المدرسية باستخدام خامات بسيطة مع مراعاة تنمية الحس الفني لدى المشاركين بقرية أبنود بقنا.
متحف الأبنوديمتحف الأبنودي يضم قاعة عرض لمحتويات السيرة الهلالية التي جمعها الأبنودي في جمعها، ليصبح المتحف تراثا ومرجعا للباحثين ومحبي السيرة الهلالية لصونها من الاندثار.
اختار الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي قريته «أبنود» لإقامة متحف السيرة الهلالية بها، اعترافا منه بفضل بلدته عليه واعتزازا بجذوره الصعيدية وتأكيدا لانتمائه لهذا المكان.
وتولى صندوق التنمية الثقافية إنشاء المتحف والمكتبة، ثم انتقلت تبعية الموقع المتحف إلى قطاع الفنون التشكيلية منذ عام 2004.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الفنون التشكيلية وزارة الثقافة الثقافة الأبنودي العودة إلى المدارس
إقرأ أيضاً:
السيرة المحمدية تحت ضوء العلم والفلسفة
لا يعلم التاريخ شخصية كتب عنها بقدر ما كتب عن محمد صلى الله عليه وسلم، سواء كانت الكتابة عنه منصفة أم متجنية، واختلفت طرق التناول لشخصيته وسيرته، بحسب توجه الكاتب وتخصصه. ولكن المتأمل لمؤلفات وكتابات القرن العشرين وبخاصة النصف الأول منه، سيجد أن كثيرا من الأدباء والمفكرين، سواء ممن ينتسبون للأزهر الشريف، أو لا ينتسبون إليه، قد أسهموا بإسهامات مضيئة ومبهرة، تتعلق بالدراسات القرآنية، والسيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة السلام.
ولأن هذه المرحلة مارت بأفكار كثيرة، وكان الغزو الفكري مستهدفا بلدان الإسلام، وفي القلب منها قلبه النابض، بلد الأزهر الشريف، وكانت العلوم الإنسانية تتخذ مدخلا للتشكيك فيه، ولذا رأينا أفضل من دافعوا عن الإسلام في هذه المرحلة، من امتلكوا ناصية هذه العلوم، مع إيمان راسخ بعقيدتهم، وتحرق شديد للدفاع عن دينه، وعن سيرة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
ويأتي على رأس هؤلاء: العلامة الأستاذ محمد فريد وجدي، الذي كان له القدح المعلى في الإسهام في نقاش الإلحاد، والأفكار المستوردة، مثل: الشيوعية، وغيرها من الأفكار، التي بدأت تغزو بلاد الإسلام، واتخذ كل منبر مكن له فيه، ليمارس نشاطه المفضل، فقد رزق وجدي قلما سيالا، وفكرا متقدا، وعطاء لم ينقطع حتى أسلم الروح لبارئها.
تحدث فريد وجدي عن نفسية الرسول صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وبعدها، ليرد على من ينكرون عليه النبوة، ويتهمونه بادعائها، بأنه لم يشتهر قبل النبوة في قومه بمميزات تدعوه إلى التطلع للرئاسة الدنيوية، بل كان هناك غيره من تطلع لذلك..في وقت اشتهر التفكير الفلسفي في أوروبا، وعاد الدارسون له من أهل المشرق، وبدأت نزعات تحكيم الفلسفة ومناهجها، والعقل البشري، في كل ما هو من مساحته وما ليس من مساحته، بما في ذلك الثوابت الدينية، انبرى محمد فريد وجدي، ليكتب سلسلة مقالات، جمعها فيما بعد العالم الإسلامي الكبير الدكتور محمد رجب البيومي، تحت عنوان: (السيرة المحمدية تحت ضوء العلم والفلسفة)، وقد كتبها وجدي في سنوات متتالية في مجلة (الأزهر)، مر على أهم المحطات من السيرة النبوية، وبخاصة المحطات التي يكثر فيها التشكيك، ومحاولة زعزعة إيمان الشباب المسلم بها.
اتخذ فريد وجدي العلوم الإنسانية من علم النفس والفلسفة والاجتماع، لكن بالمعنى القرآني، وليس بالمعنى المادي، وبالمعنى البشري الذي لا يتعارض مع المنهج السديد، ليكون أداة لعرض السيرة النبوية، وكان يطرح بكل جرأة الأسئلة التي يطرحها المنطق المادي، ويأتي عليها بقلمه لينسفها نسفا، ويفندها تفنيدا، لا يبقي منها شبهة، بدون رد علمي، بما انتهى إليه العلم، وثبت من العلوم التطبيقية والإنسانية، وقد مكنه من ذلك: اطلاعه الواسع على هذه المدارس، وكيف لا، وقد قام الرجل وحده بعبء كتابة موسوعة، أطلق عليها: موسوعة القرن العشرين، في عشر مجلدات، قام بكتابته وحده.
فمن أهم القضايا التي تطرح للتشكيك في النبوة، مسألة الوحي، وقد كان يطرحها المستشرقون بأنها هواجس نفس، وإيحاءات، لا علاقة لها بملكوت السماء، فتحدث فريد وجدي عن نفسية الرسول صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وبعدها، ليرد على من ينكرون عليه النبوة، ويتهمونه بادعائها، بأنه لم يشتهر قبل النبوة في قومه بمميزات تدعوه إلى التطلع للرئاسة الدنيوية، بل كان هناك غيره من تطلع لذلك، فما الذي جد ليخرج عليهم محمد صلى الله عليه وسلم فجأة ليعلن نبوته، سوى أنها نبوة حقيقية، وبدأ يستشهد بمشهد الوحي، وكيف ارتعد وخاف حين جاءه، ثم حزن حينما غاب عنه الوحي لفترة، أيكون ذلك عن تخيل، أو ادعاء؟!
ومن أقوى ما استشهد به فريد وجدي للتدليل على فكرة الوحي، ثم فكرة النبوة بعامة، وفكرة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم تحديدا، فقال: (اللهم ما أقوى سلطانك، وأسطع برهانك، أمي في أقصى بيئة عن العمران، وأبعد مكان عن معترك العقول، ومضطر النظريات والمبادئ، وبين ظهراني قوم لم يألفوا النظام، ولم يأنسوا بالوحدة، ينتدب أن يكون رسولا للناس كافة فيدعوهم للكلمة الجامعة، ملوحا لهم بالأصول الحكيمة لتحقيق هذا المأرب، الذي لم يطف بخيال فيلسوف ولا مصلح قبله، مدللا على إمكانه بالأدلة القاطعة، ضاربا لهم المثل العملي بتأليف أمة عالية ليس فيها ظل من نعرة قومية، ولا عصبية الجنسية، وبتوزيع العدالة، وجميع الحقوق المدنية بين الكافة بالسوية.
أمة خالصة من جميع علل الاجتماع، يسودها قانون أصوله الحقوق الطبيعية، رأس مالها المعرفة، دينها العقل، سلاحها الحكمة، غايتها المثل الأعلى، أمي في أقصى بيئة من العمران يأتي بكل هذا بنصوص صريحة لا تحتمل الصرف والتأويل، لا يعقل أن يكون كل هذا من عنده!
بل لا بد أن يهبط عليه من عالم علوي، إذ هي أرقى مما سبقها من فلسفات الأقدمين مجموعة متضافرة! ومن العجيب أن موحي هذه التعاليم يقرر سبقها لزمانها، وأن الناس سيعرفون فضلها بعد حين (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) أي دليل على الوحي أقوى من هذا الدليل).
وهكذا يمضي فريد وجدي في كتابه على هذا المنوال الفكري في مراحل مهمة من السيرة النبوية، سواء العهد المكي، أو المدني، وسواء ما تعلق بجانب السلم والتنمية والحضارة، أو بالجانب الحربي وما يتعلق به من فلسفة وأخلاق وقيم، ثارت حول كل ذلك شبهات قام بدحضها بمكنة علمية، ورسوخ فكري كبير، وهو خط واضح في كل كتابه، لا يحيد عنه.
حتى في حديثه عن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، لا يحيد عن منهجه، بل ينتهي كما بدأ، فيقول رحمه الله: (إن من يتأمل أقوال محمد صلى الله عليه وسلم وهو يجود بنفسه ـ وهذه حالة يفضى فيها بين الإنسان وأهول ساعة قدرت له في حياته ـ يتحقق أنها صادرة عن قلب نبي، لا عن قلب رجل عادي.
أمة خالصة من جميع علل الاجتماع، يسودها قانون أصوله الحقوق الطبيعية، رأس مالها المعرفة، دينها العقل، سلاحها الحكمة، غايتها المثل الأعلى، أمي في أقصى بيئة من العمران يأتي بكل هذا بنصوص صريحة لا تحتمل الصرف والتأويل، لا يعقل أن يكون كل هذا من عنده!فإن تلك الساعة التي يرى الإنسان نفسه على وشك ترك أهله وذويه، وكل ما كان يملأ صدره، ويستوعب فكره من لذاته وعاداته، يشغله من أمر نفسه شاغل هائل؛ فإن فكر في شيء يخرج عن دائرة خصوصياته، فلا يمكن أن يكون ذلك الشيء مما كان يخادع فيه الناس ليتسلط على عقولهم، ويسخرهم لسلطانه، بل شوهد أن بعض الذين كانوا من هذا القبيل، اعترفوا في تلك الساعة الرهيبة بجريمتهم، وتبرأوا من ضلالتهم.
الذي رآه الناس من محمد خلاف ما عهده الناس في أولئك، فإنه لما تحقق أنه لا محالة ميت، قال للذين احتفّوا به من صحبه: "أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم، هل خلد نبي فيمن بعث الله فأخلد فيكم؟!".
ثم أوصاهم بالحق والصبر وعدم الفساد في الأرض، وبالتحاب والتواصل. إن رجلا يذكر الحق والصبر وهو يرى الموت بعينيه، ويذكر الجماعة، وينهى عن الفساد في الأرض، لهو رجل خلق روحا وجسدا لأداء مهمة عالية قد استوعبت شعوره كله، ولم تزايله حتى في تلك الآونة التي يذهل الإنسان فيها عن نفسه وبنيه وكل ما يملك).
الحقيقة إن كتاب: (السيرة المحمدية تحت ضوء العلم والفلسفة) للراحل محمد فريد وجدي، جهد متميز، وعمل جبار، في ميزان حسنات كاتبه، مع كتب أخرى، نافح فيها عن دينه ورسالته، وهو جدير بالقراءة والاطلاع، والتدبر، والتعلم، في هذه الأيام المباركة.
[email protected]