الحصاد المُرّ لاتفاق أوسلو
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
الحصاد المُرّ لاتفاق أوسلو
يتواصل التنسيق الأمني في حين تواصل قوات الاحتلال التهام الأرض في الضفة الغربية وتهويدها وتقطيع أوصال المدن بمزيد من المستوطنات.
الاحتلال لم يتوقف على استباحة شعب بأكمله، بل اغتال الرجلين الذين وقّعا اتفاقات التسوية التي بدأت في أوسلو عام 1993 وما تلاها من اتفاقات.
منذ وفاة عرفات، بل منذ «كامب ديفيد» عام 2000 لم تحدث مفاوضات جدية ولم يلُح في الأفق أي أمل بالتوصل إلى اتفاق يؤدي لقيام دولة فلسطينية.
التمترس خلف سلطة حُكم ذاتي بلا صلاحيات سوى «التنسيق الأمني» انتحار، والتمسك بالوضع الراهن لا يُمكن أن يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.
المطلوب من منظمة التحرير وفتح والفصائل تنظيم مؤتمر إنقاذ وطني شامل يتجاوز اتفاق أوسلو والسلطة الفلسطينية، ويعيد المنظمة إلى مكانها الطبيعي.
يجب أن ننتهي إلى خطة عمل وطنية شاملة تتعامل مع الوضع كما كان قبل 1993، وإلا فالوقت ليس في صالح الفلسطينيين وأي تأخير سيعني تراكم الخسائر تباعا بالسنوات المقبلة.
* * *
ثلاثون عاماً مرَّت على إبرام اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وثلاثون عاماً مرت أيضاً على اعتراف كل منهما بالآخر، وعلى تأسيس السلطة الفلسطينية تبعاً لذلك، بينما تغرق شبكات التواصل الاجتماعي اليوم بحالة «نوستالجيا»، في أوساط الفلسطينيين، أي الحنين للماضي، حيث يتداولون صوراً لقطاع غزة والضفة الغربية، أيام ما قبل «أوسلو»، ويتحسرون على تلك الأيام التي يقول من كان يعيها، إنها أفضل من هذه التي نعيشها اليوم.
حصيلة العقود الثلاثة التي أعقبت «أوسلو» تؤكد أن إسرائيل كانت تخدع الفلسطينيين ولم تكن تريد التوصل إلى حل نهائي يتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بل كانت تريد توريطهم بهذا الفخ، من أجل شل كل أشكال المقاومة، ومن أجل إشغال الفلسطينيين، بما يُشبه الدولة وهو «السلطة الفلسطينية»، وتركهم يغرقون في هموم الحكم الذاتي.
الرئيس الراحل ياسر عرفات أدرك هذه الحقيقة عام 2000 عندما أمضى أكثر من أسبوعين في «كامب ديفيد» وهو يستمع للإسرائيليين والأمريكيين، وعاد مقتنعاً بأن آفاق التوصل إلى سلام تبدو معدومة، وأن فرصة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عبر التفاوض والحل السياسي تكاد تكون ضرباً من الخيال، وأن ما عرضه الإسرائيليون في ذلك الحين، لم يكن يُلبي أي شيء من طموح الفلسطينيين، لا في الضفة ولا غزة ولا القدس ولا في قضية اللاجئين الموزعين بالملايين على دول العالم.
كان من المفترض أن تكون مدة اتفاق أوسلو خمس سنوات فقط، كمرحلة انتقالية، وبعدها يتم بناء الدولة الفلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن الإسرائيليين لم يوافقوا على ذلك، ولا حتى على أقل منه بكثير.
وفي عام 2002 اجتاح شارون مناطق الضفة الغربية كافة، وحاصر الرئيس عرفات في رام الله، حتى توفاه الله شهيداً بالسم الإسرائيلي بعد 33 شهراً من الحصار، ما يعني أن الاحتلال لم يتوقف على استباحة شعب بأكمله، وإنما اغتال أيضاً الرجل الذي وقّع اتفاقات التسوية التي بدأت في أوسلو عام 1993 وما تلاها من اتفاقات في القاهرة وطابا وباريس وواي ريفر.
انتهى اتفاق أوسلو ولم تنتهِ الإفرازات التي أنتجها ذلك الاتفاق. خرج عرفات من الدنيا بأكملها، فيما لم يخرج الفلسطينيون من ورطتهم، وما زالوا حتى اليوم يدفعون ثمن «أوسلو» وما أنتجت.
أصبح الفلسطينيون اليوم متورطون في سلطة حكم ذاتي، فلا هي تحولت إلى دولة مستقلة، ولا هي تركت الاحتلال المباشر عارياً أمام العالم، ومشتبكاً مع الشعب الفلسطيني بشكل يومي، كما كان الحال في السابق.
منذ وفاة عرفات، بل منذ «كامب ديفيد» في تموز/ يوليو عام 2000 لم تحدث أية مفاوضات جدية، ولم يلُح في الأفق أي أمل بالتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، كما أن آخر محاولة تفاوضية كانت في عام 2014 خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
ما يعني أن المسار السياسي معطل تماماً منذ عشرين عاماً، وحتى محاولات التفاوض متوقفة منذ نحو عشر سنوات، وهذا يُحتم على الفلسطينيين اليوم البحث عن حل للمأزق الراهن عبر وضع خطة إنقاذ وطني شاملة بعيداً عن الحل السياسي أو انتظار المفاوضات.
التمترس خلف سلطة حُكم ذاتي ليس لها أي صلاحيات سوى «التنسيق الأمني»، هو حالة انتحار، والتمسك بالوضع الراهن على حاله لا يُمكن أن يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال التهام الأرض في الضفة الغربية وتهويدها وتقطيع أوصال المدن بمزيد من المستوطنات.
المطلوب اليوم من منظمة التحرير وحركة فتح وباقي الفصائل الفلسطينية، هو تنظيم مؤتمر إنقاذ وطني شامل يتجاوز اتفاق أوسلو، ويقفز على السلطة الفلسطينية، ويعيد المنظمة إلى مكانها الطبيعي، وينتهي إلى وضع خطة عمل وطنية شاملة تتعامل مع الوضع كما كان عليه الحال قبل عام 1993، وبغير ذلك فإن الوقت ليس في صالح الفلسطينيين، وأي تأخير سوف يعني تراكم الخسائر تباعاً خلال السنوات المقبلة.
*محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: اتفاق أوسلو فتح التنسيق الأمني الحصاد المر السلطة الفلسطينية ياسر عرفات منظمة التحرير الضفة الغربیة اتفاق أوسلو
إقرأ أيضاً:
نجل ولي عهد النرويج متهم بارتكاب اغتصاب ثان بعد أيام من اتهامه بالأول
(CNN)-- اتُهم نجل ولي عهد النرويج، ماريوس بورغ هويبي، البالغ من العمر 27 عامًا بارتكاب جريمة اغتصاب ثانية بعد أيام فقط من اعتقاله للاشتباه في ارتكابه نفس الجريمة.
وبعد جلسة استماع في محكمة منطقة أوسلو، الأربعاء، بشأن أول جريمة مزعومة، قال المدعي العام للشرطة، أندرياس كروسزيوسكي، إن منطقة شرطة أوسلو طلبت احتجاز ماريوس بورغ هويبي لمدة أسبوعين مع ظهور جريمة اغتصاب مزعومة ثانية.
وقالت شرطة أوسلو في بيان لشبكة CNN، الخميس: "سبب هذا الطلب هو أننا اكتشفنا قضية اغتصاب أخرى بين عشية وضحاها، وهذا الصباح تم تحديد ذلك في المواد التحقيقية".
وقالت الشرطة إنها تحقق في الحادث المزعوم الثاني بدقة، مضيفة: "القضية تتعلق بممارسة جنسية، وليس جماعا بالتراضي، مع امرأة لم تكن قادرة على مقاومة الفعل.. هذا يعني أننا نحقق الآن في قضيتي اغتصاب تتعلقان بماريوس بورغ هويبي".
ووفقا لقانون العقوبات النرويجي، يعاقب على اعتداء جنسي من هذا النوع بالسجن لمدة أقصاها 10 سنوات.
وقال محامي هويبي، أويفيند براتلين، لشبكة CNN، الخميس، إن موكله يعترف بالذنب فقط في قضية تتعلق بحادث أذى جسدي ضد صديقته الأخيرة، وأضرار جنائية في شقتها وتهديد.. بالنسبة للظروف الأخرى، فهو لا يعترف بالذنب الجنائي".
وأعلنت الشرطة، الثلاثاء، إنه تم القبض على هويبي لأول مرة ليلة الاثنين للاشتباه في خرقه القانون المتعلق بـ"الاتصال الجنسي مع شخص فاقد للوعي أو لأسباب أخرى غير قادر على مقاومة الفعل".
وصرح ولي العهد النرويجي، الأمير هاكون، لهيئة الإذاعة العامة في البلاد، NRK، أن الوضع يؤثر على الجميع حول هويبي: "هذه اتهامات خطيرة يواجهها ماريوس الآن.. اليوم، نحن بالطبع نفكر في جميع المتضررين".
وأضاف أنه يجب إفساح المجال للشرطة والجهاز القضائي للقيام بعمله، مؤكدا: "أنا على ثقة من أنهم سيفعلون ذلك بطريقة جيدة".
ويذكر أن هويبي ولد قبل أن تتزوج والدته ميت ماريت من ولي العهد الأمير هاكون وتصبح أميرة في عام 2001، وهو خارج خط الخلافة الملكية في النرويج.