سلط الخبير الاقتصادي، وليد أبو هلال، الضوء على الأزمة الاقتصادية الخانقة في مصر، في ظل تحذير وكالة فيتش، في 7 سبتمبر/أيلول الجاري، من خطر زيادة الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي المصري بسبب تراكم طلبات الاستيراد، ومخاطر مغادرة حيازات المحافظ البلاد ونقص العملات الأجنبية، واصفا خصخصة الأصول العامة بأنها السبيل لحل تلك الأزمة.

وذكر أبو هلال، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن فيتش، منحت، بتقرير أصدرته في يوليو/تموز الماضي، البنك الأهلي المصري درجة "B"، مع نظرة مستقبلية سلبية، وهو أقدم بنك في مصر، حيث يبلغ عمره 125 عامًا، وأكبر بنوكها، حيث يمثل حوالي 37% من إجمالي أصول البنوك المصرية مجتمعة، وحوالي 17 مليون عميل.

وأضاف أن البنك الأهلي المصري هو أهم دائن للحكومة وشركات القطاع العام (بالعملة المحلية)، إذ تشكل قروض تلك الجهات نحو 80% من قروض البنك.

وفي الوقت نفسه، خفضت وكالة التصنيف الائتماني، ستاندرد آند بورز، تصنيفها للاقتصاد المصري، ما أدى إلى انخفاض البلاد من "مستقر" إلى "سلبي"، وحذرت أيضًا من احتمال انخفاض التوقعات مجددا في الأشهر المقبلة.

كما أشارت الوكالة إلى أن إجراءات السياسة التي تنفذها السلطات المصرية قد لا تكون كافية لتحقيق استقرار سعر الصرف وجذب تدفقات العملات الأجنبية، وهي مطلوبة لتلبية احتياجات التمويل الخارجية المرتفعة.

وهنا يلفت أبو هلال إلى أن التصنيفات الائتمانية تلعب دوراً مهماً في قدرة الدولة على الاقتراض، حيث يعتمد المقرضون بشكل كبير على تقييمات هذه الوكالات قبل الاستثمار في بلد آخر.

وتتراوح التقييمات من الأعلى، AAA، إلى الأدنى، D، وقد حصلت مصر على تصنيف B، ما يجعلها "أكثر عرضة للظروف التجارية والمالية والاقتصادية المعاكسة"، وفقًا لوكالة ستاندرد آند بورز.

وفي السياق، قال وزير المالية المصري، محمد معيط، إن الضغوط الخارجية على اقتصاد البلاد، مثل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، كانت وراء التخفيض الأخير لتوقعات "ستاندرد آند بورز".

لكن أبو هلال يصف تبرير معيط بأنه "هش"، لأن الحرب أثرت في البداية على الاقتصاد المصري، مع ارتفاع أسعار القمح، إلا أن هذه الأسعار استقرت لاحقا.

ويعني التصنيف الائتماني الضعيف لمصر أن إقراض الحكومة يتسم بدرجة عالية من المضاربة، وهو أحد الأسباب التي تجعل القاهرة تواجه صعوبة كبيرة عندما يتعلق الأمر بالحصول على تمويل خارجي، سواء من المنظمات الدولية أو حتى من حلفائها الخليجيين.

ونظراً للانخفاض الخطير في احتياطيات البنك المركزي المصري من العملات الأجنبية، تبحث الحكومة عن حلول قصيرة الأجل، بما في ذلك الاستمرار في الاقتراض.

وفي الشهر الماضي، احتفل المسؤولون ووسائل الإعلام المصرية بانضمام البلاد إلى كتلة بريكس، إذ تأمل القاهرة في الحصول على مصادر تمويل جديدة عبر بنك التنمية الجديد، التابع للكتلة.

اقرأ أيضاً

تصريحات السيسي حول الأزمة الاقتصادية والكهرباء تثير غضب المصريين.. ماذا قال؟

المنافسة العادلة

لكن القروض المحتملة، التي ستتمكن مصر من الحصول عليها، ستكون متواضعة مقارنة باحتياجاتها التمويلية الكبيرة، حسبما يرى أبو هلال، مضيفا: "في حين أن هناك فرصة جيدة لأن تتمكن مصر من جذب المستثمرين من دول بريكس الأخرى، مثل السعودية والإمارات والصين وحتى روسيا، إلا أنه يجب على النظام أولاً ضمان بيئة استثمارية جذابة".

وتابع: "يجب اتخاذ قرارات شجاعة لتحرير الاقتصاد من قبضة الحكومة والجيش، وبالتالي ضمان المنافسة العادلة للمستثمرين المحتملين".

ويرى أبو هلال أن الخصخصة هي حجر الزاوية في عملية التحرر الاقتصادي المصري، وخطوتها الأولى تتمثل في طرح الشركات المملوكة للدولة والجيش المصري للبيع، دون شروط مقيدة.

ويؤكد الخبير الاقتصادي على أهمية أن إدارة عملية الخصخصة في مصر من قبل فريق من التكنوقراط المحترفين، الذين يمكن أن يضمنوا الشفافية والصفقات الدولية العادلة إلى حد ما، مع التأكد من عدم عودة الحكومة إلى نفس الصناعات كمنافس للمستثمرين الجدد.

وينوه أبو هلال إلى أن عملية الخصخصة ذات وجهين، الأول: بيع الشركات المملوكة للدولة لتمويل احتياطيات مصر من العملات الأجنبية؛ والثاني: تشجيع الاستثمار في القطاعات التي تميل إلى استنزاف هذه الاحتياطيات، مثل واردات الأدوية والحبوب، التي تستنزف مليارات الدولارات.

ومن الممكن أن تعمل مثل هذه الاستثمارات على تعزيز الناتج المحلي الإجمالي المتواضع لمصر، والذي يمكن أن يرتفع حال أخذ الموارد البشرية والطبيعية للبلاد في الاعتبار.

وإضافة لذلك، يتعين على الحكومة المصرية أن تتوقف عن الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، وخاصة المشاريع الضخمة، التي لا تضيف أي قيمة في حين تستنزف احتياطيات البلاد المتبقية من العملات الأجنبية.

ويعلق أبو هلال، على ذلك مردفا: "لكم أن تتخيلوا لو تم إعادة توجيه المليارات التي أنفقت على مشاريع فاخرة لا طائل من ورائها نحو مبادرات ذات قيمة اجتماعية أعلى، لن يؤدي هذا إلى تعزيز احتياطيات مصر فحسب، بل سيعمل أيضًا على توظيف آلاف الشباب، الذين يكافحون حاليًا من أجل البقاء في ظل الفشل الاقتصادي المستمر".

اقرأ أيضاً

ستراتفور: الامتثال التدريجي لصندوق النقد السيناريو الأرجح لأزمة مصر الاقتصادية

المصدر | وليد أبو هلال/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر الأزمة الاقتصادية البنك الأهلي الجيش صندوق النقد العملات الأجنبیة أبو هلال مصر من

إقرأ أيضاً:

خبير اقتصادي: الهند تواجه تحديات بمفاوضاتها مع واشنطن وتسعى لنهج مرن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحدث الدكتور جولشان ساشديفا، الخبير الاقتصادي، عن رد فعل الهند المتوقع بعد فرض إدارة ترامب التعريفات الجمركية بحلول 2 أبريل، مشيرًا إلى أن الحكومة الهندية برئاسة ناريندرا مودي قد بدأت مفاوضات لمحاولة التوصل إلى اتفاق تجاري خلال الأشهر المقبلة.

وأوضح خلال مداخلة مع الدكتورة منى شكر، ببرنامج "العالم شرقا"، على قناة "القاهرة الإخبارية" أن الهند تواجه تحديين رئيسيين هما الحفاظ على علاقتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة، باعتبارها شريكًا تجاريًا مهمًا، والدفاع عن مصالحها التجارية، خصوصًا أن الهند لم تنتهك أي من اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، ما يمنحها موقفًا قويًا في المفاوضات.

وأشار إلى أن بعض الدول، مثل الصين، ردت على التعريفات الأمريكية بإجراءات مماثلة، لكن الهند تسعى إلى اتباع نهج دبلوماسي أكثر مرونة لحماية مصالحها الاقتصادية.

أكد الدكتور جولشان، أن المعاملة بالمثل قد لا تكون الخيار الأفضل للهند، نظرًا لأنها دولة نامية وتعتمد بشكل كبير على صادراتها الزراعية.

وأضاف أن الولايات المتحدة، تعتمد على المنتجات الزراعية الهندية، وفي حال فرضت الهند تعريفات جمركية على المنتجات الأمريكية، فقد تتأثر بعض الصناعات الهندية سلبًا، كما أن الهند تفرض بالفعل تعريفات مرتفعة على بعض السلع، مثل السيارات والمشروبات الكحولية، لحماية صناعاتها المحلية، وهو ما يتماشى مع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.

مقالات مشابهة

  • مارك كارني خبير اقتصادي يقود حكومة كندا
  • قضايا قيمتها 11 مليون جنيه.. ضربات مستمرة ضد «مافيا العملات الأجنبية»
  • خبير اقتصادي يوضح أهمية تعادل موارد العملة الأجنبية مع المصروفات
  • خبير اقتصادي: الهند تسعى لنهج مرن بمفاوضاتها مع واشنطن «فيديو»
  • هل ستنجو الهند من رسوم ترامب الجمركية؟.. خبير اقتصادي يوضح
  • خبير اقتصادي: الهند تواجه تحديات في مفاوضاتها مع واشنطن وتسعى لنهج مرن
  • خبير اقتصادي: واشنطن لن تعفي الهند من الرسوم الجمركية والمفاوضات غير مرجحة
  • خبير اقتصادي: الهند تواجه تحديات بمفاوضاتها مع واشنطن وتسعى لنهج مرن
  • قضايا قيمتها 9 ملايين جنيه.. ضربات متتالية ضد تجار العملات الأجنبية
  • خبير اقتصادي: صرف الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد يعزز الثقة في اقتصاد مصر