على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن تنتبه إلى أن الثمن الذي تريد منها السعودية دفعه مقابل تحقيق أبرز إنجاز دبلوماسي لها في الشرق الأوسط وهو دفع المملكة وإسرائيل إلى التطبيع باهظ للغاية، وأن واشنطن يجب أن تفكر بحذر مرة ومرتان وثلاثة قبل الدفع.

بهذه السطور، يطالب دانييل ديبيتريس، الزميل في مجلة أولويات الدفاع وكاتب عمود في الشؤون الخارجية في مجلة The Spectator، إدارة بايدن بالتريث وعدم الاندفاع نحو تحقيق طلبات السعودية مقابل موافقة الرياض على  التطبيع مع تل أبيب، رغم أن الأمر لو حدث فسيكون زلزالا دبلوماسيا هائلا بالمنطقة.

وفي تقرير نشرته مجلة "تايم" الأمريكية وترجمه "الخليج الجديد"، يتحدث ديبيتريس عن الاتفاقية الدفاعية التي تريد السعودية الحصول عليها من الولايات المتحدة، ويقال إنها ستلزم واشنطن على الدفاع عن المملكة في حالة وقوع هجوم خارجي، مثل ذلك الذي حدث في سبتمبر/أيلول 2019، عندما ضربت وابل من صواريخ كروز والطائرات المسيرة منشأتين نفطيتين سعوديتين كبيرتين، وأعلن الحوثيون، آنذاك، عن المسؤولية عن الهجوم، لكن المسؤولون الأمريكيون والسعوديون أشاروا بأصابع الاتهام إلى إيران بوضوح.

اقرأ أيضاً

السعودية والحوثيين واتفاقية دفاعية مع أمريكا والدعم السريع يتقدم بالسودان.. تقدير موقف من ستراتفور

محمد بن سلمان يريد الثمن الغالي

وبحسب الكاتب، يدرك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن التطبيع بين إسرائيل والسعودية يمثل أولوية رئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، فالقضية لا تحظى بشعبية كبيرة في المملكة والعالم العربي الأوسع في ظل غياب تنازلات من إسرائيل مثل إعادة تأكيد حقوق المسلمين في المسجد الأقصى في القدس المحتلة، أو حل شامل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، أو على أقل تقدير، منح الفلسطينيين سيطرة حقيقية في الضفة الغربية المحتلة.

ويضيف: ليس لدى محمد بن سلمان أي نية للتوقيع على الصفقة مجانًا، نظرًا لرد الفعل المحتمل وحقيقة أن والده، الملك سلمان، يستثمر كثيرًا في دعم قضية الفلسطينيين من أجل إقامة دولة مستقلة.

ولهذه الأسباب، يستخدم محمد بن سلمان احتمال التوصل إلى اتفاق تطبيع من أجل انتزاع سلسلة من التنازلات الأمريكية للرياض. وعلى رأس القائمة الحصول على اتفاقية دفاعية واضحة ورسمية.

اقرأ أيضاً

على غرار السعودية.. مستشار رئيس الإمارات: نسعى لاتفاق دفاعي صارم جديد مع أمريكا

3 أسباب لخطورة الاتفاقية الدفاعية السعودية الأمريكية

ويطالب الكاتب الإدارة الأمريكية بأن تتمتع بالحس السليم وأن تخرج من غرفة هذا الاتفاق الآن، قبل فوات الأوان، وينبغي تجنب تقديم الضمانات الأمنية الأمريكية للسعودية بأي ثمن لأن سلبياتها كثيرة جدًا، كما يقول.

ويعدد الكاتب ثلاثة مخاطر واضحة من انخراط الولايات المتحدة في اتفاقية دفاعية مع السعودية الآن، وهي:

أولا: يرى الكاتب أن الاتفاقية الأمريكية السعودية الدفاعية المزمعة لن تجني منها واشنطن أي دور متبادل من الرياض، مضيفا أن المملكة لم تظهر نفسها كشريك قوي خلال طلبات المساعدة الأمريكية السابقة.

وعلى سبيل المثال، عندما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" في ذروته في عامي 2014 و2015، حيث كان يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في سوريا والعراق، كان السعوديون متفرجين نسبيًا في التحالف ضد التنظيم.

وفي حين ساهمت الإمارات والأردن بطائرات مقاتلة في المهمة ونفذتا غارات جوية ضد التنظيم، تركزت المساهمة السعودية إلى حد كبير على السماح للولايات المتحدة باستخدام أراضيها لتدريب المقاتلين المناهضين لتنظيم "الدولة".

اقرأ أيضاً

باتفاقية دفاعية مع الرياض.. هل تطلق واشنطن النار على قدميها؟

ثانيًا: إن منح المملكة ضمانًا أمنيًا من شأنه في الواقع تحويل الجنود والبحارة والطيارين المقاتلين ومشاة البحرية الأمريكيين إلى حراس أمن للعائلة المالكة السعودية التي تدير المملكة، على حد قول الكاتب.

وفي حين أن هذا من شأنه أن يخدم بلا شك مصالح السعوديين، الذين أثبتوا أنهم مقاتلون غير أكفاء في اليمن على الرغم من عشرات المليارات من الدولارات من مبيعات الدفاع الأمريكية، إلا أنه لن يكون في مصلحة الولايات المتحدة، التي يجب أن تقلص حجمها. وجودها في المنطقة من أجل تحسين موارد تحولها نحو آسيا.

ثالثا: ارتكب ولي العهد السعودي أخطاء خطيرة ومتهورة خلال السنوات الأخيرة، مما كشف عنه كشريك غير موثوق به وذو حكم سيء، كما يقول الكاتب.

فوفقاً لتقييم مجتمع الاستخبارات الأمريكي نفسه، فقد وافق الأمير محمد بن سلمان على قتل كاتب العمود السابق في صحيفة "واشنطن بوست" جمال خاشقجي، الأمر الذي أضر بسمعة المملكة في الغرب وأدى إلى تدهور صورتها في الكابيتول هيل لبعض الوقت.

كما زُعم أن حكومته اختطفت رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري وأجبرته على الاستقالة على شاشة التلفزيون لأنه لم يكن متشدداً بالقدر الكافي في التعامل مع "حزب الله" (رغم أن الحريري سحب استقالته لاحقاً بعد عودته إلى لبنان).

وبالتعاون مع الإمارات، ساعد محمد بن سلمان في تنظيم حصار بري وبحري ضد قطر في محاولة لإجبار الدوحة على تغيير سياستها الخارجية بما يرضي الرياض.

اقرأ أيضاً

"بعيد المنال"..  بايدن يستبعد تزويد السعودية بمعاهدة دفاعية وقدرات نووية مدنية

وقد فشلت هذه السياسة في استخلاص الإصلاحات السياسية التي طالب بها السعوديون، وأدت، بدلا من ذلك، إلى تقسيم مجلس التعاون الخليجي ودفعت قطر إلى التقرب من إيران.

ويقر الكاتب بأن محمد بن سلمان أصبح شخصية أكثر مرونة في الآونة الأخيرة حيث شدد على المصالحة بدلاً من المواجهة.

ومنذ ذلك الحين، أصلح السعوديون علاقاتهم مع قطر، وطبعوها مع إيران، ناهيك عن محادثات وقف إطلاق النار المستمرة مع الحوثيين.

لكن لا أحد يستطيع أن يقول بثقة أن هذا التحول دائم، وهناك خطر من أن الضمانات الأمنية الأمريكية قد تدفع محمد بن سلمان إلى العودة إلى أساليبه السابقة، كما يقول الكاتب.

المصدر | دانيال ديبيتريس / تايم - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العلاقات الأمريكية السعودية اتفاقية دفاع جو بايدن محمد بن سلمان تطبيع السعودية محمد بن سلمان اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

سلمان بن إبراهيم: السعودية تستضيف جميع مباريات «مونديال 2034»

 
معتز الشامي (أبوظبي)

أخبار ذات صلة قرعة دوري أبطال آسيا للنخبة 17 مارس كرة «أبطال أوروبا» خالية من «تقنية الاستشعار»!


جدّد الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، النائب الأول لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، دعمه الكامل لاستضافة السعودية نهائيات كأس العالم 2034، مؤكداً أن المملكة قادرة على تنظيم نسخة تاريخية من البطولة.
وأكد رئيس الاتحاد الآسيوي، أن استضافة السعودية لجميع مباريات الحدث العالمي، يُعد حقاً أصيلاً يكفله حصول ملف المملكة على اعتماد الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، التي تملك وحدها حق تسمية الدول المستضيفة لكأس العالم، وفق النظام الأساسي، وأضاف: «احترام أنظمة ولوائح الاتحاد الدولي يُعد أمراً واجباً على الاتحادات القارية والوطنية المنضوية تحت مظلة الاتحاد الدولي، وهو الأمر الذي ينطبق على حصول السعودية على شرف تنظيم كأس العالم 2034، بقرار من الجمعية العمومية للاتحاد الدولي، حيث لا مجال للعودة للوراء، خصوصاً أن السعودية قدمت الملف الوحيد لاستضافة كأس العالم 2034، في ظل عدم تقدم أي دولة أخرى للدخول في سباق الترشح، والواجب يحتم على الجميع الآن الالتفاف حول استضافة السعودية للحدث العالمي، وعدم فتح المجال أمام أي محاولات لا تخدم الإجماع الدولي الكبير على دعم استضافة المملكة».
وكانت بعض الدعوات صدرت مؤخراً خلال «كونجرس الكاف» بالقاهرة، بتقديم مقترح لاستضافة مجموعات تضم منتخب أفريقيا في «القارة السمراء» عبر تنظيم مشترك مع السعودية.
وأشار رئيس الاتحاد الآسيوي إلى تفوق الملف السعودي وحده، وقال: «قدمت السعودية ملفاً متكاملاً حاز على أعلى درجة تقييم للملفات المقدمة لنهائيات كأس العالم، وراقب الجميع بكل إعجاب ما تضمنه الملف من محاور غنية، تؤكد أن العالم سيكون على موعد مع بطولة تجلب الفخر لأبناء السعودية ولأسرة كرة القدم الآسيوية بصورة عامة.
وشدّد ابن إبراهيم، على وقوف أسرة الكرة الآسيوية إلى جانب السعودية لاستضافة كأس العالم للمرة الثالثة في القارة الآسيوية مجدداً ثقته التامة بقدرة المملكة على تهيئة الظروف المثالية لتنظيم أول كأس عالم بمشاركة 48 منتخباً يقام في بلد واحد.
 

مقالات مشابهة

  • مركز الملك سلمان للإغاثة يسلّم 25 طنًا من التمور هدية المملكة لجمهورية جامبيا
  • “اغاثي الملك سلمان” يسلّم 25 طنًا من التمور هدية المملكة لجامبيا
  • المفوضية الأوروبية تطرح حزمة دفاعية شاملة في يونيو 2025
  • الجامعة السعودية الإلكترونية والمركز الوطني للتعليم الإلكتروني يوقعان اتفاقية لتوفير فرص تعليمية متقدمة
  • عقوبات أم مساومات.. من بايدن الى ترامب: كيف تستخدم واشنطن العراق لخدمة مصالحها؟
  • عقوبات أم مساومات؟.. من بايدن الى ترامب: كيف تستخدم واشنطن العراق لخدمة مصالحها؟
  • رئيس دفاع النواب.. قطع المعونة العسكرية الأمريكية لا يمس اتفاقية السلام مع إسرائيل
  • سلمان بن إبراهيم: السعودية تستضيف جميع مباريات «مونديال 2034»
  • لبنان جاهز لتوقيع أكثر من 20 اتفاقية مع السعودية
  • عراقجي: إيران لن تدخل بمفاوضات مباشرة وعلى واشنطن رفع العقوبات