انطلاق معرض سامية حلبي ضمن سلسلة ”علامات فارقة“ في متحف الشارقة للفنون
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
افتتحت الشيخة نوار القاسمي، مديرة مؤسسة الشارقة للفنون مساء أمس معرضاً للفنانة الفلسطينية الأمريكية سامية حلبي في متحف الشارقة للفنون، وذلك بحضور كل من الشيخ سلطان سعود القاسمي، مؤسس مؤسسة بارجيل للفنون وسعادة عائشة راشد ديماس مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف والفنانة سامية حلبي والقيمة إيناس ياسين وعدد من الشخصيات الثقافية وجمهور كبير من متذوقي الفن.
يهدف المعرض الذي يستمر حتى ال 7 من يناير 2024 ويقام ضمن سلسلة معارض “علامات فارقة” الى تسليط الضوء على الشخصيات الفنية البارزة التي ساهمت في تطوير الفن الحديث في العالم العربي.
ويتضمن المعرض الشامل ما يقارب 200 عمل إبداعي متعدد الأوجه لحلبي، تم إنتاجها على مدار ستة عقود من مسيرتها الفنية، بدءاً من اللوحات التجريدية والأعمال الرقمية إلى الرسومات الوثائقية القوية، والتي تم استعارتها من مجموعات مختلفة محلياً ودولياً، بما في ذلك استوديو سامية حلبي الخاص في نيويورك.
ويمنح المعرض فرصة للجمهور لاستكشاف تجربة سامية حلبي الفنية المميزة والتعرف على الدور الملهم الذي لعبته كفنانة ومناضلة فلسطينية، في تشكيل المشهد الفني العربي المعاصر من خلال عملها النابض بالحياة والإبداع، الذي أتاح لها ترك بصمة قوية في عالم الفن.
ويقدم المعرض نظرة شاملة على مسيرة الفنانة باعتبارها أحد أبرز رواد الفن التجريدي في العالم العربي، مستعرضا أعمالاً تروي رحلة من استكشاف مفهوم صناعة الصورة والتجريد عبر عقود من العمل، حيث تعبّر أعمالها عن تفاعل المبادئ الهندسية مع الرؤية والإدراك، متجاوزة التشخيص الواقعي ليرتقي الى ما هو جمالي، ما يجعلها نموذجاً فريداً في عالم الفن التجريدي.
وتتيح هيئة الشارقة للمتاحف للفنانة الفلسطينية ومن خلال المعرض، تقديم فلسفتها الخاصة حول صناعة الصورة والرسم كحقل فني مستقل عن ممارستها الفنية الملتزمة بتقديم الرواية الفلسطينية، كما يُمكّن المعرض الجمهور من التعرّف عن قرب على تطور وتنوع إبداعات الفنانة بصورة خاصة والمدرسة التجريدية بصورة عامة.
وقد ثمنت هيئة الشارقة للمتاحف “عالياً ” الدعم الكبير والمساندة التي وجدتها من مؤسسة سامية حلبي كما وجهت تحية شكر وتقدير الى كافة الجهات التي أسهمت في وضع الترتيبات التنظيمية لاستضافة المعرض في إمارة الشارقة.
يشار إلى أن المعرض الذي تنظمه هيئة الشارقة للمتاحف، وتشرف عليه القيّمة إيناس ياسين، هو استمرار لمسيرة العطاء والتوهج والإبداع، وجزء من جهود الشارقة للترويج للفنون والثقافة وتقديم منصة للفنانين المتميزين في العالم، من خلال سلسلة “علامات فارقة” التي تستضيف سنوياً فناناً متميزاً ممن أثروا المشهد الفني العربي، وتعد النسخة الأحدث من هذا المعرض فرصة استثنائية لعشاق الفن لاستكشاف إبداعات سامية حلبي والتعرف على مسارها الفني المميز والثري.
ويتخلل معرض “علامات فارقة” في نسخته الجديدة عدداً من الفعاليات والورش الثقافية المتنوعة التي تلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع، منها جولة بلغة الإشارة تستهدف الأفراد ذوي الإعاقة السمعية، بالإضافة إلى جولات خاصة وبرامج تعليمية مجانية موجهة لطلاب المدارس.
وينظم متحف الشارقة للفنون بالتعاون مع كلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة جلسة حوارية تحت عنوان “حوار مع الفنانة سامية حلبي: بحضور قيّمة المعرض إيناس ياسين ومدير الحوار سلطان القاسمي” وذلك يوم السبت الموافق 23 سبتمبر2023 من الساعة 5:00 إلى 7:00 مساءً بحضور نخبة من الفنانين والمهتمين بالفن حيث يمكن للراغبين في المشاركة الضغط على الرابط التالي:
https://rb.gy/zwtch.
ومن الفعاليات الشيقة كذلك، تنظم الهيئة ورشة ”موسيقى الألوان“ المُلهمة التي تستند إلى أعمال سامية حلبي، لتوفر للأطفال من ذوي الإعاقة الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عامًا، فرصة لاستكشاف عالم الفن التجريدي والتعبير عن أنفسهم من خلال الألوان والأشكال، مع التعرف على تقنيات هذا الفن، وتشجع الورشة المشاركون على تكوين لوحاتهم التجريدية الخاصة، فيما تتيح ورشة ”خط وفن“ للمشاركين من عمر 18 عاماً فمت فوق، مشاهدة لوحة “اللولب الأصفر”، للفنانة قبل أن يشرعوا في إبداع لوحاتهم الخاصة، فيما تتيح ورشة “سلسلة الإبداع” لليافعين، بين 13 و17 عاماً، اكتشاف تأثير الطبيعة على لوحات الفنانة سامية حلبي التجريدية، قبل أن يرسموا لوحاتهم الفنية تحت مؤثرات الطبيعة.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الشارقة للفنون من خلال
إقرأ أيضاً:
هل تسهم المهرجانات الفنية في تعزيز الإبداع أم تروج للسلعة الثقافية؟
تعتبر المهرجانات الفنية أحد أهم الأحداث التي تجمع الفنانين والجمهور من مختلف أنحاء العالم، حيث يتم تقديم أعمال فنية متنوعة في مجالات السينما، والموسيقى، والفنون التشكيلية، والمسرح، وغيرها. ولكن مع ازدياد عدد المهرجانات الفنية وانتشارها في كافة أنحاء العالم، تطرح العديد من الأسئلة حول دور هذه الفعاليات: هل تسهم المهرجانات في تعزيز الإبداع الفني وتطويره، أم أنها أصبحت مجرد منصات تروج للسلعة الثقافية وتتحول إلى سوق تجارية؟ وبين هذه الأسئلة المعقدة، يظهر تساؤل أساسي: هل المهرجانات الفنية قادرة على حفظ قيم الفن الأصيلة أم أنها تسهم في تسليع الثقافة وتحويلها إلى منتج استهلاكي؟
في الأصل، كانت المهرجانات الفنية تهدف إلى تقديم الإبداع الفني في مجالاته المختلفة، ومنح الفنانين منصة لعرض أعمالهم وتبادل الأفكار والخبرات. كانت هذه المهرجانات تسهم في فتح أفق الجمهور على أشكال جديدة من الفن والثقافة، وتساهم في تعزيز الحوار الثقافي بين مختلف الشعوب والمجتمعات. ومن خلال هذه المهرجانات، كان يتم تسليط الضوء على أعمال فنية مبتكرة تساهم في تطوير الصناعة الفنية وتوسيع نطاق التأثير الفني على المجتمعات.
على سبيل المثال، مهرجان كان السينمائي أو مهرجان فينيسيا للأفلام يعكسان دور المهرجانات في دعم السينما والفنانين المستقلين، وتقديم فرصة لهم للوصول إلى جمهور عالمي. بينما المهرجانات الموسيقية مثل "مهرجان كوتشيلا" أو "غلاستونبري" توفر منصات للموسيقيين والفنانين الشباب لتقديم موسيقاهم، مما يعزز التنوع الثقافي ويسهم في خلق حوار بين مختلف الأجيال والأساليب.
مع مرور الوقت، وتحت ضغوط العولمة والتجارة، بدأت المهرجانات الفنية تتحول بشكل تدريجي من منصات إبداعية إلى سلع ثقافية تُروج وتُسوق. في العديد من الحالات، أصبحت المهرجانات تركز بشكل أكبر على جذب السياح والمستثمرين أكثر من تسليط الضوء على الفن نفسه. كما أن بعض المهرجانات تروج لنجوم الفن العالميين وتعرض أعمالًا تركز على جذب الجمهور، في حين تُغفل الأعمال الفنية المستقلة أو التجريبية التي لا تملك القدرة على جذب حشود ضخمة أو تحقيق إيرادات كبيرة.
هذه التحولات قد تؤدي إلى فرض قيود على الإبداع، حيث يصبح الفنانون مجبرين على تقديم أعمال تناسب متطلبات السوق وتواكب الاتجاهات السائدة. وبدلًا من أن تكون المهرجانات مساحة مفتوحة للابتكار والتجديد، تتحول إلى فعاليات تروج لمنتجات ثقافية تُسوق بطريقة تجارية.
إن أحد أبرز التحديات التي تواجه المهرجانات الفنية في العصر الحالي هو التوازن بين الفن والربح. فبينما يُعد الجانب التجاري جزءًا من أي حدث كبير في العصر الحديث، فإن المهرجانات الفنية التي تركز بشكل أكبر على الربح قد تؤدي إلى تهميش الفنون التي لا تجذب الانتباه الجماهيري أو التي لا تملك القدرة على تحقيق أرباح ضخمة.
المهرجانات التي تُركز على استعراض الأسماء الكبيرة، سواء في السينما أو الموسيقى أو المسرح، قد تساهم في تعميم فكرة أن الفن هو مجرد منتج قابل للاستهلاك. بدلًا من تكريم الأعمال التي تسعى لإحداث تغيير ثقافي أو اجتماعي، يتم تقديم الأعمال التي تتوافق مع الذوق العام وأذواق الجماهير الواسعة، مما يجعل المهرجانات أقل إبداعًا وأقل تحفيزًا للفنانين الجدد أو المبتكرين.
علاوة على ذلك، فقد تحول بعض المهرجانات إلى مناسبات تجارية موجهة نحو السياحة، حيث يهيمن الجانب التجاري على التنظيم والبرمجة. في هذا السياق، يتم التركيز على جلب الزوار، مما قد يؤدي إلى تقليص فرص الفنانين المحليين أو الجدد في عرض أعمالهم في تلك الفعاليات.
رغم هذه الانتقادات، تبقى المهرجانات الفنية أماكن مهمة لتسليط الضوء على التميز الثقافي والفني. فهي توفر فرصة للفنانين والمبدعين للتعبير عن أنفسهم والتفاعل مع جمهور عالمي، مما يعزز فهم الثقافات المختلفة. بعض المهرجانات، مثل "مهرجان القاهرة السينمائي" و"مهرجان دبي السينمائي"، على سبيل المثال، لعبت دورًا هامًا في دعم السينما العربية وتقديم أعمال مستقلة تحكي قصصًا متنوعة وتنقل رسائل قوية حول قضايا مجتمعية وإنسانية.
وتعتبر المهرجانات أيضًا منصات لتقديم الفنون التي تعكس الهويات الثقافية المختلفة وتساعد على الحفاظ عليها من الاندثار. ومن خلال التفاعل بين الفنانين والجمهور، يتم تبادل القيم الثقافية والفنية بين المجتمعات المختلفة، مما يساهم في بناء جسر من الفهم المتبادل.
على الرغم من الضغوط التجارية التي تواجهها المهرجانات الفنية، يمكن أن تسهم هذه الفعاليات في تعزيز الإبداع بشرط أن تبقى المهرجانات ملتزمة بمهمتها الأصلية في دعم الفن والفنانين بعيدًا عن الضغوط التجارية. يمكن للمهرجانات أن تخلق مساحة للفنانين الجدد والمبتكرين، وتساعد في تقديم أعمال فنية تثير النقاش والتفكير النقدي لدى الجمهور. في هذا السياق، فإن المهرجانات التي تركز على الجودة الفنية وتركز على تقديم أعمال متنوعة تجذب الجمهور من خلال الإبداع، لا تجلب الفائدة للفنانين وحسب، بل تساعد أيضًا في تطوير الثقافة والفنون في المجتمع.
من خلال توفير منصات لعرض الأعمال المستقلة والمبتكرة، قد تسهم المهرجانات في تحفيز الحوار بين الأجيال المختلفة، وتعزيز التنوع الثقافي. كما يمكن أن تركز المهرجانات على تسليط الضوء على الفنانين الذين يتناولون قضايا اجتماعية أو بيئية هامة، مما يساهم في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع من خلال الفن.
المهرجانات الفنية، في مجملها، تظل ساحة حيوية يمكن أن تساهم بشكل كبير في تعزيز الإبداع الثقافي والفني. ومع ذلك، فإنها لا تخلو من التحديات التي قد تؤثر في توازنها بين الفن والربح. إذا كانت المهرجانات تهدف إلى أن تكون منصات للفن الحقيقي والابتكار، فإنها بحاجة إلى الالتزام برسالتها الأصلية والتركيز على دعم الأعمال الفنية ذات القيمة الثقافية والفكرية، بدلًا من الاكتفاء بالتجارة والربح السريع. وفي النهاية، تظل المهرجانات الفنية بحاجة إلى التوازن بين إرضاء الجمهور وتحقيق الأرباح وبين الحفاظ على الأصالة الفنية وتشجيع الإبداع المتجدد.