"رحمة للتائبين".. موضوع العظة الأسبوعية للبابا تواضروس الثاني
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع مساء الأربعاء، من كنيسة السيدة العذراء والقديس البابا كيرلس عمود الدين بكليوباترا بالإسكندرية، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
حضر الاجتماع صاحبا النيافة الأنبا باڤلي الأسقف العام لكنائس قطاع المنتزه والأنبا إيلاريون الأسقف العام لكنائس قطاع غربي الإسكندرية، والأب القمص أبرآم إميل وكيل البطريركية بالإسكندرية، وكهنة الكنيسة وعدد من كهنة الإسكندرية.
واستكمل قداسته سلسلة "صلوات قصيرة قوية من القداس"، وتناول جزءًا من الأصحاح الثامن عشر من إنجيل معلمنا لوقا والأعداد (٩ – ١٤)، وأشار إلى طِلبة قصيرة من الطِلبات التي ترفعها الكنيسة في القداس الغريغوري، وهي: "رحمة للتائبين"، وفي البدء أوضح أن اهتمام الكنيسة الأول هو دعوة كل نفس إلى التوبة، لأنه هكذا أوصى السيد المسيح في الكتاب المقدس: "تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ" (مت ٣: ٢)، "فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ" (مر ١: ١٥)، "لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ" (لو ٥: ٣٢)، وأشار إلى أن الحالة الروحية لأي إنسان تكون إما في جانب "الفريسي" وإما في جانب "العشار"، ووضع أربعة خطوات لحوار الرحمة للتائبين، وهي:
١- نداء من الله:
الله ينادي الجميع للتوبة، كمثال داود النبي عندما دعاه ناثان النبي "لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيْهِ؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَهُ لَكَ امْرَأَةً، وَإِيَّاهُ قَتَلْتَ بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ" (٢صم ١٢: ٩)، فاستجاب داود وسكب الدموع وقدم توبة على خطاياه وكتب مزمور التوبة "اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ... "إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ" (مز ٥١: ١، ٤)، لذلك في كل مرة يقرأ الإنسان الإنجيل فهو يستمع إلى نداء التوبة، والمسيح صباحًا ومساءًا يقول "تُوبُوا" بصيغة جماعية لكي يتوب الإنسان ويدعو أهل بيته للتوبة ويساعدهم على سماع نداء المسيح.
٢- استجابة من الإنسان:
على الإنسان أن يستجيب يوميًا لأن الاستجابة هي أروع شيء، مثلما استجاب السجّان الروماني عندما ظن أن المسجونين هربوا بعد الزلزلة ولكن بولس وسيلا طمأناه، فطلب أن يعرف طريق الخلاص"«آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ»" (أع ١٦: ٣١)، وفي المقابل يوجد أناس لم يستجيبوا مثل يهوذا الإسخريوطي، لذلك ينبغي أن يستجيب الإنسان عندما يسمع النداء، "يُعطى عنا خلاصًا (للماضي) وغفرانًا للخطايا (للحاضر) وحياة أبدية (للمستقبل) لمَنْ يتناول منه".
٣- فتح باب الرجاء من الله:
عندما يستجيب الإنسان لنداء الله يفتح الله باب الرجاء، كمثال المرأة التي أمسكت في الخطية "أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟ فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!» فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا»" (يو ٨: ١٠، ١١)، ودائمًا يفتح الله باب الرجاء للإنسان التائب، لذلك التوبة تحمي من اليأس ومن الهموم ومن المتاعب النفسية.
٤- كمال الرحمة والفرح للتائب:
الإنسان التائب يشعر بالفرح والسعادة على الدوام، "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ" (مت ١١: ٢٨)، "افْرَحْنَ مَعِي لأَنِّي وَجَدْتُ الدِّرْهَمَ الَّذِي أَضَعْتُهُ" (لو ١٥: ٩)، لذلك إذا أراد الإنسان أن يشعر بالراحة والسلام عليه أن يصلي ويقدم توبة ودموع ليغسل خطاياه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: البابا تواضروس الثاني العظة الاسبوعية عظة الأربعاء
إقرأ أيضاً:
أخطر من الموت.. خطيب المسجد الحرام يكشف عن ما يهدد الإنسان
في خطبةٍ اليوم من المسجد الحرام، تناول الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام، قضيةً تمس جوهر الإنسان ولبّ دينه، حين قال:"القلب هو محل نظر الرب، فمن لقي الله بقلب سليم فقد أفلح وأنجح، ومن لقيه بقلب مريض فقد خاب وخسر."
كلماتٌ تختصر فلسفة الإيمان كلّها، فالله لا ينظر إلى الصور ولا الأموال، بل إلى القلوب والأعمال. وهنا يفتح الشيخ زاويةً عميقة للحديث عن القلوب المريضة التي تُظهر الإيمان في ظاهرها لكنها فقدت في داخلها حياة الطاعة والخشوع.
القسوة أخطر من الموت
أشار الدكتور المعيقلي إلى أن من أخطر أمراض القلوب هو مرض القسوة، قائلًا:"صاحب القلب القاسي يُعرض عن التوبة والإنابة حتى عند نزول الابتلاء والمصيبة، فيصبح قلبه مرتعًا للشيطان، لا يتأثر بمواعظ القرآن."
ومن هنا يمكن النظر إلى خطبته من زاوية مختلفة؛ فهي ليست مجرد دعوة إلى تزكية النفس، بل تحذير من تبلّد المشاعر الإيمانية في زمن تزداد فيه مظاهر التدين الخارجية، بينما تغيب الرقّة واللين والخشوع في الداخل.
فالقلب القاسي — كما أوضح — لا يتأثر بموت قريب، ولا بآيةٍ تُتلى، ولا بعظةٍ تُلقى، حتى إذا جاءه الموت فوجئ وهو على غفلته، وقد خسر المعركة الحقيقية قبل أن تبدأ.
الحياة قصيرة.. لكن الامتحان فيها طويل
لفت خطيب المسجد الحرام إلى أن الحياة مهما طالت قصيرة، وأيامها قليلة مهما كثرت، والعاقل من جعلها محطة للتزوّد لا مسرحًا للأهواء، فقال:"الموفق من عاش فيها على طاعة ربه وتزوّد منها ليوم لقاء خالقه، والخاسر من أتبَع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني."
ومن زاوية إنسانية، فإن كلمات المعيقلي تُعيد الإنسان إلى أصل الحقيقة التي يهرب منها الجميع: أن الموت ليس النهاية، بل لحظة الانتقال إلى المحطة الأبدية، حيث لا ينفع إلا ما قدمت اليدان.
الموت يساوي بين الجميع
في حديثه عن الآخرة، قال المعيقلي إن المرتحلين عن الدنيا صنفان:"ميت يستريح من تعب هذه الدار ويفضي إلى راحة دار القرار، وميت يستريح منه العباد والبلاد ويفضي إلى سوء المصير."
وأوضح أن القبر هو أول منازل الآخرة، وجعله الله موعظةً وعبرة، ليذكّر الإنسان بنهاية الرحلة، فقال:"من زار المقابر تفكّر في حال من سبقوه، فخاف وأدرك قيمة الطاعة، ومن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزلة."
القبور حرمةٌ لا تُنتهك ودعاءٌ لا يُنسى
وفي زاوية اجتماعية تعبّر عن أدب الإسلام في التعامل مع الموتى، شدد الدكتور المعيقلي على أن للقبور حرمة يجب حفظها، فقال:"لا يجوز وطؤها ولا الجلوس عليها ولا الصلاة إليها أو اتخاذها مساجد."
كما حذّر من تعظيم قبور الصالحين بالبناء أو الطواف أو النذر، مؤكدًا أن العبادة لا تُصرف إلا لله وحده.
وفي المقابل، دعا إلى الإكثار من الدعاء للأموات، لأن القبور – كما قال – "ممتلئة ظلمةً ينيرها الله بدعاء الصالحين من عباده."
القلب هو البداية والنهاية
اختتم خطيب المسجد الحرام خطبته بدعوةٍ جامعةٍ تمسّ القلوب قبل العقول، قائلًا:"اتقوا الله، واعلموا أن أمامكم موتًا وقبرًا ونشورًا وجزاءً؛ فمنعمٌ مسرور، ومعذبٌ مثبور."