هل يتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في تصميم المدن؟
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
تخيل أنك تعيش في مدينة خضراء مليئة بالحدائق وممرات المشاة وطرق الدراجات، والحافلات التي تنقل الناس إلى المتاجر والمدارس ومراكز الخدمة في غضون دقائق.
هذا الحلم المنعش يعد مثالا للتخطيط الحضري، الذي يتلخص في فكرة مدينة الـ 15 دقيقة، حيث تكون جميع الاحتياجات والخدمات الأساسية في متناول اليد في ربع ساعة، ما يؤدي إلى تحسين الصحة العامة وخفض انبعاثات المركبات.
ويمكن تحقيق ذلك بمساعدة الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة Tsinghua الصينية، كيف يمكن للتعلم الآلي أن يولد تخطيطات مكانية أكثر كفاءة من البشر، وخلال وقت قياسي.
وطور عالم الأتمتة يو تشنغ مع فريق البحث، نظام ذكاء اصطناعي لمعالجة المهام الحسابية للتخطيط الحضري، ووجدوا أنه ينتج خططا حضرية تتفوق على التصاميم البشرية بحوالي 50% على ثلاثة مقاييس: الوصول إلى الخدمات والمساحات الخضراء ومستويات حركة المرور.
وبدأ الفريق بمشروع صغير يتضمن تصميم النموذج لمناطق حضرية تبلغ مساحتها بضعة كيلومترات مربعة فقط.
إقرأ المزيد هل أخطأنا في قراءة قانون رئيسي في الفيزياء على مدار الـ 300 عام الماضية؟وبعد يومين من التدريب، واستخدام العديد من الشبكات العصبية، بحث نظام الذكاء الاصطناعي عن تخطيطات الطرق المثالية واستخدام الأراضي، بما يتناسب مع مفهوم المدينة التي يتطلب تصميمها 15 دقيقة، وسياسات واحتياجات التخطيط المحلي.
وفي حين أن نموذج الذكاء الاصطناعي الذي طوره تشنغ وزملاؤه يحتوي على بعض الميزات لتوسيع نطاق استخدامه لتخطيط مناطق حضرية أكبر، فإن تصميم مدينة بأكملها سيكون أكثر تعقيدا بشكل لا نهائي.
لكن أتمتة بعض الخطوات في عملية التخطيط يمكن أن توفر قدرا هائلا من الوقت: قام نموذج الذكاء الاصطناعي بحساب مهام معينة في ثوان، بينما تطلب الأمر من المخططين البشريين ما بين 50 إلى 100 دقيقة لإنجازها.
ويقول الباحثون إن أتمتة المهام الأكثر استهلاكا للوقت في التخطيط الحضري من شأنه أن يحرر المخططين للتركيز على المهام الأكثر تحديا أو التي تتمحور حول الإنسان، مثل المشاركة العامة والجماليات.
ويتصور فريق البحث أن نظام الذكاء الاصطناعي يعمل "كمساعد" للمخططين الحضريين، الذين يمكنهم إنشاء تصميمات يتم تحسينها بواسطة الخوارزميات، ومراجعتها وتعديلها وتقييمها من قبل خبراء بشريين بناء على تعليقات المجتمع.
نشرت الدراسة في مجلة Nature Computational Science.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا اختراعات بحوث الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي خطر محدق بالكتابة الصحفية
منذ إطلاق الذكاء الاصطناعي أو ما يُعرف بـ«تشات جي بي تي» في ٣٠ نوفمبر من عام ٢٠٢٢م، بواسطة أوبن أيه آي ـ سان فرانسيسكو المُصَمَم على محاكاة القدرات الذهنية للبشر عبر استخدام تقنيات التعلم والاستنتاج ورد الفعل واتخاذ القرارات المستقلة... منذ ذلك الحين غصّْت الصحف التقليدية ومنصات الكتابة الإلكترونية بالمقالات والأعمدة والتحليلات التي لا تنتمي إلا شكليًا للشخص المُدونُ اسمه في نهايتها.
وبقدر ما يُسهم الذكاء الاصطناعي في حل كثير من الإشكالات في حياتنا بما يمتلكه من قدرات خارقة تساعد الإنسان والمؤسسات على تحسين الأداء وحل المعضلات والتنبؤ بالمستقبل عبر «أتمتة» المهام والعمليات، إلا أنه ساهم في تقويض مهارات الكتابة الصحفية كوسيلة أصيلة للتعبير عن الأفكار وطرح الرؤى الواقعية التي تساعد المجتمع على تخطي مشكلاته... يتبدى ذلك من خلال تقديم معلومات غير موثوقة كونها لا تمر بأيٍ من عمليات التحقق ولا تقع عليها عين المحرر.
يستسهل حديثو العهد بالعمل الصحفي وممن لا علاقة لهم بعالم الصحافة كتابة مقال أو تقرير أو تحقيق صحفي، فلم يعودوا بحاجة للبحث والتحضير وتعقب المعلومات وهو المنهج الذي ما زال يسير عليه كاتب ما قبل الذكاء الاصطناعي الحريص على تقديم مادة «حية» مُلامِسة للهمّ الإنساني، فبضغطة زر واحدة يمكن الآن لأي صحفي أو من وجد نفسه مصادفة يعمل في مجال الصحافة الحصول على المعلومات والبيانات التي سيتكفل الذكاء الاصطناعي بتوضيبها واختيار نوع هرم تحريرها وحتى طريقة إخراجها ليترك للشخص المحسوب على الصحفيين فقط وضع صورته على رأس المقالة أو التحليل أو العمود وتدوين اسمه أسفله.
إن من أهم أخطار الذكاء الاصطناعي على العمل الصحفي أن الشخص لن يكون مضطرًا للقراءة المعمّقة وتقصي المعلومات والبيانات ولهذا سيظهر عاجزًا عن طرح أفكار «أصلية» تخُصه، فغالبًا ما يقوم الذكاء الاصطناعي بتقديم أفكار «عامة» تعتمد على خوارزميات وبيانات مُخزّنة.. كما أنه لن ينجو من اقتراف جريمة «الانتحال» كون المعلومات التي يزوده بها الذكاء الاصطناعي «مُختلَقة» يصعب تحري صدقيتها وهي في الوقت ذاته «مُتحيزة» وغير موضوعية تأخذ طرفًا واحدًا من الحقيقة وهو بلا شك سبيل لإضعاف مصداقية أي صحفي.
وتقف على رأس قائمة أخطار الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في الكتابة الصحفية ما يقع على القارئ من ضرر، إذ لوحظ أنه يواجه دائمًا صعوبة في استيعاب «السياق» وهي سمة يُفترض أن تُميز بين كاتب صحفي وآخر... كما أنه يُضطر لبذل مجهود ذهني أكبر لاستيعاب عمل «جامد» يركز على كمية المعلومات وليس جودتها، فمن المتعارف عليه أن المادة وليدة العقل البشري تتصف بالمرونة والحيوية والعُمق والذكاء العاطفي ووضوح الهدف.
لقد بات ظهور أشخاص يمتهنون الصحافة كوظيفة وهم يفتقرون للموهبة والأدوات خطرًا يُحِدق بهذه المهنة في ظل ما يتيحه الذكاء الاصطناعي من قدرات فائقة على صناعة مواد عالية الجودة في زمن قياسي رغم أن القارئ لا يحتاج إلى كثير من الجهد لاكتشاف أن هامش التدخل البشري في المادة المُقدمة له ضئيل للغاية.
بقليل تمحيص يمكن للقارئ استيضاح أن لون المادة التي بين يديه سواء أكانت مقالة أو عمودا أو تقريرا يفتقر إلى «الإبداع والأصالة» وهو ما يؤكد أن الذكاء الاصطناعي لن يحل في يوم من الأيام محل العقل البشري الذي من بين أهم مميزاته قدرته الفائقة على الابتكار والتخيل والإبداع والاستنتاج عالي الدِقة.
النقطة الأخيرة..
رغم التنبؤات التي تُشير إلى ما سيُحدثه الذكاء الاصطناعي من نقلة هائلة على مستوى زيادة الكفاءة والإنتاجية وتوفير الوقت والتكاليف، إلا أنه سيظل عاجزًا عن تقديم أفكار خلّاقة وأصلية علاوة على المردود السلبي المتمثل في تدمير ملَكات الإنسان وإضعاف قدراته الذهنية.
عُمر العبري كاتب عُماني