تعد الزراعة في المملكة من أهم مرتكزات الأمن الغذائي، حيث تحظى المحاصيل الزراعية بزيادة في الطلب والاستهلاك المحلي، مما أدى إلى ظهور تجارب زراعية ناجحة، لعدد من المزارعين في مختلف مناطق المملكة، ومنها منطقة نجران التي تحتضن العديد من التجارب الزراعية المبتكرة بما يسهم في تحقق استدامة بيئية.

ويرتبط أهالي نجران منذُ القدم بالزراعة، ولا يزال هذا الارتباط كما هو إلى وقتنا الحاضر من خلال توارث الأجيال لهذه المهنة العريقة بدافع كبير من الحب والشغف، مستفيدين من مقومات المنطقة البيئية كخصوبة التربة، ووفرة المياه، وصولاً إلى الابتكار والإبداع في أساليب وطرق الزراعة الحديثة عبر تطويرها، واستزراع أنواع وأصناف من الفواكه والأشجار الجديدة والنادرة على المنطقة.

وفي تصريح للمزارع علي ظافر آل حارث، الذي تمكن من إنشاء مزرعة نموذجية لزراعة ما يقارب من 2000 شجرة بُن، كما بدأ العمل في التوسع في زراعة البُن تحت أشجار النخيل بالتعاون مع المزارعين المحليين، بيّن أن زراعة البُن في منطقة نجران لها مستقبل واعد بشكل تجاري سيسهم في تحقيق الأهداف المرسومة لإنتاج القهوة السعودية بالمملكة التي تستهدف إنتاج ما يقارب 2500 طن في عام 2032، حيث تتمتع المنطقة بقيم نسبية في زراعتها من ناحية خصوبة التربة وعذوبة المياه، واتساع المساحات الزراعية.

وأشار إلى نجاح تجارب زراعة البُن في أحواض النخيل بالمنطقة حيث تم زراعة أكثر 100 ألف بذرة من البُن سيتم توزيعها على المزارعين، وذلك لزيادة أعداد أشجار البُن بالمنطقة خصوصاً مع النجاح الكبير لزراعتها ولمردودها الاقتصادي بوصفها منتجاً عالمياً، كما أن أشجار النخيل تعد مزارع مثالية يستفاد منها لتوفير الظل وحجب الرياح النشطة عن أشجار البُن، وترطيب الهواء الجاف مع قلت الأمطار، ويتناسب ذلك مع زراعة شجرة البُن التي لا تشغل مساحات كبيرة للزراعة، فهي شجرة متوسطة الحجم يكون لها جذع رئيسي وتتفرع منه الأغصان الحاملة لورق الثمار، وتزرع في مسافات متقاربة بمقدار مترين عن بعضها، وتتسع مساحة 2500 متر مربع لأكثر من 600 شجرة بٌن، وهي من النباتات المعمرة دائمة الخضرة، وتعيش لأكثر من 40 عاماً.

وبين أن أشجار البٌن تزرع من البذور الناضجة السليمة ذات اللون الأحمر والحجم الكبير في تربة زراعية، وتنبت في مدة من 6 إلى 7 أسابيع، ولا تحتاج إلى تطعيم، وبعد أن تنبت تنقل إلى مراكن حتى عمر تصل لقرابة 6 إلى 12 شهراً، بعد ذلك تنقل إلى مواقعها الدائمة، وتغرس بمسافة من مترين إلى ثلاثة أمتار عن بعضها، وتروى بحسب الحاجة، ويتم حمايتها في العام الأول من أشعة الشمس والرياح بتظليلها بسعف النخيل، أو الروكلين الأخضر، أو الخيش حتى تكبر، كما يفضل زراعتها في الأماكن متوسطة الظل لحمايتها من الشمس، مبيناً أن العمل يجري بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة على استكثار أشجارها عن طريق الأنسجة لتجنب الأصناف الجديدة الناتجة عن التلقيح الخلطي الطبيعي الذي يحصل في كل عملية عقد للأزهار وقد ينتج عنه أصناف غير مرغوب فيها.

اقرأ أيضاًتقاريرالدين العالمي بلغ 307 تريليونات دولار

من جانبه أوضح المزارع حمد آل عباس، أن ما ساعدة في نجاح تجربته في زراعة أكثر 90 ألف نبتة من الاستيفيا العشبية، ما تتمتع به المنطقة من مقومات بيئية وطبيعية كخصوبة التربة، وعذوبة المياه، واعتدال الأجواء، حيث بدأت في الإنتاج وتوزيع المحاصيل على الأسواق المحلية، مشيراً إلى أن الحصاد من زراعة النبتة يتم ثلاثة مرات في كل عام، وذلك عن طريق تجفيف العشبة بعد الحصاد بعيداً عن أشعة الشمس، ثم يتم فصل الأوراق عن السيقان يدوياً، ليتم نقلها لخط الإنتاج عبر مكينة مخصصة للنبات تم توفيرها في المزرعة لتجهيز المنتج للسوق المحلي، كما يتم اختبار استخراج السائل المركز من عشبة الاستيفيا الذي يستخدم في الأطعمة والمشروبات.

وتحدث آل عباس، عن أهمية زراعة نبتة الاستيفيا التي تحتاج لتربة معتدلة واستوائية لتنمو وتعيش، حيث يعتبر نباتاً عشبياً معمراً يمكث في التربة إلى سبع سنوات، وتزرع على مسافات تبلغ 5 سم بين كلّ نبتة وأخرى، ويبلغ طولها 8 سم، وتتميز باحتواء أوراقها على مجموعة من المركبات الطبيعية، إضافة إلى ما يتم استخلاصه منها من مسحوق أخضر ناعم أو مجروش، كما يتوفر مسحوق أبيض شبيه للسكر العادي، وهو مستخلص نبات الاستيفيا ذو التركيز العالي.

كما استعرض المزارع ناصر آل جلباب، تجربته في زراعة “ليمون الكافيار” كتجربة رائدة على مستوى مناطق المملكة، حيث نجحت تجربة استزراعه بالمنطقة، ويعتبر من فصيلة الحمضيات وموطنه الأصلي أستراليا ويعد من الفواكه ذات القيمة المرتفعة لاحتوائها على فيتامين سي بتركيز عالٍ، لافتاً إلى أن أزهارها بإذن الله تعالى سيكون نهاية فصل الشتاء وبداية فصل الربيع لهذا العام.

وتقوم وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة بتقديم الإرشاد الزراعي للمزارعين ومساعدتهم في استزراع النباتات والأشجار المحلية والنادرة بما يوفر سلاسل الأمداد الغذائي، والمساهمة في تسويق منتجاتهم الزراعية، كما تسهم بشكل فعال في تشجيع الزراعة العضوية وتحول المزارع إلى الإنتاج الآمن من خلال تشجيع الممارسات الإنتاجية دون استخدام المواد والأسمدة والمبيدات المصنعة كيميائياً والمواد المعدلة وراثياً، والمحافظة على أنظمة الطبيعة ودوراتها بما يعزز صحة التربة والماء والنباتات والحيوانات والتوازن بينها، ويسهم على المحافظة على التنوع الحيوي باستخدام الطاقة والمواد الطبيعية لإنتاج منتجات غذائية صحية ذات جودة عالية.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية

إقرأ أيضاً:

كلما كان الشتاءُ دافئًا.. كانت كمية تخزين السهول المرتفعة للكربون أقل

إن تغير المُناخ يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة في فصل الشتاء بمعدل أسرع من درجات الحرارة في فصل الصيف، وخاصة في المناطق المرتفعة. وقد يؤدي هذا الارتفاع غير المتوازن في الحرارة إلى إحداث مشاكل للكمية الهائلة من الكربون المخزنة في التربة هناك، من خلال تغيير النشاط الميكروبي أكثر من المتوقع.

إن تربة الكوكب تـخـزن كميات من الكربون تفوق ما تخزنه أي منظومة بيئية أخرى باستثناء المحيطات، وقد تخزن كميات أكبر إذا ما أديرت على نحو أفضل. ولكن الباحثين في مجال المناخ يتوقعون أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة الناجمة عن تغير المناخ إلى زيادة كمية الكربون المفقود من التربة في الغلاف الجوي على هيئة غازات دفيئة، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى التغيرات في سلوك الميكروبات في التربة.

وللتحقق من مدى تأثير ذلك على الميكروبات، قام (نينج لينج) من جامعة لانزو في الصين وزملاؤه بتسخين تربة في أرض عشبية تجريبية على هضبة التبت. وقد أبقوا بعض التربة عند درجات حرارة الغرفة، وعرّضوا البعض الآخر لارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين (3.6 درجة فهرنهايت) طوال العام. وتعرضت مجموعة ثالثة لارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.5 إلى 2.8 درجة مئوية (4.5 إلى 5 درجات فهرنهايت) خلال فصل الشتاء و0.5 إلى 0.8 درجة مئوية (0.9 إلى 1.4 درجة فهرنهايت) خلال بقية العام، وهي محاكاة أكثر واقعية لأنماط الاحترار الفعلية.

بعد مرور عقد من هذه التجربة، بين عامي 2011 و2020، فحص الباحثون النشاط الميكروبي لعينات من أنواع تلك التربة المختلفة. وركزوا على مقياسين على وجه الخصوص: معدل النمو، ومؤشر كيفية استخدام الكائنات الحية للكربون المعروف باسم كفاءة استخدام الكربون. وقد ثبت أن هذا هو العامل الرئيسي الذي يحدد كمية الكربون العضوي المخزن في التربة. لقد انخفضت كفاءة استخدام الكربون الميكروبي بنسبة 81% في فصول الشتاء الدافئة.

يقول (دانييل راث) من مجلس حماية الموارد الطبيعية، وهي منظمة بيئية غير ربحية في نيويورك: «عندما يأكل الميكروب الكربون، فإنه يستطيع القيام بأحد أمرين به: إما أن يحلل الكربون للحصول على الطاقة ثم يخرجه في صورة ثاني أكسيد الكربون، أو أن يستخدمه في صنع هياكل جديدة للجسم». ويضيف أن ارتفاع معدل النمو يعني أن الميكروبات تستخدم المزيد من الكربون، وأن ارتفاع كفاءة استخدام الكربون يعني تحويل المزيد من هذا الكربون إلى هياكل للجسم، بدلاً من استنشاقه في صورة ثاني أكسيد الكربون.

ووجد لينج وزملاؤه أن كلا من نمطي الاحترار العالمي أدى إلى انخفاض كبير في النشاط الميكروبي. فقد شهدت التربة في ظل الاحترار العالمي المتساوي انخفاضاً في معدل النمو بنسبة 31%، كما انخفضت كفاءة استخدام الكربون بنسبة 22% مقارنة بالتربة المعرضة لدرجات الحرارة المحيطة.

وفي ظل الاحترار غير المتوازن، كان هذا التأثير أقوى، حيث انخفض معدل النمو بنسبة 58% وانخفضت كفاءة استخدام الكربون بنسبة 81% مقارنة بالتربة المعرضة لدرجات الحرارة المحيطة. وعزا الباحثون الاختلافات إلى عوامل من بينها تغير العناصر الغذائية المتاحة للميكروبات.

ويقول ييتشي لوه من جامعة كورنيل في نيويورك: «تشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن تخزين الكربون في التربة من المرجح أن ينخفض، مما يقلل من قدرة النظم البيئية الأرضية على عزل الكربون ويقلل من فعالية التربة في إيجاد حلول قائمة على الطبيعة لتغير المناخ».

يقول راث: إن النماذج الحالية لا تأخذ في الاعتبار ظاهرة الاحتباس الحراري غير المتساوية، لذا فمن المحتمل أننا نقلل من تقدير خسائر الكربون في التربة بسبب تغير المناخ. ومع ذلك، يقول: إن النتائج قد تنطبق فقط على التربة من النظم البيئية الباردة، وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة ما تعنيه التغيرات في النشاط الميكروبي بالنسبة للكربون. على سبيل المثال، على الرغم من التغيير الكبير في النشاط الميكروبي، فإن الكمية الإجمالية من الكربون المخزنة في التربة لم تتغير أثناء التجربة.

مقالات مشابهة

  • أمير نجران يطّلع على مشروع حوكمة إدارات ومكاتب التعليم بالمنطقة
  • في شهرها العشرين وقف الحرب واستدامة الديمقراطية؟
  • كلما كان الشتاءُ دافئًا.. كانت كمية تخزين السهول المرتفعة للكربون أقل
  • فاتورة بيئية باهظة تكلفة وجبتك اليومية!
  • صور| أشجار الأكاسيا تزين متنزهات الحدود الشمالية
  • هاميلتون يتصدر أول جولتين لتجارب جائزة لاس فيغاس
  • «التين الإماراتي».. شغف الزراعة المستدامة
  • جناح الإمارات في COP29 يختتم فعالياته
  • خطط الزراعة لدعم مزارعي المحاصيل الشتوية الاستراتيجية
  • أمير نجران يوجّه بإعداد دراسة عن السياحة العلاجية في المنطقة