لماذا يحتفل المسلمون بذكرى المولد النبوي؟
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
قبل كل ليلة من ليالي المولد الشريف، يتجدد السؤال والنقاش حول تأصيل عمل المولد، بين مؤيد ومعارض، لكن دائما ما يتم نسيان سؤال المقصد والقصد، أي لماذا نحتفل بالمولد النبوي الشريف وما هي أهميته خصوصا في عصرنا الحالي؟
يحتفي المسلمون في جميع أنحاء العالم، على اختلاف أوطانهم وأعراقهم، في شهر ربيع الأول من كل عام بذكرى مولد الرسول محمد، صلَّى الله عليه وسلم.
وتختلف الشعوب بطرق احتفالها بهذه المناسبة، فمنهم مَن يقيم الولائم وينشد الأناشيد، ويخص هذا اليوم بإعداد مأكولات معينة، تكريماً لمقام النبي العظيم لديهم، وآخرون يكتفون بالتهنئة مستندين في ذلك إلى عدم جواز الاحتفال بهذه المناسبة، بحسب قول بعض العلماء.
وكانت الإفتاء المصرية نشرت بياناً، قالت فيه بجواز الاحتفال بالمولد النبوي، وأن الدليل: "سن لنا النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الاثنين، فلما سأله الصحابة رضي الله عنهم عن ذلك قال: فيه ولدت وفيه أنزل علي".
وأضافت الإفتاء المصرية: "احتفل السلف وجمهور الأمة بالمولد النبوي الشريف، بل ألّف في استحباب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف جماعة من العلماء والفقهاء وبينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل"، وعدَّدت 14 مؤلفاً حول ذلك.
وكان محمد بن صالح العثيمين، مفتي المملكة العربية السعودية الأسبق، قال عبر موقعه الرسمي: إن "الاحتفال بالمولد النبوي ليس معروفاً عن السلف الصالح، وما فعله الخلفاء الراشدون، ولا فعله الصحابة، ولا التابعون لهم بإحسان، ولا أئمة المسلمين من بعدهم، وهنا نسأل: هل نحن أشد تعظيماً للرسول صلى الله عليه وسلم من هؤلاء؟! لا.. هل نحن أشد حباً للرسول من هؤلاء؟ لا.. فإذا كان كذلك فإن الواجب علينا أن نحذو حذوهم، وألا نقيم عيد المولد النبوي؛ لأنه بدعة".
أما عبد العزيز بن باز، الذي شغل أيضاً منصب مفتي السعودية سابقاً، فقال في فتواه حول الموضوع: "الاحتفال بالمولد النبوي غير مشروع، بل هو بدعة، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه، وهكذا الموالد الأخرى، الاحتفال بالموالد بدعة غير مشروعة".
وأضاف "لم يرشد النبي محمد أمته إلى الاحتفال، ولم يحتفل في حياته بمولده، ولا فعله الصديق ولا عمر ولا عثمان ولا على ولا غيرهم من الصحابة، ولا في القرون المفضلة القرن الأول والثاني والثالث".
حكم الاحتفال بالمولد النبوي
بعض أهل العلم وخاصة من أصحاب المذاهب التي تعتبر أكثر تشدداً في الشأن الديني يرون أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة ولا يجوز، خاصة أن بعض البلدان تستغل هذه المناسبة بتنفيذ أفعال لا تمت للإسلام بصلة وقد يكون تقرب لقبور أولياء وغيرهم، فمن يفعل ذلك يرد عليه.
دار الإفتاء المصرية في كل ذكرى تؤكد أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وسلم.
مشيرة إلى أنه يجوز الاحتفال بالمولد النبوي وآل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم، والتذكير بسيرتهم العطرة والتأسي بهم والسير على طريقهم بالخير والصلاح.
ورأت أن الاحتفال بالمولد النبوي هو اعتراف بالحب والتعظيم للنبي محمد وآله، وهو أمر مستحب ومشروع، واتفق علماء الأمة على استحسانه.
وأن المقصود بالاحتفال بالمولد النبوي هو اجتماع الناس على الذكر، والانشاد والمدح والثناء على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وإطعام الفقراء والصيام والقيام.
واستدلت دار الإفتاء في فتوى لها بأن الصاحبي بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال أن النبي محمد صلى الله وسلم خرج في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلَّا فلا» رواه الترمذي.
الامام السيوطي، قال في الاحتفال بالمولد النبوي : "عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف".
أما ابن الجوزي، قال عن المولد النبوي: "من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام".
ولكن ابن تيمية أعلن رفضه للاحتفال وقال "اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن من شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه ولو كان خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله ﷺ وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص".
لماذا يحتفل المسلمون بذكرى المولد النبوي؟
يحتفل المسلمون بالمولد النبوي الشريف لعدة أسباب حسب ما أوضحه أهل العلم الشرعي وهي كما يلي:
التقرب من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه
تحبيب الأطفال وتذكيرهم بمولد النبي محمد والحديث لهم عن فضله وكرمه وأخلاقه
التعبير عن الحب للرسول محمد صلى الله عليه وسلم والتقرب إليه
التذكير بسنة النبي محمد وضرورة الالتزام بها ويكون قدوة المسلمين
المصدر : وكالة سوا-وكالاتالمصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: الاحتفال بالمولد النبوی النبی صلى الله علیه وسلم بالمولد النبوی الشریف النبی محمد
إقرأ أيضاً:
فوائد الصلاة والسلام على النبي: إزالة الهم وغفران الذنوب
سلط الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر الضوء على أهمية الإكثار من الصلاة والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مستندًا إلى أحاديث نبوية وأقوال العلماء التي تؤكد فضائل هذا العمل العظيم.
إزالة الهم وغفران الذنوبمن أبرز الفوائد التي أشار إليها مرزوق، أن الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يزيل الهموم ويغفر الذنوب، مستشهدًا بحديث أبي بن كعب رضي الله عنه عندما قال للنبي:
"يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟"
فأجابه النبي بأن كلما زاد في الصلاة عليه كان ذلك خيرًا له. وعندما قال أبي:
"أجعل لك صلاتي كلها؟"
أجاب النبي صلى الله عليه وسلم:
"إذاً تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك."
هذا الحديث، الذي رواه الترمذي وأحمد والطبراني، يعد من الأحاديث التي تسلط الضوء على الأثر الروحي والعملي للصلاة على النبي، حيث أن الله سبحانه وتعالى يكافئ المصلي على نبيه بمضاعفة الرحمة والسكينة، بالإضافة إلى غفران الذنوب.
تفسير العلماءابن تيمية رحمه الله، في شرحه لهذا الحديث، أوضح أن جعل الدعاء صلاةً على النبي صلى الله عليه وسلم يؤدي إلى تحقيق الراحة النفسية والتخفيف من أعباء الدنيا والآخرة، لأن الله سبحانه وتعالى يُصلي على من يصلي على نبيه عشر مرات، ما يعني زيادة الرحمة والبركة في حياة المسلم.
دعوة للإكثار من الصلاة والسلامفي ختام حديثه، دعا الدكتور مختار مرزوق المسلمين إلى الإكثار من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، مؤكدًا أن هذا العمل هو طريق لنيل رضا الله وزيادة الطمأنينة والسكينة في القلوب.
اسهل صيغة للصلاة على النبي
اسهل صيغة للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وردت فيها أن الصحابة رضوان الله عليهم اهتموا أن يعرفوا صيغة الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فورد في صحيح البخاري، إِنَّ النَّبِىَّ - -صلى الله عليه وسلم- - خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ قَالَ « فَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
وتعد اسهل صيغة للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد صلاة المغرب، هي الصيغة الإبراهيمية في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- هي أفضلها، حيث إن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- مفتاح الخيرات، ومرقاة الدرجات، وسبب السعادة في الدنيا والآخرة، فبها تطهر النفس، ويسلم القلب، وينجو العبد، ويغفر له ذنوبه، ويقبلها الله حتى من غير المسلم، وذلك لتعلقها بجنابه الجليل، وليس معنى أنه يقبلها منه، أنه يثيبه عليها؛ فالثواب وقبول العبادة فرع على التوحيد، وإنما معنى قبولها من غير المسلم أنه إذا طلب من الله أن يصلي على نبيه ويرحمه ويرقيه في درجات الكمال؛ فإن ذلك سيحدث للنبي -صلى الله عليه وسلم- ، ولكن بغير ثواب له لافتقاده شرط التوحيد.