نزلة الشريف.. قرية مصرية تروي مآسيها بعد كارثة درنة
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
نزلة الشريف قرية مصرية زراعية صغيرة في وادي النيل، لا يتجاوز عدد سكانها ألف شخص، ولكنها فقدت 75 شابا من أبنائها في كارثة فيضانات درنة شرق ليبيا رغم بعد المسافة، ليعودوا جثثا هامدة بعد أن ذهبوا لطلب الرزق في برقة الليبية.
وذكرت مراسلة صحيفة "لوموند" الفرنسية آليس مورنو، في تقرير لها من داخل نزلة الشريف، إن هذه البلدة الواقعة في محافظة بني سويف، على بعد 160 كيلومترا جنوب القاهرة، لم يبق بيت فيها إلا وفقد ابنا أو أخا أو ابن عم أو صديقا، بل إن "بعض العائلات هنا فقدت رجلين أو ثلاثة رجال"، كما يقول سيد، الذي يجلس مع شقيقه الأكبر أحمد في شرفة بيتهما -بيت عائلة غوروزيان- بعد أن عُثر على شقيقهما الأصغر محمد (20 عاما) ميتا في درنة.
ويتابع سيد -الذي يُظهر صورة لأخيه على هاتفه-، "كان ذلك قبل بضعة أشهر عندما زرته في ليبيا. إنها صورة التقطت أمام البحر للذكرى". ويضيف، "قبل ساعة بالضبط من وفاته، كنا نتحدث مباشرة على فيسبوك. طلب مني أن أسلّم على أبي وأمي والجميع، ثم سألني متى سأعود لرؤيته في ليبيا، فقلت، له خلال شهر إن شاء الله.. لكني لن أراه مرة أخرى".
وليس هذا الشاب إلا واحدا من 75 من سكان نزلة الشريف، لقوا حتفهم في العاصفة الليبية كما تقول الصحيفة، ففي كل مكان هنا تلبس الأمهات حجابا أسود، وتمسح البنات دموعهن بصمت، بعد أن أعيدت جثث الضحايا إلى مصر بالطائرة مطلع الأسبوع الماضي، مع أنه لم يُعثر حتى الآن على جثث أطفال آخرين من نزلة الشريف ممن اختفوا في درنة، ولذلك يدعو أحمد السلطات إلى مواصلة البحث.
وكان جميع شباب هذه القرية الذين ماتوا في الفيضانات قد هاجروا إلى ليبيا للعمل في شركات البناء في منطقة درنة، ولإرسال الأموال إلى أقاربهم في مصر، مما يعني أن الصدمة التي تعيشها القرية مصحوبة بشعور قاسٍ بعدم الأمان المالي لفقد من كان يعول معظم السكان، خاصة أن المقيمين في هذه القرية لا يتوفر لهم سوى العمل في الحقول، وهو عمل غير مجزٍ لا يتجاوز دخله 100 جنيه مصري يوميا، وهو ما يعادل 3 يورو.
محنة القريةفي أحد الأزقة، يحتضن حمد أبناء وبنات إخوته الخمسة الذين لا يزيد عمر أي منهم عن خمس سنوات، وهو يقول، "توفي أخي الأكبر في ليبيا. خبر وفاته صدمنا. يعهد الله إليّ بأولاده، لكني لا أعرف كيف سأفعل.
ويضيف حمد، "في الحقيقة ليس لدي حلّ نحن لسنا متعلمين، نحن نعمل في الأرض فقط، ولا شيء سوى حقولنا ومحاصيلنا". يذكر أن حمد أب لأربعة أطفال، وعليه الآن أن يعيل والدته وزوجته وأطفاله وأبناء أخيه الأيتام. وتابع حديثه، "شكرا أخي لأننا من خيرك أكلنا ولبسنا الثياب. والآن انتهى الأمر. ماذا أستطيع أن أفعل غير أن أحزن"؟
ووعدت وزارة التضامن الاجتماعي المصرية بتقديم مساعدات قدرها 100 ألف جنيه مصري (3000 يورو) لكل أسرة ثكلى، و25 ألف جنيه لكل ناج مصاب.
كما التزمت السلطات بدفع الرسوم المدرسية للعام الحالي للأيتام، ودفع مخصصات شهرية لسد احتياجاتهم الغذائية، غير أن التضخم الذي بلغ معدلات قياسية في الأسابيع الأخيرة، يزيد من محنة القرويين بسبب تضاعف الأسعار.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أمين الإفتاء: الشرع الشريف ليس محل تفاوض أو تعديل
أكد الدكتور علي فخر، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، على أن أحكام الشريعة الإسلامية لا يجوز تغييرها أو إعادة صياغتها وفقًا للهوى أو لتوافق اجتماعي عام، مؤكدًا أن هناك فرقًا جوهريًا بين "التنازل عن الحق" و"تغيير الحكم الشرعي".
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء: "لو واحد شاف أخته محتاجة وهو ميسور الحال، فمن الفضل والأخلاق أن يتنازل لها عن جزء من نصيبه في الميراث، لكن هذا اسمه تنازل، ولا يجوز تعميمه كقاعدة أو إلزام الآخرين به، لأن في الحالة دي نكون بنغير حكم شرعي".
دعاء وصلاة.. الإفتاء تكشف أهم سنن النبي عند الرياح الشديدة والعواصف
أمين الإفتاء: الشريعة جعلت لـ المرأة نفقة الأقارب لحمايتها
لماذا نصيب الذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث؟.. الإفتاء تحسم الجدل
هل الحلف بالمصحف حرام شرعا؟.. الإفتاء تكشف
وأضاف أن "الشرع الشريف ليس محل تفاوض أو تعديل، لأنه قائم على أوامر ونواهي الله سبحانه وتعالى للإنسان، من أجل إصلاح الكون"، متسائلًا: "هل الشرع حاكم أم محكوم عليه؟ هو بالتأكيد حاكم، ولا يجوز لنا أن نجعل أنفسنا حاكمين عليه".
وأكد أن الدعوة إلى مكارم الأخلاق لا تتعارض مع أحكام الشريعة، لكن لا يصح تحويل هذه المكارم إلى قوانين تلغي أو تغير الحكم الشرعي الأصلي.
وكان الدكتور علي فخر، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أكد أن ما يُثار حول ظلم المرأة في قسمة الميراث ووراثتها نصف ما يرثه الرجل، هو فهم قاصر ومجتزأ من الصورة الكلية التي وضعها الشرع الشريف بنظام دقيق قائم على العدالة، وليس المساواة المجردة.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الشريعة الإسلامية وضعت نظامًا دقيقًا للميراث لا يقوم على التفرقة بين الذكر والأنثى بقدر ما يقوم على مسؤوليات كل فرد ودوره داخل الأسرة والمجتمع، لافتا إلى أن الشرع الشريف لم يرتب الميراث على أساس الذكورة والأنوثة، ولكن على ترتيب حكيم عليم من الله سبحانه وتعالى.
وأشار إلى أن هناك حالات عديدة ترث فيها الأنثى أكثر من الذكر، أو ترث مثله، بل وقد ترث وتحجب الذكر تمامًا، ضاربًا أمثلة من الواقع الشرعي لتأكيد هذا المبدأ.
وفي رده على من يقول إن هناك نساء لا يُراعى حقهن من قبل أقاربهن الذكور، أوضح أن الشريعة لم تترك المرأة دون حماية، بل شرعت ما يسمى بـ"نفقة الأقارب"، قائلاً: "لو في أخت فقيرة وأخوها لم ينفق عليها، من حقها شرعًا أن تقيم عليه دعوى نفقة أقارب، ويلزمه القاضي بالإنفاق عليها".
وأضاف: "الرجال قوامون على النساء، والشرع أوجب على الرجل النفقة، ومن يتهرب منها يُلام شرعًا"، مؤكدًا أن الأحكام الإلهية في الميراث والنفقة جاءت لتحقيق العدالة الاجتماعية والتكافل، وليست مجرد تقسيم مادي للميراث.