وكيل الأزهر: مبادرة «أنا الراقي بأخلاقي» جاءت انطلاقا من إيمان الأزهر بأهمية الأخلاق في صيانة المجتمعات وحماية الأوطان
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، يسعدني أن أكون بينكم اليوم في تلك الاحتفالية التي تأتي أثرا طيبا لمبادرة مهمة، عمل عليها الأزهر الشريف في الفترة الأخيرة، والتي تحمل عنوان: «أنا الراقي بأخلاقي»، والتي جاءت انطلاقا من إيمان المدرسة الأزهرية بأهمية الأخلاق في صيانة المجتمعات وحماية الأوطان، وأن نشر هذه الأخلاق الطيبة وخاصة بين الشباب من أوجب الواجبات إذا ما أردنا إيجاد وعي حقيقي ينفع ويرفع.
وأضاف وكيل الأزهر خلال الحفل الختامي لمبادرة " أنا الراقي بأخلاقي"، في موسمها الأول، أن التوعية الأخلاقية للطلاب ليست كلمة في بداية اليوم الدراسي فقط، وليست كلمة في إحدى الحصص فحسب، وإنما هي عملية شاملة ومستمرة يجب أن تتضافر فيها جهود جميع الأجهزة وكل الأدوات الممكنة من معاهد علمية، ومساجد عصرية، ودراما تليفزيونية، ووسائل تواصل اجتماعية، وغير ذلك من أدوات.
وتابع الدكتور الضويني، أنه من المفيد أن نذْكُر ونذكِّر بقاعدة من قواعد التربية، وهي منسوبة للشافعي - رحمه الله - يقول: «لقد صحبت أقواما فتعلمت منهم أمرين: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك»! وكلا الأمرين لا يستغني عنه الشباب ولا الشيوخ، وفي ضوء هذا فقد عني الأزهر الشريف بأن يوجه أبناءه إلى مسابقات الحق ومبادرات الحق، حرصا على البعد عن اللغو والباطل.
وأشار فضيلته إلى أن الأزهر الشريف يهدف بهذه المبادرات ومنها مبادرة «أنا الراقي بأخلاقي» إلى ربط الشباب بالقيم الأخلاقية الحضارية المشتقة من ديننا الحنيف، بحيث يكونون بأقوالهم دعاة إليها وبأفعالهم دالين عليها، وقد تم تقديم المبادرة لمواجهة الانحرافات السلوكية من خلال عدد من المحاور التي لا تقف عند حد التوعية من مخاطر هذه الانحرافات وإنما تتجاوز ذلك لتشمل عقد المسابقات لجذب انتباه طلابه وأبنائه إلى ما يفيدهم، ومن ذلك:
مراجعة كتاب «القيم واحترام الآخر» في المرحلة الابتدائية وتضمينه عددا من الأنشطة الإثرائية في هذا الشأن.
وأردف د.الضويني أن من بين ما تم إنجازه أيضا لنجاح المبادرة اختيار مجموعة من القيم الإنسانية والأخلاقية والفضائل الدينية وتناولها في طابور الصباح وفي الإذاعة المدرسية طوال العام الدراسي، بالإضافة إلى عقد ندوات مشتركة في المدارس والمعاهد، وتبادل الخبرات مع وزارة التربية والتعليم، وتنفيذ برنامج مكافحة الألعاب الإلكترونية بالمعاهد الأزهرية.
وأوضح وكيل الأزهر أنه حينما سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها-: كيف كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: «كان خلقه القرآن»، وقد كان خلقه صلى الله عليه وسلم باب نصر وفتح وعطاء، ليس على المستوى الإيماني والعقدي فحسب، وإنما على المستوى المجتمعي أيضا، ومن هنا فإننا يمكن أن نقرر في غير شك أن بقاء الأمم واستقرار الأوطان مرهون باستقامة أخلاق الناس فيها، ووضوح الحقوق والواجبات بالنسبة للجميع، وفي المقابل يكون زوال الأمم والشعوب والمجتمعات بسوء أخلاق أهلها، وتأملوا كيف قص علينا القرآن الكريم تاريخ الأمم السابقة التي زالت من الوجود بزوال الأخلاق الحسنة من أهلها، «وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون».
وتابع أنه إذا كان المجتمع المعاصر يعاني من أزمة في كثير من جوانب الحياة فإن حقيقة أزمتنا المعاصرة أنها أزمة أخلاق وفكر، فالانحراف في الفهم الذي أنتج لنا عقولا شائهة وأقلاما زائفة حله في الأخلاق التي تصون دماء الناس وأعراضهم وأموالهم، والبطالة والفقر والحرمان حله في خلق الإحسان والجود والكرم الذي يصل أصحاب الحاجات بالخير.
وشدد وكيل الأزهر أنه من هنا كان من الضروري العمل على تفعيل منظومة القيم الأصيلة، ومواجهة الانحرافات السلوكية المناقضة للأخلاق الحميدة والقيم الرفيعة، وترسيخها في نفوس المعلمين والطلاب، من خلال التركيز على مجموعة من الأنشطة الطلابية التي تتضمن تلك القيم، بحيث يتم تناول قيمة أخلاقية في برنامج الإذاعة الصباحية بفقرات مختلفة لمدة أسبوع، وذلك لتدعيم هذه القيمة في أذهان النشء والطلاب ونفاذها إلى وجدانهم، وكذلك من خلال إقامة مجموعة من المسابقات والأنشطة الإبداعية، مثل: القصة، والشعر، والتعبير الفني، لما يثيره ذلك في وجدان الطلاب على نحو يسهم في إنماء هذه القيم.
وأكد الدكتور الضويني أن ديننا الحنيف صمام أمن وأمان، وعلى أوامره وتوجيهاته ينبغي أن تتأسس جهودنا، فهذا الدين يقوم النفس، ويهذب الطبع، ويرتقي بالذوق، لما يحييه في النفوس من مفاهيم الخير والشر، والطاعة والاستقامة، والثواب والعقاب، ومراقبة الله تعالى، ولا شك أن الالتزام الديني يوفر آلية للضبط الذاتي لدى الفرد المسلم، بحيث يحرص على أن يبتعد بنفسه عن ألوان الانحراف، دون سلطة قاهرة، إلا سلطان الله سبحانه وتعالى، وأن ضعف الوازع الديني لدى أفراد المجتمع يتركهم فريسة سهلة للأزمات النفسية والاضطرابات السلوكية التي تؤدي إلى الانحراف فضلا عن الجزاء الأخروي.
وبيّن فضيلته أن للإسلام منهجه المتميز في معالجة ظاهرة الانحراف وتقويم سلوك الإنسان، لأنه يعنى بغرس الشعور الديني في النفوس وإيقاظ الضمائر التي تحكم السلوك، مستخدما كل الأساليب الممكنة في التربية والتوجيه، ومن أهم الأساليب التربية بالقدوة التي تعد عاملا كبيرا في إصلاح الفرد وفساده، فإذا كانت القدوة حسنة نشأ الفرد في المجتمع على الصدق والأمانة والعفو والسماحة، ولذلك جعل الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام قدوة حسنة للناس أجمعين، فقال تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» [الأحزاب:21]، فالرسول عليه الصلاة والسلام يمثل صورة كاملة للمنهج الإسلامي، ليكون للأجيال المتعاقبة الصورة الحية الخالدة في كمال خلقه وشمول عظمته.
واختتم وكيل الأزهر كلمته أن مشكلة انحراف الشباب من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع، والتي ينبغي أن تسخر كل الإمكانات لمواجهتها والقضاء عليها، لما لها من نتائج سلبية على المجتمع بل على الأمة بأسرها، ولعل انقطاع أو ضعف صلة الإنسان بالله سبحانه وتعالى يعد سببا كافيا للوقوع في انحراف غير مقبول دينيا ومجتمعيا، مبينا أن الشباب الذين يلتزمون بأوامر دينهم أبعد من الانحراف الأخلاقي والفكري، وكل ما يمكن أن يؤذي ويزعج المجتمع والأفراد، فقد جعل الله تعالى شريعته عصمة من الخطأ، ونجاة من الزلل، فهي خير كلها وبركة كلها، وسعادة كلها، بها بقاء العالم وسعادته، فيها رشده وسلامته.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أنا الراقي بأخلاقي الأزهر الأخلاق مبادرة مبادرة أنا الراقي بأخلاقي وكيل الأزهر أنا الراقی بأخلاقی وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
وكيل الأزهر يشهد طابور الصباح بمعاهد سوهاج.. ويوجه رسائل للطلاب والمعلمين
شهد أ.د. محمد الضويني، وكيل الأزهر، اليوم الأحد، طابور الصباح بمجمع معاهد الإمام علي بن أبي طالب النموذجي بنين وفتيات بمراحله المختلفة (رياض الأطفال- الابتدائي- الإعدادي- الثانوي) بمنطقة سوهاج الأزهرية، حيث يضم المجمع أكثر من ألفي طالب وطالبة في معاهده المختلفة، في أول أيام الفصل الدراسي الثاني، ناقلًا تحيات فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتهنئته للطلاب والمعلمين ببدء الدراسة، متمنيًا لهم تحصيلًا علميًّا موفقًا ونجاحًا باهرًا.
وتفقد فضيلة وكيل الأزهر، يرافقه فضيلة الشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، والدكتور أحمد حمادي، رئيس منطقة سوهاج الأزهرية، سير الدراسة في روضة المعهد، وأشاد وكيل الأزهر بما رآه من يقظة ونشاط لدى الأطفال، ومستوى حفظهم لبعض سور القرآن الكريم، كما تفقد معهد البنين ومعهد الفتيات، واطلع على انتظام العملية التعليمية به، مؤكدًا أن الأزهر الشريف يولي اهتمامًا كبيرا بطلابه إيمانًا برسالته في إعداد أجيال قادرة على حمل أمانة العلم والدعوة إلى الله.
وفي كلمته خلال طابور الصباح، أكد فضيلته أن الأزهر الشريف، بتراثه العريق الممتد لأكثر من ألف عام، يظل الحصن الحامي لعلوم الشريعة واللغة العربية، والمصدر الموثوق لنشر صحيح الدين، ولا يقتصر على العلوم الشرعية فقط، بل يجمع بين مختلف العلوم، حيث يخرج الطبيب والمهندس والصيدلي والمعلم، إلى جانب علماء الفقه والتفسير والحديث والدعوة، ليكونوا جميعًا نماذج مضيئة تسهم في نهضة المجتمع، مشيرا إلى دور الأزهر في الحفاظ على علوم الشريعة واللغة العربية، ونشر صحيح الدين في كل بقاع العالم، عبر علمائه ومنتسبيه الذين يحملون منهج الوسطية والاعتدال.
وأشاد فضيلة وكيل الأزهر بمحافظة سوهاج، مؤكدًا أنها قدمت لمصر وللأمة الإسلامية علماء بارزين في مختلف التخصصات، وكان لها دور ريادي في تخريج نخبة من كبار علماء الأزهر الشريف، أبرزهم الشيخ مصطفى المراغي والشيخ محمد سيد طنطاوي، الذين تولوا مشيخة الأزهر، والشيوخ: عبد الرحمن حسن ومحمود إمبابي وعباس شومان، الذين تولوا وكالة الأزهر، ومن أعضاء هيئة كبار العلماء الشيوخ: عبد العزيز المراغي وعبد الرحمن الجزيري وعبد الله الجهني، وتولى الشيخ محمد إسماعيل البرديسي، دار الإفتاء المصرية، وكان عضوا بهيئة كبار العلماء، وجميعهم نشروا العلم في الداخل والخارج، وساهموا في تعزيز رسالة الأزهر في نشر الفكر المستنير.
كما وجه فضيلته رسالة للطلاب، حثهم فيها على ضرورة مواصلة حفظ القرآن الكريم وإتقانه والازدياد من العلم، حتى يجمعوا بين الحفظ والفهم الصحيح، مشيدًا بالمستوى المتميز لطلاب الأزهر في تلاوة القرآن الكريم، وموضحًا أن هذه النماذج تعكس الدور الريادي للأزهر في تخريج أجيال تحمل كتاب الله وتنشره بأحسن صورة. مصيفًا: «أنتم علماء الغد وأئمة المستقبل، والمصريون والمسلمون في كل مكان ينتظرون منكم حمل راية الأزهر الشريف، وهذا يتطلب منكم الاجتهاد في تحصيل العلم والمذاكرة المستمرة والاطلاع الواسع، والأزهر يفاخر بأبنائه في كل مكان ويستحق منكم السعي دائمًا في إتقان منهجه ونشر رسالته».
كما وجه وكيل الأزهر مجموعة من الرسائل، مؤكدًا أنهم ليسوا مجرد موظفين، بل هم أصحاب رسالة عظيمة، ينقلون العلم للأجيال القادمة، ودورهم لا يقتصر على التعليم فقط، بل يشمل بناء شخصية الطلاب وصقل مهاراتهم، حتى يكونوا أكثر علمًا وأفضل أداءً، فيتواصل عطاؤهم وتستمر مسيرة الأزهر العلمية والدعوية.
وعقب جولته في المعاهد الأزهرية، تفقد وكيل الأزهر سير العمل في ديوان عام منطقة سوهاج الأزهرية، حيث تابع انتظام العمل الإداري، واطلع على آلية تيسير الخدمات التعليمية والإدارية للطلاب والمعلمين، مشددا على ضرورة تسهيل الإجراءات للطلاب وأولياء الأمور، وضرورة التعاون والتكامل بين مختلف الإدارات لضمان تقديم أفضل خدمة تعليمية وإدارية، مؤكدًا أن العمل في الأزهر رسالة قبل أن يكون وظيفة، وأن الجميع مسؤول عن الحفاظ على هذا الصرح العلمي العريق.