قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، يسعدني أن أكون بينكم اليوم في تلك الاحتفالية التي تأتي أثرا طيبا لمبادرة مهمة، عمل عليها الأزهر الشريف في الفترة الأخيرة، والتي تحمل عنوان: «أنا الراقي بأخلاقي»، والتي جاءت انطلاقا من إيمان المدرسة الأزهرية بأهمية الأخلاق في صيانة المجتمعات وحماية الأوطان، وأن نشر هذه الأخلاق الطيبة وخاصة بين الشباب من أوجب الواجبات إذا ما أردنا إيجاد وعي حقيقي ينفع ويرفع.

وأضاف وكيل الأزهر خلال الحفل الختامي لمبادرة " أنا الراقي بأخلاقي"، في موسمها الأول، أن التوعية الأخلاقية للطلاب ليست كلمة في بداية اليوم الدراسي فقط، وليست كلمة في إحدى الحصص فحسب، وإنما هي عملية شاملة ومستمرة يجب أن تتضافر فيها جهود جميع الأجهزة وكل الأدوات الممكنة من معاهد علمية، ومساجد عصرية، ودراما تليفزيونية، ووسائل تواصل اجتماعية، وغير ذلك من أدوات.

وتابع الدكتور الضويني، أنه من المفيد أن نذْكُر ونذكِّر بقاعدة من قواعد التربية، وهي منسوبة للشافعي - رحمه الله - يقول: «لقد صحبت أقواما فتعلمت منهم أمرين: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك»! وكلا الأمرين لا يستغني عنه الشباب ولا الشيوخ، وفي ضوء هذا فقد عني الأزهر الشريف بأن يوجه أبناءه إلى مسابقات الحق ومبادرات الحق، حرصا على البعد عن اللغو والباطل.

وأشار فضيلته إلى أن الأزهر الشريف يهدف بهذه المبادرات ومنها مبادرة «أنا الراقي بأخلاقي» إلى ربط الشباب بالقيم الأخلاقية الحضارية المشتقة من ديننا الحنيف، بحيث يكونون بأقوالهم دعاة إليها وبأفعالهم دالين عليها، وقد تم تقديم المبادرة لمواجهة الانحرافات السلوكية من خلال عدد من المحاور التي لا تقف عند حد التوعية من مخاطر هذه الانحرافات وإنما تتجاوز ذلك لتشمل عقد المسابقات لجذب انتباه طلابه وأبنائه إلى ما يفيدهم، ومن ذلك:

مراجعة كتاب «القيم واحترام الآخر» في المرحلة الابتدائية وتضمينه عددا من الأنشطة الإثرائية في هذا الشأن.

وأردف د.الضويني أن من بين ما تم إنجازه أيضا لنجاح المبادرة اختيار مجموعة من القيم الإنسانية والأخلاقية والفضائل الدينية وتناولها في طابور الصباح وفي الإذاعة المدرسية طوال العام الدراسي، بالإضافة إلى عقد ندوات مشتركة في المدارس والمعاهد، وتبادل الخبرات مع وزارة التربية والتعليم، وتنفيذ برنامج مكافحة الألعاب الإلكترونية بالمعاهد الأزهرية.

وأوضح وكيل الأزهر أنه حينما سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها-: كيف كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: «كان خلقه القرآن»، وقد كان خلقه صلى الله عليه وسلم باب نصر وفتح وعطاء، ليس على المستوى الإيماني والعقدي فحسب، وإنما على المستوى المجتمعي أيضا، ومن هنا فإننا يمكن أن نقرر في غير شك أن بقاء الأمم واستقرار الأوطان مرهون باستقامة أخلاق الناس فيها، ووضوح الحقوق والواجبات بالنسبة للجميع، وفي المقابل يكون زوال الأمم والشعوب والمجتمعات بسوء أخلاق أهلها، وتأملوا كيف قص علينا القرآن الكريم تاريخ الأمم السابقة التي زالت من الوجود بزوال الأخلاق الحسنة من أهلها، «وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون».

وتابع أنه إذا كان المجتمع المعاصر يعاني من أزمة في كثير من جوانب الحياة فإن حقيقة أزمتنا المعاصرة أنها أزمة أخلاق وفكر، فالانحراف في الفهم الذي أنتج لنا عقولا شائهة وأقلاما زائفة حله في الأخلاق التي تصون دماء الناس وأعراضهم وأموالهم، والبطالة والفقر والحرمان حله في خلق الإحسان والجود والكرم الذي يصل أصحاب الحاجات بالخير.

وشدد وكيل الأزهر أنه من هنا كان من الضروري العمل على تفعيل منظومة القيم الأصيلة، ومواجهة الانحرافات السلوكية المناقضة للأخلاق الحميدة والقيم الرفيعة، وترسيخها في نفوس المعلمين والطلاب، من خلال التركيز على مجموعة من الأنشطة الطلابية التي تتضمن تلك القيم، بحيث يتم تناول قيمة أخلاقية في برنامج الإذاعة الصباحية بفقرات مختلفة لمدة أسبوع، وذلك لتدعيم هذه القيمة في أذهان النشء والطلاب ونفاذها إلى وجدانهم، وكذلك من خلال إقامة مجموعة من المسابقات والأنشطة الإبداعية، مثل: القصة، والشعر، والتعبير الفني، لما يثيره ذلك في وجدان الطلاب على نحو يسهم في إنماء هذه القيم.

وأكد الدكتور الضويني أن ديننا الحنيف صمام أمن وأمان، وعلى أوامره وتوجيهاته ينبغي أن تتأسس جهودنا، فهذا الدين يقوم النفس، ويهذب الطبع، ويرتقي بالذوق، لما يحييه في النفوس من مفاهيم الخير والشر، والطاعة والاستقامة، والثواب والعقاب، ومراقبة الله تعالى، ولا شك أن الالتزام الديني يوفر آلية للضبط الذاتي لدى الفرد المسلم، بحيث يحرص على أن يبتعد بنفسه عن ألوان الانحراف، دون سلطة قاهرة، إلا سلطان الله سبحانه وتعالى، وأن ضعف الوازع الديني لدى أفراد المجتمع يتركهم فريسة سهلة للأزمات النفسية والاضطرابات السلوكية التي تؤدي إلى الانحراف فضلا عن الجزاء الأخروي.

وبيّن فضيلته أن للإسلام منهجه المتميز في معالجة ظاهرة الانحراف وتقويم سلوك الإنسان، لأنه يعنى بغرس الشعور الديني في النفوس وإيقاظ الضمائر التي تحكم السلوك، مستخدما كل الأساليب الممكنة في التربية والتوجيه، ومن أهم الأساليب التربية بالقدوة التي تعد عاملا كبيرا في إصلاح الفرد وفساده، فإذا كانت القدوة حسنة نشأ الفرد في المجتمع على الصدق والأمانة والعفو والسماحة، ولذلك جعل الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام قدوة حسنة للناس أجمعين، فقال تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» [الأحزاب:21]، فالرسول عليه الصلاة والسلام يمثل صورة كاملة للمنهج الإسلامي، ليكون للأجيال المتعاقبة الصورة الحية الخالدة في كمال خلقه وشمول عظمته.

واختتم وكيل الأزهر كلمته أن مشكلة انحراف الشباب من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع، والتي ينبغي أن تسخر كل الإمكانات لمواجهتها والقضاء عليها، لما لها من نتائج سلبية على المجتمع بل على الأمة بأسرها، ولعل انقطاع أو ضعف صلة الإنسان بالله سبحانه وتعالى يعد سببا كافيا للوقوع في انحراف غير مقبول دينيا ومجتمعيا، مبينا أن الشباب الذين يلتزمون بأوامر دينهم أبعد من الانحراف الأخلاقي والفكري، وكل ما يمكن أن يؤذي ويزعج المجتمع والأفراد، فقد جعل الله تعالى شريعته عصمة من الخطأ، ونجاة من الزلل، فهي خير كلها وبركة كلها، وسعادة كلها، بها بقاء العالم وسعادته، فيها رشده وسلامته.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أنا الراقي بأخلاقي الأزهر الأخلاق مبادرة مبادرة أنا الراقي بأخلاقي وكيل الأزهر أنا الراقی بأخلاقی وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

اهدار للمال العام.. غضب في «شباب النواب» بسبب ملاعب النجيل الصناعي بالمحافظات

شهد اجتماع لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، اليوم برئاسة الدكتور محمود حسين، لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة بشأن عدم صيانة ملاعب النجيل الصناعي، انتقادات موسعة لوزارة الشباب بسبب إهمال تلك الملاعب التي تكلفت أموالا طائلة.

جاء ذلك خلال مناقشة طلب الإحاطة المقدم من النائب ثروت سويلم، بشأن صيانة ملاعب الكرة النجيل الصناعي بمراكز الشباب وعمل سور بمركز شباب بني أيوب وساحة أبو حماد وسطح محلات السناجرة بمحافظة الشرقية.

وأكد أعضاء اللجنة أن وزارة الشباب تحصل مبلغ 3 آلاف و500جنيه شهريا من مراكز الشباب المزود بها ملاعب نجيل صناعي بالأبعاد القانونية، ومبلغ ألف جنيه من مراكز شباب القرى المزود بها ملعب خماسي، ومبلغ ألفي جنيه من مراكز شباب المدن المطور بها ملاعب خماسية، ومبلغ 1500 جنيه من مراكز الشباب المزودة بملاعب بالأبعاد السداسية والسباعية

وطالب النائب ثروت سويلم خلال الاجتماع من مسئولي وزارة الشباب، عدم صيانة تلك الملاعب خاصة أنها أصبحت غير صالحة بالمرة لممارسة اللعب عليها، بعد أن تهالكت نجيلة هذا الملاعب بسبب عدم صيانتها رغم حصول الوزارة علي أموال شهرية من تلك الملاعب تحت مسمي اعمال الصيانة.

وشدد سويلم علي ضرورة قيام الوزارة بإحلال وتجديد تلك الملاعب من جديد، مؤكدا أن ملاعب النجيل الصناعي علي مستوي محافظات الجمهورية تم اهمالها.

من جانبه اتهم النائب درويش مرعي، وزارة الشباب بإهدار المال العام بسبب تقاعسها عن صيانة الملاعب، وعدم حرصها علي تفعيل اعمال الصيانة، مما أدي الي عدم صلاحية العديد من الملاعب للمارسة الرياضة عليها.

من جانبه عقب الدكتور محمود حسين، رئيس لجنة الشباب علي مطالب نواب اللجنة بضرورة محاسبة المقصرين في حماية المال العام، مؤكدا أن تلك الملاعب تكلفت ملايين الجنيهات وان اعمال الصيانة كانت السبيل الوحيد للحفاظ عليها، ولكن الوزراة تتعامل مع الصيانة علي إنها أمر هامشي، وهو ما ترفضه اللجنة ولن تقبله.

ووجه رئيس لجنة الشباب، تساؤلا لمسئولي وزارة الشباب، قائلا:أين ذهبت أموال الصيانة التي يتم تحصيلها شهريا من ملاعب النجيل الصناعي التابعة للوزارة؟

من جانبه قال الدكتور محمد عبد القادر رئيس الإدارة المركزية لمراكز الشباب بوزارة الشباب، أن الفترة المقبلة ستشهد صيانة العديد من الملاعب، حيث كان من المخطط صيانة ٣٠٠ ملعب ولكن تم الاتفاق علي زيادتها الي ٦٠٠ملعب.

واوضح أن محافظات الصعيد والمحافظات الحدودية لا يتم تحصيل أي أموال من ملاعب النجيل الصناعي، حيث يتم تحرص الوزارة علي استفادة مراكز الشباب في تلك المحافظات من هذا الأموال.

ورداً علي سؤال نواب لجنة الشباب بشأن أموال الملاعب التي تم تحصيلها، أكد الدكتور محمد عبد النبي رئيس الإدارة المركزية للمنشآت الشبابية، أن أموال الصيانة يتم إيداعها في الحساب الخاص للوزارة، ويكون المبالغ المودعة مخصصة للغرض الذى أودعت من أجله مشددا علي أنه لا يمكن صرفها سوي في مصدرها وهو صيانة الملاعب المنجلة.

وفي نهاية الاجتماع أوصت اللجنة إفادتها بخطاب من قبل وزارة الشباب والرياضة عن مصير الأموال المحُصلة من مراكز الشباب على مستوى الجمهورية لحساب صيانة الملاعب؟ وكم تبلغ قيمة تلك الأموال؟ وإذا ما تم صرفها في الغرض المخصص لها؟.

كما أوصت اللجنة بضرورة قيام وزارة الشباب والرياضة بإعداد مقايسات صرف لمياه الأمطار بجميع مراكز الشباب على مستوى الجمهورية، وذلك للحفاظ على منشآت الدولة الشبابية.

كما أوصت بإفادة النائب مقدم طلب الإحاطة من قبل وزارة الشباب والرياضة بصورة ضوئية من الخطابات الموجهة منها إلى الجهات المعنية بشأن أعمال الصيانة لمراكز الشباب محل طلب الإحاطة، وتقديم مديرية الشباب والرياضة بالشرقية طلبات استصدار التراخيص اللازمة لإنشاء محال على سور مركز شباب ساحة أبو حماد إلى محافظة الشرقية

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف: مصالح الأوطان والعمل على قوتها من صميم مقاصد الأديان
  • "هفتان وريان"عرض مسرحى يناقش ترسيخ القيم والحفاظ على البيئة بثقافة كوم أمبو
  • السيد ذي يزن يُطلق شارة البدء لتنفيذ "الانضباط العسكري" في ظفار
  • خبير قانوني: خطاب الكراهية من أخطر الخطابات التي يمكن أن تنتشر في المجتمعات
  • اهدار للمال العام.. غضب في «شباب النواب» بسبب ملاعب النجيل الصناعي بالمحافظات
  • غضب في "شباب النواب" بسبب عدم صيانة ملاعب النجيل الصناعي.. والوزارة ترد
  • الداخلية: مستمرون في التصدي لآفة المخدرات المدمرة وحماية المجتمع منها
  • مدير الأمن العام: لن نترك المجال للمهربين أو المروجين لاستهداف شبابنا
  • وزير الصحة: توجيهات من مجلس الوزراء لتكاتف الجهود لمواجهة آفة الإدمان وحماية المجتمع
  • وكيل الأزهر يلقي محاضرة علمية في معهد دار السلام كونتور بإندونيسيا «صور»