هل تعرقل المعارضة التركية مقترح تحصين الحجاب دستوريا؟
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
مع إعلان الرئيس أردوغان عن بدء العمل فعليا على إعداد دستور جديد للبلاد عقب عودة البرلمان التركي من إجازته السنوية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل عادت قضية تحصين الحجاب دستوريا لتتصدر النقاشات الدائرة بين النخب السياسية والفكرية بشأن أهم وأبرز القضايا التي يجب أن يتضمنها بنود الدستور الجديد المزمعة كتابته وأولويات هذه القضايا.
تمثل قضية الحجاب عموما في تركيا أزمة مستمرة منذ إعلانها جمهورية علمانية وحتى انقلاب 1980، حيث تولى حزب الشعب الجمهوري في المرحلتين زمام الأمور في البلاد، وفرض قيودا على ارتداء الحجاب بين النساء التركيات في المدارس والجامعات وأماكن العمل ومقرات الجيش، بما فيها التجمعات السكنية، ثم في المباني الإدارية التابعة للدولة من مصالح حكومية ومشافٍ ومحاكم ومكاتب بريد، وصولا إلى منعهن من استخدام الحافلات العامة.
كمال كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري اتهم في حملته الانتخابية أردوغان بـ"احتجاز المحجبات كرهائن"، في إشارة إلى تصويتهن لحزبه في الاستحقاقات الانتخابية بعد أن أعاد لهن حياتهن الطبيعية
وهي القرارات التي أضرت كثيرا بوضع النساء المحافظات في المجتمع التركي، وحدّت من مشاركتهن بفاعليه فيه بعد أن تم تحجيمهن وتجاهل وجودهن، مما اضطررن معه إما إلى الاحتماء بجدران منازلهن وتجنب الخروج إلى الشوارع، أو الهجرة والرحيل عن أرض الوطن الذي لم يعد يعترف بحقوقهن فيه.
العدالة والتنمية والسعي لاسترداد حقوق المحجبات المغتصبةوهو الوضع الذي سعى حزب العدالة والتنمية لتغييره عقب صعوده إلى سدة الحكم في البلاد، خاصة بعد أن استتب له الأمر منذ عام 2008 ونجح في تحجيم دور المؤسسة العسكرية وأنهى تحكمها في الحياة المدنية بالدولة، حيث قام برفع الحظر عن الحجاب في المدارس والجامعات مرورا بالانتساب للعمل في القطاع العام ودخول البرلمان، وانتهاء بالخدمة في قطاعات الشرطة.
وخلال العشرين عاما الماضية التي انفرد فيها حزب العدالة والتنمية بالسلطة كرس جزءا كبيرا من تحركاته لاسترداد جميع الحقوق التي سُلبت من قطاع عريض من الأتراك الذين يمثلون الأغلبية من المسلمين المحافظين، وعلى رأس هذه الحقوق حق المواطنة.
كان يمكن أن تنتهي قضية الحجاب عند هذا الحد وأن يغلق النقاش بشأنها بعد أن فتحت الدولة ذراعيها للمحجبات مجددا وعُدن إلى ممارسة حياتهن بصورة طبيعية، لكن المحاولات التي بذلت من جانب حزب الشعب الجمهوري ورئيسه كمال كليجدار أوغلو خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة بهدف تفتيت القاعدة التصويتية لحزب العدالة والتنمية وجذب قطاع عريض من شريحته الأساسية التي يرتكز عليها دوما في تحقيق الفوز بالاستحقاقات الانتخابية أعادت مجددا فتح باب النقاش بشأن الحجاب في تركيا.
كليجدار أوغلو يلهم أردوغان بتحصين الحجاب دستورياكمال كليجدار أوغلو زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري اتهم في حملته الانتخابية أردوغان بـ"احتجاز المحجبات كرهائن"، في إشارة إلى تصويتهن لحزبه في الاستحقاقات الانتخابية بعد أن أعاد لهن حياتهن الطبيعية.
واعترف كليجدار أوغلو بارتكاب حزبه في الماضي أخطاء وخطايا في حقهن، معتذرا عن تلك المعاناة التي عانين منها جميعا جراء السياسة التي انتهجت ضدهن وانتهكت حقوقهن، مؤكدا أن حزبه يقوم بإعداد مشروع قانون يضمن لهن الحق في ارتداء الحجاب دون قيد أو شرط ويمنع حرمانهن من حقوقهن داخل وطنهن كما سبق أن حدث.
ليلتقط الرئيس أردوغان طرف الخيط ويدعو منافسه وباقي رؤساء الأحزاب التركية إلى العمل معا من أجل تحصين الحجاب ضد السياسات المتغيرة، وذلك عبر وضع بنود في الدستور تمنع أي محاولة للحد من حرية ارتداء الحجاب في البلاد، وتتصدى بحزم لكل من يحاول الإقدام على هذه الخطوة مستقبلا، لكن وقوع زلزال السادس من فبراير/شباط -الذي ضرب جنوبي تركيا- حال دون طرح "العدالة والتنمية" مقترحه على البرلمان.
المعارضة وممارسة التقيةلتتعاقب مواقف أحزاب المعارضة بشأن هذا المقترح، والتي جاءت مخيبة للآمال، فهناك من التزم الصمت تماما ولم يبدِ أي رد فعل، وهناك من رأى أن ارتداء الحجاب أصبح أمرا مألوفا في المجتمع لا يثير حساسية كما كان من قبل، لذا فإن إدراج حرية ارتدائه ضمن مواد الدستور لم يعد أمرا ضروريا، فيما ذهب آخرون إلى اتهام أردوغان بالإفلاس، لذا يسعى إلى اجترار قضية الحجاب للحفاظ على كتلة حزبه التصويتية التي يشكل الإسلاميون والمحافظون أغلبيتها، ورأت البقية أن ما تم إقراره بالفعل من قوانين وتشريعات خلال السنوات الماضية في هذا الشأن كافٍ تماما لتحقيق الهدف المطلوب.
وعكست هذه التوجهات حقيقة مواقف أحزاب المعارضة من قضية الحجاب وكشفت بصورة لافته عن نوايا هؤلاء، وهو ما أكده تصريح خرج من أحد قادة الشعب الجمهوري الذي كشف عن أن حزبه يمارس "التقية" في تعاملاته مع الإسلاميين لاستقطاب أصواتهم في الانتخابات فقط، وأنهم باقون على العهد متمسكون بمسارهم العلماني ولن يحيدوا عنه قيد أنملة.
وتزيد هذه المواقف يقين حزب العدالة والتنمية في صحة شكوكه ومخاوفه الخاصة بإمكانية المساس بجميع ما حققه من إنجازات في هذه القضية، تحديدا نتيجة التقلبات السياسية والأهواء الشخصية والأجندات الحزبية التي تختلف من فترة إلى أخرى وفق منطق المصالح الضيقة، الأمر الذي يفسر إصراره على ضرورة وجود مواد في الدستور الجديد تضمن منع المساس بالحق في ارتداء الحجاب، وإدراجها ضمن التغييرات المقترح إدخالها على قضايا الحريات التي تشمل الحق في التعبير، وفي الأمن، وفي محاكمة عادلة لمن يقف أمام القضاء، وحق العيش بأمان للمعاقين في المجتمع، وحق المرأة في التعليم والنفقة.
وهي جملة الحقوق والحريات التي شهدت انتكاسات متكررة خلال الحكومات المتعاقبة منذ ثمانينيات القرن الماضي نتيجة البيروقراطية المتفشية في الجهاز الإداري للدولة، إلى جانب الموروثات الثقافية والتقاليد الاجتماعية التي حالت دون تطبيقها بشكل متكامل صحيح، وهو ما دفع الرئيس أردوغان إلى التأكيد على أن نضاله لن يتوقف من أجل إعداد دستور جديد للبلاد يعكس تنوع شعبها، ويمنح الأولوية للإنسان، ويؤكد قبوله للآخر، ويضيف حيوية إلى شرائح المجتمع المتباينة.
واعتبر أردوغان هذه الخطوة بمثابة تحرير البلاد والعباد من مخلفات عهد الانقلابات العسكرية الدموية التي تصنف بأنها أظلم فترات التاريخ السياسي لتركيا، خاصة أنها خطوة تهدف إلى تحقيق الكرامة الإنسانية باعتبارها الركيزة الأساسية لجميع الحقوق التي يحميها قانون يطبق على الجميع دون استثناء.
وتبقى خطوة تحصين الحق بارتداء الحجاب في حاجة إلى توافق مجتمعي وحوارات ممتدة مع الأحزاب الفاعلة على الساحة حتى تصل إلى مبتغاها ولا يتم التراجع عنها مستقبلا بحجة أنها جاءت تلبية لآراء خاصة وليس تحقيقا لوجهة نظر مجتمعية، فهل تتراجع المعارضة عن مواقفها هذه المرة وتؤيد هذا المقترح أم تقف حجر عثرة أمامه مكايدة في حزب العدالة والتنمية؟
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حزب العدالة والتنمیة حزب الشعب الجمهوری ارتداء الحجاب کلیجدار أوغلو الحجاب فی بعد أن
إقرأ أيضاً:
في عيد ميلادها | عدد زيجات سهير رمزي .. وسر ابتعادها عن الفن
يحل اليوم عيد ميلاد الفنانة سهير رمزي ، حيث وُلدت في 3 مارس 1950 بمدينة بورسعيد، وبدأت رحلتها في عالم الفن وهي لا تزال طفلة، عندما ظهرت في فيلم “صحيفة سوابق” عام 1956 وهي في السادسة من عمرها، ثم شاركت بعد ذلك في فيلم “البنات والصيف” في سن العاشرة.
لكنها ابتعدت عن التمثيل لبعض الوقت وعملت مضيفة جوية، قبل أن تعود إلى السينما في العشرين من عمرها من خلال أفلام “الناس اللي جوه” و**“ميرامار”**، بفضل زوج والدتها، كاتب السيناريو السيد زيادة.
برزت سهير رمزي كواحدة من أبرز نجمات السينما المصرية في السبعينيات والثمانينيات، حيث قدمت عددًا من الأدوار ، ومن أشهر أفلامها:
• “ثرثرة فوق النيل”
• “ممنوع في ليلة الدخلة”
• “البنات عاوزة إيه”
• “مع حبي وأشواقي”
• “24 ساعة حب”
لكن يبقى فيلم “المذنبون”، المأخوذ عن قصة للكاتب نجيب محفوظ، هو الأبرز في مسيرتها، حيث كان من أكثر أعمالها جرأةً وحقق نجاحًا كبيرًا، رغم أنها لم تكن راضية عن أدائها فيه، مما دفعها لاحقًا للابتعاد عن تقديم هذه النوعية من الأدوار.
تزوجت سهير رمزي ثماني مرات، من بينهم عدد من المشاهير ورجال الأعمال، ومن أبرز أزواجها:
• الفنان السوداني المصري إبراهيم خان (لم يستمر الزواج أكثر من عام).
• الأمير خالد بن سعود بن عبد العزيز آل سعود (انفصلا بعد عام).
• سيد متولي (رئيس النادي المصري البورسعيدي).
• رجل الأعمال الخليجي محمد الملا (الزوج السابق للراقصة نجوى فؤاد).
• الملحن حلمي بكر (انفصلا بعد 4 سنوات بسبب اعتراضه على عملها بالفن).
• الفنان محمود قابيل (في بداية حياته الفنية).
• رجل الأعمال السوري زكريا بكار.
• الفنان فاروق الفيشاوي (بعد طلاقه من الفنانة سمية الألفي).
كما تمت خطوبتها للفنانين يوسف شعبان وعمر الشريف، لكنها لم تتزوج أيًا منهما، واعترفت في أحد اللقاءات التلفزيونية أن الفنان كمال الشناوي هو الرجل الوحيد الذي أحبته لكنها لم تتزوجه.
في عام 1993، قررت سهير رمزي اعتزال التمثيل وارتداء الحجاب، وكان آخر أفلامها “أقوى الرجال”، لكنها عادت إلى الشاشة عام 2006 من خلال مسلسل “حبيب الروح” مع مصطفى فهمي، حيث ظهرت بالحجاب، ثم أعلنت لاحقًا خلع الحجاب، مؤكدة أن التدين والالتزام الأخلاقي لا يتوقفان على ارتداء الحجاب، وإنما على النية والاحتشام، رافضة التدخل في حياتها الشخصية.