الأسد في الصين بحثاً عن دعم لإعادة إعمار بلاده
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
وصل الرئيس السوري بشار الأسد الخميس إلى الصين في أول زيارة رسمية له منذ نحو عقدين الى الدولة الحليفة، وفي وقت يجهد للحصول على دعم لإعادة إعمار بلاده التي دمرتها الحرب.
والصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد خلال سنوات النزاع المستمر في بلاده منذ العام 2011، بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق، واللتين تقدمان لها دعماً اقتصادياً وعسكرياً غيّر ميزان الحرب لصالحها.
وعرض تلفزيون “سي سي تي في” الرسمي بثا مباشرا لوصول الأسد إلى مدينة هانغجو حيث سيشارك في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية السبت مع نظيره الصيني شي جينبيغ.
وبذلك، أصبح الأسد آخر رئيس دولة، تُعدّ معزولة على نطاق واسع، تستضيفه الصين العام الحالي بعد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والإيراني ابراهيم رئيسي. كذلك، استضافت عددا من المسؤولين الروس، ودعت الرئيس فلاديمير بوتين الى زيارتها الشهر المقبل، وفق ما أوردت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الخميس.
وترافق الأسد زوجته أسماء ووفد سياسي واقتصادي.
وتشمل الزيارة لقاءات وفعاليات في مدينتي هانغجو وبكين.
وذكرت صحيفة “الوطن” السورية المقربة من الحكومة أن الأسد سيحضر افتتاح الألعاب الآسيوية في هانغجو في 23 من الشهر الحالي.
ولم تعلّق وزارة الخارجية الصينية على مضمون الزيارة.
وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها الرئيس السوري إلى الصين منذ العام 2004، فيما زار مسؤولون صينيون دمشق خلال فترة النزاع الدامي.
ودعمت الصين دمشق في المحافل الدولية ومجلس الأمن الدولي، فامتنعت مراراً عن التصويت لقرارات تدينها خلال النزاع، واستخدمت الفيتو الى جانب روسيا لوقف هذه القرارات.
وقال المحلّل السياسي السوري أسامة دنورة من دمشق “هذه الزيارة تمثّل كسرا لنطاق مهم من العزل الدبلوماسي والحصار السياسي المفروض على سوريا، كون الصين دولة عظمى وذات ثقل على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي الدولي”.
وأضاف لوكالة فرانس برس “الصين تكسر التابوهات الغربية التي تحاول منع عدد من الدول من التعاطي مع ما تعتبره واشنطن دولا معزولة”.
وتفرض دول غربية عقوبات اقتصادية لطالما اعتبرتها دمشق سبباً أساسياً للتدهور المستمر في اقتصادها.
“شريك موثوق”ورأى دنورة أنه بالنسبة لدمشق، تُعدّ الصين “شريكاً موثوقاً” وخصوصاً في المجال الاقتصادي وإعادة الإعمار.
وعن استثمارات صينية محتملة، قال “الصين لديها القدرة على إنجاز البنى التحتية في الإعمار في المناطق السكنية والمدنية بسرعة استثنائية”.
بعد 12 سنة من نزاع مدمّر أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص وخلّف ملايين النازحين واللاجئين ودمّر البنى التحتية للبلاد، تسعى سوريا اليوم الى الحصول على دعم الدول الحليفة لمرحلة إعادة الإعمار.
وكان الرئيس السوري أعرب في تصريحات سابقة عن أمله في أن تستثمر مؤسسات صينية في سوريا.
ورأت الباحثة لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية التابعة لجامعة لندن، أن الأسد يحاول من خلال زيارته إلى الصين إيصال رسالة حول بدء “الشرعنة الدولية” لنظامه والدعم الصيني المرتقب في مرحلة إعادة الإعمار.
وتأتي زيارة الأسد في وقت تلعب بكين دوراً متنامياً في الشرق الأوسط، وتحاول الترويج لخطتها “طرق الحرير الجديدة” المعروفة رسميا بـ”مبادرة الحزام والطريق”، وهي مشروع ضخم من الاستثمارات والقروض يقضي بإقامة بنى تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وإفريقيا.
وانضمت سوريا في كانون الثاني/يناير 2022 إلى مبادرة “الحزام والطريق”.
وبالتوازي، تعزّز الصين حراكها الدبلوماسي، وقد استضافت خلال الأشهر الماضية قادة دول ومسؤولين يواجهون عزلة دولية بينهم البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو وممثلون عن حركة طالبان في أفغانستان. كذلك، استقبلت الرئيس الفنزويلي الذي تواجه بلاده الغنية بالنفط أزمة اقتصادية خانقة.
وأعلن الكرملين الأربعاء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيزور الصين أيضاً في تشرين الأول/أكتوبر، في وقت تواجه موسكو غضباً غربياً جراء حربها في أوكرانيا.
وشهد العام الحالي تغيرات على الساحة الدبلوماسية السورية تمثلت باستئناف دمشق علاقتها مع دول عربية عدة على رأسها المملكة العربية السعودية، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية ثم مشاركة الرئيس السوري في القمة العربية في جدّة في أيار/مايو للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاما.
وتسارعت التحوّلات الدبلوماسية على الساحة العربية بعد اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أُعلن عنه في آذار/مارس وأسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران.
المصدر أ ف ب الوسومإعادة إعمار الصين سورياالمصدر: كويت نيوز
كلمات دلالية: إعادة إعمار الصين سوريا الرئیس السوری
إقرأ أيضاً:
قراءة في أبعاد ودلالات الزيارة السلطانية
لا يمكن قراءة الزيارة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- أمس إلى مدرسة السلطان فيصل بن تركي للبنين بولاية العامرات بمحافظة مسقط في معزل عن مشروع بناء الدولة الذي ينتهجه جلالته، أعزه الله، والذي يأتي التعليم في أولى أولوياته باعتباره المحرك الأساسي والمعوّل عليه لأي انتقال حقيقي من طور بنائي إلى طور آخر؛ خاصة وأن عصرنا هذا هو عصر الثورة التكنولوجية التي يحركها الذكاء الاصطناعي الذي ما زال العالم يحاول تصور مقدار تقدمه رغم أنه في عتباته الأولى.
وما زلنا نتذكر خطاب جلالة السلطان في شهر فبراير من عام 2020 والذي يمكن اعتباره «العقيدة السياسية» للمشروع التحديثي لصاحب الجلالة والذي تحدث فيه جلالته عن التعليم بشكل واضح جدا حيث قال: «إن الاهتمام بقطاع التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار سوف يكون في سلم أولوياتنا الوطنية، وسنمده بكافة أسباب التمكين باعتباره الأساس الذي من خلاله سيتمكن أبناؤنا من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة». تحدث جلالته في ذلك الخطاب عن «البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار»، و«أسباب التمكين»، وربط جلالته بين كل ذلك وبين «متطلبات المرحلة المقبلة» التي لا تستقيم دون تعليم ودون تمكين ودون وبيئة محفزة.
ومن الواضح أن مدرسة السلطان فيصل بن تركي التي زارها جلالة السلطان أمس هي أحد النماذج التعليمية التي يتطلع لها سلطان البلاد والتي تتيح للطلاب في هذه المرحلة المبكرة من مسارهم التعليم من وضع أقدامه على العتبات الأولى من البيئة الداعمة للابتكار والبحث، حيث تضم المدرسة أحدث التقنيات والمختبرات التي يحتاجها التعليم الحديث.
وأكد جلالة السلطان المعظم خلال حديثه في المدرسة على أهمية الانتقال بالتعليم من التعليم التقليدي إلى التعليم الحديث، على أن التعليم التقليدي الذي تحدث عنه جلالة القائد ليس التعليم التقليدي الذي كنا نتحدث عنه قبل عقدين من الزمن، حيث تحول التعليم الذي كان حديثا في مطلع الألفية الجديدة إلى تعليم تقليدي في هذا الوقت وما نعتقده قمة في الحداثة اليوم سيكون بعد أقل من عقد واحد تعليما تقليديا وهذا أمر مفهوم في ظل التسارع التكنولوجي والمعرفي الذي يعيشه العالم.
إن وعي حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم التقدمي بأهمية تطوير التعليم ليتواكب مع معطيات العصر وتقنياته مهمة جدا خاصة وأنها تأتي ضمن رؤية استراتيجية أعم وأشمل لتطوير عُمان إلى مصاف الدول المتقدمة في مختلف المؤشرات.
لكن رؤية جلالة القائد، أيضا لا تقف بالتعليم عند حدود التقنيات الحديثة والثورة التكنولوجية، على أهميتها، ولكنه، أعزه الله، يربط بين هذا التقدم وبين التمسك بالقيم والأخلاق الرفيعة المستمدة من الدين الإسلامي والتي تعلي من مكانة الأخلاق وبناء الهوية الوطنية.
ومعنى التعليم، في فلسفة جلالة السلطان وفكره، هو الذين يمزج بين المعارف الحديثة وبين البحث والابتكار ولكن دون الانسلاخ من القيم والمبادئ ومن الهوية الوطنية وهذه الرؤية تتجاوز التعليم بوصفه بناء معرفيا إلى التعليم بوصفه بناء أخلاقيا وحضاريا وهذا هو الأبقى والأدوم للبشرية.
إن المرحلة القادمة من شأنها في ظل هذا التوجه وهذا الفكر السلطاني أن تشهد تطورا كبيرا في مسارات التعليم واهتماما لا رجعة فيه بتأهيل الكوادر التربوية لتستطيع تحقيق هذه الرؤية وهذه الفلسفة العميقة.. على أن الأمر يحتاج إلى جهد مجتمعي كبير وإلى تضافر الجهود من أجل أن تكون مخرجات التعليم قادرة على أن تحمل أمانة عُمان، أمانتها التاريخية التي لا تكتفي إلا أن تكون مساهمة في الحضارة الإنسانية وقادرة على التأثير فيها.