رئيس المعاهد الأزهرية: كثير من أبنائنا يضيع بين انشغال الآباء ومكائد الأعداء
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
قال الشيخ أيمن عبدالغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، لا شك أننا أمة الأخلاق، وأن نبينا صلى الله عليه وسلم نبي الأخلاق، وقد بعث لإتمام مكارم الأخلاق،
والقيم الأخلاقية والإنسانية مرتبطة ببعضها ارتباطا وثيقا، وتنادي بعضها بعضا، وهي في الأساس عملية تربوية تنموية تقوم على بناء شخصية الإنسان لتبلغ به إلى الكمال الذي يناسبه.
وأضاف رئيس قطاع المعاهد الأزهرية خلال كلمته في الحفل الختامي لمبادرة"أنا الراقي بأخلاقي"، أنه كان لا بد للأزهر الشريف عامة وقطاع المعاهد الأزهرية خاصة، أن يقوم بواجبه تجاه أبنائه، فلا يمكن للعملية التربوية أن تخرج عن إطار منظومة القيم المختلفة، وانطلاقا من ذلك فإن دور العملية التعليمية التربوية في ترسيخ القيم مهم جدا؛ لأن المؤسسة التعليمية تحتضن الطفل طيلة اليوم وتوجه أنشطته، وعلاقاته مع أصدقائه وزملائه، وتكسبه آليات التعايش والتواصل مع الآخر.
وأوضح الشيخ عبدالغني أن الحاجة للأخلاق والقيم إنما تعظم في ظروف الملمات والأزمات ولهذا، فالذي تمليه قواعد الحكمة والعقل أن نبالغ في الوقت الراهن في حفظ أخلاق أبنائنا، ورعاية آداب الإسلام في أنفسهم، فقد أخرج البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن الخلق، وإن الله ليبغض الفاحش البذي".
وأردف رئيس قطاع المعاهد الأزهرية أن كثيرا من أبنائنا يضيع بين انشغال الآباء ومكائد الأعداء، ولهذا كان من الواجب علينا أن نعتني أكثر مما مضى بفلذات أكبادنا في أربع: في باب الأخلاق والقيم، وحفظ القرآن الكريم وضبطه، وفهم أبجديات الدين والحياة، وعلاقته بوسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن علاقته بأصدقائه وأقربائه، وإلا كنا عاقين بأبنائنا وفي انتظار عقوقهم لنا.
وبيّن أن تحصيل القيم والأخلاق شيء صعب في زماننا، لا سيما إذا تعارضت مع الطبائع الإنسانية؛ فالإنسان كما هو مكلف بامتثال الشرع الشريف، فإنه مكلف بمجاهدة الطبائع الإنسانية، وقد أقسم الله بأحد عشر قسما في موضع لم يقسم مثله في كتابه إلا في هذا الموضع ، فقال :{ والشمس وضحاها ) إلى قوله :{ ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها.قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها}، فلو كان الإنسان غضوبا مثلا فهذا يحتاج منه إلى مغالبة نفسه حتى يصبح حليما رفيقا، فلا بد من الصبر والمصابرة والرباط على ثغر المكارم.
واختتم الشيخ عبد الغني كلمته بأن قطاع المعاهد الأزهرية قام بإطلاق حملة أنا الراقي بأخلاقي العام الماضي، وهانحن الآن نجني ثمار ما قمنا به، وندشن قيم عامنا الثاني، لنصنع بها الحياة، فالأمة التي لا تصنع الحياة يُصنع لها الموت، والأمة التي لا تعمل لنفسها ما ينفعها ويسعدها، يعمل لها غيرها ما يضرها ويشقيها، والأمة التي لا تغضب للعز الذاهب ترضى بالذل الجليب، والأمة التي لا تكرم شبابها بالعلم والتثقيف مضيعة لرأس مالها، والأمة التي لا تجعل الأخلاق ملاكها؛أمة تتعجل هلاكها، كما قال الإبراهيمي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رئيس قطاع المعاهد الازهرية أنا الراقي بأخلاقي الاخلاق قطاع المعاهد الأزهریة
إقرأ أيضاً:
الأزياء الشعبية في اليمن.. عصب الإرث الحضاري المحافظ على الهوية والقيم
يمانيون|تقرير|محسن علي
يعدُّ اليمن من أكثر البلدان تميّزًا بموروثاته الشعبية على مستوى العالم العربي والدولي، ومن أهمها الأزياء التراثية التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي والهوية الأصيلة المتجذرة؛ إذ برع أهل اليمن في صناعة الملابس التي تميّزت بالدقة في الخياطة والتطريز، وجودة المواد الخام، ممّا جعلها رمزًا للجمال والأناقة, وعنصرًا أساسيًّا في تعزيز الانتماء الوطني في كل المحافظات اليمنية ورمزاً للهوية في عصرنا الراهن, على الرغم ممّا تمرُّ به من تحديات تتمثل في تغير أنماط الحياة، وانتشار الأزياء العالمية.
نبذه عن أصول الأزياء الشعبية في اليمن
يعود أصول تاريخ الملابس التقليدية اليمنية إلى حضارات قديمة مثل سبأ وحمير، حيث كانت الملابس تُصنع من الأقمشة المحلية وتزيّن بالنقوش والزخارف الفريدة, ومع مرور الزمن، تأثرت الملابس بالعوامل الجغرافية والثقافية، وعلى الرغم من تطور الحياة وتغير أنماطها في مجال الأزياء، ما زالت الأزياء الشعبية اليمنية تحتفظ بطابعها الجمالي المتميز الذي لا يمكن طمسه، رافضة الاستسلام لزحف العولمة، وتتمثل أهميتها كونها شاهدة على تاريخ اليمن وحضارته العريقة، التي تعكس الثقافة والتراث الغني لهذا البلد على مرِّ السنين, ولذا فقد كانت أزياء الحلل والبرد اليمانية والأنسجة الحضرمية واللحجية والتهامية أشهر السلع اليمنية انتشارًا في أسواق العرب.
اللباس التقليدي والعلاقة الثقافية والهوية
ولأن الزي الشعبي اليمني يشكل عصب الموروث الشعبي في بلادنا ، باعتباره شكل من اشكال التمثيل الإجتماعي او الجغرافي أو يوثق لفترة زمنية معينة في التاريخ ، فإنه يعد واحد من أغنى الموروثات الثقافية والتاريخية في المنطقة ولربما في العالم ، ويظل هذا التنوع إرثاً وطنياً وإنسانياً وجب حمايته والحفاظ عليه .
كما تعد الأزياء التقليدية جزء أصيل من أرض اليمن الغنية بإرثها التاريخي والحضاري الثقافي المتنوع , كنتاج حضارة وبيئة مشبعة بالإرث التاريخي وتختلف هذه الأزياء باختلاف المنطقة والمناخ والبيئة العامة وكذا المناسبات المختلفة ، فلكل مناسبة أزياؤها وثقافتها الخاصة وبارتداء هذه الأزياء، يعبر اليمنييون عن تمسكهم بالقيم والثقافة ويعزز عندهم الشعور بالانتماء والوحدة والجغرافيا, والحفاظ على هذا التراث والاهتمام بالأزياء والتشجيع على ارتدائها في أغلب المناسبات يعزّز من الهُوية والانتماء الوطني للثقافة اليمنية، كما يسهم في الحفاظ على هذا الإرث الثقافي القيّم”.
رمزية الزي الشعبي
تلعب الأزياء الشعبية اليمنية دورًا مُهمًّا في المحافظة على الهُوية الثقافية لليمن، ونقلها من جيل إلى آخر, كما تعدُّ عنصرًا أساسيًّا في تعزيز الهُوية الوطنية للمجتمع اليمني، وتعكس تاريخ البلد وتقاليده، , وتحمل في طاياتها كثيرًا من حضارة الأجداد،؛ إذ كانت تعدُّ استثمارًا في الماضي، تعزّز فيها الهُوية والجذور الثقافية في كل المحافظات اليمنية، كما أنّها تعدُّ رمزًا للهُوية التاريخية في وقتنا الحاضر.
مميزات الأزياء الشعبية
تعكس القيم والتقاليد والعادات التي تميّز المجتمع اليمني عن غيره من المجتمعات في الأزياء الشعبية عن علاقة وطيدة بالثقافة والهوية وتعزز الانتماء رغم اختلافها من محافظة لأخرى, وتحمل العديد من المميزات التي من أهمها هو الحفاظ على الهوية اليمنية الواحدة, كما أنها ذات عنصر اقتصادي واستثماري مهم للأسر المنتجة تساهم في دعم الانتاج المحلي وتحفيز النمو الاقتصادي, وعادة ما تظهر سعة التنوع الثقافي في الأزياء الشعبية اليمنية عبر وسائل الإعلام المرئية’ وشبكات الإنترنت في عصرنا الراهن’ في حين أن المهرجانات والاحتفالات الوطنية الرسمية تعد هي الوسيلة الأخرى لإظهار الجمال والرقي الذي تتفرد به قبائل اليمن بثقافتها العريقة, ما يؤكد عمق الارتباط بالهوية والعلاقة الثقافية باللباس التقليدي في هذه المحافل, كما أنه أصبح علامة يعرف بها اليوم المواطن في الدول الخارجية والعالمية.
اللبس الشعبي في مواجهة الحرب الناعمة
يلعب الزي التقليدي اليمني في هذه المرحلة دورا هاما في مواجهة الحرب الناعمة, وفضلا عن أنه يعكس التاريخ ويسهم في تعزيز الشعور بالانتماء بالكرامة والاعتزاز بالذات, لكنه أصبح أحد وسائل مقاومة التغريب الثقافي التي يهدف من خلالها الغرب الكافر عبر هذه الحرب إلى اختراق الشعوب وتفكيك نسيجها الاجتماعي وتغيير الهوية الثقافية لديها كما نشاهده اليوم في دول الخليج العربي على رأسها السعودية والإمارات ..الخ, ورغم حجم الهجمة الشرسة والشعواء التي جعلت الجيل الناشئ في مرمى هذا الاستهداف, غير أن الشعب اليمني ما يزال يتمسك بالقيم الإيمانية والدينية, خاصة بعد فشل الأعداء في الحرب الصلبة “، ورغم ذلك يشهد المجتمع اليمني تزايد في الاهتمام بالموروث الشعبي والتقليدي ، ليس داخل اليمن فقط ، ففي غربتهم يحرص اليمنيون على ارتداء الزي التقليدي في مناسبات مختلفة وأداء رقصاتهم الشعبية، وحتى أعراسهم غالبا ما تكون يمنية ، ويتبارى الناشطون في عدد من بلدان العالم على الظهور بالزي التقليدي كجانب من الحفاظ على تقاليد الأزياء الشعبية اليمنية.
تنوع فريد وأشكال رائعة
بأكثر من طريقة وبأكثر من شكل, برع الحرفيون اليمنيون جنوب شبه الجزيرة العربية في صناعة الملابس والمنسوجات اليمنية المزخرفة بالتطريز وتصميم الأشكال وتناسق الألوان في رسم لوحات فنية بديعة ورائعة تعكس الطبيعة والبيئة ’ كما أنها تميزت بألوان زاهية للرجال والنساء على حد سواء, وتتميز عن الأزياء في دول الجوار وخاصة في عمل الزخرفة والتطريز وكذا حجمها وموادها الأساسية, وقد ورد في بعض المصادر التاريخية أن الملابس والمنسوجات اليمنية اشتهرت وذاع صيتها خارج البلاد نظراً لدقتها ومنافستها وجودة صناعتها فهي منتجات متقنة الصنع، جميلة الشكل ,أنيقة المظهر ، فأصبح لها مكان رائد لا يستهان به وكانت من أغلى هدايا الملوك والسلاطين سابقا, وتوارثت المرأة اليمنية اليوم هذا الدور في التطريز لمختلف الملبوسات والمنسوجات عبر جمعيات أنشأت بعد ثورة 21 سبتمبر 2014م, بدرجة عالية من الدقة والجمال, والقيام بتأهيل نساء متدربات في هذا المجال.
قوالب الزخرفة والفن اليدوي
بناء على الانتماء الإقليمي والجغرافي فقد تميزت الأزياء اليمنية بسمات أساسية، وخصوصيات فنية, في حياكة التطريز والزخرفة اليدوية وتنوعها وعناصرها, فهو يختلف عن مثيلاته في الزي الصبري و الحضرمي والصنعاني و التهامي وغيرها , بيد أن هناك أزياء تحمل تطريزاً وزخرفة أكثر دقة بينما هناك أزياء عكس ذلك تماماً تقوم به النساء ، وهناك أنواع عديدة للتطريز ومنها : التطريز الذهبي بألوانه المذهب والفضي والتطريز الحريري بجميع ألوانه, وغالبا ما تتواجد في الأسوق وتقوم النساء بعمل قوالب منها,
فيما تختلف أيضا تصاميم الملابس والإكسسوارات حسب المنطقة والقبيلة؛ فملابس المناطق الساحلية تختلف عن أزياء المناطق الجبلية، ولا تقتصر الأزياء الشعبية اليمنية على الملابس فقط، بل تشمل أيضًا الإكسسوارات، مثل الحلي والأوشحة والأحزمة المتميزة بتصاميم دقيقة ومعقدة منذ آلاف السنين، إضافة إلى ذلك تحتوي بعض الأزياء على كتابات بالخط المسند”.
أنواع الأزياء التراثية للرجال والنساء
تتنوع الملابس التقليدية باختلاف المناطق الجغرافية وتنوع المناخ ,وشهدت تطورا كثيرا من منطقة لأخرى بمرور الوقت والزمن, ومع التطور أثريت الساحة بالعديد من الملابس والمنسوجات للرجال والنساء, حيث أن الملابس الخاصة بالرجال اعتمدت بالدرجة الأولى على جودة القماش ومنها : الفوطة وهي: رداء يغطي الجزء السفلي من الجسم ويتميز بالبساطة والتهوية الجيدة، مما يجعله مناسباً للأجواء الحارة وينتشر في العديد من مناطق اليمن لاسيما الساحلية, بالإضافة إلى “الجنبية” والمتعارف عليها شعبيا بـ “العسيب” وهو خنجر مقوس يُحمل على الخصر في حزام مزخرف” ترمز إلى الرجولة والمكانة الاجتماعية, وكذلك “المقطب” وهو: عبارة عن قطعة قماش مزخرفة تُلف حول الخصر، ويُرتدى فوقها الحزام الذي يحمل الجنبية, وأيضا الشال أو “العمامة”يُلفّ حول الرأس لحمايته من الشمس أو كجزء من الزينة ويدخل في نطاقها الكوافي والطاقيات, إضافة إلى القميص والمعوز القميص وهو ثوب طويل بأكمام، والمعوز يشبه الإزار أو السروال ويتميز بزخارفه الملونة لا يزال يحاك بوسائل تقليدية حتى اليوم في عدة محافظات ومن أشهرها : حضرموت, شبوة, تهامة, أبين, لحج.
أما الملابس النسائية فمن أبرزها : الزي الصنعاني ويتألف عادة إما من قطعة قماش واحدة تستر البدن من الرقبة حتى أعلى القدم, وغطاء رأس يسمى “الشرشف” حتى لا تبرز من خلاله أي ملامح لجسد المرأة وتتمسك النساء به كضرورة لازمة للحشمة الكاملة, وكذلك الدرع العدني الذي عادة ما يكون مصنوعاً من الأقمشة الخفيفة مثل القطن أو الحرير يُضاف إليه تطريز يدوي وشرائط ملونة وترتديه النساء في المناسبات الاجتماعية والإعراس, وكذلك الملاية اللف, وهو لباس أسود يُلفّ حول الجسد، ويتميز بالبساطة ويُستخدم في المناطق الساحلية’ إضافة إلى الحلي التقليدية والتي تشمل الأقراط، الأساور، والخلاخل المصنوعة من الفضة أو الذهب، والتي تعكس المكانة الاجتماعية للمرأة.
التأثيرات الثقافية والجغرافية
نظرا لتنوع المناخ في اليمن فسكان المناطق الساحلية الشرقية أو الغربية أو الجنوبية يلبسون, ملابس خفيفة وملونة مثل “المعوز” و”الثوب”، لتناسب المناخ الحار والرطب, في حين أن سكان المناطق الجبلية يرتدون ملابس ثقيلة مثل “القميص” المصنوع من الصوف أو القطن السميك للحماية من البرد, فيما سكان المناطق البدوية يرتدون ملابس مصنوعة من خامات محلية، وغالباً ما تكون بألوان داكنة.
ختاما
في الوقت الذي يتعرض له الإرث التاريخي والحضاري اليمني ، لعمليات تدمير ممنهجة عبر مختلف وسائل الإعلام المعادية التي تقدم الزي التقليدي باعتبار ذلك تخلف وجهل ورفض للحداثة والتطور, يقرع الكثير من المفكرين والباحثين جرس الإنذار للانتباه من الإنجرار وراء حملات كي الوعي التي تسعى لتجريف الهوية والثقافة اليمنية لحساب العولمة والحداثة وتحاول سلخها من تاريخها الحضاري.
#الأزياء_الشعبية_اليمن#التطريز_اليمني#الحضارة_اليمنية#الزي_التقليدي_اليمني#الموروث_الثقافي_اليمني