كيف يولد من رحمٍ من لم يولج فيه ؟!
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
منذ ان اطلق القائد العام للجيش السوداني عبارته التي سارت بها الركبان ( الدعم السريع من رحم الجيش ) ورغم ان البعض قد اعاد انتاج العبارة على طريقة( خُم صر ) بعد تمرد (المولود على الوالد) وفقا لزعم البرهان و اشتعال الحرب العبثية .. الا أنني ظللت اترقب واطالع الاسافير صباح مساء عل (واحدا ) من اهل الجيش يتصدى ويبريء رحم الجيش من هذا المولود المزعوم .
ولما لم يحدث هذا .. حتى يوم الناس هذا.. وددت وللتاريخ فقط .. ولا دافع غيره .. ان ابين حقائق من حق الناس ان تعرفها ..ربما هي حقائق معروفة للبعض ولكن التذكير بها وتنشيط الذاكرة مهمان ايضا .. في زمان اصبح فيه طمس الحقائق و تغبيش الوعي مهنة تبذل دونها الاموال ..!
ابدأ فأقول :
اول محاولة لمراجعة تجربة حرس الحدود .. اكرر حرس الحدود وليس الدعم السريع ...
كانت منتصف ٢٠١٣ .. فتمهيداً لعمليات الصيف كانت هيئة قيادة القوات المسلحة عاكفة علي معالجة سلبيات عمليات دارفور و اتخاذ تدابير جديدة ..
كانت في الواقع محاولة من السلطة الانقاذية لمعالجة العلاقة مع مواطني الاقليم الذين دفعوا ثمنا باهظا جراء حرب استمرت نحو عقد من الزمان في ذلك الحين ..وكان من ضمن تلك التدابير قرار هيئة القيادة بنزع سلاح وتسريح ٧ الف من قوات حرس الحدود التي كانت بقيادة الشيخ موسي هلال .. ففي ذلك الاجتماع نقل وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين لهيئة قيادة القوات المسلحة اقتراحا من الرئيس البشير بتشكيل قوة خاصة محدودة على ان تكون تحت قيادة القوات المسلحة لتكون منظمة ومنضبطة .. هيئة القيادة رفضت الفكرة بحجة انهم يناقشون الان حل حرس الحدود فلا يمكن ان يؤسسوا لقوة جديدة مشابهة ..!!
وزير الدفاع الذي اقتنع بتحفظات هيئة القيادة .. فيما بدا .. اجتهد في عكسها للرئيس البشير ..!
عقب ذلك حدثت ثلاثة خطوات مهمة الاولى تحويل مهمة تنظيم وادارة وتدريب القوة الجديدة لجهاز الامن .. والثانية التخلص من الشيخ موسى هلال الذي كان حميدتي قد رفض العمل تحت قيادته ..اما الخطوة الثالثة والاخيرة والاهم فهي تكليف حميدتي بقيادة القوة الجديدة التى لم يتجاوز عددها الخمسة الف مقاتل في ذلك الحين .. المفارقة ان اول مهمة لتلك القوات كانت (ايضا) في الخرطوم .. حيث كلفت بقمع تظاهرات انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣ ويذكر الناس كيف كان القتل بالذخيرة الحية.. وربما يقتضي العدل القول هنا ان ذلك العنف المفرط قد حمله الناس كله لهيئة العمليات الشيء الذي لم يكن دقيقا ..!
اذن فشلت المحاولة الاولى لوضع الدعم السريع في رحم القوات المسلحة ..نقول الاولى لاننا بصدد عرض المحاولة الثانية ايضا ..اولا من المهم الاشارة الى ان ثمة تفاصيل كثيرة بين المحاولتين .. بعضها مثير وبعضها مريب وبعضها محير ..
ولكن كل هذا ليس بموضوعنا الان ..ما يهمنا الان كيف تطورت الاحداث حتى وصلت الى المحاولة الثانية ..؟! بايجاز فجهاز الامن الذي احتفى بانجاز القوة الجديدة وقمعها لتظاهرات سبتمبر في زمن قياسي ..
فوجيء بعد مضي زمن وجيز انه امام ( تل من الرمال لا يشبع من المال ) .. وواجه الجهاز لاول مرة عجزا في ميزانيته ..فسعى بكل ما أوتي من قوة للتخلص من هذا العبء ..ظن الجهاز لاول وهلة ان الطريق مفروش بالورود لاعادة هذه القوة الى حيث ظنها قد اتت منه .. رحم القوات المسلحة .. ولكن اصرار قيادة الجيش مرة اخرى قد سد رحمه امام إيلاج الدعم السريع .. ولكن يبدو ان الله ولحكمة يعلمها وحده .. قد هيأ للدعم السريع رحما ارحب و أرغد .. فبدأت رحلة قوات الدعم السريع الجديدة من القصر الجمهوري بل و ممسكة قانونا بيمينها .. ثم توالت الارحام الرحبة .. بدءا من الاتحاد الاوروبي ( مشروع مكافحة الهجرة غير الشرعية ) ومرورا بالامارت و عاصفة الحزم .. وحتى عاصفة الذهب .. !!
اما آخر حبل سري كان يربط الدعم السريع بالجيش فقد قطعه القائد العام بيده حين اصدر مرسوما بإلغاء تلك المادة الشهيرة في قانون الدعم السريع ٢٠١٧.. وننتهي من حيث بدأنا .. الدعم السريع لم يدخل رحم الجيش قط حتى يخرج منه !!!!
محمد لطيف
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوات المسلحة الدعم السریع حرس الحدود
إقرأ أيضاً:
اشتباكات في السودان بين الجيش والدعم السريع ونزوح جديد لـ 5 آلاف شخص
أعلن الجيش السوداني السبت إسقاط عدد من الطائرات المسيرة أطلقتها "قوات الدعم السريع"، فيما تتواصل الاشتباكات بين الجيش وحلفائه من جهة، وبين قوات الدعم السريع من جهة أخرى، في مدينة أم درمان.
اقرأ ايضاًوجاء في بيان بصفحة "الفرقة 19 مشاة" على منصة "فيسبوك" أن الدفاعات الأرضية أسقطت طائرات مسيرة أطلقتها "قوات الدعم السريع" مستهدفة مقر قيادة الفرقة بالولاية الشمالية وسد مروي شمال السودان.
وفيما تتواصل الاشتباكات بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، غربي وجنوبي مدينة أم درمان، وفي مدينة الفاشر، تستمر عمليات تمشيط التي يقوم بها الجيش بمحلية جبل الأولياء جنوبي العاصمة الخرطوم.
ونقلت "الجزيرة" عن مصادر بحكومة ولاية الخرطوم قولها "إن سلطات الولاية أجلت نحو 5 آلاف (سوداني) من سكان منطقة الجموعِية جنوبي مدينة أم درمان إلى شمال المدينة".
اقرأ ايضاًومنذ أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
المصدر: الجزيرة + وكالات
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اقرأ ايضاًاشترك الآن