رئيس آخر لـ"دولة معزولة"!.. الصين تستقبل الأسد لأول مرة منذ عقدين
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
بعد 12 سنة من الحرب في بلاده يسعى الرئيس السوري الى الحصول على دعم الدول الحليفة لمرحلة إعادة الإعمار. (صورة أرشيفية)
وصل الرئيس السوري بشار الأسد الخميس (21 سبتمبر/ايلول 2023) إلى الصين في أول زيارة رسمية له منذ نحو عقدين الى الدولة الحليفة، وفي وقت يجهد للحصول على دعم لإعادة إعمار بلاده التي دمرتها الحرب.
خرج مئات الأشخاص في محافظتي السويداء ودرعا في أكبر تظاهرات مناهضة للنظام في سوريا منذ بدء الاحتجاجات الأخيرة التي انطلقت قبل نحو أسبوعين. ورفع المتظاهرون في السويداء شعارات تطالب بـ"إسقاط النظام".
سوريا عادت إلى "الحضن" العربي .. ماذا عن القتل والتنكيل؟بالرغم من المؤشرات التي تفيد بعودة دبلوماسية متحفظة للنظام السوري برئاسة الأسد على الساحة الدولية ولا سيما عربيا، ما تزال الانتهاكات في سوريا والانتهاكات بحق المدنيين وحقوق الانسان ترتكب من قبل النظام دون أي تغيير.
العدل الدولية تنظر في اتهام النظام السوري بارتكاب جرائم تعذيبفي سابقة من نوعها، ستنظر محكمة العدل الدولية في لاهاي في قضية رفعتها هولندا وكندا تحاول تحميل حكومة بشار الأسد المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتعذيب.
الأمم المتحدة تنشئ مؤسسة مستقلة لـ"جلاء مصير" 100 ألف سوري مفقودرغم معارضة دمشق ورفض 11 دولة وامتناع 62 أخرى عن التصويت، قررت الأمم المتحدة إنشاء مؤسسة مستقلة تحت رعاية المنظمة الدولية تكون معنية بـ"جلاء مصير ومكان جميع المفقودين" في سوريا، والذين يقدر عددهم بـ100 ألف شخص.
"الحزام والطريق" ـ إستراتيجية الصين للهيمنة على الشرق الأوسطتسعى الصين إلى توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط متحدية الهيمنة الأمريكية فيها. ويرى خبراء أن الصين تسعى من خلال مشروع "الحزام والطريق" إلى "إسقاط الهيمنة الأمريكية فيها سلمياً"، فهل تنجح بكين في ذلك؟ وما موقف واشنطن؟
والصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد خلال سنوات النزاع المستمر في بلاده منذ العام 2011، بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق، واللتين تقدمان لها دعماً اقتصادياً وعسكرياً غيّر ميزان الحرب لصالحها. وتندرج هذه الزيارة في إطار عودة الأسد تدريجا منذ أكثر من سنة الى الساحة الدولية بعد عزلة فرضها عليه الغرب خصوصا بسبب قمعه الحركة الاحتجاجية في بلاده التي تطورت الى نزاع مدمر.
ووصل الأسد على متن طائرة تابعة لشركة إير تشاينا وسط ضباب كثيف، وقالت وسائل إعلام رسمية صينية إن ذلك "زاد من أجواء الغموض" في إشارة إلى حقيقة أن الزعيم السوري نادرا ما كان يشاهد منذ بداية الحرب الأهلية التي أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص.
وعرض تلفزيون "سي سي تي في" الرسمي بثا مباشرا لوصول الأسد إلى مدينة هانغجو حيث سيشارك في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية السبت مع نظيره الصيني شي جينبيغ.
وبذلك، أصبح الأسد آخر رئيس دولة، تُعدّ معزولة على نطاق واسع، تستضيفه الصين العام الحالي بعد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والإيراني ابراهيم رئيسي. كذلك، استضافت بكين عددا من المسؤولين الروس، ودعت الرئيس فلاديمير بوتين الى زيارتها الشهر المقبل، وفق ما أوردت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الخميس (21 أيلول/سبتمبر 2023).
وترافق الأسد زوجته أسماء ووفد سياسي واقتصادي. ولم تعلّق وزارة الخارجية الصينية على مضمون الزيارة.
وهذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها الرئيس السوري إلى الصين منذ العام 2004، فيما زار مسؤولون صينيون دمشق خلال فترة النزاع الدامي. ودعمت الصين دمشق في المحافل الدولية ومجلس الأمن الدولي، فامتنعت مراراً عن التصويت لقرارات تدينها خلال النزاع، واستخدمت الفيتو الى جانب روسيا لوقف هذه القرارات.
ويقول المحلّل السياسي السوري أسامة دنورة من دمشق "هذه الزيارة تمثّل كسرا لنطاق مهم من العزل الدبلوماسي والحصار السياسي المفروض على سوريا، كون الصين دولة عظمى وذات ثقل على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي الدولي".
وأضاف لوكالة فرانس برس "الصين تكسر التابوهات الغربية التي تحاول منع عدد من الدول من التعاطي مع ما تعتبره واشنطن دولا معزولة".
وتفرض دول غربية عقوبات اقتصادية لطالما اعتبرتها دمشق سبباً أساسياً للتدهور المستمر في اقتصادها.
البحث عن "شرعنة دولية"؟
بعد 12 سنة من نزاع مدمّر أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص وخلّف ملايين النازحين واللاجئين ودمّر البنى التحتية للبلاد، تسعى سوريا اليوم الى الحصول على دعم الدول الحليفة لمرحلة إعادة الإعمار.
وكان الرئيس السوري قد أعرب في تصريحات سابقة عن أمله في أن تستثمر مؤسسات صينية في سوريا.
ورأت الباحثة لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية التابعة لجامعة لندن، أن الأسد يحاول من خلال زيارته إلى الصين إيصال رسالة حول بدء "الشرعنة الدولية" لنظامه والدعم الصيني المرتقب في مرحلة إعادة الإعمار.
وتأتي زيارة الأسد في وقت تلعب بكين دوراً متنامياً في الشرق الأوسط، وتحاول الترويج لخطتها "طرق الحرير الجديدة" المعروفة رسميا بـ"مبادرة الحزام والطريق"، وهي مشروع ضخم من الاستثمارات والقروض يقضي بإقامة بنى تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وإفريقيا. وانضمت سوريا في كانون الثاني/يناير 2022 إلى مبادرة "الحزام والطريق".
وبالتوازي، تعزّز الصين حراكها الدبلوماسي، وقد استضافت خلال الأشهر الماضية قادة دول ومسؤولين يواجهون عزلة دولية بينهم البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو وممثلون عن حركة طالبان في أفغانستان. كذلك، استقبلت الرئيس الفنزويلي الذي تواجه بلاده الغنية بالنفط أزمة اقتصادية خانقة. وأعلن الكرملين الأربعاء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيزور الصين أيضاً في تشرين الأول/أكتوبر، في وقت تواجه موسكو غضباً غربياً جراء حربها في أوكرانيا.
وشهد العام الحالي تغيرات على الساحة الدبلوماسية السورية تمثلت باستئناف دمشق علاقتها مع دول عربية عدةعلى رأسها المملكة العربية السعودية، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية ثم مشاركة الرئيس السوري في القمة العربية في جدّة في أيار/مايو للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاما.
ا.ف/ ع.ج.م (أ.ف.ب، رويترز)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الأسد في الصين بشار الأسد يزور الصين الأسد في الصين بشار الأسد يزور الصين الحزام والطریق الرئیس السوری الشرق الأوسط فی سوریا أکثر من
إقرأ أيضاً:
تقدير بوجود أكثر من 100 موقع للأسلحة الكيميائية في سوريا بعد سقوط الأسد
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يشتبهون بوجود أكثر من 100 موقع مرتبط ببرنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا، ما يشكل أول تقدير من نوعه منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، ويمثل اختبارا بالغ الخطورة للحكومة السورية الجديدة.
وأكدت الصحيفة أن هذا الرقم يتجاوز بكثير أي تقدير سبق أن قدمه النظام السابق، ويثير مخاوف حقيقية بشأن مصير مخزونات من غازات السارين والكلور والخردل، التي يُخشى أن تكون غير مؤمّنة، وقد تسقط في أيدي جماعات مسلحة.
وأوضحت أن المواقع المشتبه بها تشمل منشآت يُعتقد أنها استخدمت في البحث والتصنيع وتخزين الأسلحة الكيميائية التي استخدمها نظام الأسد، ومنها غاز السارين، وهو "عامل أعصاب قادر على القتل خلال دقائق"، وكذلك غاز الكلور وغاز الخردل اللذان "يحرقان العينين والجلد ويملآن الرئتين بالسوائل، مما يُشبه إغراق الناس على الأرض".
وقالت الصحيفة إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تسعى حاليا إلى دخول سوريا لتقييم هذه المواقع، بينما لا يزال عددها ومواقعها الدقيقة، وما إذا كانت آمنة، "لغزا" منذ الإطاحة بالأسد في أواخر العام الماضي.
وشددت على أن المواد الكيميائية المتبقية "تشكل اختبارا حاسما للحكومة المؤقتة"، لافتة إلى أن "الولايات المتحدة تصنف هيئة تحرير الشام التي تقود الحكومة الجديدة منظمة إرهابية، رغم نفيها أي ارتباط بتنظيم القاعدة".
ونقلت الصحيفة عن رائد الصالح، قائد الدفاع المدني السوري السابق المعروف بـ"الخوذ البيضاء"، قوله إن "هناك العديد من المواقع التي لا نعرف عنها شيئا لأن النظام السابق كان يكذب على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".
كما قال نضال شيخاني، رئيس مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، إن مجموعته "حددت عشرات المواقع الجديدة التي قد تكون مخزونات للأسلحة الكيميائية أو مواقع بحثية سابقة، بناءً على مقابلات مع علماء حكوميين سوريين يعيشون في أوروبا".
وأضافت الصحيفة أن بعض هذه المواقع "قد تكون مخفية في كهوف أو أماكن يصعب اكتشافها عبر صور الأقمار الصناعية"، مما يزيد من احتمال بقاء كميات من هذه المواد القاتلة دون رقابة.
وفي آذار /مارس الماضي، أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني زيارة مفاجئة إلى مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، حيث قال إن الحكومة "ستدمر أي بقايا من برنامج الأسلحة الكيميائية الذي طُوّر في عهد نظام الأسد" وستلتزم بالقانون الدولي.
ورغم هذا الإعلان، أشارت الصحيفة إلى أن الخبراء "يبقون على تفاؤلهم الحذر"، خاصة أن الحكومة لم تعيّن بعد سفيرا لدى المنظمة، وهي خطوة أساسية تعكس الجدية في التعاون. كما رفضت وزارة الدفاع السورية الرد على أسئلة مكتوبة، مكتفية بالقول إن "الأسئلة ليست من اختصاصها"، حسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وأوضحت الصحيفة أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كانت قد أغلقت سابقا 27 موقعا أعلنت عنها حكومة الأسد خلال السنوات الأولى من الحرب، إلا أن استخدام النظام للأسلحة الكيميائية استمر حتى عام 2018 على الأقل، فيما استمرت واردات المواد الكيميائية الأساسية، بحسب أبحاث دولية.
وبيّنت أن التقدير الجديد، الذي يفوق المئة موقع، استند إلى معلومات من باحثين خارجيين، ومنظمات غير ربحية، ومصادر استخباراتية مشتركة بين الدول الأعضاء في المنظمة.
وفي السياق ذاته، قال شيخاني وآخرون إنهم يخشون من أن الغارات الجوية الإسرائيلية على منشآت كيميائية سورية خلال العام الماضي "لم تُدمّر الأسلحة، بل أدت إلى تلوث بيئي وفقدان لأدلة يمكن أن تسهم في ملاحقات قضائية مستقبلية".
وأكدت ناتاشا هول، الزميلة البارزة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن "من المرجح أن الهجمات الإسرائيلية التي وقعت بعد سقوط الأسد مباشرة لم تُحدث أي تأثير يُذكر على بعض هذه الأمور، وربما حجبت أيضا الجهود المبذولة لتحقيق المساءلة".
وكشفت الصحيفة أن برنامج الأسلحة الكيميائية السوري بدأ في سبعينيات القرن الماضي، بدعم من مئات العلماء الذين تلقى عدد كبير منهم تدريبا في أوروبا، لا سيما ألمانيا.
ووفقا لعالم كيميائي سوري سابق تحدث للصحيفة، فإن مركز الدراسات والبحوث العلمية العسكري الخاضع لعقوبات دولية، أشرف على تطوير هذه الأسلحة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على أكثر من 300 شخصية وكيان مرتبطين بهذا البرنامج.
ورغم وعود الحكومة الجديدة، أكدت الصحيفة أن "مفتشي الأسلحة لا يزالون حذرين"، مذكرين بتجربتهم السابقة مع نظام الأسد الذي "أعاق عملهم مرارا"، بما في ذلك حادثة عام 2014، حين اصطدمت سيارة تقل المفتشين بقنبلة مزروعة على الطريق.
كما قالت الصحيفة إن "حكومة الأسد تعمّدت التستر على الهجمات الكيميائية ضد المدنيين، وأزالت لاحقا شواهد قبور ضحايا هجوم الغوطة عام 2013 عندما استعادت السيطرة على بلدة زملكا".
وختمت "نيويورك تايمز" تقريرها بالتأكيد على أن العثور على هذه المواقع والسيطرة عليها لا يمثل فقط أولوية أمنية، بل ضرورة لتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري.