مصر.. الإفراج عن والد الصحفي أحمد جمال زيادة بعد اعتقاله كرهينة
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
أُطلقت السلطات المصرية سراح والد الصحفي والمدافع عن حقوق الإنسان، المقيم في بلجيكا، أحمد جمال زيادة، يوم الثلاثاء الماضي، بعد 28 يومًا من اعتقاله بمحافظة الجيزة، بالقرب من مكان عمله.
وذكر الصحفي أحمد زيادة، عبر منصة إكس، أنه تم استجواب والده حول عمل ابنه واتهم بـ "إساءة استخدام الاتصالات ونشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة".
وذكرت جماعات حقوق الإنسان أنه لم يتم تقديم أي مذكرة اعتقال، وتمت مصادرة هاتف زيادة، واحتجازه في مكان مجهول حسبما أورد موقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد".
وكان أحمد زيادة، وهو نفسه معتقل سياسي سابق، قد استنكر هذه الاتهامات، مشيراً إلى أن والده، الذي يملك شركة لتصنيع الملابس، ليس له أي انتماء سياسي.
ورفضت جماعات حقوقية الاعتقال ووصفته بأنه ذو دوافع سياسية، وقالت إن الأب تم استجوابه بشأن عمل ابنه الصحفي.
وقال عمرو مجدي، الباحث البارز في شؤون مصر بمنظمة هيومن رايتس ووتش، في بيان بعد اختفاء والد زيادة: "إن الحكومة المصرية تستخدم الأسر كقطع شطرنج في حملتها المسيئة لإجبار المنتقدين المصريين في الخارج على الصمت".
اقرأ أيضاً
صحفي مقيم في بلجيكا: السلطات المصرية اعتقلت والدي كرهينة
وقبل يومين من إطلاق سراح والده، ألقى زيادة كلمة خلال فعالية على هامش الدورة الرابعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تحدث فيها عن الظلم الذي تعرضت له عائلته، قائلا: "دعنا نقول إنني مجرم، وأنشر أخبارًا كاذبة؛ يجب أن تواجهني، لا تأخذ عائلتي وتعرضهم للخطر في بلدهم (..) والدي لا يكتب، وليس له أي علاقة بحقوق الإنسان".
ويُعتقد على نطاق واسع أن استهداف أفراد عائلات المعارضين هو أداة يستخدمها نظام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، لخنق المعارضة وترهيب المنتقدين وإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان.
وبصفته رئيس تحرير موقع زاوية 3، وهو موقع إخباري ينشر تقارير انتقادية حول الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في سياق الحكومة المصرية الحالية، تعرض زيادة للاعتقال التعسفي عدة مرات قبل مغادرته مصر.
وجاءت أطول فترة احتجاز له - 497 يومًا - بعد اتهام زيادة بالاحتجاج غير القانوني والمشاركة في أنشطة عنيفة في أعقاب انقلاب السيسي العسكري، الذي أطاح بالرئيس السابق، محمد مرسي.
ويقبع العديد من النشطاء السياسيين المصريين، مثل علاء عبدالفتاح وهشام قاسم، في السجون، التي تضم ما يقدر بنحو 60 ألف معارض.
اقرأ أيضاً
منصة متصدقش تتصدر حديث المصريين بعد إخلاء سبيل أحد صحفييها.. ماذا حدث؟
المصدر | ميدل إيست آي/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر بلجيكا علاء عبدالفتاح هشام قاسم حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
السجون وذاتيّة الإنسان
انتشرت بعد الأحداث السّوريّة الأخيرة، وتغيير النّظام صور ومقاطع مرعبة ومخيفة حول سجن صيدنايا، وهو من السّجون المعدّة لاحتجاز السّياسيين وأصحاب الرّأي منذ عام 1987م، ويعتبر سجنا عسكريّا، وهو يذكرنا قريبا بمعتقل غوانتانامو، والّذي يقع في أقصى جنوب شرق كوبا منذ عام 2002م، ويعتبر من أكثر المعتقلات بشاعة، ويرون المساجين فيه أنّهم في درجة أدنى من الحيوانات، ففيه صنوف التّعذيب والإيذاء البدنيّ والنّفسيّ، ممّا لا يتصوّره إنسان في العالم، وتشرف عليه دولة الأصل أن تكون حامية لحقوق الإنسان ومواثيقه، بما فيها حقوق السّجين.
التّأريخ والواقع المعاصر يحدّثنا أنّه لا قيمة إنسانيّة للسّجين، فهناك نماذج عديدة سلّط الضّوء على بعضها كسجن جيتاراما في رواندا، وسجن إي دي إكس في أمريكا، وسجن ميندوزا في الأرجنتين، وسجن بلاك دولفين في روسيا، وهناك سجون شاهدة على بشاعة التّعذيب بعد خروج أصحابها منها، كسجن إيفين في إيران أيام الشّاه، وسجن القلعة أو الحربيّ في مصر أيام جمال عبدالنّاصر، بيد هناك سجون لا أحد يعرف أو يقترب منها، يُدرك ذلك من مذكرات من دخل فيها، وكتبت له الحياة من جديد، والّتي تحوّلت إلى مادّة خصبة للرّوايات الأدبيّة والأفلام السّينمائيّة تحكي بشاعة الإنسان ووحشيّته.
من المعلوم أنّ الكرامة الإنسانيّة لا تسقط حال الجرم أيّا كان نوعه وشدّته؛ فالجرم جانب عرضيّ لا يسقط كرامة ذاتيّة الإنسان، فالذّاتيّة مكرّمة منذ الولادة وحتّى الموت، فأسير الحرب لا تمتهن ذاته، وقتيل المعركة لا يمثل في جسده المعبّر عن ذاته، وكذا الحال بالنّسبة للسّجين بأي عرض جرميّ، ويشتد إذا كان السّجن لسبب رأي دينيّ أو سياسيّ أو اجتماعيّ أو ثقافيّ، وهذا ما اجتمع عليه العالم من خلال منظومة حقوقيّة إنسانيّة أقرّتها الأمم المتحدة، فقد نصّت في مادّتها أو المبدأ الأول فيها أنّه «يعامل كلّ السّجناء بما يلزم من الاحترام لكرامتهم المتأصّلة، وقيمتهم كبشر»، وفي مبدأها الثّاني «لا يجوز التّمييز بين السجناء على أساس العنصر أو اللّون، أو الجنس أو اللّغة أو الّدين، أو الرّأي السّياسيّ أو غير السّياسيّ، أو الأصل القوميّ أو الاجتماعيّ، أو الثّروة، أو المولد، أو أيّ وضع آخر».
وعليه الجانب الجرميّ جانب عرضيّ لا يرفع ذاتيّة وكرامة السّجين، ولا يتحقّق ذلك إلّا من خلال حكم قضائيّ مستقل، يعاقب بمقدار جرمه حسب ما ينصّ عليه القانون، وله حقّ الدّفاع عن ذاته، ولا يجوز حبسه على ذمّة التّحقيق إلّا بقدر ما يتوافق مع حقوق الإنسان، مع أحقيّة وجود محام للسّجين، وفي فترة زمنيّة معلومة، فلا معنى في بعض الدّول أن يبقى السّجين لأعوام بلا محاكمة، ولا يعلم مكانه، ولا يستطيع أحدّ التّواصل معه حتّى المقربين منه، خصوصا ما يتعلّق بسجناء الرّأي، وبالذّات السّياسيين، وفي هذا ينصّ المبدأ الخامس أنّه «باستثناء القيود الّتي من الواضح أنّ عمليّة السّجن تقتضيها، يحتفظ كلّ السّجناء بحقوق الإنسان، والحرّيّات الأساسيّة المبينة في الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، وحيث تكون الدّولة المعنيّة طرفا في العهد الدّوليّ الخاصّ بالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة، والعهد الدّوليّ الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة، وبروتوكوله الاختياريّ، وغير ذلك من الحقوق المبيّنة في عهود أخرى للأمم المتحدّة».
ومع وجود هذه الوثيقة الجامعة والمفرّقة بين ذاتيّة السّجين وعرضه الجرميّ، بيد أنّ القرن العشرين، والّذي تطوّرت فيه نظريّة حقوق الإنسان بعد الحربين العالميتين، إلّا أنّ الواقع مؤلم جدّا، ففي هذا القرن، وحتّى يومنا هذا نماذج مؤلمة جدّا، وبشعة في الوقت ذاته، عن نماذج غير إنسانيّة في التّعامل مع السّجين، وللأسف لقد مارست الولايات المتحدة الأمريكيّة نماذج سيئة جدّا في هذا، خصوصا ضدّ السّياسيين في العالم، وهناك سجون سريّة أو أشبه بالسّريّة في دول نامية، لا توجد فيها مساحة لهيئات حقوق الإنسان، وإن وجدت فبقدر ما تريده السّلطة، وهي من تعيّن من يكون فيها، ولا تسمح أن تكون هذه الهيئات مدنيّة مستقلّة، لهذا في الواقع نحن أمام نماذج سيئة أسوأ بكثير من سجن صيدنايا.
ثمّ لولا الأحداث السّوريّة الأخيرة -كما أسلفت- لما أدرك العالم حول سجن صيدنايا، وقد كان السّوريّ لا يستطيع الحديث حول هذا الجانب، إلّا من تمكن من الخروج من البلد، ثمّ فيه زنازين سريّة من يدخلها لا يرى الشّمس بعدها، فإمّا أن يقتل مباشرة من دون محاكمة مستقلّة، أو يقتل قتلا بطيئا عن طريق التّعذيب بلا محاكمة أيضا، فتموت حكاياتها وحقيقة ما يجري فيها بمجرّد دخولها، هذا التّوحش غير الإنسانيّ نجد بعض النّفوس تميل إليه أيضا، ويظهر عند انعدام وجود نظام وقوّة تمنعه، وهو ما نراه أيضا في الأحداث السّوريّة الأخيرة، من اجترار بعضهم إلى الإعدام العشوائيّ الشّعبويّ دون محاكمات، وقد يكثر في هذه الأجواء قتل الشّبهة كما حدث في الثّورة الفرنسيّة.
هذا لا يعني عدم وجود إضاءات جيّدة من السّجون، غايتها الإصلاح لا التّشفيّ والتّعذيب، وتراعي منظومة حقوق الإنسان، وتمايز بين الذّات والجرم، وفق قانون واضح متفق عليه، ووفق قضاء مستقل، ووفق مراقبة مدنيّة من منظومة حقوق الإنسان وغيرها من مؤسّسات المجتمع المدنيّ، وهذا ما نرجوه أن يتمدّد في عالمنا العربيّ، ضمن رسالة إحياء الإنسان وتنميته.