وفد الانفصاليين الأرمن يصل أذربيجان لإجراء مباحثات في شأن قره باغ
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
وصل وفد الانفصاليين الأرمن في ناغورني قره باغ صباح اليوم، إلى مدينة يفلاخ الأذرية لإجراء مباحثات مع باكو حول إعادة دمج هذا الإقليم، على ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية «اذرتاغ».
وأظهر لقطات أوردتها الوكالة قافلة من السيارات رباعية الدفع سوداء تصل إلى مكان المفاوضات تلتها آلية رفعت العلم الروسي وحملت لوحات تسجيل للجيش الروسي.
وأعلن عن هذه المفاوضات أمس، بعد عملية عسكرية خاطفة شنتها باكو وأرغمت الانفصاليين على الاستسلام بعد نزاع مستمر منذ عقود.
المصدر: الراي
إقرأ أيضاً:
قلق الوجود الروسي في ليبيا
قد يبدو أن انهيار نظام بشار الأسد في سوريا وزيادة التدخل الروسي في ليبيا ظاهرتان غير مرتبطتين. غير أن تحول روسيا نحو ليبيا هو رد فعل مباشر على سقوط بشار الأسد.
وفي حين أن هذا التحول يعكس القيود المفروضة على القوة الروسية، فإنه قد يزيد أيضا من المخاطر التي تهدد الأمن الأوروبي والإقليمي من خلال تركيز القوة الروسية بالقرب من الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، بما قد يسمح لروسيا باستغلال الانقسامات الإقليمية في ليبيا وأماكن أخرى.
في الوقت الراهن، تظل ليبيا مقسمة بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا والقائمة في طرابلس وبين الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، الذي يسيطر على الشرق. وقد أتاح هذا الانقسام لقوى خارجية أن تستفيد من عدم استقرار ليبيا في تعزيز أجنداتها الإقليمية الخاصة.
وتشير تقارير حديثة إلى أن طائرة شحن روسية تغادر قاعدة حميميم بسوريا متوجهة إلى ليبيا. فعل هذا كان تعزيزا للوجود الروسي الراسخ في ليبيا من خلال مقاولين عسكريين من القطاع الخاص مرتبطين بالجيش الوطني الليبي.
وتشير صور أقمار صناعية لطائرات هليكوبتر من طراز Ka-52 وأنظمة S-400 مفككة إلى خطط روسيا لإعادة نشر معدات عسكرية رئيسية. ويحذر وزير الدفاع الإيطالي جيدو كروسيتو من أن الانتقال من سوريا إلى ليبيا يضع قدرات بحرية معادية «على بعد خطوتين» من المجال البحري الإيطالي.
وسواء كان هذا انعكاسا لانتهاز فرصة أو كان بناء على خطة متماسكة، فإن تحركات موسكو - المدفوعة بنكسات وقيود على الموارد - يمكن أن تعيد تشكيل الأمن الإقليمي إلى ما يتجاوز المشهد الليبي الممزق.
تأتي إعادة التنظيم هذه على خلفية تقشف غربي غير مسبوق في جميع أنحاء أفريقيا. فانسحاب فرنسا قسرا من مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد والسنغال لا يمثل علامة فقط على انهيار الترتيبات الأمنية التي استمرت لعقود من الزمان، وإنما يتجاوز ذلك إلى تفكك كامل النظام ما بعد الاستعماري الذي نجح (برغم أوجه نقص) في ضمان استقرار المنطقة. كما أن رحيل أمريكا من النيجر أسهم في فراغ استراتيجي يبدو أن موسكو حريصة على استغلاله.
توفر ليبيا، بالنسبة لموسكو، منصة مثالية لإعادة تأكيد نفوذها الذي نوزع في سوريا. وكما حدث في سوريا، التي استغلت فيها موسكو وطهران الصراع لترسيخ وجودهما، فإن المشهد الليبي المضطرب يوفر الآن ملعبا للقوى الخارجية.
غير أنه في حين ضمنت سوريا الوصول إلى الممر الشامي وعتبة إسرائيل، تقدم ليبيا عمقا استراتيجيا في أفريقيا، بما يتيح لروسيا استعراض قوتها في منطقة الساحل. وفي سوريا، تركزت أهداف روسيا على دعم حليف محاصر. أما في ليبيا فإن أهدافها تعكس طموحات أوسع، وهي طموحات تجد أرضا خصبة بسبب المشاعر المعادية للغرب وبسبب الدول الهشة.
تسعى موسكو إلى وجود بحري دائم في البحر الأبيض المتوسط، وهو طموح قديم يتطلب الوصول إلى الموانئ على مدار العام والقدرة على نشر أصول بحرية، كما أنها تسعى إما إلى السيطرة أو النفوذ على مسارات العبور من ليبيا، ومن شأن ذلك أن يتيح لروسيا الضغط على أوروبا بشأن طرق الطاقة والبنية الأساسية الحيوية.
تنظر روسيا إلى ليبيا باعتبارها مرساة لمزيد من الترسيخ في منطقة الساحل، حيث يخلق الانسحاب الغربي والحكومات الضعيفة فرصا سانحة. ومن نفط ليبيا إلى ذهب السودان إلى يورانيوم النيجر، قد تغذي السيطرة على موارد شمال أفريقيا أهداف روسيا الأوسع نطاقا في استعراض قوتها.
وبسبب مركزية موقع ليبيا الجغرافي، تتضخم قيمتها الاستراتيجية. وليبيا تتيح نفوذا متعدد الاتجاهات: شمالا نحو أوروبا، وجنوبا نحو منطقة الساحل، وغربا عبر المغرب العربي. وتفرض هذه المركزية الجغرافية تعقيدات تشغيلية تخفف قدرة روسيا على الوصول. وتشكل المساحات الصحراوية الشاسعة تحديات لوجستية.
غير أن محض الوجود الروسي المحدود في شرق البلد يوفر نفوذا كبيرا على الطرق الحيوية في البحر الأبيض المتوسط وعبر الصحراء الكبرى. وتوضح هذه الاعتبارات الاستراتيجية السبب الذي يجعل ليبيا أكثر من محض بديل للنفوذ المتلاشي في سوريا، بل إنها قد تكون أرض اختبار جديدة لموسكو.
وبسبب قيود روسيا (ومنها تحديات التجنيد والتزامات القوة في أوكرانيا) فقد يبدو المشهد الليبي المنقسم جذابا. فضلا عن أن فقدان الجسر الجوي السوري يجعل تأمين وتوسيع موطئ القدم الروسي في ليبيا أهم للحفاظ على عمليات موسكو الأوسع نطاقا في أفريقيا.
خلافا لسوريا، التي احتفظت فيها روسيا بعمليات نشر عسكرية باهظة التكلفة، تتيح ليبيا لموسكو فرض نفوذها من خلال مزيج من المقاولين العسكريين من القطاع الخاص، وإمدادات الأسلحة المستهدفة، والنفوذ السياسي - وهو نموذج أكثر ملاءمة لروسيا في ظل القيود الحالية المفروضة عليها.
في الوقت الراهن، تحافظ موسكو وأنقرة على توازن دقيق بين التنافس والتعاون التكتيكي في ليبيا. وعلى النقيض من العداء الصارخ في الحرب السورية، فإن المنافسة في ليبيا أكثر تحفظا وبرجماتية، وتعتمد إلى حد كبير على وكلاء وأصول عسكرية للحفاظ على النفوذ دونما مخاطرة بمواجهة مفتوحة.
تدعم مجموعة فاجنر الروسية الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، بينما تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني في طرابلس بالطائرات المسيرة والمستشارين. وتعمل هذه الديناميكية على تعزيز «الاضطراب الموجه» – أي السيناريو الذي يمنع فيه كلا الجانبين تحقيق انتصارات حاسمة، بما يضمن عدم تمكن أي من الفريقين من الانفراد بالهيمنة على الممرات الاستراتيجية في ليبيا.
غير أن هذا التنافس، بالنسبة لروسيا، قد يخدم أكثر من محض أغراض استراتيجية، فقد يمثل فرصة لتسوية الحسابات مع تركيا بعد تفوقها عليها في سوريا.
كما أن التحول الروسي نحو ليبيا يؤثر على جيران ليبيا في شمال إفريقيا مثل الجزائر وتونس اللتين تشتركان في الحدود مع ليبيا بما يجعل لهما مصلحة مباشرة في النتيجة.
ويبدو أن مواقف تونس والجزائر بشأن القضايا الإقليمية الرئيسية متوافقة بشكل شبه كامل، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الدعم القوي من الجزائر لإدارة قيس سعيد. وتجسد الجزائر تعقيد الوضع الإقليمي. ففي حين أن لديها علاقات عسكرية عميقة وتحالفا حيويا مع موسكو، فقد أعربت أيضا عن مخاوف من الحشد العسكري الروسي المتزايد في ليبيا. غير أن هذه الخلافات التكتيكية لم تقوض الشراكة الاستراتيجية الروسية الجزائرية الأوسع نطاقا، إذ تظل راسخة في التعاون العسكري التقني المكثف ومكانة الجزائر بوصفها من أكبر زبائن الأسلحة لدى موسكو.
ومع ذلك، فإن آثار الوجود الروسي في ليبيا لا تقتصر على المنطقة، فالآثار بالنسبة لأوروبا شديدة الوضوح أيضا. إذ إنه بوسع القوات الروسية العاملة في ليبيا أن تضع أسلحة متقدمة وقدرات تخريبية على مسافة قريبة من البنية الأساسية الأوروبية الحيوية. ومن شأن هذا أن يعرض الطرق البحرية والكوابل دون البحرية وممرات الطاقة للتعطيل.
وتتضاعف هذه المخاطر بسبب الانسحابات العسكرية الغربية من منطقة الساحل، حيث أنشأت كيانات مرتبطة بمجموعة فاجنر موطئ قدم لها بالفعل. وثمة تستفيد هذه الكيانات من احتياطيات الذهب السودانية مع دمجها لنفسها في هياكل السلطة المحلية.
ونتيجة لتدهور الأمن، توسعت العمليات المتطرفة الإقليمية، بما أدى إلى خلق أزمات متداخلة يمكن أن تستغلها موسكو في تحقيق نفوذ اقتصادي ودبلوماسي.
ومع ذلك، تظل نقاط الاشتعال قائمة. فإذا نشرت روسيا أنظمة دفاع جوي متقدمة، أو إذا عمقت تركيا بصمتها العسكرية بشكل كبير، فإن التحول الناتج في ميزان القوة في ليبيا قد يؤدي إلى صراع بالوكالة أكثر كثافة تترتب عليه عواقب إقليمية أوسع.
ويتوقف التأثير النهائي لإعادة الترتيب الروسية في اتجاه ليبيا على قدرتها على التوفيق بين المصالح المتنافسة. فالبيئة في ليبيا أكثر تشظيا من البيئة في سوريا، مما يخلق بيئة محفوفة بالمخاطر يمكن أن تكون للأفعال الدقيقة فيها عواقب وخيمة. والمنطقة مليئة بالفعل بالفاعلين الخارجيين، وقد تجرها خطوة خاطئة واحدة إلى دورة أعمق من التدخلات الخارجية.
ويتبين من تحول روسيا من سوريا إلى ليبيا كيف يمكن حتى لقوة مقيدة أن تشكل تحديات إقليمية كبيرة. فانخراط موسكو الأكثر مرونة في ليبيا يعزز قدرتها على استغلال نقاط الضعف وسط انسحاب غربي تاريخي من أفريقيا.
ولقد أصبحت ليبيا منصة إطلاق لموسكو لتوسيع نفوذها في منطقة الساحل، وتهديد البنية الأساسية الاستراتيجية في أوروبا، ورفع مكانتها العالمية.
والتحدي الذي يواجه الولايات المتحدة وحلفاءها يتمثل في احتواء الطموحات الروسية مع تجنب المزيد من التفتت في شمال أفريقيا. وفي حال ترسيخ روسيا مكانتها في ليبيا دونما معارضة، فإنها ستخلق مشكلات لأوروبا في البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا.
لا شك أن المخاطر كبيرة، فبوسع خطوات خاطئة في إدارة المقامرة الروسية في ليبيا أن تبشر بعصر جديد من التنافس في البحر الأبيض المتوسط، وهو هذه المرة على مسافة قريبة من أوروبا.
أمين غوليدي، عمل زميلا زائرا في معهد شيلبي كولوم ديفيس للأمن القومي والسياسة الخارجية التابع لمؤسسة هيريتيج، ويعد حاليا الدكتوراه في الجغرافيا السياسية والأمن في كلية الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن.
عن ذي ناشيونال إنتريست